2024 March 28 - 18 رمضان 1445
ولادة أبي الفضل العباس(ع).. إرهاصات مشحونة بالقرائن والمقدّمات الدالّة
رقم المطلب: ٢٤١١ تاریخ النشر: ٠٤ شعبان ١٤٤٣ - ٠٩:٣٦ عدد المشاهدة: 5810
المذکرة » عام
نهنىء المسلمين بميلاد قمر بني هاشم وساقي عطاشى كربلاء
ولادة أبي الفضل العباس(ع).. إرهاصات مشحونة بالقرائن والمقدّمات الدالّة

يوافق اليوم الرابع من شهر شعبان ولادة أبي الفضل العباس (ع) بن أمير المؤمنين (ع) الملقب بقمر بني هاشم وساقي عطاشى كربلاء وبطل العلقمي وحامل اللواء في يوم عاشوراء ومؤسس الفضل والإباء...

 

لقد امتاز أبو الفضل العبّاس(ع) في ولادته على سائر الناس بما يمتاز به العظماء من أولياء الله في ولادتهم، حيث كانت ولادته محفوفة بالإرهاصات، ومشحونة بالقرائن والمقدّمات الدالّة على عظم منزلة المولود عند الله تعالى، ومقامه الشامخ لديه .

فهذا الإمام أمير المؤمنين(ع) قبل أن يولد له العبّاس(ع)، بل وقبل أن يتزوّج باُمّه اُمّ البنين ينبئ عن ولادته ويخبر عن مواصفاته، ويشير إلى ما يتحلّى به من قوّة الإيمان، وطهارة النفس، وشجاعة القلب، ورحابة الصدر، ومكارم الأخلاق، وأنه سوف يعضد أخاه الإمام الحسين(ع) في مهمّته، ويفديه بنفسه ويضحي بما لديه من أجله، ويستشهد في كربلاء بين يديه.

وصرّح (عليه السّلام) بذلك كلّه عندما أفضى بأمره إلى أخيه عقيل بن أبي طالب (عليه السّلام) وهو يستشيره بقضية زواجه، بعد استشهاد سيّدة نساء العالمين فاطمة بنت رسول الله(ص)، حيث قال له: (انظر لي امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب لأتزوّجها؛ فتلد لي ولداً يكون شجاعاً وعضداً ينصر ولدي الحسين، ويواسيه في طفّ كربلاء).

هذا مضافاً إلى أنّ أنباء ما سيأتي ويتحقق في المستقبل من واقعة عاشوراء، وأخبار طفّ كربلاء، والتي من أظهرها وأبرزها وفاء العبّاس(ع).

لقد احتلت شخصية العباس بن علي عليهما السلام اهتماماً واسعاً من قبل أئمة أهل البيت عليهم السلام لأهمية القضية التي كان العباس عليه السلام أحد اقطابها ورجالاتها البارزين، وكان الدور الذي يحتمله العباس عليه السلام في هذه القضية احدى الملاحم المهمة التي دعت أئمة أهل البيت عليهم السلام ان يجعلوه من اهم الشخصيات البارزة في سيرتهم ومشروعهم الرسالي، فقد أضحت شخصية العباس من اهم دواعي الاعتزاز التي يفتخر بها المخلصون الاوفياء، الذين يبحثون عن قدوتهم في هذا الشأن.

لقد اخذت شخصية العباس عليه السلام اهتمامها الواسع في أعمال المحققين، وكلمات المؤرخين، حتى انك لم تجد مؤرخا إلا وأشار إلى سيرة العباس عليه السلام تفصيلا وايجازا، مما يمكن القول ان هذه الشخصية الملحمية فرضت نفسها على الواقع التحقيقي، واملت المساحة التاريخية الشاسعة بالكثير من المواقف التي اذهلت الجميع.

ولعل ما نجده من كلمات المعصومين عليهم السلام في تقريض شخصية العباس عليه السلام سيكون حافزاً مهماً للوقوف على حقائق غيبية أشار اليها المعصوم، أوضح فيها معالم شخصيته التي لم يستطع أحد ان يستكشفها الا من خلال شواهد المعصومين عليهم السلام الذين دفعوا بهذه الشخصية المهمة إلى واجهة الأحداث فضلاً عن مواقفها ومحطات حياتها البطولية.

فإذا أردنا ان نستوضح مقامات أبي الفضل العباس عليه السلام وقفنا عند معالم حياته وشخصيته التي تعهد المعصومون بتوصيفها، مستعرضين كلماتهم وتقريضاتهم في هذا الشأن.

ما ورد عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام

واذا اردنا ان نقف عند بعض معالم شخصية أبي الفضل العباس عليه السلام فإننا سنجد علامة فارقة من اهم العلامات التي تنبئ على اهتمام الامام امير المؤمنين عليه السلام بولده العباس عليه السلام، حيث الجانب الذي اغفله الكثيرون ولم يلتفت اليه المحققون، حتى شهد له الامام عليه السلام بأنه ممن زق العلم زقا، وكان يواكب شخصية ولده العباس في تحولاتها الكمالية التي تعطي قراءة واضحة المعالم في اختزال التقريض والثناء من خلال ما شهد له الامام عليه السلام ويمكن القول ان اهتمام الامام عليه السلام بولده ابي الفضل العباس هو احد التحضيرات المهمة لتعزيز المشروع الحسيني القادم.

والذي يمثل المرحلة الأخطر والاهم في جهود النبي صلى الله عليه واله وسلم وجميع أئمة اهل البيت عليهم السلام، ولا بد لهذا المشروع ان تهيئ آليات انجاحه من خلال الاعداد المتقن والتحضير المتكامل على يد المعصومين عليهم السلام.

فمن احاديث النبي صلى الله عليه واله إلى تنويهات الإمام علي عليه السلام إلى اعداد الامام الحسن عليه السلام لإنجاح هذا المشروع الرسالي، وكانت الاعدادات متعددة الجوانب، كثيرة الموراد، وكانت شخصية ابي الفضل العباس عليه السلام، من اهم وابرز هذه الاعدادات، ولا بد ان يكون التحضير العلمي لهذه الشخصية من أولويات الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في الاعداد، ليكون هذا العلم مستوعباً، لإطروحة الإمامة ومشروعه المتمثل بنهضة سيد الشهداء عليه السلام.

فالوعي المعرفي هو الأساس في التعامل مع المتغيرات التي تؤسس لقضية ما، من هنا فقد ورد عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قوله في ولده العباس (ان العباس بن علي زق العلم زقاً).

وهذه الشهادة التي شهد أمير المؤمنين لولده العباس تعطي انطباعاً مهماً عن شخصيته العلمية، فضلاً عن تفقهه وبصيرته وسيأتي في شهادة الإمام الصادق عليه السلام انه على بصيرة من امره.

الولادة:

لقد أشرق الكون بمولد قمر بني هاشم يوم بزوغ نوره من افق المجد العلوي مرتضعاً ثدي البسالة متربياً في حجر الخلافة وقد ضربت فيه الإمامة بعرق نابض فترعرع ومزيج روحه الشهامة والاباء والنزوع عن الدنيا وما شوهد مشتداً بشبيبته الغضة الا وملء اهابه إيمان ثابت وحشو ردائه حلم راجح ولب ناضج وعلم ناجع فلم يزل يقتص أثر السبط الشهيد عليه السلام الذي خُلق لا جله وكُون لأن يكون ردءاً له في صفات الفضل ومخائل الرفعة وملامح الشجاعة والسؤدد والخطر فان خطى سلام الله عليه فإلى الشرف وان قال فعن الهدى والرشاد وان رمق فإلى الحق وان مال فعن الباطل وان ترفع فعن الضيم وان تهالك فدون الدين.

فكان أبو الفضل جامع الفضل والمثل الاعلى للعبقرية لانه كان يستفيد بلج هاتيك المآثر من شمس فلك الامامة (حسين العلم والبأس والصلاح) فكان هو وأخوه الشهيد عليه السلام من مصاديق قوله تعالى في التأويل (والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها) فلم يسبقه بقول استفاده منه ولا بعمل أتبعه فيه ولا بنفسية هي ظل نفسيته ولا بمنقبة هي شعاع نوره الاقدس المنطبع في مرآة غرائزه الصقيلة وقد تابع امامه في كل اطواره حتى في بروز هيكله القدسي إلى عالم الوجود فكان مولد الإمام السبط في ثالث شعبان وظهور أبي الفضل العباس إلى عالم الشهود في الرابع منه سنة ست وعشرين من الهجرة.

وعلى هذا فإنّ أبا الفضل العبّاس (عليه السّلام) قمر بني هاشم تلا في ولادته ولادة أخيه شمس الكونين الإمام أبي عبد الله الحسين من حيث اليوم والشهر بيوم واحد وفي نفس الشهر، ومن حيث السنين والأعوام بثلاث وعشرين سنة وكان ـ على ذلك ـ له من العمر حين استشهد أربعة وثلاثون عاماً .

 



Share
* الاسم:
* البرید الکترونی:
* نص الرأی :
* رقم السری:
  

أحدث العناوین
الاکثر مناقشة
الاکثر مشاهدة