نسخة الموبایل
www.valiasr-aj .com
هل الإمام الحسن عليه السلام کان رجلا مطلاقا ؟
رقم المطلب: 529 تاریخ النشر: 15 رمضان 1443 - 10:00 عدد المشاهدة: 8208
الأسئلة و الأجوبة » الإمام الحسن (ع)
هل الإمام الحسن عليه السلام کان رجلا مطلاقا ؟

المدخل

 أصبحت الوهابية الیوم تشن اشکالات بالنسبة ل الإمام المجتبي عليه السلام و علی اساس بعض المصادر ، یقولون انه رجل مطلاق. يعني کان یتزوج و یطلق بکثیر. التحقیق فی هذه المسألة توجب الحاجة حینما نعلم ان هذا الموضوع علاوة علی أنه ینعکس فی مصادرهم ، یوجد فی بعض المصادر الحدیثیة المشهورة و المتقدمة عند الإماميه ایضا. المقالة الموجودة بصدد ان تجمع الروايات من مصادر الإمامية،ثم الجواب الملائم عن هذه الروايات .

الجواب الإجمالي

عدد قلیل من الروايات فی مصادر الإمامیة تحکی عن الإمام المجتبي عليه السلام انه کثير الطلاق. روايتین فی الکافي ل الکليني، رواية واحدة فی محاسن البرقي و روایة واحدة فی دعائم الإسلام ل القاضي نعمان المغربي. مثل هذه التقاریر توجد ایضا فی مصادر الحدیث ل اهل السنة. من الواضح ان روايات اهل السنة لیست مقبولة عندنا لهذا نکون بصدد التحليل و تقویم الروايات فی مصادر الإمامية .

یستحق ل الذکر ان نقول مفکری الإمامية فی مواجهة هذه الروايات، ثلاث طوائف. کثیر منهم یعتقدون ان هذه الروايات مزوّرة. صاحب الحدائق یتوقف و لم یجب عن هذه الروايات .

البحراني، الشيخ يوسف، (المتوفي1186هـ)، الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة،‌ ج 25 ص 148، ناشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة،‌ طبق برنامج مكتبه اهل البيت.

بعض منهم قام فی مقام توضيح و شرح هذه الروايات. العلامة المجلسي من جملة هؤلاء .

المجلسي، محمد باقر (المتوفى 1111هـ)، مرآة العقول في شرح اخبار آل الرسول، ج‏21، ص: 96، ناشر: دار الكتب الإسلامية ـ تهران، الطبعة : الثانية،1404هـ ـ 1263ش.

الجواب التفصيلي

فی البدایة نذکر التقاریر و بعد دراسة السند نتعرض الی ما فی هذه الروایات من التحلیل.

التقاریر

الأول:

حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ عَلِيّاً قَالَ وَ هُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ لَا تُزَوِّجُوا الْحَسَنَ فَإِنَّهُ رَجُلٌ‏ مِطْلَاقٌ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ فَقَالَ بَلَى وَ اللَّهِ لَنُزَوِّجَنَّهُ وَ هُوَ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ ابْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَ إِنْ شَاءَ طَلَّقَ.

الكليني الرازي، أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق (المتوفى328 هـ)، الكافي، ج 6 ص 56، ناشر: اسلاميه‏، تهران‏، الطبعة الثانية،1362 هـ.ش.

سلسلة رواة هذه الرواية اربعة اشخاص حسب الترتیب هم: حميد بن زياد، حسن بن محمد بن سماعة، محمد بن زياد بن عيسي و عبد اللَّه بن سنان. الراوي الثالث و الرابع هم من الشيعة الإثنی عشریة و هما معتمدا اهل الفن. الراوي الأول و الثانی و لو انهم اشخاص موثقون الا انهم حسب العقيدة، من الواقفية.

النجاشي یقول فی حميد بن زياد هکذا :

حميد بن زياد بن حماد ... كان ثقة واقفا وجها فيهم.

النجاشي الأسدي الكوفي، ابوالعباس أحمد بن علي بن أحمد بن العباس (المتوفى450هـ)، فهرست أسماء مصنفي الشيعة المشتهر ب‍ رجال النجاشي، ص 132، تحقيق: السيد موسي الشبيري الزنجاني، ناشر: مؤسسة النشر الاسلامي ـ قم، الطبعة: الخامسة، 1416هـ.

هو یقول فی حسن بن محمد بن سماعة هکذا :

الحسن بن محمد بن سماعة من شيوخ الواقفة ... ثقة وكان يعاند في الوقف ويتعصب.

النجاشي الأسدي الكوفي، ابوالعباس أحمد بن علي بن أحمد بن العباس (المتوفى450هـ)، فهرست أسماء مصنفي الشيعة المشتهر ب‍ رجال النجاشي، ص 132، تحقيق: السيد موسي الشبيري الزنجاني، ناشر: مؤسسة النشر الاسلامي ـ قم، الطبعة: الخامسة، 1416هـ.

 

الشيخ الطوسي ایضا یقول فی حسن بن محمد بن سماعة هکذا :

الحسن بن محمد بن سماعة واقفي المذهب.

الطوسي، الشيخ ابوجعفر، محمد بن الحسن بن علي بن الحسن (المتوفى460هـ)، الفهرست، ص 103، تحقيق: الشيخ جواد القيومي،‌ ناشر: مؤسسة نشر الفقاهة،‌ الم: مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة الأولى1417

هکذا رواية حسب اصطلاح علم الحديث،تکون موثقة.

العلامة المجلسي یقول فی ذيل الرواية هکذا :

الحديث الرابع‏: موثق.

المجلسي،‌محمد باقر، مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏21، ص: 96، محقق: رسولى محلاتى، سيد هاشم‏، ناشر: دار الكتب الإسلامية، تهران، 1404 هـ.ق.

النکتة الملفة ل النظر هی ان الروايات التي فی سلسلة اسانیدها رواة موثوقون لکن غير امامية ، تقبل حینما لم یوجد فی مضمونها معارض. الشيخ الطوسي یقول هنا هکذا :

وأما إذا كان الراوي من فرق الشيعة مثل الفطحية والواقفة والناووسية وغيرهم نظر فيما يرويه فان كان هناك قرنية تعضده أو خبر آخر من جهة الموثوقين بهم وجب العمل به وان كان هناك خبر آخر يخالفه من طريق الموثوقين وجب اطراح ما اختصوا بروايته والعمل بما رواه الثقة.

الطوسي، محمد بن الحسن، الاستبصار (المتوفی460هـ)، عدة الأصول، ج 1 ص 381، تحقيق : محمد مهدي نجف، ناشر : مؤسسة آل البيت ( عليهم السلام).

 

من الجدیر ان العلامة الحلي یقول فی روايات «حميد بن زياد» هکذا :

فالوجه عندي قبول روايته إذا خلت عن المعارض.

الحلي الأسدي، جمال الدين أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهر (المتوفى726هـ) خلاصة الأقوال في معرفة الرجال، ص 129، تحقيق: فضيلة الشيخ جواد القيومي، ناشر: مؤسسة نشر الفقاهة، الطبعة: الأولى، 1417هـ.

فی القسم النهايي، نذکر تعارض هذه الرواية مع تعالیم الإمامية حسب التفصيل. فی النتيجة؛ سند الرواية المذکورة من هذه الجهة مطعون فیه .

الثانی:

عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ ع طَلَّقَ خَمْسِينَ امْرَأَةً فَقَامَ عَلِيٌّ ع بِالْكُوفَةِ فَقَالَ يَا مَعَاشِرَ أَهْلِ الْكُوفَةِ لَا تُنْكِحُوا الْحَسَنَ فَإِنَّهُ رَجُلٌ مِطْلَاقٌ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ بَلَى وَ اللَّهِ لَنُنْكِحَنَّهُ فَإِنَّهُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ ابْنُ فَاطِمَةَ ع فَإِنْ أَعْجَبَتْهُ أَمْسَكَ وَ إِنْ كَرِهَ طَلَّق‏.

الكليني الرازي، أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق (المتوفى328 هـ)، الكافي، ج 6 ص 56، ناشر: اسلاميه‏، تهران‏، الطبعة الثانية،1362 هـ.ش.

أحد رواة هذه الرواية هو «يَحْيَى بْن أَبِي الْعَلَاء الرازي». حسب قول السید الخوئي هو شخص مجهول الحال. هو یقول:

يحيى بن أبي العلاء الرازي لم يرد فيه توثيق.

الموسوي الخوئي، السيد أبو القاسم (المتوفى1411هـ)، معجم رجال الحديث، ج 21 ص 27، الطبعة الخامسة، 1413هـ ـ 1992م

 

العلامة المجلسي ذيل هذه الرواية یقول: الحديث الخامس‏: مجهول.

المجلسي،‌محمد باقر، مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏21، ص: 96، محقق: رسولى محلاتى، سيد هاشم‏، ناشر: دار الكتب الإسلامية، تهران، 1404 هـ.ق.

بناء علی هذا ؛ الرواية المذکورة ایضا لا یمکن الإستناد الیها.

الثالث :

أحمد بن مُحمد بن خالِد البَرقي عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ: أَتَى رَجُلٌ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيّاً عليه السلام فَقَالَ لَهُ جِئْتُكَ مُسْتَشِيراً أَنَّ الْحَسَنَ عليه السلام وَ الْحُسَيْنَ عليه السلام وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ خَطَبُوا إِلَيَّ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ أَمَّا الْحَسَنُ فَإِنَّهُ مِطْلَاقٌ‏ لِلنِّسَاءِ وَ لَكِنْ زَوِّجْهَا الْحُسَيْنَ فَإِنَّهُ خَيْرٌ لِابْنَتِكَ‏.

البرقي، أحمد بن محمد بن خالد، المحاسن، ج 2 ص 601، التحقيق : السيد جلال الدين الحسيني المشتهر بالمحدث، ناشر : دار الكتب الإسلامية - طهران

سلسلة رواة هذه الرواية کلها مقبولة. بناء علی هذا سند الرواية خال عن الإشکال.

الرابع:

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍ‏ عليه السلام قَالَ عَلِيٌّ عليه السلام لِأَهْلِ الْكُوفَةِ لَا تُزَوِّجُوا حَسَناً فَإِنَّهُ رَجُلٌ مِطْلَاقٌ‏.

المغربي، القاضي النعمان (المتوفی 363هـ)، دعائم الإسلام، ج‏2، ص: 258، تحقيق : آصف بن علي أصغر فيضي، ناشر : دار المعارف – القاهرة، سنة الطبع : 1383 - 1963 م

کما تری ان هذه الرواية ذکرت بصورة مرسلة و من دون سند فی کتاب «دعائم الإسلام» لهذا لم تکن قابلة ل الإعتناء.

حسب ما مر عرفنا ان من بین اربعة من الروايات المذکورة فی مصادر الإمامیة، الرواية الأولی من اصول الکافي رویت عن طريق رواة من الواقفية فی المذهب و موثقة و لأنها مبتلیة ب المعارض ، فغير قابلة ل القبول. فی الرواية الثانیة عن الکليني وجد «يحيي بن ابي العلاء» الذی هو شخص مجهول. رواية كتاب دعائم الإسلام ایضا مُرسلة و فاقدة الإعتبار. فی هذا البین فقط رواية المحاسن حسب السند من دون اشکال.

دراسة الفحوی

قبل دراسة متن الروايات ینبغی لنا ان نلفت النظر الی رؤیة المرحوم الکليني الی هذه الروايات. هو یذکر الروایتین اللتین ترتبطا ب الإمام المجتبي عليه السلام فی «بَابُ تَطْلِيقِ الْمَرْأَةِ غَيْرِ الْمُوَافِقَة»فی کتاب الکافي. و الحال انه یضع الروايات التي تدل علی مبغوضية الطلاق فی ذيل «بَابُ كَرَاهِيَةِ طَلَاقِ الزَّوْجَةِ الْمُوَافِقَة». مع الدقة فی عنوان البابین، نستطیع ان نقول ان المرحوم الکليني لم یعتبر هذا الکلام ان الإمام الحسن عليه السلام مطلاق رؤیة سلبیة و یحسب ان الطلاق کان من جانب النساء .

الحال فی الإدامة ندرس الروايات الأربعة السابقة، من حیث الفحوی مع التركيز علی کلمة «مطلاق» فی هذه المنقولات :

علی صورة کلية کلمة مطلاق فی حق الإمام المجتبي عليه السلام کما ذکرت فی هذه الروایات ، علی صورتین اما نعوذ بالله تدل علی انه رجل عاهر و انه رجل یطلب التنویع أو المطلب شیئا آخر و لابد ان نفحص جذور المسألة فی شیئ آخر. فی صورة الثانیة لم یکن تنقیصا ل الإمام عليه السلام.

الدلائل و القرائن التی تبین فی الذيل ، تثبت لنا ب الیقین ، أن المقصود من «المطلاق» فی هذه الروايات، لیس أنه هو رجل « داعر وفاسق و یتطلب التنویع الجنسي».

اولا : عصمة الإمام المجتبي عليه السلام:

اول دليل الذی یکشف عن مقصود امير المؤمنین عليه السلام ، عصمة الإمام الحسن عليه السلام ؛ الإمام علي عليه السلام یعلم أن الإمام الحسن عليه السلام علی اساس آية التطهير معصوم و لم یرتكب عمل منكر [اعم من الحرام، المكروه و المنكر الأخلاقي] و حتي لم یرتکب عمل تركه اولی ایضا فلا یمکن التنقیص فی حق هکذا شخص بأی عنوان ؛ و الحالة هذه کیف یمكن أن امير المؤمنین عليه السلام بهذه الکلمة [المطلاق] یقصد تأنیبه و ینتقص من شخص معصوم. حسب هذا العلامة المجلسي فی شرح هذه الروايات یقول هکذا :

ولعل غرضه عليه السلام كان استعلام حالهم ومراتب إيمانهم لا الإنكار على ولده المعصوم المؤيد من الحي القيوم.

المجلسي، محمد باقر (المتوفى 1111هـ)، مرآة العقول في شرح اخبار آل الرسول، ج‏21، ص: 96، ناشر: دار الكتب الإسلامية ـ تهران، الطبعة : الثانية،1404هـ ـ 1263ش.

ثانیا: علی اساس روايتین من المرحوم الکليني، بعد ما حذّر الإمام علي عليه السلام اهل الکوفة عن تزویج ابنه ،بعض من الحاضرین، جعلوا تزویج حسن بن علي عليهما السلام وسيلة ل انتسابهم ب آل الرسول صلي الله عليه و آله و کسب شرافة لهم .

جاء فی تأريخ ابن کثير من علماء اهل السنة ایضا ،انهم قالوا بعد كلام له هکذا :

والله يا أمير المؤمنين لو خطب إلينا كل يوم لزوجناه منا من شاء ابتغاء في صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ابن كثير، البداية والنهاية، ج 8، ص 38، ناشر: مكتبة المعارف- بيروت.

حسب هذه الروايات، سکت الإمام علي عليه السلام و لم یخالف و أید کلامهم بهذا الشکل . لأنه ان کان هذا الأمر [انه رجل مطلاق] امر سلبي و منكر ، من الیقین لابد ان امير المؤمنین عليه السلام یتخذ موقفا سلبیا و یخالف کلامهم. بناء علی هذا وفقا لما ان تقرير الإمام عليه السلام حجة حسب رأی علماء الشيعة ، من الیقین نعلم ان عمل الإمام الحسن عليه السلام کان صحيحا و مقصود الإمام علي عليه السلام من هذا العمل لم یکن تنقيص الإمام المجتبي عليه السلام. الجدیر ل الذکر انه حسب ما نقله الغزالي من علماء اهل السنة ، اميرالمؤمنین عليه السلام استقبل من کلام القائل. هو یقول :

... قام رجل من همدان فقال والله يا أمير المؤمنين لننكحنه ما شاء فإن أحب امسك وإن شاء ترك فسر ذلك عليا وقال: لو كنت بوابا على باب جنة لقلت لهمدان ادخلي بسلام.

محمد بن محمد الغزالي أبو حامد الوفاة: 505 ، إحياء علوم الدين ، ج 2، ص 56، دار النشر : دار االمعرفة – بيروت.

 

مع الإلتفات الی هذا المطلب؛ نستطیع ان نقول من الیقین ان قصد امير المؤمنین علي عليه السلام لم یکن تنقیص الإمام مجتبي عليه السلام بل ربما عمل هکذا لأجل الوصول الی هدفین :

1ـ‌ یرید فهم ان الزواج المکرر کان حسب تطلبهن.

2ـ احباط دسیسة العدو القاضیة ب تهمة التنویع الجنسي بالنسبة ل الإمام المجتبي عليه السلام.

من جانب آخر توجد فی مصادر اهل السنة روايات أخر التی تثبت هذه النتیجة ایضا ان تطلب الزواج کان من قبل النساء و أسرتهن :

الطبراني من علماء اهل السنة ، فی رواية یصرح بهذا المطلب هکذا :

وعن محمد يعني ابن سيرين قال خطب الحسن بن علي إلى منصور بن سيار بن ريان الفزاري ابنته فقال والله اني لأنكحك وإني لاعلم أنك علق طلق ملق غير أنك أكرم العرب بيتا وأكرمه نسبا.

رواه الطبراني ورجاله ثقات.

علي بن أبي بكر الهيثمي الوفاة: 807 ، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ، ج 4،  ص 335، ناشر : دار الريان للتراث/‏دار الكتاب العربي - القاهرة , بيروت – 1407.

من جانب، طبقا لرواية ابن عساکر و بعض آخرون من علماء اهل السنة، کانت کل من النساء التی یفارقها هی تحبه :

وكان لا يفارق امرأة إلا وهي تحبه

ابن عساكر،‌ أبي القاسم علي بن الحسن إبن هبة الله بن عبد الله الشافعي الوفاة: 571 ، تاريخ مدينة دمشق، ج 13 ص 251، تحقيق : محب الدين أبي سعيد عمر بن غرامة العمري، ناشر : دار الفكر - بيروت – 1995.

بناء علی هذا هن الذین تطلبن شرافة الإنتساب ب آل النبی ص و الزواج مع ابن بنة رسول الله صلي الله عليه و آله وسيلة لکسب الشرف ، بناء علی هذا لم یکن انتقاص علی الإمام المجتبي عليه السلام.

الحال مع افتراض ثبوت هذه الروايات، ینبغی لنا ان ندرس هدف الإمام الحسن عليه السلام من هذا الزواج و الطلاق .

هدف الإمام المجتبي عليه السلام من الزواج و الطلاق

علی إفتراض ثبوت الزواج المتعدد، مع الإلتفات الی بعض التعالیم الدينية نستطیع ان ندعی من شأنه انه من جملة اهداف الإمام عليه السلام من هذا الأمر،الهدفین المذکورین فی الذیل :

1ـ إنجاز حاجات الناس بالنسبة ل انتسابهم ب آل الرسالة و الإمامة.

2ـ استغناء النساء من حیث الإقتصاد.

الهدف الأول:

 کما مرّ، حسب محبة المؤمنین ل الإنتساب ب آل الرسالة و الإمامة، اقتراح مثل هذا الزواج کان من جانب الأسر ؛ کما مر فی الروايتین من كتاب «الكافي» و نقل كتاب «إحياء علوم الدين» ل الغزالي و رواية الطبراني ؛ بناء علی هذا هن الذین أردن بسبب الزواج مع ابن رسول الله صلی الله عليه و آله،یکسبن شرف الإنتساب ب آل الرسالة و الإمامة. بالتبعیة من اهداف الإمام عليه السلام عن هذا الأمر، سد حاجاتهن و من القطع انه لم یکن له غرض جنسی .

الهدف الثانی:

الهدف الآخر الذی نستطیع ذکره لهذه المسألة ، استغناء النساء من حیث الإقتصاد، کما نسبوا بعض المصادر الإسلامیة هذا المطلب الی الإمام. الراغب الإصفهاني من  علماء اهل السنة، یقول فی هذا المجال هکذا :

فقيل له في ذلك فقال إن الله تعالى علق بهما الغنى فقال «وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله» وقال «وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته» فأنا أتزوج للغنى وأطلق للغنى.

الأصفهاني، أبو القاسم الحسين بن محمد بن المفضل، المتوفی: 502، محاضرات الأدباء ومحاورات الشعرء والبلغاء ج2، ص 220، تحقيق : عمر الطباع، ناشر: دار القلم - بيروت - 1420هـ- 1999م.

بناء علی هذا یمکن ادعاء انه من جملة اهداف الإمام عليه السلام من هذا الأمر ،کان الهدف الثقافی [انتساب الناس ب آل الرسالة و الإمامة] و الاقتصادي [استغناء النساء الأرامل].

الحال فی هذا المجال قبل ذکر الدلائل التي تطرح بعنوان الرد لهذه الطائفة من الروايات ، ینبغی توضیح بإختصار حول متن رواية كتاب «المحاسن».

المرحوم البرقي فی كتاب المحاسن یقول هکذا :

قَالَ: أَتَى رَجُلٌ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيّاً عليه السلام فَقَالَ لَهُ جِئْتُكَ مُسْتَشِيراً أَنَّ الْحَسَنَ عليه السلام وَ الْحُسَيْنَ عليه السلام وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ خَطَبُوا إِلَيَّ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ أَمَّا الْحَسَنُ فَإِنَّهُ مِطْلَاقٌ‏ لِلنِّسَاءِ وَ لَكِنْ زَوِّجْهَا الْحُسَيْنَ فَإِنَّهُ خَيْرٌ لِابْنَتِكَ‏.

البرقي، أحمد بن محمد بن خالد، المحاسن، ج 2 ص 601، التحقيق : السيد جلال الدين الحسيني المشتهر بالمحدث، ناشر : دار الكتب الإسلامية – طهران.

مع الإلتفات الی المطالب المذکورة سالفا ، یکون توضيح الرواية المذکورة هکذا : لم یتمکن الإمام عليه السلام حسب موازین الشرع ان یتزوج فی نفس الوقت اکثر من أربعة زوجات مع هذا الإفتراض قال اميرالمؤمنين عليه السلام لذاک الشخص : زوجها الحسین عليه السلام ؛ لأن الإمام علي عليه السلام یعلم لعل الهدف من تزویج الرجل ابنته ان تبقی زوجة ل ابن بنت رسول الله صلي الله عليه وآله و هذا الأمر یتحقق ب الزواج مع الإمام الحسين عليه السلام أو أن امير المؤمنین عليه السلام لم یعلم ايمان ذاک الرجل بقدر رجال قبيلة هَمدان و له الخوف انه اذا طلق الإمام ابنته ، یقلّ من معرفته بالنسبة ل الإمام المعصوم عليه السلام و یزل فی دینه ، من هذا یوصی الإمام الرجل بتزویج ابنته ل الإمام الحسين عليه السلام .

ادلة مخالفي هذه الطائفة من الروايات

بغض النظر عن التوضيح حول فحوی هذه الطائفة من الروايات و عدم قبول التوضيحات المذکورة، لا يوجد علاج غیر عزل هذه الروايات ؛ لأنه :

اولا: لو کان لشخص ان یری کلمة «المطلاق»، التنویع فی الجنس و الشهوة الآنية ، هذه الطائفة من الروايات تعارض عصمة الأئمة عليهم السلام. فی نظام الإعتقادی ل الإمامية، الأئمة عليهم السلام هم المعصومون و لم یکن لدیهم زلل. الحال اذا کانت هناک رواية تعارض العصمة ، هی ساقطة حسب رأی علماء الشيعة و تضرب عرض الجدار کما ان دیدن العلماء فی کثیر من المسائل الکلامية، الفقهية و ... هکذا. علی  سبیل المثال الشيخ الطوسي یرد الرواية التی تدل علی سهو الإمام علي عليه السلام ، لأنها تعارض عصمة الإمام عليه السلام ، و یقول :

فَهَذَا خَبَرٌ شَاذٌّ مُخَالِفٌ لِلْأَخْبَارِ كُلِّهَا وَ مَا هَذَا حُكْمُهُ لَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ عَلَى أَنَّ فِيهِ مَا يُبْطِلُهُ وَ هُوَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام أَدَّى فَرِيضَةً عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ سَاهِياً عَنْ ذَلِكَ وَ قَدْ آمَنَنَا مِنْ ذَلِكَ دَلَالَةُ عِصْمَتِهِ عليه السلام.

الطوسي، الشيخ ابوجعفر، محمد بن الحسن بن علي بن الحسن (المتوفى460هـ)، تهذيب الأحكام، ج 3 ص 40، تحقيق: السيد حسن الموسوي الخرسان، ناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران، الطبعة الرابعة،‌1365 ش .

ثانیا: هذه الطائفة من الروايات تعارض احاديث مبغوضية التنویع الجنسي. علی اساس الروايات التي ذکرها الکليني بسند معتبر عن الإمام الصادق عليه السلام ، ان الله یبغض المطلاق الذواق .

إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْمِطْلَاقَ‏ الذَّوَّاقَ.

الكليني الرازي، أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق (المتوفى328 هـ)، الكافي، ج 6 ص 54، ناشر: اسلاميه‏، تهران‏، الطبعة الثانية،1362 هـ.ش.

لم یقبل أی شيعي ان الإمام المجتبی عليه السلام هو مبغوض عند الله العیاذ بالله.

ثالثا: هذه الطائفة من الروايات تعارض الأحاديث التی تبین مواصفات الأئمة علیهم السلام . الإمام الصادق عليه السلام یقول بسند معتبر نقله الکلینی هکذا : 

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ فِي خُطْبَةٍ لَهُ يَذْكُرُ فِيهَا حَالَ الْأَئِمَّةِ ع وَ صِفَاتِهِم‏ ... لَمْ‏ يَزَلْ‏ مَرْعِيّاً بِعَيْنِ‏ اللَّهِ‏ يَحْفَظُهُ‏ وَ يَكْلَؤُهُ بِسِتْرِهِ مَطْرُوداً عَنْهُ حَبَائِلُ إِبْلِيسَ وَ جُنُودِهِ ... مَعْصُوماً مِنَ الزَّلَّاتِ مَصُوناً عَنِ الْفَوَاحِشِ كُلِّهَا ...

الكليني الرازي، أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق (المتوفى328 هـ)، الكافي، ج 1 ص 204، ناشر: اسلاميه‏، تهران‏، الطبعة الثانية،1362 هـ.ش.

الإمام الباقر عليه السلام یذکر علامة الإمام علیه السلام هکذا .

عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ‏ وَهْبٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: مَا عَلَامَةُ الْإِمَامِ‏ الَّذِي‏ بَعْدَ الْإِمَامِ فَقَالَ طَهَارَةُ الْوِلَادَةِ وَ حُسْنُ الْمَنْشَإِ وَ لَا يَلْهُو وَ لَا يَلْعَبُ.

الكليني الرازي، أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق (المتوفى328 هـ)، الكافي، ج 1 ص 285، ناشر: اسلاميه‏، تهران‏، الطبعة الثانية،1362 هـ.ش.

رابعا: طبقا لهذه الروايات،کان أخذ الإمام علي عليه السلام علیه أمام الناس . الحال المسألة لم تخرج من حالتین. بالبدایة و من دون ان یخبر ابنه و ینهاه عن هذا العمل ،یعلنه أمام الناس فی الکوفة و یفش امرا منكرا فی العلن  و هذه عبارة عن «اشاعة الفحشاء = اعلان المنكرات» الذی هو عمل محرّم. فهکذا عمل لم یقبل بأی وجه من الوجوه لأن الکل یعلم ل النهي عن المنکر لابد فی البدایة تذکر الشخص بفعله شخصیا و بناء علی اجماع الشيعة، الإمام عليه السلام لم یرتکب معصیة بتاتا. فرضیة الثانیة ان الإمام فی البدایة نهی ابنه عن هذا العمل لکن هو استعصی الأمر ؛ مخالفة الإمام لأمر أبیه عمل محرّم ایضا و لم یقبله أی شخص شيعي أن الإمام المجتبي عليه السلام نعوذ بالله یرتكب عملا محرّما علیه.

خامسا: الفحص عن عدد ابناء الإمام المجتبي عليه السلام یمکن ان یکون أحسن شاهد علی عدم صحة هذه المسألة .

توضیح المطلب: لو کان ل الإمام الحسن عليه السلام من کل خمسون زوجة مطلقة ،المدعی حسب روایة ضعيفة السند فی كتاب «الكافي» ، ولدا واحدا لابد ان یکون له خمسون ولدا لاسیما بملاحظة ترغیب الرسول الأکرم صلی الله عليه و آله بتکثیر الأولاد و قال هکذا :

تَزَوَّجُوا بِكْراً وَلُوداً وَ لَا تَزَوَّجُوا حَسْنَاءَ جَمِيلَةً عَاقِراً فَإِنِّي أُبَاهِي بِكُمُ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

الكليني الرازي، أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق (المتوفى328 هـ)، الكافي، ج 5 ص 333، ناشر: اسلاميه‏، طهران‏، الطبعة الثانية،1362 هـ.ش.

 

من الطبيعی ان الإمام المجتبي عليه السلام کان اولی بالعمل بوصیة جده من الآخرین . الحال أن اولاده اقل من ذلک عددا. الشيخ المفيد فی کتاب الإرشاد مجلد 2 صفحة 20، یذکر عدد اولاد الإمام اعم من الذکر و الأنثی ،خمسة عشر ولدا. المرحوم الطبرسي فی کتاب إعلام الوري بأعلام الهدي، صفحة 214، یقول عددهم ستة عشر. ابن شهر آشوب فی کتاب مناقب آل أبي طالب عليهم السلام مجلد 4 صفحة 30، یذکر اربعة عشر ولدا ل الإمام المجتبي عليه السلام .

سادسا: دراسة الأبعاد المختلفة لحیاة الإمام الحسن عليه السلام تبین لنا شخصیته الحقیقیة. هو مولود أشرف الناس خلقا. هو تثقف علی ید أفضل الناس. فی اطاعة الله کان اسوة الناس حتی قیل فیه هکذا :

كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ ارْتَعَدَتْ مَفَاصِلُهُ وَ اصْفَرَّ لَوْنُهُ.

ابن شهرآشوب، رشيد الدين أبي عبد الله محمد بن علي السروي المازندراني (المتوفى588هـ)، مناقب آل أبي طالب، ج 3 ص 180، تحقيق: لجنة من أساتذة النجف الأشرف، ناشر: المكتبة والمطبعة الحيدرية، 1376هـ ـ 1956م.

الحال کیف یمکن لنا قبول انه شخص یتطلب التنویع الجنسی أو اللذة الشهویة !؟

النتيجة النهائیة:

توجد روايات ترتبط بأن الإمام المجتبي عليه السلام رجل مطلاق فی مصادر اهل السنة و الإمامیة. روايات اهل السنة لیست لدینا مقبولة. توجد ایضا فی مصادر الإمامية أربعة روايات حول هذا الموضوع. فی هذا البین فی إسناد ثلاث من الروايات اشکال و فقط إسناد واحدة فیهن مقبولة. ذکرنا تبریرات حول فحوی هذه الروايات. بصرف النظر عن هذه التبریرات و أن نضعها فی جانب ، حسب ان هذه الرواية مخالفة لتعالیم الإعتقادیة عند الشيعة فهی تعارض عصمة الإمام ،‌‌ فهذه الروايات لیست من المقبولات و فی النتيجة نضربها عرض الجدار .

و من الله التوفیق

 



Share
* الاسم:
* البرید الکترونی:
* نص الرأی :
* رقم السری: