2024 March 19 - 09 رمضان 1445
نبذة من حیاة الإمام محمد الباقر علیه السلام
رقم المطلب: ١٣٣٦ تاریخ النشر: ٠٦ ذیحجه ١٤٤٢ - ٠٨:٥٥ عدد المشاهدة: 11979
المذکرة » عام
نبذة من حیاة الإمام محمد الباقر علیه السلام

أبو جعفر محمد بن علي الباقر (ولد يوم 1 رجب 57 هـ[4] في المدينة المنورة - وتوفّي فيها في 7 ذو الحجة 114 هـ) الإمام الخامس عند الشيعة الإمامية (الإثنا عشرية) و(الإسماعيليون) ومن المعصومين وأهل البيت في اعتقاد الشيعة. والده علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وأمه فاطمة بنت الحسن بن علي بن أبي طالب.كانت بدايات نشأته مع واقعة الطف وسبي نساء أهل البيت بعد الواقعة، وكان في سنّ الرابعة آنذاك، كما شهد خلال حياته فصولا مهمّة أُخرى كوقعة الحرّة بأهل المدينة، وغزو مكة المكرمة، وعاصر فترة نشوء الثورات والحركات المعارضة للدولة الأموية كثورة المدينة المنورة، وثورة ابن الزبير، وثورة المختار الثقفي، وثورة القرّاء، وثورة التوّابين، وثورة ابن الأشعث، وبدايات تحرّك زيد بن علي، وتباشير الدعوة العباسية 2) 

السيرة العلمية ل الإمام الباقر (ع)

كان زاهداً عابداً وقد بلغ من العلم درجةً عاليةً سامية، حتى إن كثيراً من العلماء كانوا يرون في أنفسهم فضلاً وتحصيلاً، فإذا جلسوا إليه أحسُّوا أنهم عِيالٌ عليه، وتلاميذٌ بين يديه، ولذلك لُقِّب بالباقر: من بَقَر العلم أي شَقَّه، واستخرج خفاياه، وقد كان إلى جانب علمه من العاملين بعلمهم؛ فكان عفَّ اللسان، طاهرَ.

اقرأ هذه المناظره للإمام سلام الله عليه مع النصراني عن عمرو بن عبد الله الثقفي قال أخرج هشام بن عبد الملك أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام من المدينة إلى الشام، وكان ينزله معه، فكان يقعد مع الناس في مجالسهم، فبينما هو قاعد وعنده جماعة من الناس يسألونه إذ نظر إلى النصارى يدخلون في جبل هناك فقال : ما لهؤلاء القوم ؟ ألهم عيد اليوم ؟ قالوا لا يا ابن رسول الله، ولكنهم يأتون عالما لهم في هذا الجبل في كل سنة في هذا اليوم فيخرجونه ويسألونه عما يريدون وعما يكون في عامهم، قال أبوجعفر : وله علم ؟ فقالوا : من أعلم الناس، قد أدرك أصحاب الحواريين من أصحاب عيسى، قال : فهلم أن نذهب إليه، فقالوا : ذلك إليك يا ابن رسول الله، قال فقنع أبوجعفر رأسه بثوبه ومضى هو وأصحابه فاختلطوا بالناس حتى أتوا الجبل، قال : فقعد أبوجعفر وسط النصارى هو وأصحابه، فأخرج النصارى بساطا ثم وضعوا الوسائد، ثم دخلوا فأخرجوا ثم ربطوا عينيه فقلب عينيه كأنهما عينا أفعي، ثم قصد نحو أبي جعفر فقال له أمنا أنت أو من الامة المرحومة ؟ فقال أبوجعفر : من الامة المرحومة، قال : أفمن علمائهم أنت أو من جهالهم ؟ قال :لست من جهالهم، قال النصراني أسألك أو تسألني ؟ قال أبوجعفر : سلني فقال : يا معشر النصارى رجل من امة محمد يقول : سلني ! إن هذا لعالم بالمسائل.

ثم قال : يا عبد الله أخبرني عن ساعة ماهي من الليل ولا هي من النهار أي ساعة هي ؟ قال أبوجعفر : ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، قال النصراني : فإذا لم يكن من ساعات الليل ولا من ساعات النهار فمن أي الساعات هي ؟ فقال أبوجعفر : من ساعات الجنة وفيها تفيق مرضانا، فقال النصراني : أصبت، فأسألك أو تسألني ؟ قال أبوجعفر : سلني، قال : يا معاشر النصارى إن هذا لملي بالمسائل أخبرني عن أهل الجنة كيف صاروا يأكلون ولا يتغوطون أعطني مثله في الدنيا، فقال أبوجعفر : هو هذا الجنين في بطن امه يأكل مما تأكل امه ولا يتغوط، قال النصراني : أصبت، ألم تقل : ما أنا من علمائهم ؟ قال أبوجعفر : إنما قلت لك : ما أنا من جهالهم، قال النصراني : فأسألك أو تسألني ؟ قال : يا معشر النصارى والله لاسألنه يرتطم فيها كمايرتطم الحمار في الوحل، فقال : اسأل، قال : أخبرني عن رجل دنا من امرأته فحملت بابنين جميعا، حملتمها في ساعة واحدة وما تا في ساعة واحدة، ودفنا في ساعة واحدة في قبر واحد، فعاش أحدهما خمسين ومائة سنة، وعاش الآخر خمسين سنة، من هما ؟ قال أبوجعفر هما عزير وعزره، كان حمل امهما ما وصفت، ووضعتهما على ما وصفت، وعاش عزره وعزير، فعاش عزره وعزير ثلاثين سنة، ثم أمات الله عزيرا مائة سنة وبقي عزره يحيا، ثم بعث الله عزيرا فعاش مع عزره عشرين سنة.

قال النصراني يا معشر النصارى ما رأيت أحدا قط أعلم من هذا الرجل، لا تسألوني عن حرف وهذا بالشام، ردوني، فردوه إلى كهفه ورجع النصارى مع أبي جعفر

 علی هذا الأساس الإمام الباقرعليه السلام هیّأ الأرضیة المناسبة فی هذا المجال و بعده ابنه الشریف، الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ بتشكيله الحوزة العلمية فی اربعة آلاف تلمیذ، اثمرها و صارت جامعة عظيمة اسلامية مبقیة فی تاريخ الإسلام.(3)

بناء علی هذا،نستطیع ان نقول؛ الإمام الباقر ـ عليه السلام ـ هو مؤسس الحوزة العلمية ل الشيعة و النهضة الثقافیة ل التشيع.(4)

الحكومة و السياسة فی سيرة الإمام الباقر(ع)

مع کل الضغوطات من قبل بني امية، الإمام الباقر عليه السلام کان یشتغل بتبيين معارف اهل البيت عليهم السلام و لم یتوقف من تبيين مکانة الإمامة و الولاية فی الإسلام التی بمعني الزعامة و تصدي الأمر.

زرارة، من اصحاب الإمام الباقر عليه السلام یذکر حديثا عن الإمام عليه السلام فی شرح اساسیات الإسلام:
« بني الاسلام علي خمسة اشياء، علي الصلوة و الزكاة و الحج و الصوم و الولاية. 
قال زرارة : فقلت : و اي شئ من ذلك افضل ؟
 فقال : الوِلايَةُ اَفْضَل؛ لِاَنَّها مِفْتاحُهُنَّ. وَالواليُ هُوَ الدَّليلُ عَلَيهِنَّ.(5)

مع هذا الامام الباقرعليه السلام تبعا لجده الإمام علي ـ عليه السلام ـفی کل موضع یحس ان بیضة الإسلام و حیثیته فی خطر ، لم یحرم الخلفا من مواعظه و ارشاداته.(6)

السيرة العملية ل الإمام الباقر(ع)

حیاة الأئمة المعصومین عليه السلام، لایزال اسوة الشيعة فی حیاتهم. و فی الحقيقة ما یحصل من قول المعصوم ـ عليه السلام ـ العمل ب القول و التبعية عن خلقهم،بشکل تبین کمیة الصداقة و علامة المحبة الیه.(7)

فی الذیل نشیر الی نموذجین من السيرة العملية ل الإمام الباقر ـ عليه السلام ـ:

1ـ حلم الإمام

وقال له نصراني: أنت بقر؟ قال: لا أنا باقر، قال: أنت ابن الطباخة ؟ قال: ذاك حرفتها قال: أنت ابن السوداء الزنجية البذية؟ قال: إن كنت صدقت غفر الله لها وإن كنت كذبت غفر الله لك، قال فأسلم النصراني.
مشاهدة هذا الحلم من رجل الذی یقدر علی ان یسبب الأذی لذلک الرجل الخارج عن دين الإسلام یکفی فی ان یوجب ثورة فی روح الرجل النصرانی و یدعوه الی الإسلام. لکن اسلم هذا الرجل النصرانی.

2 ـ السعی فی طلب الرزق

إن محمد بن المنكدر كان يقول: ما كنت أرى أن مثل علي بن الحسين يدع خلفا - لفضل علي بن الحسين - حتى رأيت ابنه محمد بن علي فأردت أن أعظه فوعظني. فقال له أصحابه: بأي شئ وعظك ؟ قال: خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة، فلقيت محمد ابن علي - وكان رجلا بدينا - وهو متكئ عل غلامين له أسودين - أو موليين له - فقلت في نفسي: شيخ من شيوخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا ! أشهد لاعظنه ؟ فدنوت منه فسلمت عليه، فسلم علي ببهر وقد تصبب عرقا، فقلت: أصلحك الله، شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على مثل هذه الحال في طلب الدنيا ! لو جاءك الموت وأنت على هذه الحال ؟ ! قال: فخلى عن الغلامين من يده، ثم تساند وقال: (لو جاءني والله الموت وأنا (في هذه) الحال، جاءني وأنا في طاعة من طاعات الله، أكف بها نفسي عنك وعن الناس، وإنما كنت أخاف الموت لو جاءني وأنا على معصية من معاصي الله ". فقلت:يرحمك الله، أردت أن أعظك فوعظتني.(8) 

السيرة الاخلاقية ل الامام الباقر(ع)

صرحت الروايات الکثیرة عن الائمة الأطهار و الرسول الاكرم الخلق الحسن نصف الدين. رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ(ص) بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ.(9)

لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ.(10) 

المجتمع الإسلامي یقع فی موضع الطریق الصحیح و فی هذه الفترة یستحق هذه الصفة( الإسلامية) حینما اکثر من کل وقت یقع فی طريق الأخلاق انساني ؛

لأن الموازين الأخلاقیة ل الشخص کنفس القوانين ل المجتمع. المجتمع غیر القانونی یساوی الانسان الذی لا اخلاق له. کلاهما فوضویان ، غيرقابلة ل الاعتماد و راكدة و کلاهما یذهبان الی جانب الرجعی.

القول الحسن مع الآخرین

قولوا للناس أحسن ما تحبون أن يقال لكم. (11)

اوصی الامام محمد الباقر ـ عليه السلام ـ هکذا:

واوصيك بخمس:  إن ظلمت فلا تظلم، وإن خانوك فلا تخن .إن كذبت فلا تغضب   .وإن مدحت فلا تفرح .وإن ذممت فلا تجزع. (12) 

هذه النكت لیست فقط الصبر بل هی الإستقامة الکبیرة. الناس التی یراعون المناسبات المتقابلة واحدا مع الآخر هذه الموارد : یحترم حقوق الآخرین مثل حقوق نفسه و یحرقون له القلوب، یضعون التواضع شغلهم و یتقون الغرور و الجدال و فی جانب هؤلاء الثلاثة یأخذون طریق الصبر مطمئناً یفتحون باب عیش لذیذ و مجتمع سلیم نصب اعینهم و لم نری من بعد، المشاجرة و المواجهة من قبل السائقین فی الشوارع،و الناس لم تقف فی صف الأرزاق و بقیة المناظر المؤلمة.

من المرجو انه بإتخاذ هذه السیرة من هذا الإمام الهمام فی کل مراتب الحیاة،نبنی اسوة لحیاة سلیمة،ببصیرة و وعی. و بتهیئة الأرضیة و انتظار ظهور الحجة نهیأ الطریق لتشكيل حكومة العدل الإلهية.

ملاحظات:

2- ر: الامام الباقرعليه السلام مؤسس النهضة الفكرية ـ الثقافیة فی التشيع، حجة الاسلام علي اصغر صرفه جو، مقالة، تبيان.

3- رجال الكشي، ص 125.

4- نفس العنوان، ص 125.

5- فروع الكافي، ج 4 ص 62، ح 1.

6- دراسة اساس الاخلاق و السياسة فی سيرة الامام محمد الباقر(ع)، ح.طاهري، مقالات، تبيان.
7- امير المؤمنین(ع): من احبنا فليعمل بعملنا و ليتجنب الورع. غررالحكم :حديث8483.
8- ر : السيرة العلمية ل الإمام محمد الباقر عليه السلام، مقالة، الموقع المختص ب الامام الباقر عليه السلام، 
http://emambagher.heyatblog.net/.اسم الکتاب : الارشاد المؤلف: الشيخ المفيد المجلد : 2  ص : 162
9- رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ(ص) بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ ، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، ج 67، ص: 373.
10- اشارة الی الآية 177
 سورة البقرة.

11- بحارالانوار ، دار احياء التراث العربي ، ج 65، ص 152.

12- بحارالانوار ، دار احياء التراث العربي ، ج 75، ص 162.



Share
* الاسم:
* البرید الکترونی:
* نص الرأی :
* رقم السری:
  

أحدث العناوین
الاکثر مناقشة
الاکثر مشاهدة