2024 March 28 - پنج شنبه 09 فروردين 1403
مناظره با استاد حمدان از اساتيد وهابي دانشگاه ام القري، بمكة المكرمة -2
کد مطلب: ٦١٢٨ تاریخ انتشار: ١١ تير ١٣٨٥ تعداد بازدید: 10895
مناظره و گفتگو » شیعه و وهابیت
مناظره با استاد حمدان از اساتيد وهابي دانشگاه ام القري، بمكة المكرمة -2










حوار مع الدكتور حمدان الغامدي


الأستاذ في الدراسات العليا بجامعة أم القري





الدكتور ابو مهدي الحسيني القزويني









بسم الله الرحمين الرحيم


كلام الدكتور الذي شنع به حول الشيعة

رد واعتراض علي الدكتور حمدان

عجز الدكتور عن الإجابة عن آية التبليغ

التقية شعار الشيعة

الشبهة في ولادة المهدي (عج)

لماذا بايع الإمام علي (ع) بعد ستة أشهر

تهمة تكفيرالمسلمين

مشاركة الخلفاء في اغتيال النبي (ص) علي رأي ابن حزم

اصرار الدكتور علي التواصل

أسئلة عن الدكتور حمدان الغامدي

رسالة الدكتور حمدان الغامدي

من مكّة المكرّمة في الجواب

عن الأسئلة

رسالة الدكتور حمدان الغامدي من مكّة المكرّمة

ردود عن شبهات

الدكتور حمدان الغامدي

1 - الإنصاف في الكلام حين يتكلّم عن الخلاف

2 - غرابة الموضوع بحاجة إلي دليل ساطع

3 - الصحبة ونفي البعد الإعجازي

القرآن يمدح صنفاً من الأصحاب كما يذّم الآخر منهم

الآيات الواردة في المنافقين

الآيات النازلة في مرضي القلوب وذوي الإثارة للفتنة

الذين يؤذون النبي صلّي اللّه عليه وآله

الذين يظنّون باللّه الظنون الكاذبة،

4 - مقام الصحابة لم يكن أكثر امتيازاً من أزواج النبي 6 و لا أرفع من مقامهنّ

5 - أقوال علماء أهل السنّة في عدالة الصحابة وعدمها

في الصحابة عدول وغير عدول

المحاربات التي بلغت حدّ الظلم والفسق

الصحابة يلعن بعضهم بعضاً

القول بأفضليّة بعض التابعين عن الصحابة

الصحابة أبصر بحالهم من غيرهم

عدالة جميع الصحابة أبعد من قول الشيعة من عصمة أئمّتهم

اتّهام الزندقة لمن ينتقص أحداً من الصحابة

6 - آراء الشيعة الإماميّة في الصحابة

نظرة مجرّدة إلي روايات الحوض

ما هو المراد من الأصحاب في حديث الحوض

ما يدلّ علي أنّ الصحابة هم الذين صحبوا النبي صلّي اللّه عليه وآله ورأوه

الآيات التي تثني علي طوائف من الصحابة

آية «والسّابقون الأوّلون» لاتدلّ علي ثناء جميع المهاجرين والأنصار

اختلاف المفسّرين في المراد عن السابقين الأوّلين والمتابعين لهم

آية «رحمآء بينهم» لا يدلّ علي فضل جميع الصحابة

آية «وهاجروا وجاهدوا» يدل علي ثناء قسم من الصحابة

وعد اللّه سبحانه بالحسني مشروط بحسن خواتيم العمل

آية «للفقرآء المهاجرين» لا تثني علي عامّة الصحابة؛ بل علي فريق منهم

* * *

الشيعة والسنّة صنوان علي أصل واحد:

الاستدلال بالسنّة

نظرات في اتجاهات أهل السنّة والشيعة ومناهجهم

حديث الوصاية تثبت منهج الإماميّة

علي بن أبي طالب (ع) مدينة باب علم النبي (ص) وأعلم الصحابة

رجوع الأصحاب إلي علي (ع) وعدم رجوعه إليهم

لم تكن خلافة أبي بكر شوري بين المسلمين وإجماعاً عندهم

لماذا لم توفضّ خلافة عمر بن الخطاب إلي الأمّة؟

أمّ المؤمنين ترفض الشوري في الإمامة

السنّة تنفي الشوري في الإمامة

ما يدلّ علي وصاية علي بن أبي طالب عليه السلام

حديث الدار يثبت خلافة علي عليه السلام

تصحيح سند حديث الدار

حديث الولاية وخلافة علي عليه السلام

حديث الثقلين والإنقاذ عن الضلالة

حديث «عليّ مع الحق والحق مع علي»

مصادر التحقيق




حوار ومكاتبات



مع

الدكتور أحمد بن سعد حمدان الغامدي

«الاستاذ بجامعة أمّ القري في الدراسات العليا »

الدكتور أبومهدي الحسيني القزويني






مقدّمة

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

الحمد للّه الذي فطر الخلائق وبرأ النسمات ، وأقام علي وجوده البراهين والدلالات ، ومن لطفه لم يترك الخلق عبثاً حائرين ، بل أرسل إليهم مبشّرين و منذرين ، ليستأدوهم ميثاق فطرته ويذكروهم منسي نعمته ، وأيّدهم بالمعجزات والآيات البيّنات . وصلي اللّه علي خيرة خلقه محمد صلي اللّه عليه وآله ، الذي ختم الله به الرسالات والنبوات ، وعلي آله الأوصياء المصطفين ، والحجج المنتجبين ، واللعنة الدائمة علي أعدائهم أجمعين.

ولا يخفي أنّ مسألة الإمامة والخلافة من أعظم المسائل التي اهتمّت بها الأمّة الإسلاميّة ، عملاً واعتقاداً ووقع فيها الاختلاف بين المسلمين ، كما قال الشهرستاني: وأعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة ، إذ ما سُلّ سيف في الإسلام علي قاعدة دينيّة مثل ما سُلّ علي الإمامة في كلّ زمان ( الملل والنحل: 30. ) .

فالبحث عن الإمامة هو البحث عن أهمّ الواجبات ، لأنّ الغرض من الإمامة نيابة عن النبي 6 حفظ الشريعة وبسط العدل في الأرض وحمل الأمّة علي الهدي وصدّهم عن الردي ودعوة سائر الأمم إلي الإسلام كي يجتمع الناس كلّهم تحت لواء واحد إلي غير ذلك.

وبعبارة اخري الإمامة من أهمّ المطالب في أحكام الدين وأشرف مسائل المسلمين ، التي يحصل بسبب إدراكها نيل درجة الكرامة ، وهي أحد أركان الإيمان المستحق بسببه الخلود في الجنان والتخلص من غضب الرحمن، كما صرّح بذلك العلّامة علي الإطلاق ابن المطهّر الحلي ( كما في شرح منهاج الكرامة: 15/1. ) .

ومن تدبّر في الشريعة السمحاء والأحاديث الغراء، يتيقّن بأنّه لم يهتمّ بشي ء بمثل ما اهتمّ بالولاية.

كما ورد في الصحيح عن أبي جعفر 7 قال : «بني الإسلام علي خمس: علي الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم يناد بشئ كما نودي بالولاية ، فأخذ الناس بأربع وتركوا هذه» يعني الولاية ( الكافي ج 2 ص 18، المحاسن ج 1 ص 286، وسائل الشيعة: 17/1. ) .

وفي رواية عن أبي عبد اللّه 7: «إنّ اللّه عز وجل فرض علي خلقه خمسا ، فرَخّص في أربع ولم يُرَخِّص في واحدة» ( الكافي ج 2 ص 22. ) .

قال العلّامة المجلسي: قوله 7 : «فرخّص في أربع» كالتقصير في الصلاة في السفر وتأخيرها عن وقت الفضيلة مع العذر ، وترك كثير من واجباتها في بعض الأحيان ، أو سقوط الصلاة عن الحائض والنفساء ، وعن فاقد الطهورين أيضاً إن قيل به ، والزكاة عمّن لم يبلغ ماله النصاب أو مع فقد سائر الشرائط، والحج مع فقد الاستطاعة أو غيرها من الشرائط ، والصوم عن المسافر والكبير وذوي العطاش وأمثالهم بخلاف الولاية فإنّها مع بقاء التكليف لا يسقط وجوبها في حال من الأحوال ( بحار الأنوار: 332/86. ) .

وهكذا جاء في الروايات المتعددة بأنّ من لم يعرف إمامه مات ميتة جاهليّة كما صرّح الشيخ المفيد بقوله: وأمّا الخبر فهو المتواتر عن النبي 6 أنّه قال: «من مات وهو لا يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة» ( الافصاح للمفيد: 28. فراجع: كمال الدين: 412/2 ح 10 الكافي: 308/1 ح 1، الغيبة للنعماني: 330 ح 5. ) .

وذكره التفتازاني في شرح المقاصد ( المقاصد 239/5، وهكذا في شرح العقائد النسفية المطبوع سنة (1302) غير أنّ يد الطبع الامينة علي ودائع العلم والدين حرفت من الكتاب في طبع سنة (1313). ) ومحيي الدين أبو محمد عبد القادر المتوفي 775 في الجواهر المضيئة عن صحيح مسلم ( الجواهر المضيئة: 457/2 ط. حيدر آباد دكن، فيه: وقوله 7 في صحيح مسلم: «من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية». معناه: من لم يعرف من يجب عليه الاقتداء والاهتداء به في أوانه. يراجع: الغدير: 360/10 ملحقات إحقاق الحق: 2/14. ) .

وذكر أحمد في مسنده والطبراني في معجمه وغيرهما بلفظ: «من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية» ( مسند أحمد: ج 4، ص 96، المعجم الكبير للطبراني: ج 19، ص 388، مسند الشاميين طبراني: ج 2، ص 437، مسند أبي داود الطيالسي: ص 259، (عن زيد بن أسلم عن بن عمر)، مجمع الزوائد الهيثمي: ج 5، ص 218، شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد: ج 9، ص 155 قائلاً: «وأصحابنا كافّة قائلون بصحة هذه القضية». ) .

وكانت هذه الرواية من الروايات المشهورة بين الأصحاب والتابعين كما ورد في عبد اللّه بن عمر الذي امتنع من بيعة علي 7، طرق علي الحجّاج بابه ليلاً ليبايع لعبد الملك كي لا يبيت تلك الليلة بلا إمام قائلاً أنّه سمع عن النبي 6 أنّه قال : «من مات ولا إمام له مات ميتة الجاهلية» وحتي بلغ من احتقار الحجاج له واسترذاله حاله أن أخرج رجله من الفراش، فقال: اصفق بيدك عليها ( شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 13 / 242 . ) .

وممّا يدلّ أيضاً علي أهميّة معرفة الإمام ما ورد عن الفضيل قال سمعت أبا جعفر 7 يقول: «من مات و ليس له إمام فموته ميتة جاهليّة ولا يعذر الناس حتّي يعرفوا إمامهم» ( المحاسن: 155، بحار الأنوار: 78/23. ) .

الولاية من أهمّ ما انشغل به بال رسول اللّه (ص)

فمن سبر سيرة النبي المكرّم 6 فقد أيقن بأنّ أهمّ ما انشغل به باله وأقلقه هو أمر الولاية والخلافة من بعده بحيث قد صرّح بنفس الجلسة التي أعلن فيها بولاية وإمامة علي بن أبي طالب بقوله «هذا أخي وخليفتي ووصيي فيكم من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا»

وهكذا في كلّ مناسبة في حياته الرساليّة حتي آخر لحظة من حياته الشريف في مرض موته قائلاً: « هلّموا أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعدي» ( صحيح البخاري، ج 7 ص 9، كتاب المرضي باب قول المريض قوموا عنّي؛ و ج 5 ص 137 كتاب المغازي، باب مرض النبي - صلي اللّه عليه وسلم - ووفاته؛ صحيح مسلم ج 5، ص 76 آخر كتاب الوصيّة. )

وعلم بعضهم بأنّه 6 يريد بذلك تثبيت ولاية علي بن أبي طالب فاتّهموه بالهجر لتسقط كتابته بذلك عن الاعتبار؛ ولم يمكنّوه من الدواة والقرطاس، حتّي قال عمر بن الخطاب لابن عباس: إنّ رسول اللّه 6 أراد أن يذكره للأمر في مرضه ، فصددته عنه ( شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 79/12. ) .

ومن الطبيعي أن الرسول لم يفعل ذلك من تلقاء نفسه ، إنّما هو أمر إلهي تلقاه من ربه ، كما قال محقق الاصابة: وممّا يذكر بالاعجاب والفخر لبني الإسلام أنّه صلي اللّه عليه وسلّم عرض الإسلام علي بني عامر بن صعصعة وذلك قبل الهجرة وقبل أن تقوم للدين شوكة، فقال كبيرهم: أ رأيت إن نحن تابعناك علي أمرك ثمّ أظهرك اللّه علي من خالفك، أيكون لنا الأمر من بعدك؟ فأجابه صلي الله عليه وسلم: بتلك الكلمة الخالدة «الأمر للّه يضعه حيث يشاء». فقال له كبيرهم: أنهدف نحورنا للعرب دونك ، فإذا أظهرك اللّه كان الأمر لغيرنا؟ لا حاجة لنا بأمرك.

وهما تتجلّي سياسة الإسلام وأنّهاسياسة صريحة مكشوفة رشيدة، شريفة لا تعرف الالتواء والكذب والتضليل كما تتجلي صراحة في نبي الإسلام، وصدق نبي الإسلام، وشرف نبي الإسلام، عليه الصلاة والسلام ( الإصابة: 52/1. يراجع للنص: سيرة ابن هشام: 289/2، تاريخ الطبري: 84/2، السيرة النبويّة لابن كثير: 157/2، البداية والنهاية: 171/3. وقريب منه في الثقات لابن حبان: 89/1، والسيرة النبويّة لدحلان ج 1 ص 147، وحياة محمد لهيكل: 152، موسوعة التاريخ الإسلامي: 1/ ) .

آداب المناظرة

لا شكّ بأنّ الحوار العلمي والاحتجاجات والمناظرات القائمة علي الأسس المنطقية والأخلاقية من أبدع الوسائل للوصول إلي الحقائق والكشف عنها ، وقد حث القرآن الكريم علي هذه الطريقة من البحث العلمي إذ قال تعالي : (فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ) ( زمر: 18. ) .

ومن السبّاقين في هذا المضمار هم أئمة أهل البيتعليهم السلام:، فالكتب الروائية مشحونة بالاحتجاجات العقلية التي دارت بينهم وبين أصحاب المذاهب الفكريّة الأخري من المسلمين وغيرهم في جانبي المعارف الاعتقادية والأحكام الشرعية.

فانطلاقاً من قوله تعالي: (ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم باللتي هي أحسن ) ( سورة النحل: 125. ) ، فلابدّ للمناظرين أن يكونا مطّلعين علي آداب المناظرة وفنونها لكي تكون المناظرة ناجحة ، ويجب أن يتّبعا آداب المناظرة لكي يخرج الطرفان منها بنتيجة مثمرة؛ لأنّه ربما يكون الرجل من أعلم أهل زمانه ولكنّه غير مطّلع علي فنون المناظرة فلا يكون ناجحاً فيها، كما يكون هكذا في المصارعة.

فينبغي للمناظر مراعاة أمور نشير إليها بالإجمال فمن أراد التفصيل فليراجع المفصلات.

1 - فيجب أن يكون قصد المناظر للّه والوصول إلي الحق والهداية إليه علماً بأنّه «من كان للّه، كان اللّه له» ( () بحار الانوار: 319/82، درر السمط ص 75، شرح الأسماء الحسني ج 69 1. ) ، فلا يقصد بيان غزارة علمه ، وصحة نظره ، فإنّ ذلك مراء وقد ورد النهي الشديد عنه.

2 - فيجب أيضاً أن يتوكّل علي اللّه علماً بأنّ (ومن يتوكّل علي اللّه فهو حسبه ). ويفوّض أمره إليه متيقناً بأنّ من فوّض أمره إلي اللّه فإنّ اللّه سيقيه (سيّئات مامكروا )، ويتوسّل إلي محمد وآله الأطهار انطلاقاً من قوله تعالي «وابتغوا إليه الوسيلة».

لأنّ التوكّل والتوسل روح الأمر في المناظرة وباطنه كما أنّ العلم والفنّ جسم المناظرة وظاهرها.

3 - لابدّ له - مهما أمكن - أن يسند كلامه إلي كتاب اللّه الذي هو المتفقّ عليه عند الشيعة والسنّة مستفيداً من كلام المفسّرين المعتمدين عند المناظر المخالف.

4 - ويجب أيضاً أن يستفيد من الكتب المعتبرة عند الطرف المقابل ولا يتعب نفسه بالنقل عن الكتب التي لاقيمة لها عنده كما يجب علي المناظر أن يستدلّ بالروايات الواردة في السنة المتفق عليها بين الطرفين ، أو يحتجّ من السنّة بما هو حجّة عند المخالف وإن لم يكن حجّة عنده كالاستدلال بالأحاديث التي صرّح علماء الجرح والتعديل عندهم بوثاقة رواتها أو حكم علماؤهم وفقهاؤهم بصحّتها لكي يلتزم بتلك الروايات.

كما أشار إليه ابن حزم بذلك في قوله: «لا معني لاحتجاجنا عليهم برواياتنا ، فهم لا يصدّقونها ، ولا معني لاحتجاجهم علينا برواياتهم فنحن لا نصدّقها ، وإنّما يجب أن يحتجّ الخصوم بعضهم علي بعض بما يصدقّه الذي تقام عليه الحجّة به» ( ) الفصل في الأهواء والملل والنحل ج 4 ص 159. ) .

ولا يخفي إنّ المخالف الذي لا يقبل برواية فرض صحّتها علي ضوء كلمات علماء الجرح والتعديل من أئمتهم ، فلا مجال للتكلم مع هذا الشخص أبداً فيترك.

فإذن لا معني لاستدلال المناظر الشيعي علي السنّي بكتاب الكافي والتهذيب وأمثالهما كما أنّه لامعني لاحتجاج السنّي غ علي الشيعي بصحيح البخاري ومسلم وأشباهما.

5 - وانطلاقاً من قوله تعالي (قولا له قولاً ليّناً ) يجب أن ينتخب كلّ من الطرفين الألفاظ الجميلة الفخمة ، ويتجنّب عن العبارة الركيكة ونحو ذلك ممّا يثير عواطف الغير ويسببّ الحقد والشحناء و يفسد الغرض من المجادلة التي يجب أن تكون بالتي هي أحسن.

7 - يجب أن لا يقاطع أحدهما كلام خصمه؛ لأنّ ذلك يوجب عدم وصول كلّ من الطرفين إلي ما قصد من كلامه ويشوّش الفكر ويخرج البحث عن المِحْور الصحيح فلايكون ناجحاً.

هذا، وسيتجلّي للناظر في هذه الرسالة التزامنا بهذه الآداب والقواعد المقرّرة للبحث والمناظرة آملين أن يلتزم الطرف الآخر بذلك أيضاً، وسائلين اللّه عزّ وجلّ أن يوفّق الجميع لمعرفة الحقّ واتّباعه والوصول لما فيه الخير والصلاح للدنيا والآخرة؛ إنّه سميع مجيب.



بسم الله الرحمين الرحيم

حوار مع الدكتور حمدان الغامدي

الأستاذ في الدراسات العليا بجامعة أم القري.

الليلة السادسة عشرة من شهر رمضان المبارك لسنة 1423 ه" ، بعد صلاة المغرب ، وبمعية عدد من طلاب جامعة أم القري ذهبنا نحو بيت الدكتور سعد بن حمدان الغامدي، أحد أساتذة جامعة أم القري الكبار ، وقد استقبلنا بحفاوة وحرارة .

فتوجّه نحوي سائلاً : ماذا تدرسون في إيران ؟

قلت : علم الرجال والحديث والفرق الإسلاميّة .

قال : كتب رجال الشيعة مثل : رجال النجاشي والكشّي وغيرهما هي من ضعاف الكتب ، فلم تذكر أي جرح أو تعديل للرواة فيها .

فقلت له : هل قرأت رجال النجاشي ؟

قال : لا ! ولكنّي قرأت مجمع الرجال للقهبائي ، ولم أجد فيه أيّ جرح أو تعديل للرواة ، ولم يذكر فيه مشايخ الروات ولا تلاميذهم .

قلت : بل العكس هو الصحيح ، فإنّ رجال النجاشي و فهرست الشيخ الطوسي ذكرا الجرح والتعديل لأغلب الرواة .

ويمكن لك أيضاً الرجوع إلي رجال السيّد الخوئي ، الذي ذكر فيه أقوال كلّ الرجاليّين المتقدّمين الذين تعرّضوا إلي جرح وتعديل الرواة ، وهكذا قد ذكر مشايخ كلّ راوٍ تحت عنوان (روي عن...) كما ذكر تلاميذه تحت عنوان (روي عنه...) مضافاً إلي ذكر مواضع رواياته في الكتب الأربعة للشيعة (الكافي ، الفقيه ، التهذيب ، والاستبصار) مشيراً إلي موارد اختلاف الكتب و النسخ ، بحيث لا يوجد عند أهل السنّة كتاب رجاليّ بهذا الشكل.

فقال : إنّني لم أسمع بهذا الكتاب ولم أره .

كلام الدكتور الذي شنع به حول الشيعة

وبعد شي ء من الحلوي والمقبلات ، بدأ بالكلام ، وأذكر خلاصة لكلامه :

« أرسل الباري تعالي الأنبياء والرسل لهداية البشر ، وأرسل رسوله محمد ( ص ) ليكمل الدين ويختم به .

وقد أرسل هذا الدين الكامل بواسطة الرسول العربي (ص) للعرب ، ولو كانت أمّة خيراً منهم لأرسل الرسول محمد (ص) إليهم ... .

وهذا الجيل الذي ربّاهم الله ، من أفضل الجيول ، ولوكان جيل أفضل من هذا الجيل لأرسل الرسول إليهم .

وأنزل القرآن عربيّاً ليكون معجزة ؛ لأنّه أكمل اللغات وأفضلها ، ولو كانت لغة أفضل من هذه اللغة لنزّل القرآن إلي تلك اللغة .

وقد أبلغ ما احتاجت إليه الأمّة لتكاملها ، خلال 23 سنة ولم يقصر في شي ء ، وقد شخصت الأمة وظيفتها الشرعيّة ، وانتخبت أبا بكر وبايعه جميع المسلمين علي ذلك ، وكذلك علي ( عليه السلام ) بايعه بعد ستّة أشهر

واستطرد قائلاً : ما قال عليٌ بأنّهم غصبوا حقي !

والزهراء (ع) في مسأ لة الإرث طلبت من أبي بكر أمراً ولكنّه وبناءاً علي قول الرسول (ص) الذي قال : « نحن معاشر الأنبياء لا نورث » لم ينفذ طلبها ، وقد غضبت منه « وماتت وهي غاضبة عليه » .

وتدّعي الشيعة إنّ الرسول الأكرم (ص) قد اختار علي (ع) للخلافة ، وهل يمكن للصحابة أن يخالفوا ذلك !؟

ومعني هذا الكلام إنّ جميع الأصحاب قد أخطأوا وفقط قليل من الشيعة هم أصح بظنهم !

ونزول آية « بلّغ ما أنزل إليك من ربك » في حقّ علي (ع) من موهومات الشيعة ، وليس لدينا رواية واحدة تؤيّد هذا المدعي وأنّ الرسول ( ص) قد اختار عليا (ع) للخلافة ... .

وتقول الشيعة بالتقيّة ، حتي قالوا « من لا تقيّة له لادين له » ... .

وقد نقل في الكافي ، إنّ أبا حنيفة قد دخل علي الإمام الصادق (ع) في يوم ما في أمر ، وأقسم الإمام كذباً أمام أبا حنيفة ، لكنّنا معاشر السنة وإن كنّا لا نعترف به كإمام لكنّه موثق وصادق عندنا .

وبعقيدتي إنّ 90 % من روايات الكافي والتي نقلت عن الإمام الصادق (ع ) هي كذب محض لاغير .

وتعتقد الشيعة إنّ القرآن ناقص ، ويفسّرونه تفسيراً باطنيّاً ، وإنّ كلّ ما نزل في القران الكريم من فضائل ومدائح هو في حقّ علي (ع) ، وكلّ نقص ومذمّة نزلت في حق أعداءه .

ويفسّرون البقرة بعائشة ، وآية « الطيبون للطيبات » تدلّ علي طيبة كلّ أزاوج النبي (ص) ، « ويستحيل أن تكون زوجته خبيثة » .

وتدّعي الشيعة أنّ عليّاً قد انتخب 11 نفر من بعده للخلافة وكلّهم من أولاده (ع) .

وقد رأيت في أحد كتب الشيعة إنّ زوجة الإمام الحسن العسكري لم تحمل ، وقد فتّش بيته من قبل السلطة ولم يجدوا أطفالاً فيه ، وقد قسمت التركة وأمواله بين الورثة .

فمتي سيظهر الإمام المهدي (عج) ؟ هل سيكون ظهوره عند الجبل الرضوي ؟ أم من السرداب ؟

وأنتم تقولون أنّ الظهور يجب أن يسبقه مقدّمات وتمهيد ، وأنّ الدولة الإسلاميّة في إيران هي مقدمة وتمهيد لظهوره (عج) فلماذا لا يظهر ؟

رد واعتراض علي الدكتور حمدان

وبعد أن أتم كلامه قلت له : لديّ عدّة اعتراضات علي كلامكم وأودّ أن أبيّنها لكم قبل الشروع في الحديث .

فقال : تفضل .

فقلت : قلتم إنّ العرب هم أفضل قوميّة في العالم ، ولكنّ القرآن الكريم يقول : ( لو نزلناه علي بعض الأعجميين فقراه عليهم ما كانوا به مؤمنين ) الشعراء 199 .

فقال : ما هو المراد من الآية ؟

قلت : تقول الآية إنّ العرب ، قوم معاندين لجوجين ، ولو أنزل علي غيرهم لما آمنوا به ، فما رأيك في ذلك ؟؟

فقال : عليّ أن أرجع إلي التفاسير ، وانتفض قائماً ليجلب تفسير ابن كثير وبدأ بالقراءة ، فقال : ورد في هذا التفسير إنّ القرآن لونزّل علي غير العرب ، وبما أنّهم لا يعرفون غيرالعربيّة لم يكونوا ليعرفوا معاني الآيات ويفهموها .

قلت : فلِمَ نزّل بالعربيّة ، وقد آمن به غير العرب ، كما هو المعمول به حاليّاً من ترجمة الكلمات العربيّة وتفسيرها إلي غير العربيّة ، فبالامكان أن تترجم باقي اللغات إلي العربية أيضاً .

فلم يحر جواباً ، وقال : لنبدأ ببحث آخر ، فهذا البحث لا فائدة فيه .

عجز الدكتور عن الإجابة عن آية التبليغ

قلت : أنتم قلتم ، إنّ آية التبليغ ونزولها في حقّ عليّ عليه السلام ، هي من موهومات الشيعة ، والحقّ إنّ كثيراً من علماء السنّة قد صرّحوا بذلك ، منهم ابن جرير الطبري في كتاب الإمامة .

قال : لايوجد للطبري كتاب باسم الإمامة ، وهذه أيضاً من ألاعيب الشيعة إذ ينسبون بعض الكتب لبعض الأفراد كذباً وزوراً .

قلت : إنّ ابن كثير يقول : رأيت له كتاباً جمع فيه أحاديث غدير خم في مجلّدين ضخمين . البداية والنهاية : 11 / 146 .

وقال أيضاً : وقد اعتني بأمر هذا الحديث أبو جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب التفسير والتاريخ ، فجمع في مجلّدين أورد فيهما طرقه وألفاظه . المصدر : 5 / 208 .

[قال الذهبي في ترجمة الطبري : وحكي عن الفرغاني أنّه قال: : وكما بلغه أنّ ابن أبي داوود تكلّم في حديث غدير خم ، عمل كتاب الفضائل وتكلّم علي تصحيح الحديث ، ثمّ قال : رأيت مجلّداً من طرق هذا الحديث لابن جرير فاندهشت له ولكثرة تلك الطرق . تذكرة الحفاظ 713 .

قال ابن بطريق : وقد ذكر محمد الطبري صاحب التاريخ خبر يوم الغدير وطرقه من خمسة وسبعين طريقاً وافرد له كتاباً سمّاه الولاية . العمدة : 157 .

وقال ابن حجر في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام ، والكلام عن حديث الغدير وقد جمعه ابن جرير الطبري في مؤلّف فيه أضعاف من ذكر ( أي ابن عقدة ) وصحّحه . تهذيب التهذيب: 7 / 339 ]

ثمّ قلت : و قد نقل هذا الحديث كثير من علماء أهل السنّة مثل : السيوطي في الدر المنثور 2 / 298 ، الشوكاني في فتح القدير : 2 / 60 ، الحسكاني في شواهد التنزيل : 1 / 249 ، الفخر الرازي في تفسير الكبير 3 / 636 ، النيشابوري في أسباب النزول : 135 ، العيني في عمدة القارئ : 8 / 584 ، وابن صباغ المالكي في الفصول المهمة : 27 .

أجاب الدكتور حمدان : « ذكر أحدهم والباقي نقلوا عنه »

ومن ثمّ قام من فوره وأتي بفتح القدير ، وأتي بالآية المختلف فيها وأخذ يقرأ حتي وصل إلي عبارة :

أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن أبي سعيد الخدري قال نزلت هذه الآية « يا أيّها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربّك » علي رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم غدير خم ، في علي بن أبي طالب رضي الله عنه. « وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : كنّا نقرأ علي عهد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم « ياأيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربّك أنّ عليّاً مولي المؤمنين » .

ولما قرأ هذه العبارة تأمّل قليلاً ، وقال بعدها : لِمَ تركتم كلّ موارد شأن النزول وتمسّكتم بهذه فقط .

قلت : أنتم تفضّلتم إنّ هذه من موهومات الشيعة فأردت أن أثبت لكم العكس وأنّها حقيقة لا وهم فيها .

قال : عليّ الإطلاع علي سند هذه الرواية ، فابن مردويه فيه بعض الكلام .

فقلت : الرجاء إطلاعي بالأمر إن توصّلتم إلي نتيجة في هذا الصدد .

وقد تأذّي كثيراً لما حصل ، والتفت إليّ قائلا : « يوجد في كتب الشيعة أمر ذكرت تحت عنوان التقية وقد نسبت للإمام الصادق (ع) كذباً وزوراً وهو منزّه وأجلّ من ذلك .

قلت : « يا جناب الدكتور مع احترامي الشديد لكم ، ولكنّي لا أقبل الاتّهامات من دون دليل وتوثيق ، وأرجوا أن تدعموا أقوالكم بالدليل القاطع ؟

فقام متوجّهاً نحو مكتبته ، وأتي ببعض الأوراق المستنسخة وهو يقرأ الرواية التي وردت فيها وقد نقلت من الكافي :

علي بن إبراهيم عن أبيه عن يحيي بن أبي عمران عن يونس عن بكار بن بكر عن موسي بن أشيم قال : كنت عند أبي عبد الله (ع) فسأله رجل عن آية من كتاب الله عزوجل فأخبره بها ثمّ دخل عليه داخل سأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبرالأوّل ، فدخلني من ذلك ما شاء الله حتي كان قلبي يشرح بالسكاكين .

فقلت في نفسي : تركت أبا قتادة بالشام لا يخطئ في واو وشبهه وجئت إلي هذا ، يخطئ هذا الخطأ كلّه ، فبينا أنا كذلك إذ دخل عليه آخر فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبرني وأخبر صاحبي ، فسكنت نفسي ، فعلمت أنّ ذلك منه تقية .

قال : ثمّ التفت إليّ فقال لي : يا ابن أشيم إنّ الله عزوجل فوّض إلي سليمان بن داوود فقال : « هذا عطاؤنا فامنن أو امسك بغير حساب » ص : آية 39 .

وفوّض إلي نبيّه (ص) فقال : «ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا» ، فما فوّض إلي رسول الله (ص) فقد فوّضه إلينا . الكافي : 1 / 265 .

قلت : وقع في سند الرواية موسي بن أشيم ، وهو راو ضعيف »

وأخرجت ما ورد عنه في كتب الرجال عند الشيعة عن طريق الحاسوب بسرعة ، فقراءها بنفسه ، ما ورد في رجال ابن داوود : «غال خبيث» . رجال ابن داوود : 281 رقم 523 .

وكذلك رجال السيّد الخوئي فقال : إنّ ابن أشيم كان خطابيّاً .

قلت : نحن الشيعة نري أنّ الخطابيّة ليسوا بمسلمين ؛ فضلاً عن كونهم من الشيعة .

وعندها رفع يديه مسلماً ، وهي أعلي درجات الشهامة والفضيلة ، فقال : قد قبلت ، قد قبلت .

واستطرد قائلاً يوجد في الكافي مطلب آخر عن التقية ، وأتي باستنساخات أخري عن الرواية الموجودة في الكافي ، ولكن لم يذكر فيها رقم الصفحة ورقم الحديث ، فاستطعت إخراجها عن طريق الحاسوب ، وفيها :

علي عن أبيه عن الحسن بن علي عن أبي جعفر الصائغ عن محمد بن مسلم قال : دخلت علي أبي عبد الله عليه السلام وعنده أبو حنيفة ، فقلت له : جعلت فداك رأيت رؤيا عجيبة فقال لي : يابن مسلم هاتها فإنّ العالم بها جالس ( وأومأ إلي أبي حنيفة ) ، قال : فقلت : رأيت كأنّي أدخل داري وإذا أهلي خرجت عليّ فكسرت جوزاً كثيراً ونثرته عليّ ، فتعجّبت من هذه الرؤيا ؟ فقال أبو حنيفة : أنت رجل تخاصم وتجادل لئاماً في مواريث أهلك فبعد نصب شديد تنال حاجتك منها إن شاء الله .

فقال أبو عبد الله ( ع) : أصبت والله يا أبا حنيفة .

قال : ثمّ خرج أبو حنيفة من عنده ، فقلت : جعلت فداك إنّي كرهت تعبير هذا الناصب .

فقال: يا بن مسلم لايسؤك الله، فما يواطئ تعبيرهم تعبيرنا ولا تعبيرنا تعبيرهم ، وليس التعبير كما عبّره .

قال : فقلت له : جعلت فداك فقولك : أصبت وتحلف عليه ، وهو مخطئ ؟

قال : نعم ، حلفت عليه أنّه أصاب الخطأ .

قال : فقلت له : فما تأويلها ؟

قال : يا ابن مسلم إنّك تتمتّع بإمرأة فتعلم بها أهلك فتمزّق عليك ثياباً جدداً ؛ فإنّ القشر كسوة اللب .

قال ابن مسلم : فوالله ما كان بين تعبيره وتصحيح الرؤيا إلّا صبيحة الجمعة ، فلمّا كان غداة الجمعة أنا جالس بالباب إذ مرّت بي جارية فأعجبتني فأمرت غلامي فردّها ، ثمّ أدخلها داري فتمتعت بها ، فأحست بي وبها أهلي فدخلت علينا البيت فبادرت الجارية نحو الباب وبقيت أنا فمزّقت عليّ ثياباً جدداً كنت ألبسها في الأعياد . الكافي : 8 / 292 .

قلت : في بداية السند : علي بن إبراهيم وأبيه وفي آخره : محمد بن مسلم وهم ثقات ولكن في الوسط : الحسن بن جعفر وأبو جعفر الصائغ وهما مجهولان ومن الضعاف .

وقد ورد في جامع الرواة أبو جعفر الصائغ ، ضعيف جداً ، قيل : إنّه غال لايلتفت إليه . جامع الرواة : 2 / 92 .

وقال السيّد الخوئي عن حسن بن علي : الحسن هذا مشترك بين جماعة والتمييز إنّما بالراوي والمروي عنه . معجم رجال الحديث : 5 / 7 رقم 2923 .

فسلّم بالقبول ، رافعاً يديه وقائلاً : قد قبلت ، قد قبلت .

التقية شعار الشيعة

قال : « مسألة التقية من المسائل الأساسيّة عند الشيعة »

قلت : « من محاسن الصدف ، إنّني اليوم قد اقتنيت برنامج من سوق مكّة المكرمة ، فيه فتاوي ابن تيمية ، وإحداها : من دخل إلي مسجد ، تقام الصلاة فيه بإمامة إمام ظالم ، فإن لم يصلّ خلفه لم يأمن علي نفسه الضرر ، فيجب الاقتداء به ثمّ اعادة الصلاة.

[ قال السرخسي في المبسوط: عن النزال بن سيدة، قال: جعل حذيفة يحلف لعثمان علي أشياء بالله ما قالها، وقد سمعناه يقولها، فقلنا: له يا أبا عبد الله سمعناك تحلف لعثمان علي أشياء ما قلتها وقد سمعناك قلتها، فقال: إني أشتري ديني بعضه ببعض مخافة أن يذهب كلّه.

تعقب السرخسي: وإن حذيفة من كبار الصحابة وكان بينه وبين عثمان بعض المداراة فكان يستعمل معاريض الكلام فيما يخبره به. المبسوط : 30 / 214 .

روي ابن أبي شيبة بإسناده عن النزال بن سبرة قال : دخل ابن مسعود وحذيفة علي عثمان، فقال عثمان لحذيفة: بلغني أنك تقول كذا وكذا؟ قال لا والله ما قلته، فلما خرج قال له عبد الله: مالك فلم تقوله ما سمعتك تقول ؟ قال: إني أشتري ديني بعضه ببعض مخافة أن يذهب كلّه . المصنف لابن أبي شيبة : 7 / 643 .

وقال ابن تيميّة: والرافضة . . . لما قاموا في دولة خدابندة - الذي صنف له هذا الرافضي هذا الكتاب - فأرادوا إظهار مذهب الرافضة وإطفاء مذهب أهل السنة ، وعقدوا ألوية الفتنة ، وأطلقوا عنان البدعة ، وأظهروا من الشر والفساد ما لا يعلمه إلا رب العباد ، كان مما احتالوا به أن استفتوا بعض المنتسبين إلي السنة في ذكر الخلفاء في الخطبة هل يجب ؟ فأفتي من أفتي بأنه لا يجب ، إما جهلا بمقصودهم وإما خوفا منهم وتقية لهم . منهاج السنة : 4 / 165 . ]

قلت : وفي الحقيقة إنّ هذا هو عين ما تعتقده الشيعة في التقيّة ، وإذا لم يوجد مورد للخوف علي النفس والمال فلا تقية حينئذ .

وقد رآني هؤلاء الإخوة من الطلاب في هذه الليلة حين أقمت الصلاة خلف الإمام في المسجد ، لكني لم أصلّ التراويح لأنّها ليست من عقائدنا ، وانشغلت بقراءة القران الكريم بدلاً منها ، ثمّ وافيناكم إلي بيتكم الكريم .

وشهد الطلاب بذلك بحيث تعجّب الدكتور .

الشبهة في ولادة المهدي (عج)

فقلت : قلتم إنّكم رأيتم في كتب الشيعة بأنّ الإمام الحسن العسكري (ع) لم تكن زوجته حامل ،فالرجاء كراسم الكتاب والمؤلف ؟

فتأمّل قليلاً وقال : الظاهر إنّ إسمه كان موسي .

قلت : موسي الموسوي وإسم الكتاب « الشيعة والتصحيح » .

قال : بالضبط هو ذلك الكتاب .

قلت : هو ليس من الشيعة ولا من السنة ، وهو شخص معروف بالفسق والفجور وشربه للخمرة وهو مشهور في إيران بذلك ، ولا أهمية ولا صحّة لكلامه أساساً .

فقال أحد الطلبة : وكيف يكون ذلك وبأيّ دليل ؟

قلت : الجرايد في عهد الشاه مملؤة بأدلّة فجوره ولواطه ويعرفه أكثر الطلبة والعلماء هناك .

ثمّ استطردت قائلاً : إنّ أكثر وأغلبية علماء الأنساب شهدوا بميلاد الإمام المهدي (عج) ، مثل النسابة الشهير أبو نصر سهل بن عبد اللّه من أعلام القرن الرابع حيث يقول : « ولد علي بن محمد النقي عليه السلام ، جعفراً وهو الذي تسمّيه الإماميّة جعفر الكذّاب وإنّما تسمّيه الإماميّة بذلك لإدعائه ميراث أخيه الحسن، دون ابنه القائم الحجة (عج) ، لاطعن في نسبه » . سر السلسلة العلوية :39 .

ويقول الفخر الرازي الشافعي المتوفي في 606 هجرية : أما الحسن العسكري الإمام ، فله ابنان وبنتان ، أمّا الابنان فأحدهما صاحب الزمان (عج) والثاني موسي وقد درج في حياة أبيه ... . الشجرة المباركة في أنساب الطالبية للفخر الرازي : 78 .

وأورد محمد أمين السويدي في سبائك الذهب :

محمد المهدي (عج) وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين وكان مربوع القامة حسن الوجه والشعر ، أقني الأنف، صبيح الجبهة ... . سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب : 346 .

وقال النسابة المعاصر محمد ويس الحيدري السوري :

فالحسن العسكري (ع) أعقب محمد المهدي «عج» صاحب السرداب

[ وهكذا قال السيّد العمري في المجدي في أنساب الطالبيّين: 130، والمروزي الأزورقاني الفخري في أنساب الطالبيّين : 7 ، والنسّابة المشهور ابن عنبة ، أحمد بن علي بن الحسيني في عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب : 199 والفصول الفخريّة في الأنساب: 134 .

وشهد جمع كثير من علماء أهل السنّة بولادة الإمام المهدي 7 كما صرّح ابن الأثير الجزري عزّ الدين بقوله : « وفيها توفّي أبو محمّد العلوي العسكري ، وهو أحد الأئمّة الإثني عشر علي مذهب الإماميّة ، وهو والد محمّد الذي يعتقدونه المنتظر » . الكامل في التاريخ : 7 / 274 ، آخر حوادث سنة 260 ه" .

وقال ابن خلّكان : « أبو القاسم محمّد بن الحسن العسكري بن عليّ الهادي بن محمّد الجواد المذكور قبله، ثاني عشر الأئمّة الإثني عشر علي اعتقاد الإمامية المعروف بالحجّة . . . كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين » . وفيات الأعيان : 4 / 176 / 562 .

وقال الذهبي : « وفيها ( أي: في سنة 256 ه" ) ولد محمّد بن الحسن بن عليّ الهادي بن محمّد الجواد بن عليّ الرضا بن موسي الكاظم بن جعفر الصادق العلوي الحسيني ، أبو القاسم الذي تلقّبه الرافضة الخلف الحجّة ، وتلقّبه بالمهدي ، والمنتظر ، وتلقبّه بصاحب الزمان ، وهو خاتمة الإثني عشر » . العبر في خبر من غبر : 5 / 37 ، واعترف بولادة إمام الثاني عشر في ص 26 عند ذكر وفاة أبيه ألحسن العسكري في سنة ( 260 ) حيث قال : «هو والد المنتظر محمّد . . . »

وقال في تاريخ دول الإسلام : وأمّا ابنه محمّد بن الحسن الذي يدعوه الرافضة القائم الخلف الحجّة فولد سنة ثمان وخمسين، وقيل سنة ست وخمسين » . تاريخ دول الإسلام ، حوادث ووفيات (251 - 260 ه") : 113 / 159 .

وقال في سير أعلام النبلاء: «المنتظر الشريف أبو القاسم محمّد بن الحسن العسكري . . . سير أعلام النبلاء : 13 / 119 ، الترجمة رقم ( 60 ) .

وقال خير الدين الزركلي : «محمد بن الحسن العسكري الخالص بن عليّ الهادي أبو القاسم ، آخر الأئمّة الإثني عشر عند الإمامية... ولد في سامراء ومات أبوه وله من العمر خمس سنين . . . وقيل في تاريخ مولده : ليلة نصف شعبان سنة 255 ، وفي تاريخ غيبته ، سنة 265 ه" » . الأعلام : 6 / 80 . ]

لماذا بايع الإمام علي (ع) بعد ستة أشهر

قلت : لماذا بايع الإمام علي (ع) أبا بكر بعد ستّة شهور ؟

قال : لم يتخلّف علي (ع) إلّا أنّه كان يعتقد أنّ له حقّاً .

قلت : ألم يكن ذلك الحق هو حق الخلافة ؟

قال : لا ، بل كان يعتقد أنّ له رأياً .

قلت : فما كانت كل تلك الاحتجاجات والمناشدات التي صدرت من علي (ع) حول الخلافة .

قال : لا دليل لها ولا أساس لها من الصحّة .

قلت : هل تبقي علي رأيك في عدم وجود رواية صحيحة حول خلافة علي (ع) .

قال : نعم

قلت : أحب إن اكتب عين عبارتكم بالضبط .

قال: اكتب : لاتوجد رواية صحيحة أنّ عليّاً هو الخليفة بعد النبي ( ص )

قلت: لاتوجد لدينا فرصة الآن، ولأخرجت لكم العشرات بل المئات من الروايات الصحيحة في هذا المجال « في خلافة علي ( ع ) » ، ولكنّي أقدّم لكم هذا كتاب المراجعات لشرف الدين ، ففيه ما طلبتم .

فيه : بعد ما نزلت الآية ( وأنذر عشيرك الأقربين ) جمع الرسول (ص) 40 من رؤساء قريش وقال: « إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا ، فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع » . تاريخ الطبري : 2 / 262 ، بتحقيق نخبة من العلماء ، ط . مؤسسة الأعلمي - بيروت » .

[فقد صرّح بصحّته جمع من العلماء كابن جرير الطبري فيما نقله المتقي في كنز العمال : 13 / 128 ر 36408 ، والهيثمي في مجمع الزوائد : 8 / 302، وأبي جعفرالإسكافي كما في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 13 / 243، والحاكم في مستدرك الصحيحين : 3 / 132 والذهبي في تلخيص المستدرك، - في حديث طويل - والشهاب الخفاجي في شرحه علي الشفاء للقاضي عياض ، نسيم الرياض : 3 / 35 ، وورود الرواية في كتاب المختارة للضياء المقدسي الذي التزم فيه بأن لايروي في كتابه هذا إلّا الروايات الصحيحة المعتبرة كما صرّح بذلك جمع كعبد اللّه بن الصديق المغربي في ردّ اعتبار الجامع الصغير : 42 ، ومحقّقي كنز العمال : 1 / 9 ، و قال ابن حجر : ابن تيمية يصرّح بأنّ أحاديث المختارة أصحّ وأقوي من أحاديث المستدرك . فتح الباري : 7 / 211 . ]

وعشرات من الروايات التي ذكرت في كتاب المراجعات التي تدلّ علي إمامة وخلافة علي بن أبي طالب عليه السلام .

فقال : سأقرأ الكتاب .

تهمة تكفيرالمسلمين

فقال حينذاك : أنتم تقطعون بنجاسة غير الشيعي !

قلت : أين سمعت هذا المدعي وفي أي من الكتب قد رأيته ؟

قال : الشيعة تقول الإمامة من أصول الدين ، فكيف لمنكر أصول الدين أن يكون مسلماً .

قلت : تري الشيعة أنّ أصول الدين هي : التوحيد والنبوة والمعاد . وتعدّون العدل والإمامة من أصول المذهب ، كما صرّح بذلك الإمام الخميني (قدس سره ) بقوله :

فالإمامة من أصول المذهب لا الدين . كتاب الطهارة : 3 / 323 .

وثانيا : لم يفت أيّاً من العلماء من الشيعة لا قديماً ولاحديثاً بنجاسة أو كفر أهل السنة .

قال : أريد أدلّة من علماء الشيعة في هذا الصدد .

قلت : من جميل ومحاسن الصدف يوجد عندي في حاسوبي المحمول أكثر من ألفي عنوان وكتاب لفقهاء الشيعة ، ومن تلك الكتب : العروة الوثقي ، وقد علّق علي هذا الكتاب عشرات من فقهاء الشيعة ، فلن تجد فيه تكفير لأهل السنة البتة .

أضف إلي ذلك إنّ الشيعة في ايران تتزوّج من السنّة والسنّة تتزوّج من الشيعة ، وأعرف الكثير من الإخوة في ايران قد أعطوا بناتهم للسنّة وهذا العكس ، وكلامكم هذا ، لا يدل إلّا علي عدم الاطلاع علي الحقائق وبما يجري علي أرض الواقع .

وفوق هذا كلّه ألم آكل في بيتكم من الطعام والقهوة و ... الآن .

وقد تأثّر من كلامي هذا ولم يحر جواباً .

مشاركة الخلفاء في اغتيال النبي (ص) علي رأي ابن حزم

وفي هذه الأثناء قام أحد الطلبة قائلاً :

إسأل الدكتور سؤالك الذي سالته البارحة للشيخ محمد جميل زينو ، كي يجيب علينا بجوابه الكافي .

فقلت : أورد ابن حزم في كتابه المحلي : « إنّ أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة وسعد بن وقّاص أرادوا قتل النبي (ص) ، وإلقاءه من العقبة في تبوك » .

ثمّ يستطرد قائلاً بأنّ هذا من موضوعات وليد بن جُميع وهو ضعيف وهالك ، والحال أنّ أرباب الرجال من العامّة قد وثّقوه .

فقال : إنّ ابن حزم ليس بثقة ولا اعتبار بنقله .

قلت : إنّه يروي وينقل .

قال : علي أيّة حال فلا عبرة بروايته .

قلت : لقد وثّقه أغلب علماء السنة ويعتبرون كلامه « قد وثقه الذهبي قائلاً : ابن حزم ، الإمام الأوحد ، البحر ، ذو الفنون والمعارف ... ورزق ذكاء مفرط ، وذهناً سيّالاً وكتباً نفيسة كثيرة ... فإنّه رأس في علوم الإسلام ، متبحّر في النقل ، عديم النظير ... . سير أعلام النبلاء : 18 / 184 .

وشهد له بالصدق والأمانة والديانة والحشمة والسؤدد كما في العبر : 3 / 239 .

قال الشيخ عزّ الدين بن عبد السلام : وكان أحد المجتهدين ، ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثل المحلي لابن حزم ، قال الذهبي بعد نقله هذا : لقد صدق الشيخ عزالدين . . . . سير أعلام النبلاء : 18 / 193 .

وقريب من هذا عن السيوطي في طبقات الحفاظ : 436 .

قال الزركلي : ابن حزم : عالم الأندلس في عصره ، وأحد أئمّة الإسلام ، كان في الأندلس خلق كثير ينتسبون إلي مذهبه ، يقال لهم : « الحزميّة » . الأعلام : 4 / 254 .

قال الدكتور حمدان : هوليس من أهل المذاهب الأربعة وهو ظاهريّ المذهب ، ولا عبرة بكلامه .

اصرار الدكتور علي التواصل

وفي هذه الاثناء قاربت الساعة الثالثة بعد منتصف الليل ، وانتهت الجلسة ، واصر الدكتور علي التواصل وقال اكتب لي اسئلتك وساجيب عنها بالفاكس علي عنوانكم ..

واخيرا فقد ودعنا الدكتور بحرارة وقال ان البيت بيتكم وعاودوا الينا عندما تنزلون مكة المكرمة .

وبعد عودتي للفندق كتبت عدة اسئلة وارسلتها بيد الاخ جابر ليسلمها اليه وبعد شهر اتاني الجواب :

بسم الله الرحمن الرحيم

الاخ الفاضل المحقق الاستاذ فضيلة الدكتور احمد سعد حمدان

السلام عليكم

اقدم شكري الوافر الي فضيلتكم كما اقدم ثنائي العطر مما شاهدت من اخلاقكم الحسنة واكرامكم الجميل ، ولقد استفسرت من جنابكم كثيرا وارجو ان يستمر هذا اللقاء ولا يكون آخر العهد من زيارتكم .

وفي الختام أقدم الي سماحتكم بعض الاسئلة ، راجيا ان ازود منكم باجوبة مستدلة تقنع النفس بها .

ماذا يقول سماحة الاستاذ فيما رواه البخاري وغيره بان عدة من الاصحاب يدخلون النار يوم القيامة ويقول رسول الله (ص) : يارب اصحابي ،

فيقال ماتدري ما أحدثوا بعدك فانهم ارتدوا بعدك علي اعقابهم .

هل مضمون الروايات لم تكن مخلفة لوثاقة الاصحاب ؟

ماذا تقول فيما ورد من سب بعض الاصحاب بعضا آخر ؟هل يوجب الفسق في الساب ام لا ؟

او الاجتهاد والخطا والوصول الي اجر واحد يختص بالاصحاب او يعم غيرهم من الفقهاء واصحاب الفتيا ؟

ماذا تقول فيما جري علي بعض الاصحاب من الحد ، هل يوجب ذلك الفسق فيهم ام لا ؟لماذا

ماذا تقول فيمن امر بقتل عثمان من الاصحاب او شرك في قتله ؟ هل يحكم فيهم بانهم اجتهدوا واخطاوا ولهم اجر واحد ام لا ؟

ورد في الروايات المتعددة بان النبي (ص) قال :

فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني ، وورد ايضا بان فاطمة هجرت او غضبت علي ابي بكر ولم تكلمه حتي ماتت ..

وكما صرحتم في كلامكم بان فاطمة ماتت وهو غاضبة علي ابي بكر ؟

هل هذه الروايات لا تنافي قوله تعالي :

ان الذين يؤذون الله ورسوله ....

ورد في الروايات الكثيرة بان النبي قال عند موته إتوني اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدي ابدا .

ومنعه عمر من ذلك وقال ان النبي قد غلب عليه الوجع ، وعندكم القران حسبنا كتاب الله، بحيث أوذي رسول الله وقال قوموا عني ؟؟؟

هل يكون عمر اعلم من النبي بمصالح الامة ؟ وهل لايعلم رسول الله بان الكتاب يكفي للناس ؟ وهل قول عمر هذا لم منافيا لقوله تعالي « ما ينطق عن الهوي ان هو الا وحي يوحي »..

وسمعت من سماحتكم بان قوله تعالي « الطيبون للطيبات » يدل علي ان عائشة كانت زوجة طيبة لكون النبي من الطيبين ..؟؟

ماذا يقول سماحة الاستاذ في توجيه هذه الاية وما في قوله تعالي :

« ضرب الله مثلا للذين كفروا امراة نوح وامراة لوط وكانتا تحت عبدين من عبادنا ...

وقيل ادخلا النار مع الداخلين »

هل نوح النبي لم يكن طيبا وكذلك لوط ؟؟

وقد اشرتم في مطاوي كلامكم : بانني اعتقد ان تسعون بالمائة مما ورد في الكافي عن الصادق كذب .

وكيف يمكن الوفق بين كلامكم هذا مع ما قال الذهبي :

فلو رد حديث هؤلاء ( الرواة الشيعة ) لذهب جملة من الاثار النبوية وهذه مفسدة بينة :

ميزان الاعتدال 1 56 سير اعلام النبلاء 1 59

نشكركم لو ازود ، كلامكم هذا مستدلا بادلة مقنعة

ابو مهدي محمد الحسيني القزويني

17 رمضان المبارك



أسئلة عن الدكتور حمدان الغامدي



بسم اللّه الرحمن الرحيم



أسئلة عن الدكتور حمدان الغامدي

الأخ الفاضل المحقّق الاستاد سماحة الدكتور أحمد سعد حمدان

السلام عليكم

أقدّم شكري الوافر إلي سماحتكم كما أقدّم ثنائي العاطر ممّا شاهدت من أخلاقكم الحسنة وإكرامكم الجميل.

ولقد استفدت من جنابكم كثيراً وأرجو أن يستمرّ هذا اللقاء ولايكون آخر العهد من زيارتكم.

وفي الختام أقدّم إلي سماحتكم بعض الأسئلة، راجئاً أن أزور منكم أجوبة مستدلّة تقنع النفس بها.

ماذا يقول سماحة الاستاد؟ فيما رواه البخاري وغيره بأنّ عدة من الأصحاب يدخلون النار يوم القيامة ويقول رسول اللّه 6: ياربّ أصحابي! أصحابي! فيقال ماتدري ما أحدثوا بعدك فإنّهم ارتدّوا بعدك علي أعقابهم».

هل مضمون هذه الروايات لم تكن مخالفة لوثاقة الأصحاب؟

ماذا تقول فيما ورد من سبّ بعض الأصحاب بعضاً آخر؟ هل يوجب الفسق في السابّ أم لا؟

أو الاجتهاد والخطأ والوصول إلي أجر واحد، يختصّ بالأصحاب أو يعمّ غيرهم من الفقهاء وأصحاب الفتيا؟

ماذا تقول؟ فيما جري علي بعض الأصحاب من الحدّ، هل يوجب ذلك الفسق فيهم أم لا؟ لما ذا؟

ماذا تقول فيمن أمر بقتل عثمان من الاصحاب أو شرك في قتله؟ هل يحكم فيهم بأنّهم اجتهدوا وأخطؤو ولهم أجر واحد أم لا؟

ورد في الروايات المتعدّدة بأنّ النبيّ 6 قال: «فاطمة بضعة منّي من آذاها فقد آذاني، و ورد أيضاً بأنّ فاطمة هجرت أو غضبت علي أبي بكر ولم تكلّمه حتّي ماتت».

وكما صرّحتم في كلامكم بأنّ فاطمة ماتت وهي غضبان علي أبي بكر؟

هل هذا لا ينافي قوله تعالي: «إنّ الذين يؤذون اللّه ورسوله ... ».

ورد في الروايات الكثيرة بأنّ النبيّ قال عند موته ائتوني اكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً.

ومنعه عمر وقال إنّ النبيّ قد غلب عليه الوجع، وعندكم القرآن حسبنا كتاب اللّه، بحيث أذي رسول اللّه وقال قوموا عنّي.

هل يكون عمر أعلم من النبي بمصالح الامّة؟ وهل لا يعلم رسول اللّه بأنّ الكتاب يكفي للناس؟ وهل هذا لم يكن منافياً لقوله تعالي «ما ينطق عن الهوي إن هو إلّا وحي يوحي».

وسمعت من سماحتكم بأنّ قوله تعالي «الطيبات للطيّبين» يدلّ علي أنّ عائشة زوجة كانت طيّبة لكون النبيّ من الطيّبين.

ماذا يقول سماحة الاستاد في توجيه هذه الآية وما في قوله تعالي «ضرب اللّه مثلاً للذين كفروا إمرأة نوح وإمرأة لوط وكانتا تحت عبدين من عبادنا ... وقيل ادخلا النار مع الداخلين».

هل نوح النبيّ لم يكن طيّباً وكذلك لوط؟

وقد أشرتم في مطاوي كلامكم: بأني أعتقد أنّ تسعون بالمائة ما في الكافي عن الصادق كذب.

وكيف يمكن الوفق بين كلامكم هذا مع ما قال الذهبي: فلو ردّ حديث هؤلاء (الرواة الشيعة) لذهب جملة من الآثار النبويّة وهذه مفسدة بيّنة. ميزان الاعتدال: 56/1 سير اعلام النبلاء: 59/1 تهذيب الكمال: 2

نشكركم لو كنت أزور كلامكم هذا مستدلاً بأدلّة مقنعة.

أبومهدي محمد الحسيني القزويني

17 رمضان المبارك 1423









رسالة الدكتور حمدان الغامدي

من مكّة المكرّمة في الجواب

عن الأسئلة





بسم اللّه الرحمن الرحيم

رسالة الدكتور حمدان الغامدي من مكّة المكرّمة

حديث البخاري في دخول عدّة من الأصحاب النار:

يحتاج الجواب علي ذلك إلي توطيئة وهي بيان فضلهم:

أوّلاً: قد ثبت بالأدلة القاطعة من القرآن الكريم والسنة النبوية فضل الأصحاب وتزكيتهم من ربّ العالمين ومن نبيّه سيّد المرسلين (صلي اللّه عليه وسلم) ومن ذلك ما يلي:

أ - من القرآن الكريم:

1 - قال تعالي: «والسابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار والذين اتّبعوهم بإحسان رضي اللّه عنهم، ورضوا عنه وأعدّ لهم جنّات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم» سورة التوبة / 100.

أثني عزّوجلّ علي جميع المهاجرين وجميع الأنصار بدون قيد، لأنّ (أل) للعموم فيما دخلت عليه، وجميع الذين اتّبعوهم بإحسان، فالمتّبعون قيّدهم بالإحسان ،وهذا أصل فلا يخرج أحد من المهاجرين والأنصار إلّا بدليل قطعيّ، والآية في غاية الوضوح.

ثمّ أثني عزّوجلّ علي الذين اتّبعوهم بإحسان والذين اتبعوهم هم أهل السنّة وليسوا الشيعة؛ لأنّ الشيعة ما بين مكفّر لهم وذامّ لهم - أعني الشيعة الإماميّة المتأخّرين بدون إستثناء.

2 - وقال تعالي: «محمّد رسول اللّه والذين معه أشدّاء علي الكفّار رحماء بينهم تراهم ركّعاً سجّداً يبتغون فضلاً من اللّه ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوي علي سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفّار وعد اللّه الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً» سورة الفتح/29.

ذكر عزّ وجلّ أنّه ربّاهم ورعاهم، كما يرعي النبتة التي تخرج من الأرض حتّي نضجت واكتملت وأنّ ذلك سيكون سبباً لغيظ الكفار فمن كرههم أو غاضهم لحقه الوعيد.

3 - وقال تعالي: «إنّ الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل اللّه والذين آووي ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض...».

إلي أن قال تعالي: «والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل اللّه والذين آوو ونصروا أولئك هم المؤمنون حقاً لهم مغفرة ورزق كريم. والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم...» سورة الأنفال/ 72 - 75.

حكم عزّ وجلّ للمهاجرين الذين جاهدوا في سبيله ولإخوانهم الأنصار بأنّهم مؤمنون حقّاً ووعدهم مغفرة ورزقاً كريماً.

أليس هذا ثناء من اللّه عزّ وجلّ علي المهاجرين والأنصار، وتأكيد إيمانهم بما لا يدع مجالاً للشكّ فيهم؟ فمن شكّ فيهم فقد كذب اللّه عزّ وجلّ ولعلّ اللّه سبحانه وتعالي عالم الغيب أراد أن يرد علي كلّ من سيأتي بعد فيطعن فيهم.

4 - وقال تعالي: «لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلاً وعد اللّه الحسني». سورة الحديد: 10.

هذه الآية الكريمة تمدح الذين آمنوا من قبل الفتح، وأنفقوا في سبيل اللّه، وقاتلوا لإعلاء كلمة اللّه عزّ وجلّ، وأنّ من لحقهم بعد ذلك لا يدرك فضلهم، وهذه شهادة عظيمة من اللّه عزّ وجلّ.

5 - وقال تعالي: «للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من اللّه ورضواناً وينصرون اللّه ورسوله أولئك هم الصادقون، والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم، يحبّون من هاجر إليهم ولايجدون في صدورهم حاجة ممّا أوتوا ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون - والذين جاؤا من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربّنا إنّك رؤوف رحيم» سورة الحشر: 8 - 10.

أرأيت هذا التقسيم العجيب لطوائف المؤمنين ..

مهاجرون.

أنصار.

متّبعون يحبّونهم ويدعون لهم ولا يكرهونهم.

أين مكان الإماميّة هنا؟؟

وأين مكان أهل السنّة هنا؟؟

هذه بعض الآيات التي تثني علي جيل الصحابة الذين جاهدوا لرفع راية الإسلام، وما تراه في العالم الإسلامي من خير فهو بسببهم.

ثمّ جاءت أجيال أهل السنّة لتكمل السيرة، فنقلت الدين، وفتحت الأرض، وعلمت الناس دينهم، فأين الأرض التي فتحها أهل التشيع؟

إنّ معتقد أهل التشيّع يلزم منه أنّ الدين لم يطبق؛ لأنّ الصحابة بعد موت النبي (صلي اللّه عليه وسلم) خانوه ولم ينفذوا أمره، وجاء أئمّة أهل التشيّع بعد عليّ (رضي اللّه عنه) ولم يتمكّنوا من إبلاغ الدين؛ لأنّهم لم يمكّنوا، إذن الدين الحق لم يظهر، وإنّما عملت به الشيعة في الخفاء وهذا يخالف القرآن الكريم. . . .

قال اللّه تعالي: «وعد اللّه الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنّهم في الأرض، كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنّن لهم دينهم الذي ارتضي لهم -

وليبدلنّهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني ولا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون» سورة النور: 55.

ألم يتحقّق هذه الوعد، فاستخلف اللّه عزّ وجلّ الأمّة الإسلاميّة ومكّن لهم الدين، وأمن الناس في عهود الحكومات الإسلاميّة ؟!

ب - ومن السنّة:

1 - عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه (صلي اللّه عليه وسلم): (لا تسبّوا أصحابي، فلو أنّ أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصفيه)، رواه البخاري: في / 3673 / ومسلم: ح 2541.

وهذا قاله (صلي اللّه عليه وسلم) لخالد، عند ما سبّ عبد الرحمن بن عوف، وعبد الرحمن من السابقين وخالد ممّن أسلم بعد.

2 - وعن عبد الرحمن بن عمر رضي اللّه عنهما عن النبي (صلي اللّه عليه وسلم) قال: (خير الناس قرني، ثمّ الذين يلونهم، ثمّ الذين يلونهم ...)، البخاري: ح 2652، ومسلم: 2533.

وفضائل الصحابة بأسمائهم في الصحيحين وغيرها، كثير فراجعها إن شئت.

وأنت تعلم أنّ المحقّقين من أهل السنّة يتثبتون في الرواية ويدقّقون في الرواة، وخاصّة البخاري ومسلماً فلايوردون إلّا ما صحّ عندهم.

بعد هذه المقدمّة ننظر في الرواية التي وردت في الحديث السابق، هذا الحديث رواه جماعة من الصحابة منهم عبد اللّه بن عباس، وأبو هريرة، وأنس، وأسماء بنت أبي بكر، وكلّها في صحيح البخاري، وله ألفاظ:

ففي رواية عبد اللّه بن عباس: (أنّه سيجاء برجال من أمّتي...)

وفي رواية لأبي هريرة: (ألا ليذادن رجال عن حوضي...)

وهنا عدّة وقفات:

أوّلاً: هذه الروايات رواها الصحابة أنفسهم رضي اللّه عنهم وهذه لأمانتهم وصدق إيمانهم ولو كانوا قدارتدّوا ما رووها.

ثانياً: المعني: إمّا أنّه يراد به الصحابة أنفسهم جميعهم، وهذا مردود للآيات السابقة والأحاديث الصحيحة في فضلهم جميعاً وفي فضائل أفرادهم.

وإما أن يراد به بعضهم وهذا يحتاج إلي دليل قطعيّ، وهذا غير موجود.

وإمّا أن يراد به بعض أفراد الأمّة وسمّاهم بأصحابه لأنّ كلّ أمّته أصحابه؛ لمشاركته في دينه وفي الجنّة، أي يصاحبونه فيها فعندما يقدّم هؤلاء علي حوضه، وعليهم علامة المسلمين بآثار الوضوء ويمنعون عن الحوض فيقول: أصحابي . . . وفي بعضها لا يقول أصحابي، وإنّما يقول: ألا هلمّ، وفي بعضها بالتصغير: أصيحابي، فالذي يظهر أنّ هذا هو المراد وهو الذي نعتقده.

* حديث فاطمة: إنّما فاطمة بضعة منّي مارابها ويؤذيني ما أذاها:

سبب هذا الحديث كما هو معروف، أنّ عليّاً رضي اللّه عنه أراد أن يتزوّج ابنة أبي جهل. وهنا وقفات:

1 - أنّ عليّاً رضي اللّه عنه هو الذي ورد فيه الحديث، فهل فعله هذا كان كفراً، حاشاه رضي اللّه عنه وإنّما أراد أمراً مباحاً في الشرع، وهو التعدّد في الزواج، ولم يكن يعلم أنّ لإبنة رسول اللّه 6 خصوصيّة خاصّة فخطب عليها.

وفعله هذا بين أمور ثلاث:

أ - أن يكون كفراً، وهذا لم يقل به أحد، ولم يرد أنّه أسلم من جديد.

ب - وإمّا أن يكون معصية فتاب منها فقبلت توبته فمحيت معصيته.

ج - أو يكون اجتهاداً خاطئاً، ومغفوراً له اجتهاده.

2 - هذا الفعل من علي رضي اللّه عنه، يدلّ أنّه غير معصوم.

3 - أنّ أبا بكر رضي اللّه عنه لم يفعل فعلاً مباحاً له أن يفعله، وأن لايفعله وإنّما فعل فعلاً واجباً روي فيه حديثاً عن نبيّه صلي اللّه عليه وسلم، وهو لشدّة حبّه لرسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم، وخوفه من ربّه ما كان ليعصيه، وقد سمعه يقول: «لا نورّث ما تركناه صدقة».

4 - هذا الحديث رواه أبو بكر وعمر بن الخطّاب وقد أشهد عليه عمر من حضره من الصحابة منهم عثمان وعلي والعباس وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد بن أبي وقّاص، فأقرّوا به، كما في الصحيحين أخرجه البخاري في الفرائض/ باب قول النبي صلي اللّه عليه وسلم: لانورث وفي الجهاد والمغازي، ورواه مسلم في الجهاد / باب حكم الفي ء . . .

وقد سلّمها عمر لعلي والعباس ليلياها، فاختلفا.

5 - أنّ عليّاً رضي اللّه عنه بعد أن تولّي الخلافة لم يغيّر شيئاً ممّا كان في عهد الشيخين، فلم يقسّم ميراثاً ولم يعط الحسن والحسين شيئاً منه ممّا يدلّ علي أنّه قد تحقّق عنده قول أبي بكر رضي اللّه عنه.

6 - وفاطمة رضي اللّه عنها طالبت بميراثها ظنّاً أنّها أن ترث كما يرث بقيّة الناس، فلمّا أخبرت بالحديث لانظنّ بها رضي اللّه عنها أنّها استمرت علي مطالبتها؛ لأنّها ما كانت لتخالف أباها عليه الصلاة والسلام ولوخالفت لكان اتّباع أمر أبيها وهو المشرع، أولي من اتّباع قولها.

7 - هب أنّ أبا بكر اجتهد فأخطا وهذا فرض ممتنع، لوجود النصّ لكن هب ذلك - فليس أقلّ من فعل علي رضي اللّه عنه وما أجبتم عن علي رضي اللّه عنه كان الجواب به عن أبي بكر رضي اللّه عنه.

* قال اللّه تعالي: (الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرؤن مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم):

وهنا عدّة وقفات منها:

1 - الآية نزلت لتبرئة عائشة رضي اللّه عنها ممّا رميت به وأخبر تعالي أنّ الخبيثات للخبثين و.....الخ، ليدلّ علي أنّه عزّ وجلّ ما كان ليدع إمرأة خبيثة زوجة لرسول اللّه أطيب الطيبين.

والمراد هنا بالخبيث هو: (الزنا) أمّا زوجتا نوح ولوط عليهما السلام فقد كانتا كافرتين والزواج من الكافرة في شريعتهم جائز، أمّا في شريعتنا فلا يجوز إلّا من الكتابيّة المحصنة (أي غير زانية).

وأمّا الزواج من الزانية فلا يجوز في شريعتنا ولو كانت مسلمة؛ لما يؤدّي إليه من مفاسد وإختلاط الأنساب ونحو ذلك، كما قال تعالي: «الزانية لا ينكحها إلّا زان أو مشرك وحرم ذلك علي المؤمنين».

فالفرق إذن واضح

2 - الآية برأت عائشة رضي اللّه عنها ووعدتها بمغفرة ورزق كريم، فدلّ هذا علي أنّها تموت علي الإيمان؛ لأنّ حكم اللّه عزّ وجلّ لا يتغيّر.

حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما هذا فيه عدّة أمور منها:

1 - ارادة النبي صلي اللّه عليه وسلم أن يكتب كتاباً لئلاً يختلف الصحابة رضي اللّه عنهم. ولم يذكر القضّية التي أراد (صلي اللّه عليه وسلم) أن يكتبها ولو كانت أمراً واجباً من واجبات الدين لما ترك كتابتها للغطهم؛ بل يخرجهم ويستدعي من يكتب خاصّة وقد عاش بعد ذلك أربعة أيّام؛ لأنّ هذا كان يوم الخميس كما في لفظ آخر للبخاري (يوم الخميس وما يوم الخميس) ح 4431 / وتوفّي يوم الإثنين.

2 - أنّ الموجودين أختلفوا وليس هذا خاصّة بعمر رضي اللّه عنه.

3 - أنّ عمر رضي اللّه عنه قد شهد له النبي صلي اللّه عليه وسلم (إنّه قد كان فيما مضي قبلكم من الأمم محدّثون وإنّه إن كان في أمّتي هذه منهم فإنّه عمر بن الخطّاب ) ( صحيح البخاري: 149/4، كتاب بدء الخلق، باب بعد باب حديث الغار. ) رواه البخاري / ح 3469.

وقوله: (والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان قط سالكاً فجّاً لا سلك فجّاً غير فجّك) ( صحيح البخاري: 96/4، كتاب بدء الخلق، باب صفة ابليس وجنوده. ) رواه البخاري: ح 3294، ومسلم: ح 2396.

وروي البخاري ومسلم من فضائله ستّة عشر حديثاً في أصحّ الكتب ومنها عن محمّد بن الحنفية رضي اللّه عنه قال: قلت لأبي: أيّ الناس خير بعد رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم؟ قال: أبو بكر، قلت ثمّ من؟ قال: ثمّ عمر، وخشيت أن يقول: عثمان، قلت: ثمّ أنت قال: ما أنا إلّا رجل من المسلمين ( صحيح البخاري: 195/4، كتاب بدء الخلق، باب مناقب المهاجرين. ) . البخاري: ح 3671.

وروي ابن عباس رضي اللّه عنهم قال: وضع عمر علي سريره فتكنفه الناس يدعون ويصلّون قبل أن يرفع وأنا فيهم، فلم يرعني إلّا رجل أخذ منكبي فإذا عليّ بن أبي طالب فترحّم علي عمر وقال: ما خلفت أحداً أحبّ إليّ أن ألقي اللّه بمثل عمله منك، وأيم اللّه إن كنت لأظنّ أن يجعلك اللّه مع صاحبيك وحسبت أنّي كنت كثيراً أسمع النبي صلي اللّه عليه وسلم يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر ( ) ( صحيح البخاري: 199/4، باب مناقب المهاجرين. ) . رواه البخاري: ح 3685، ومسلم: ح 2389.

هذه بعض شهادات الصحابة من آل بيت رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم.

4 - أنّ النبي صلي اللّه عليه وسلم كان يأخذ أحياناً بقول عمر وينزل القرآن بموافقته رضي اللّه عنه، كما في إتخاذ مقام إبراهيم مصلّي، والحجاب، وغيرهما.

فلعلّه هنا مال النبي صلي اللّه عليه وسلم إلي قوله رضي اللّه عنه. ولعلّ عمر رضي اللّه عنه قال ذلك لمّا رأي ما به من الوجع فكان رأفة به صلي اللّه عليه وسلم أو نحو ذلك، ولا يتصوّر أنّه أراد إيذاءه صلي اللّه عليه وسلم، وهو ممّن شهد له القرآن؛ لأنّه من المهاجرين ومن السابقين الأوّلين وفضائله في السنّة كما تقدم.

هذه هي أهم ما سألت عنه..

وأما البقيّة فهي قضايا إجتهاديّة.

نظرات في اتجاهات أهل السنة والشيعة ومناهجهم:

المتأمّل للعقيدتين يستنتج ما يلي:

1 - أنّ أهل السنّة يفهم من عقيدتهم أنّ النبي صلي اللّه عليه وسلم بعث إلي الناس عامّة وأنّه يجب أن ينقل أتباعه سنّته إلي من لم يعرفها.

والشيعة يفهم من عقيدتهم أنّ النبي صلي اللّه عليه وسلم بعث إلي عليّ رضي اللّه عنه ، وأنّ اللّه عزّ وجلّ قدأمر وأعاد في الوصيّة لعلي وأنّ الأمر بالإبلاغ أي إبلاغ الوصيّة، فلا يجوز أخذ العلم إلّا منه رضي اللّه عنه إذن كلّ الدين المبلّغ من غيره ليس ديناً.

2 - أنّ أهل السنّة يفهم من عقيدتهم أنّ فهم الدين ممكن لكلّ إنسان، وأنّ بإمكان الإنسان أن يكون عالماً ويتحمّل الأداء.

وأمّا أهل الشيعة فتشترط وجود معصوم يرجع إليه، وهذا يعني أنّه لابدّ أن يكون في كلّ بقعة معصوم، ليرجع إليه إذ كيف يستطيع من بالمشرق أو بالمغرب أن يعمل فيما يجد من مسائل؟!

فإذا جاز له الإجتهاد فما الحاجة للمعصوم.

3 - أنّ أهل السنّة يعظمون الصحابة الذين هم نقلة الدين والمجاهدون في سبيله الذين فتحوا الأرض شرقاً وغرباً وحفظوا القرآن والسنّة وبلغوها للعالم.

وأهل التشيّع فهم يطعنون في الصحابة ويلتمسون أخطاءهم ويتجاهلون فضلهم وبلاءهم ويقيّدون عمومات القرآن، ويقيّدونها بناءً علي ما رسخ في أذهانهم من معتقدات.

4 - يظهر من معتقدات أهل السنّة أنّ الدين قد ظهر وعمل به الناس وفتحت عليه البلدان. وأمّا أهل التشيّع فإنّ الدين لم يظهر ولم يعمل به.

5 - إنّ أهل السنّة يفهم من معتقدهم أنّهم يجلّون عليّاً رضي اللّه عنه ويعتقدون أنّه كان شجاعاً في ذات اللّه عزّ وجلّ، ولايمكن أن يكون وصيّاً ويسكت طيلة حياته بعد موت النبي صلي اللّه عليه وسلم وهي قرابة خمس وعشرين سنة.

ولو تكلّم في شي ء من ذلك لرواه رواة أهل السنّة كما رأينا طرفاً من رواياتهم فهم يروون كلّما رأوه أو سمعوه وقد ترد روايات لكنّها لاتصحّ ونحن لا ننكر أنّ كتب أهل السنّة قد وردت فيها روايات ربما، لأنّ الرواية كما هو معروف قد تعرّضت لكثير من الكذب.

وأمّا أهل التشيّع فإنّهم زعموا أنّهم يجلون عليّاً رضي اللّه عنه، وزعموا أنّه لم يظهر أنّه وصي رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم خوفاً علي نفسه، وهذا من أقبح التصورّات وإن كانوا قد أوردوا أخباراً لا يخفي عدم صحّتها علي المحقّقين.

6 - أنّ أهل السنّة يعتقدون أن ّ الإمامة أمر إصطلاحيّ شوريّ، للأمّة أن تختار من تراه أهلاً لذلك، ليحكمها بالقرآن والسنّة ولا حرج في الإختلاف في مجالات الفهم.

وأمّا أهل التشيّع فإنّه يفهم من عقيدتهم أنّه يجب علي اللّه أن ينصب إماماً وأنّ هذا الإمام هو علي رضي اللّه عنه مع أنّه لم يرد في القرآن، ولا في السنّة أيّ لفظ في ذكر الإمامة أو الوصاية وإنّما هي عمومات قابلة للتأويل علي أوجه.

وقضيّة الإمامة قضيّة كبيرة فلو كانت مطلباً دينيّاً محدّداً لنزلت آيات بلفظها ولجاءت أحاديث بلفظها سواء عمل الناس بها أو لم يعملوا، ثمّ لأبقي اللّه عزّ وجلّ نسل الأئمّة إلي قيام الساعة.

فإنّ اللّه عزّ وجلّ قد صرّح بأقلّ من ذلك في قضيّة زيد وزوجته وتردّد النبي صلي اللّه عليه وسلم في مصارحة زيد بذلك.

فأيّ القضيتين أهمّ يا تري؟!

7 - والذي عمله الشيعة بعد إنقطاع النسل هو الذي عمله أهل السنّة بعد موت النبي صلي اللّه عليه وسلم، مع أنّ أهل التشيّع حاولوا المغالطة قبقوا مدّة بدون تجمّع، ثمّ ابتدعوا (ولاية الفقيه) أ لا قالوا بها بعد موت النبي صلي اللّه عليه وسلم ؟! وأنهوا معاناتهم إلي اليوم؟!

8 - يعترف أهل السنّة بأنّه قد حدث كذب علي رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم من بعض الرواة من بعد الصحابة رضي اللّه عنهم؛ لأنّ الصحابة كلّهم عدول ولم يجرب عليهم تعمد الكذب، وعدم اعتقاد عدالتهم هدم للدين.

وأمّا أهل التشيّع فلا يرون ذلك؛ بل يصفون كثيراً من الصحابة بالكذب وهذا يشككّ في كامل الدين إذ لا دين حقّ يمكن أن نتعبد اللّه به من رواة كفرة كذّابين.

وهذا هو الذي شككّ في مقاصد الشيعة إذ موقفهم من الصحابة يهدم كامل الدين، ويطعن في ربّ العالمين وفي نبيّه سيّد المرسلين.

9 - يعترف أهل السنّة بأنّ أحاديث كثيرة وآثاراً كثيرة قد ظهر لهم بطلانها أدخلها قوم أرادوا هدم الدين أو جهلة لينصروا الدين وقد كشفها أهل العلم.

وإذا كان قد وضع في كتب السنّة ألف حديث مثلاً، فقد وضع في كتب التشيّع إثنا عشر ألفاً؛ لأنّ أكثر الوضع علي المعصوم عند أهل السنّة ولا معصوم إلّا رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم، وأمّا أهل التشيّع فعندهما إثناعشر معصوماً؛ فكم يا تري سيكون عدد الموضوعات؟ والمطلّع علي كتب الطائفتين يتضّح له صدق ذلك.

10 - إنّ أهل السنّة يفهم من عقيدتهم أنّهم لا يقولون بعصمة أحد بعد رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم ولا أبي بكر وعمر، وإن كانوا يرون أنّ اجتهادهم إذا لم يخالف نصّاً فإنّه مشروع.

وأمّا أهل التشيّع فإنّهم يقولون بعصمة أئمّتهم وإذا رأوا أحدهم يخالف قواعد معتقدهم زعموا أن ذلك: (تقيّة) يا لها من جرأة!!

والحسن يتخلّي عن الإمامة، وهو معصوم ويتخلّي عن ركن من أركان الإيمان، حفاظاً علي حياته كما زعموا.

أيليق بإنسان من بيت النبوّة يعتقد أنّه وصيّ من اللّه عزّ وجلّ وهي مرتبة نبويّة لو صحّت ثمّ يتنازل حفاظاً علي حياته ونحن نري التاريخ مملوءاً بمن ثبت علي دينه حتّي قتل في سبيل اللّه، وهم ليس بأنبياء ولا بأوصياء معصومين!!

فهذا الخميني ثبت علي عقيدته وأوذي وأخرج ثمّ رجع منتصراً إذن الخميني خير من وصي رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم.

11 - منهج أهل السنّة في قبول الروايات منهج حازم فإنّهم قد دوّنوا تراجم جميع الرواة وحكموا عليهم من خلال مرويّاتهم فما قبله ميزان الجرح والتعديل قبلوه، وما خالفه ردّوه، وهذه قاعدة من خالفها أعادوه إليها.

ولا يوجد لدي أهل التشييع مثل ذلك. وبإمكانك أن تأخذ عدداً من أوّل أيّ كتاب من كتب التراجم لدي أهل السنّة وعدداً مماثلاً من كتب التراجم عند الشيعة وقارن بين المعلومات المدوّنة عندهما ...

وأنت (محدّث) وابحث: (متجرّداً).

وفيما يلي مقارنة:

أ - تهذيب الكمال عند أهل السنّة.

أحمد بن إبراهيم الموصلي... كنيتة.. بلده، أسماء شيوخه أورد أكثر من عشرين راوياً، أسماء تلاميذه كذلك، ثمّ درجته وهكذا كل راو تقريباً إلّا النادر.

ب - أما في كتاب مجمع الرجال عند الشيعة.

أوّل راوي فيه:

آدم بن إسحاق بن آدم له كتاب أخبرنا به عدّة من أصحابنا عن... فلا شيوخ ولا تلاميذ ولا درجة.

والثاني: (آدم بن إسحاق) كذلك، وفيه أنّه ثقة، ولم يذكر شيوخه.

وفي الحقيقة من يطلع علي المنهجين بعين الإنصاف يري البون شاسعاً.

واللّه الموفّق،،،،،

نصوص من كتب الخميني:

1 - لو كانت مسألة الإمامة قد تمّ تثبيتها في القرآن فإنّ أولئك الذين لايعتون بالإسلام والقرآن لا لأغراض الدنيا والرئاسة كانوا يتّخذون من القرآن وسيلة لتنفيذ أغراضهم المشوّهة ويحذفون تلك الآيات من صفحاته ويسقطون القرآن من أنظار العالمين إلي الأبد.../131.

2 - وواضح أنّ النبي صلي اللّه عليه وسلم لو كان بلغ بأمر الإمامة طبقا لما أمر به اللّه وبذل المساعي في هذا المجال لما تثبت في البلدان الإسلامية كلّ هذه الإختلاف ... كشف الأسرار: 155.

3 - لقد جاء الأنبياء جميعاً من أجل إرساء قواعد العدالة في العالم لكنّهم لم ينجحوا حتّي النبي محمّد خاتم الأنبياء الذي جاء لإصلاح البشريّة وتنفيذ العدالة وتربية البشر لم ينجح في ذلك: نهج خميني / 46.

4 - (إنّ النبي احجم عن التطرق إلي الإمامة في القرآن لخشيته أن يصاب القرآن من بعده بالتحريف أو أن تشتدّ الخلافات بين المسلمين فيؤثر ذلك علي الإسلام). كشف الأسرار: 149.

أرأيت يا أخ محمّد، كيف تنتهي العقيدة الشيعيّة. اتّهام الصحابة بإخفاء آيات. وهل يستطيع بشر أن يخفي شيئاً من كتاب تعهّد الخالق عزّ وجلّ بحفظه أ ليس هذا طعناً في الخالق؟! ثمّ أرأيت أنّه انتقل من اتّهام الصحابة إلي اتّهام سيّد البشر صلي اللّه عليه وسلم بأنّه لم يبلغ كما أمره به ربّه ... وهل يبقي بعد هذا ايمان برسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم الذي يزعم الخميني أنّه لم ينفذ أمر خالقه. ثمّ أرأيت الحكم: (برسوب) محمّد صلي اللّه عليه وسلم وجميع الأنبياء في ميزان الخميني؟

هذه ثمرات العقائد الباطلة يحدّد أصحابها مقصداً معيّناً هم يحاكمون الخالق عزّ وجلّ والرسول صلي اللّه عليه وسلم. ولو تتبّعت كلام الخميني لما وجدته يعظّم اللّه عزّ وجلّ فهو يذكره سبحانه بدون تعظيم (اللّه)... ولا يعظّم رسوله صلي اللّه عليه وسلم: (محمّد) كما هو مبيّن في هذه النصوص. اللّهمّ إنّي أستغفرك يا ربّ من هذه النصوص. واعتذر إلي رسولك صلي اللّه عليه وسلم عظيم الدنيا وسيّد البشر وخليل الرحمن من نقل هذه النصوص واعتذر إلي سادات المؤمنين الخلفاء الراشدين من كتابة هذه النصوص. واللّه الهادي إلي سواء السبيل ...

ردود عن شبهات

الدكتور حمدان الغامدي

أخي في اللَّه الدكتور أحمد بن سعد الغامدي المحترم

السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته

أشكرك علي ما كتبت وأرسلت إليّ (عبر الفاكس) جواباً عن أسئلتي بخصوص الصحابة و غير ذلك ولا شكّ في أنّ ذلك منك كان خالصاً لوجه اللّه وتعبيراً صادقاً عن عقيدتك.

وأعتذر عن تأخير الإجابة لكثرة اشغالي بالتدريس والتحقيق بحيث لم يبق لي في كلّ اسبوع إلّا قليلاً من ساعات الفراغ جدّاً، وقد صرفت ذلك أيضاً بمراجعة رسالتك الممتعة والتحليل فيها.

وممّا أحسستُ برغبتك في تحليل ما كتبتَ، فآثرت أن استجيب لرغبتك، مستخيراً اللَّه تعالي في ذلك، ولكنّ القيام بتحليل جميع ما في رسالتك الكريمة يحتاج إلي كتاب مستقلّ، ونركِّز علي بعض ما فيها من أهمّ المسائل.

ولكن أودّ قبل أن أبيّن لكم بعض ملاحظاتي، ألفت نظركم إلي بعض النكات الهامّة التي توضح جليّة الحال.

1 - الإنصاف في الكلام حين يتكلّم عن الخلاف

1 - قلت لكم حين زيارتي لشخصكم النبيل وفي بيتكم الكريم: بأنّي أدرّس طلّاب العلوم الدينيّة في الحوزة العلميّة والجامعة زهاء عشرين سنة، وكثيراً ما يكون طلّابي في الجامعة من غير الايرانيّين وقد يصادف في بعض الفصول الدراسيّة أن يكون كلّ طلّابي من إخواننا أهل السنّة، وكثيراً ما تطرح في قاعة التدريس مسائل ترتبط بالخلاف الواقع بين السنّة والشيعة، والشبهات المطروحة بينهما ويرغب كلّ من طلّاب الطائفتين أن يستمع ما يقتنع به.

2 - ولمّا كانت عمدة تدريسي حول علوم الرجال والحديث والفرق الإسلاميّة فقد جمعت كلّ ما يتعلّق بها من كتب الشيعة والسنّة بحيث يبلغ عدد ما في مكتبي الخاصّة، زهاء ثمانية آلاف كتاب، يختصّ حدود ثلاثة آلاف منها بكتب أهل السنّة من الفقه والأصول والرجال والكلام وغيرها.

وممّا يؤسف له جدّاً أنّنا لم نجد في المكتبات الخاصّة أو العامّة لإخواننا السنّة شيئاً يعبأ به من كتب الإماميّة. والغريب أنّ بعضهم يتقوّل علي الإماميّة وينقل عنهم ما لا أثر له في كتبهم، كما قلت في لقائي مع سماحة الشيخ جميل بن محمد زينو حين قرأ عليّ عن كتاب «للّه... ثمّ للتاريخ»: بأنّ مؤلّف الكتاب قد نقل روايات كثيرة عن كتاب «من لا يحضره الفقيه» في صفحات 33 و34، لا توجد لا في هذا الكتاب ولا في غيره من الكتب الحديثيّة للشيعة.

3 - كثيراً مّا، اتّفق لي بعد أن سألت بعض علماء أهل السنّة في ايران وخارجها عن بعض الشبهات العقائديّة وغيرها ولكن مع الأسف الشديد، وُوجهت بدل الجواب الصحيح المقنع، بالافتراء والتّهم والسباب ( كما وقع في ليلة من ليالي شهر رجب سنة 1424 بعد صلاة العشاء، في بيت اللّه الحرام حين التقيت مع الشيخ صالح فوزان الفوزان - الذي يعدّ من كبار العلماء ومن أعضاء لجنة الإفتاء - وقلت له: إنّي اريد أن أتشرّف بخدمتكم وأسأل جنابكم بعض ما يرتبط بالخلاف بين السنّة والشيعة، حتّي أستفيد من كلامكم. قال لي: «أنت شيعي أم سنّي؟ قلت: أنا مسلم وشيعيّ، قال: لو كنت تتوب من الشيعة أنا ألتقي بك، قلت: لوكان عندك دليل علي بطلان مذهب الشيعة أتّبعك وإلّا فلا! قال: ليس عندي دليل، ليس عندي دليل، ثمّ ذهب بالسرعة». ) ، مع العلم بأنّ هذا، منهج من لا دليل له ولعلّكم أوّل من شاهدته مترتعاً من هذا في حياتي.

4 - وقد ذكرت في كتابي الذي بعثته إليكم بأنّي ألتمس أجوبة مستدلّة تقنع النفس بها، ولمّا أجلت النظر فيما بعثته لي لم أعثر فيها علي ضالّتي المنشودة وذلك، إنّ الاستدلال علي موضوع خاصّ بالكتاب والسنّة إنّما يتمّ فيما إذا سردت قاطبة الآيات والروايات المتعلّقة به، لا أن ننتقي ما يفيدنا في البحث ونغضّ الطرف عمّا يضرّنا؛ لأنّ فيه مجانفة عن روح التحقيق العلمي.

وهكذا يلزم للمحقق فيما إذا ينقل كلاماً عن رجل أو فرقة، أن يذكر مصدر كلامه حتي يمكن للآخرين ملاحظة المصدر ثمّ القضاء والتمييز بين ماهو الحق عمّا هو الباطل.

والمشهود في كتابكم في قضيّة الصحابة والسيّدة عائشة هو ذكر الآيات والروايات التي تدلّ علي المدح مع التأويل والتفسير بما يخالف السياق كما نشير إليه، من دون ذكر ما ورد في الذمّ، ثمّ التحليل بينهما حتّي يمكن للمخاطب، الوصول إلي النتائج المفيدة.

أيّها الأخ العزيز! قد ذكرتم في كتابكم هذا تحت عنوان: «نظرات في اتجاهات أهل السنة والشيعة ومناهجهم» بعض ما يرتبط بعقائد الاماميّة من دون ذكر قائله أو مأخذه كقولكم «والشيعة يفهم من عقيدتهم كذا وكذا» ( نذكر بعض الملاحظات في آخر الصحيفة. ) .

إنّي أؤكّد لكم بأنّي لم أسمع إلي الآن هذه المطالب من أحد من علماء الشيعة وما قرأتها في كتاب من الكتب المعتبرة عندهم. وأقول لكم بحقّ، لو طرحت مثل هذه الكلمات في الحوزات العلميّة أو في الجامعة، فلا يقبلها أحد من الطلابّ؛ إلّا مع الدليل، وإلّا يتّهمونه بالكذب والافتراء، ولا يجيزون له أن يحضر الدرس لا في الحوزة العلميّة ولا في الجامعة.

إنّ من حقّ الأمانة علي الأمين - كما وجدت جنابك علي هذا - أن يذكر من هو القائل بهذا القول من الشيعة، فهل المراد ما يسمّونهم الشيعة الغلاة، كالخطابيّة والغرابيّة والعلباويّة والمخمسّة والبزيعيّة وأشباههم من الفرق الهالكة المنقرضة التي نسبتها إلي الشيعة الإماميّة من الظلم الفاحش، لأنّهم لايعدّون هؤلاء، من الفرق الإسلاميّة، فضلاً عن عدّها من الشيعة.

وقد حكم فقهاء الإماميّة، في كتبهم الفقهيّة بضلالة الغلاة ( المسائل السرويّة للشيخ المفيدالمتوفي 413: 37، والرسائل للسيّد المرتضي المتوفي 436: 157/1. ) . وأفتوا بأنّهم خارجون عن الإسلام وإن انتحلوه ( المعتبر للمحقّق الحلي (المتوفّي 676): 98/1، منتهي المطلب (ط.ق) للعلامّة الحلّي (المتوفّي 726): 26/1.(ط.ج): 152/1، إيضاح الفوائد لفخر المحققين (المتوفّي 771): 26/1، الدروس للشهيد الأوّل (المتوفّي 786): 272/2، روض الجنان للشهيد الثاني (المتوفّي 966): 157، كشف اللثام (ط.ق) للفاضل الهندي (المتوفّي 1137): 19/2، الحدائق الناضرة للمحقق البحراني (المتوفّي 1186): 176/5، رياض المسائل (ط.ج) للطباطبائي (المتوفّي 1231): 321/9. ) . وفي جواهر الكلام ( يعدّ من الكتب الفقهيّة المعتبرة عند الاماميّة بحيث تدور المباحث الفقهيّة في الحوزات العلميّة للشيعة علي رحي هذا الكتاب. ) : لا كلام في نجاستهم وكفرهم ثمّ نقل عن عدّة من الفقهاء، الاجماع علي ذلك ( جواهر الكلام: 51/6. ) . وحكموا بنجاستهم ( شرائع الإسلام للمحقق الحلّي: 12/1، العروة الوثقي (ط.ق) للسيّد اليزدي: 68/1 (ط.ج) مع تعاليق عدّة من الفقهاء المعاصرين: 145/1.. قائلاً: ( 2 مسألة ) : لا إشكال في نجاسة الغلاة والخوارج والنواصب. ) ونجاسة ذبيحتهم ( قواعد الأحكام للعلامة الحلّي: 318/3، إيضاح الفوائد: 127/4. ) ونجاسة سؤرهم ( منتهي المطلب (ط.ق) للعلامة الحلي: 25/1، روض الجنان للشهيد الثاني: 157. ) ، وعدم جواز تغسيل موتاهم والصلاة عليهم ( البيان للشهيد الأوّل: 24، و28 ومستند الشيعة للمحقق النراقي: 270/6. ) ، وعدم جواز التزوّج بهم ( كشف اللثام (ط.ق) للفاضل الهندي: 19/2، (ط.ج): 84/7، ) . وأنّهم لا يرثون المسلمين ( جواهر الكلام للشيخ الجواهري: 32/39. ) .

وقالوا أيضاً بعدم جواز الرواية عنهم؛ بل سقوط رواية من روي عنهم ( مدارك الأحكام للسيّد محمد العاملي: 382/5. رجال النجاشي : 226 / 594 . ) . وعدم اعتبار توثيقهم ( ذخيرة المعاد: 217/2.فيه: والنصر من الغلاة فلا اعتماد علي توثيقه. ) .

يا أخي الكريم، بعد هذه الملاحظات كلّها، أ من الإنصاف حمل عقائد بعض الفرق الباطلة البائدة علي مطلق الشيعة؟ بحيث يتوهّم الجاهل بأنّه مذهب الجميع.

وهل يجيز لنا الشرع، أن نرمي الصالح بحجر الطالح، ونأخذ البرئ بذنب المسئ؟

وأقسم باللّه أنّ ما رأيت في سماحتكم من الإنصاف والكمال قد جعلني أقول بكلّ ثقة بأنّكم لو أخذتم رأي الإماميّة عن كتبهم المدونّة طيلة أربعة عشر قرناً، لكان رأيكم فيهم غير هذا الذي قرأته في جواباتكم.

وأرجو من جنابكم أن تأخذ في الفقه، كتاب جواهر الكلام، للشيخ محمد النجفي أو منتهي المطلب للعلامة الحلّي، من الإماميّة وكتاب المغني لابن قدامة أو المبسوط للسرخسي، أو مواهب الجليل للرعيني أو تلخيص الحبير لابن حجر وفتح العزيز للرافعي من أهل السنّة وتقارن بين المجموعتين ثمّ تقضي بما هو الصحيح عندكم.

وهكذا أن تأخذ كتاب معجم رجال الحديث من رجال الشيعة وتهذيب الكمال أو سير أعلام النبلاء من أهل السنّة ثمّ تقارن بينهما وكتاب المحاضرات ومصباح الأصول من السيّد الخوئي في أصول الفقه للشيعة وكتاب الأحكام للآمدي أو المحصول للرازي أو المستصفي للغزالي أوالفصول للجصّاص من أهل السنّة، ثمّ تقارن بينهما.

فلا يصحّ الاعتماد في نقل بعض الدواهي ونسبتها إلي الشيعة استناداً علي من تقدّم من مخالفيهم، من دون رجوع في معرفة أقوال الإماميّة إلي علمائهم وأخذ مذهبهم في الأصول والفروع من مؤلّفاتهم.

ومن الغرائب أنّ أحمد أمين المصري كتب في كتابه فجر الإسلام «أنّ التشيّع كان مأوي يلجأ إليه كلّ من أراد هدم الإسلام» ( فجر الإسلام: 33. ) وبعد انتشار كتابه، سافر إلي بغداد والنجف واعترض عليه أحد علماء الشيعة وعاتبه علي تلك الهفوات، وكان أقصي ما عنده من الاعتذار، عدم الإطّلاع وقلّة المصادر ؟ ! ( أصل الشيعة وأصولها للشيخ كاشف الغطاء: 140. )

هذا ابن حزم الظاهري يقول: «ومن الإماميّة من يجيز نكاح تسع نسوة ( الفصل في الاهواء: 182/4. ) » فإذا يقرأ الطالب هذا عن ابن حزم ثمّ يرجع إلي كتبهم الفقهيّة فيجد إجماع الإماميّة قاطبة نصّاً وفتوي علي حرمة تزويج فوق الأربعة، وأنّ ذلك الحكم من ضروريّات مذهبهم، فيقرأ الفاتحة علي ورع ابن حزم.

بل يجد الأمر بالعكس من ذلك، حيث ذهب جماعة من أئمّة أهل السنة إلي جواز التزوّج بالتسع ، مستدلّين بالآية الكريمة ، فقد قال فخر الدين الزيلعي الحنفي ما نصّه: وقال القاسم ابن إبراهيم: يجوز التزوّج بالتسع ، لأنّ اللّه تعالي أباح نكاح ثنتين بقوله (مثني )، ثمّ عطف عليه (ثلاث ورباع ) بالواو وهي للجمع، فيكون المجموع تسعاً، ومثله عن النخعي وابن أبي ليلي ( تبيين الحقائق: 112/2. ) .

وقال العيني: وقال القاسم بن إبراهيم : يجوز التزوّج بالتسع ، ومثله عن النخعي وابن أبي ليلي؛ لأنّ الواو للجمع ( رمز الحقائق: 143/1، فليراجع: نفحات الأزهار: 248/4. ) .

ومنهم من قال بجواز التزوّج بأيّ عدد شاء؛ بل ذهب جماعة منهم إلي جواز التزوّج بأيّ عدد أريد، فقد قال نظام الدين الأعرج المفسّر النيسابوري بتفسير الآية المذكورة: ذهب جماعة إلي أنّه يجوز التزوّج بأيّ عدد أريد ، لأنّ قوله (فانكحوا ما طاب لكم من النساء ) إطلاق في جميع الأعداد ( غرائب القرآن: 172/4. ) .

وهكذا إذا يقرأ الطالب السنّي الذي يعيش بين ملايين من الشيعة قول «الدكتور عبد اللّه محمد الغريب»، بأنّ الشيعة تعتقد بأنّ نكاح الأمّ هو من البرّ بالوالدين، وأنّه عندهم من أعظم القربات ( وجاء دور المجوس: 222. ) ، فيعلم بأنّه ليس في هذا المؤلّف أثراً من الديانة والتقوي.

أيّها الأخ العزيز، هل تسمح أمثال جنابكم، إذا قرأنا ما نسب إلي الخابطيّة والحدثيّة (وهما فرقتان من أهل السنّة المعتزلة) من أنّهم يذهبون إلي إثبات حكم من أحكام الإلهيّة في المسيح موافقة للنصاري وإلي التناسخ ( الملل والنحل: 60/1. عند ذكر عقائد الخابطيّة والحدثيّة. ) . و... ثمّ نقول: إنّ ذلك معتقد جميع أهل السنّة ؟!

وهل من الإنصاف أنّ من قرأ عن أبي حنيفة، أنّه يقول: لا يجب الحدّ بوطئ من استأجر إمرأة ليزني بها ( البحر الرائق لابن نجيم المصري: 30/5، والمغني لابن قدامه: 194/10. مستدلاً: بأنّ ملكه لمنفعتها شبهة دارئة للحدّ. ) ثمّ ينسب ذلك إلي جميع أهل السنّة.

كما روي الخطيب بإسناده عن أبي بكر بن عيّاش أنّه قال لحفيد أبي حنيفة: كم من فرج حرام أباحه جدّك ( تاريخ بغداد: 410/13. ) . ونقل ابن حبّان عن هدبة بن عبد الوهاب كان يقول:

فكم من فرج محصنة عفيف

أحلّ حرامها بأبي حنيفة ( المجروحين لابن حبان: 72/3 والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد لابن الدمياطي: 84/2. ) .

وهنا استلطف نظركم السامي إلي آراء بعض علماء الأزهر الشريف حول الشيعة الإماميّة التي صدرت بعد قراءة كتبهم:

يقول الاستاذ عبد الهادي مسعود الأبياري ( هو معاون إدارة الثقافة والإرشاد الإسلامي القومي ومدير المكتبات العامّة بدار الكتب المصريّة. ) : ليس من شكّ في أنّ المذهب الشيعي وهو فرع من أهمّ فروع المذاهب الإسلاميّة العامّة والذي يدين به أكثر من مائة مليون مسلم في أنحاءالهند وايران والعراق.

ولقد تابعت كثيراً من كتب الشيعة وتابعت مختلف الآراء التي قيل بأنّها تختلف عمّا يتّجه إليه أهل السنّة فوجدته خلافاً علي شكليّات لا أصل لها من جوهر الأمور ( عصمة القرآن من الزيادة والنقصان: 261، للاستاذ السيدّ مرتضي الرضوي عضو رابطة الأدب الحديث بالقاهرة. ) .

ويقول الدكتور أبو الوفاء التفتازاني ( هو استاذ الفلسفة الإسلاميّة بجامعة القاهرة. ) : وقع كثير من الباحثين سواء في الشرق أو في الغرب قديماً وحديثاً في أحكام كثيرة خاطئة عن الشيعة لاتستند إلي أدلّة أو شواهد نقليّة جديرة بالثقة، وتداول بعض الناس هذه الأحكام فيما بينهم دون أن يسألوا أنفسهم عن صحّتها و خطئها... وممّا لاشكّ فيه أنّ أيّ باحث يتصدّي للبحث عن تاريخ الشيعة أو عقائدهم أوفقههم لابدّ له من الاعتماد أوّلاً وقبل كلّ شي علي تراث الشيعة أنفسهم في هذه المجالات... وكان من بين العوامل التي أدّت إلي عدم إنصاف الشيعة أيضاً، أنّ الاستعمار الغربي أراد في عصرنا هذا أن يوسّع هوّة الخلاف بين السنّة والشيعة وبذلك تصاب الأمّة الإسلاميّة بداء الفرقة والانقسام فأوحي إلي بعض المستشرقين من رجاله بتوخّي هذا الفنّ بإسم البحث الآكاديمي الحرّ، وممّا يؤسف له أشدّ التأسّف أنّ بعض الباحثين من المسلمين في العصر الحاضر تابع أولئك المستشرقين في آرائهم دون أن يتفطنّ إلي مراميهم.

إلي أن قال: إنّ مدي الخلاف الموجود بين السنّة والشيعة ليس فيما يبدو لنا بأبعد ممّا هو موجود مثلاً بين مذهبي الإمام مالك وأتباعه من أهل الرأي والقياس ( مع رجال الفكر في القاهرة: 221/1، للأستاذ السيّد مرتضي الرضوي. ) .

2 - غرابة الموضوع بحاجة إلي دليل ساطع

إذا كان المدّعي أمراً غريباً علي العقول، فإثباته يحتاج إلي دليل ساطع مقنع، مثلاً إذا ادّعي القائل بأنّه كان في جانب البحر عدد كثير يتجاوز الآلاف من الناس، وتمكّن أحدهم السير علي وجه الماء دون الآخرين، فهذا أمر ممكن ولكنّه من الغرابة بمكان، لا يحصل الإيمان به إلّا بدليل قويّ، وما أشبهه بنظريّة عدالة الصحابة؛ فإنّ كلّ من رأي النبي 6 ساعة أو يوماً أو أسبوعاً أو شهراً صار عادلاً، وإن كان أمراً ممكناً غير محال، ولكنّه من الغرابة بمكان، إذ لم يتفّق ذلك لأحد من الأنبياء والمصلحين، ومن المعلوم أنّ عدد الصحابة يتجاوز مائة ألف ( كما قال أبو زرعة: قبض رسول اللّه 6 عن مائة ألف وأربعة عشر ألفاً من الصحابة ممّن روي عنه وسمع منه، نقله السيوطي ثمّ ناقش فيه إلي أن قال : وروي الساجي في المناقب بسند جيّد عن الرافعي قال: قبض رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلّم ستّون ألفاً، ثلاثون ألفاً في المدينة وثلاثون ألفاً في قبائل العرب وغير ذلك ومع هذا فجيمع من صنّف في الصحابة لم يبلغ مجموع ما في تصايفهم عشرة آلاف، مع كونهم يذكرون من توفّي في حياته و من عاصره أو أدركه صغيراً. تدريب الراوي 220/2. ) وإن كان عدد من سجلّت أسماؤهم أقلّ من عشرة آلاف ( كما صرّح محمد سعيد مبيّض في كتابه «موسوعة حياة الصحابة»، بقوله: تكون موسوعتنا قد ضمّت أكبر عدد ممكن من الصحابة؛ لأنّ بعض المؤلّفين يذكر أسماء لا يعتبرها الآخرون من أصحابه فجمعنا ما سجّل في كافّة هذه المراجع فبلغ عددهم (9333) تسعة آلاف وثلاثمائة وثلاث وثلاثون صحابيّاً. المصدر: 6/1. ) ، فالقول بعدالتهم من أوّلهم إلي آخرهم وأنّهم رجال مثاليّون، من أغرب الغرائب الممكنة التي لا تثبت إلّا بدليل قويّ يقطع جميع الشبهات حول عدالتهم.

3 - الصحبة ونفي البعد الإعجازي

إنّ الصحابة اختلفت مقدار صحبتهم للنبي 6، فبعضهم صحب النبي 6 من أوّل ساعة من ساعات البعثة إلي آخر لحظة من لحظات حياته، وبعضهم أسلم بعد البعثة وقبل الهجرة، وكثير منهم أسلموا بعد الهجرة، وبعضهم أدركوا من الصحبة سنة أو شهراً أو أيّاماً أو ساعات.

فهل يصحّ أن يقال : إنّ صحبة ساعات أو أيّام، قلعت ما في نفوسهم من جذور غير صالحة، وملكات رديئة، وكوّنت منهم شخصيّات ممتازة تجعلهم أعلي وأجلّ من أن يقعوا في إطار التعديل والجرح ؟

إنّ تأثير الصحبة عند من يعتقد بعدالة الصحابة كلّهم أشبه شئ بمادّة كيمياويّة تستعمل في تحويل عنصر كالنحاس إلي عنصر آخر كالذهب، فكأنّ الصحبة قلبت كلّ مصاحب ولو في مدّة ساعات، إلي إنسان مثاليّ يتحلّي بالعدالة، وهذا ممّا لا يقبله البرهان السليم ؛ لأنّ الرسول الأعظم صلي اللّه عليه وآله وسلم لم يقم بتربية الناس وتعليمهم عن طريق الإعجاز (وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَأَمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ( يونس: 99. ) ) و(قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَلِغَةُ فَلَوْ شَآءَ لَهَدَلكُمْ أَجْمَعِينَ ) ( الأنعام: 149. ) . بل قام بإرشاد الناس ودعوتهم إلي الحق مستعيناً بالأساليب المتعارفة، كتلاوة القرآن الكريم وبعث رسله ودعاة دينه إلي الأقطار، ونحو ذلك. والدعوة القائمة علي هذا الأساس يختلف أثرها في النفوس حسب اختلاف استعدادها وقابليّاتها فلا يصحّ لنا أن نزن الجميع بكيل واحد.

القرآن يمدح صنفاً من الأصحاب كما يذّم الآخر منهم

فلهذا نري أن القرآن يقسمّ الأصحاب إلي أصناف يمدح صنفاً منهم كما يذمّ الصنف الآخر.

أمّا الممدوحون فهم كما ذكرتم: فالسابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار، والمبايعون تحت الشجرة وأصحاب الفتح و ... .

فالناظر المتجرّد عن كلّ رأي مسبق والبري ء قلبه من كلّ مرض، يجد في نفسه تكريماً لهؤلاء الصحابة، غير أنّ الرأي الحاسم في عامّة الصحابة يستوجب النظر إلي كلّ الآيات القرآنيّة الواردة في حقّهم. حيث إنّ في القرآن الحكيم آيات، تدلّ بوضوح علي وجود مجموعات من الصحابة تضادّ الأصناف السابقة في الخلقيّات والملكات والسلوك والعمل كالمنافقين الذين جرّعوا رسول اللّه 6 الغصص مدّة حياته.

فلو كان المنافقون جماعة قليلة غير مؤثّرة لما رأيت هذه العناية البالغة في القرآن الكريم، وهناك ثلّة من المحقّقين كتبوا حول النفاق والمنافقين رسائل وكتباً، وقد قام بعضهم بإحصاء ما يرجع إليهم فبلغ مقداراً يقرب من عشر القرآن الكريم ( النفاق والمنافقون. تأليف الأستاذ : إبراهيم علي سالم المصري. ) ، وهذا يدلّ علي كثرة أصحاب النفاق وتأثيرهم يوم ذاك في المجتمع الإسلامي. ونشير إلي ما ورد فيهم في القرآن الحكيم:

الآيات الواردة في المنافقين

الأوّل: الآيات الواردة في حقّ المنافقين بحيث تعرب بوضوح عن وجود جماعة من المنافقين المعروفين بالنفاق بين الصحابة آنذاك، وكان لهم شأن ودور في المجتمع الإسلامي بحيث نزلت في حقّهم سورة مستقلّة.

الثاني: الآيات الدالّة علي وجود المنافقين المختفين حول المدينة ومن أهل المدينة جماعة مردوا علي النفاق وكان النبي الأعظم لا يعرف بعضهم:

(وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَفِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَي النِّفَاقِ لَاتَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ) ( التوبة : 100. ) .

قال ابن كثير: يخبر تعالي رسوله صلوات اللّه وسلامه عليه أن في أحياء العرب ممّن حول المدينة منافقون وفي أهل المدينة أيضا منافقون «مَرَدُواْ عَلَي النِّفَاقِ» أي: مرنوا واستمرّوا عليه ( تفسير ابن كثير: 398/2. ) .

لقد بذل القرآن الكريم عناية خاصّة بعصبة المنافقين وأعرب عن نواياهم وندّد بهم في السور المتعدّدة الدالّة علي أنّ المنافقين كانوا جماعة هائلة في المجتمع الإسلامي بين معروف عرف بسمة النفاق، وغير معروف بذلك، مقنع بقناع التظاهر بالإيمان والحبّ للنبي صلي اللّه عليه وآله وسلم بحيث كان كلّ من حول النبي 6 يخاف علي نفسه أن تنزل فيه آية تفضحه بمرأي المسلمين ومسمعهم.

كما قال ابن الجوزي في زاد المسير: «قال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه ما فرغ من تنزيل براءة حتّي ظننّا أن لن يبقي منّا أحد إلّا ينزل فيه شي» ( زاد المسير: 316/3. ) .

قال السيوطي: وأخرج ابو عوانة وابن المنذر وابو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما «أنّ عمر رضي اللّه عنه قيل: له سورة التوبة، قال: هي إلي العذاب أقرب! ما أقلعت عن الناس حتّي ما كادت تدع منهم أحداً» ( الدر المنثور: 208/3. ) .

هناك عدّة وقفات، وأسئلة!!

ألف: أين ذهب هؤلاء المنافقون بعد رسول اللّه صلي اللّه عليه وآله وقد كانوا جرّعوه الغصص مدّة حياته؟

ب: كيف انقطع الكلام فيهم بمجرّد انقطاع الوحي ولحوق النبي صلي اللّه عليه وآله بالرفيق الأعلي ؟

ج: هل كانت حياته سبباً في نفاق المنافقين ؟ ! وموته سبباً في إيمانهم وعدالتهم وصيرورتهم أفضل الخلق بعد الأنبياء؟!

د: كيف انقلبت حقائقهم بعد وفاته صلي اللّه عليه وآله فأصبحوا - بعد ذلك النفاق - بمثابة من الفضل لايقدح فيها شي ء علي رغم ارتكبوه من الجرائم والعظائم.

ه": ما الدليل علي هذه الدعاوي من كتاب، أو سنّة، أو عقل، أو إجماع، أو قياس ؟

و: هل انقطع أمر النفاق وانقرض المنافقون؟! أو صلح بالهم ببركة خلفاء الرسول؟! أو استمرّ أمرهم بأشدّ ممّا كان في عصر رسول اللّه 6 وتبدلّ السرّ بالجهر!!! كما في صحيح البخاري عن حذيفة بن اليمان قال: «إنّ المنافقين اليوم شرّ منهم علي عهد النبي صلي اللّه عليه وسلم، كانوا يومئذ يسرّون، واليوم يجهرون».

أو تبدّل نفاقهم بالكفر كما في المصدر نفسه عن حذيفة بأنّه قال: «إنّما كان النفاق علي عهد النبي صلي اللّه عليه وسلم، فأمّا اليوم فإنّما هو الكفر بعد الإيمان» ( صحيح البخاري: 100/8، كتاب الفتن، باب إذا قال عند قوم شيئا ثم خرج فقال بخلافه. ) .

ز: وبعد ذلك كلّه ماذا نقول بما ورد بأنّ عمر بن الخطاب لم يكن يصلّي علي أحد مات، إلّا بعد شهادة حذيفة بأنّه لم يكن من المنافقين؟!!

كما قال ابن كثير: «وذكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه كان إذا مات رجل ممّن يري أنه منهم، نظر إلي حذيفة فإن صلّي عليه وإلّا تركه» ( تفسير ابن كثير: 399/2. ) .

وكيف نجيب الطالب إذا استفسر عن مدلول ما ورد أنّ أمر النفاق وعدم تغلغل الوعي الإيماني في نفوس الصحابة بلغ بالدرجة التي يشكّ الخليفة عمر بن الخطاب هل هو منهم أم لا؟

كما ذكر ابن كثير والطبري: «وذكر لنا أنّ عمر قال لحذيفة أنشدك اللّه أمنهم أنا ؟ قال لا، ولا أومن منها أحداً بعدك» ( تفسير ابن كثير: 399/2، جامع البيان للطبري: 16/11. ) .

ز: هل نقبل بأن يقال: إنّ المنافقين كانوا معروفين فلا نخلّطهم بالصحابة؟ ثمّ كيف نبرّر ونؤلّ ما ورد في صحيح البخاري عن عمر بن الخطّاب، حين قام وقال: يا رسول اللّه دعني أضرب عنق هذا المنافق. (أراد عبد اللّه بن أبيّ) فقال النبي صلي اللّه عليه وسلم: دعه لا يتحدّث الناس أنّ محمداً يقتل أصحابه ( صحيح البخاري: 66/6، و67، تفسير سورة المنافقين، وصحيح مسلم : 19/8، باب نصر الأخ ظالماً أو مظلوماً، وسنن الترمذي : 90/5، ومسند أحمد بن حنبل: 393/3. ) .

وهكذا في قضيّة ذو الخويصرة فأجاب رسول اللّه 6 : معاذ اللّه أن يتحدّث الناس أنّي أقتل أصحابي، إنّ هذا وأصحابه يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية ( صحيح مسلم: 109/3 باب ذكر الخوارج. ) .

وفي قصّة حاطب، قال: دعني أضرب عنق هذا المنافق؟ ( مسند أبي يعلي: 321/1، يراجع أيضاً: سبل السلام لابن حجر العسقلاني: 188/4، وتاريخ ابن خلدون: ق 2 ج 2، ص 42. )

وههنا وقفة اخري: كيف يطلق عمر علي صحابي رسول اللّه بأنّه منافق ويطلب ضرب عنقه، وهو جايز لا طعن فيه!! ولكن من قال فيه بأنّه صحابيّ غير عادل، فيحكم عليه بالزندقة ؟!!!

ح: وإذا كان الأصحاب كلّهم عدول بلا استثناء، فما معني الحدود الشرعيّة التي أقامها أبو بكر وعمر وعثمان وعلي 7 بحق الزناة والسراق وشاربي الخمر من الصحابة.

ط: ما هو المراد من الاجتهاد والتأويل الذي يبرّر صاحبه فيما يرتكب من المخالفات للكتاب أو السنّة؟ كما في قضيّة خالد بن الوليد في قتل مالك بن نويرة، وأبي الغادية في قتل عمّار و...

وهل يصحّ تبرير الصحابة تحت ظلّ الاجتهاد في كلّ ما صدر عنهم من مخالفة الأحكام القطعيّة؟ وأنّهم مجازون في ارتكاب كلّ حرام وترك كلّ واجب حتّي في الخروج علي إمام زمانهم ، وإزهاق أرواح كثيرة ، وسفك دماء غزيرة، ولم يعد ذلك ذنب لهم؛ بل أنّهم مثابون ولهم أجر في جميع ذلك أيضاً؟!! لأنّهم فعلوا كل ما فعلوه بالاجتهاد ، والعمل به واجب ، ولا تفسيق بواجب ( فواتح الرحموت في شرح مسلم الثبوت: 158/2 و156، وسلّم الوصول ( مطبوع مع نهاية السؤل): 176/3 و177، والسنة قبل التدوين 404 و405. ) .

وهل هذا الاجتهاد يختصّ ببضعهم أو يعمّهم و يشمل من يأتي من بعدهم اقتداءً بسيرتهم وعملاً بقول النبي 6 «أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم».

الآيات النازلة في مرضي القلوب وذوي الإثارة للفتنة

الثالث: الآيات القرآنيّة الواردة في حقّ مرضي القلوب الذين يتلون المنافقين في الروحيّات والملكات، قال سبحانه بحقّهم:

(وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَفِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ و إِلَّا غُرُورًا ) ( الأحزاب : 12 . ) .

فكيف يمكن أن يوصف الذين ينسبون خلف الوعد إلي اللّه سبحانه وإلي الرسول صلي اللّه عليه وآله وسلم بالتقوي والعدالة ؟

الرابع: الآيات الواردة في ذوي التشكيك والإثارة للفتنة والسمّاعين لهم: (إِنَّمَا يَسْتَْذِنُكَ الَّذِينَ لَايُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الأَْخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ * وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأََعَدُّواْ لَهُ و عُدَّةً وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ ام نبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَعِدِينَ * لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّاخَبَالًا وَلأََوْضَعُواْ خِلَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمُ م بِالظَّلِمِينَ ) ( التوبة 45، 46، 47. ) .

الذين يؤذون النبي صلّي اللّه عليه وآله

الخامس: الآيات النازلة في الذين يؤذون رسول اللّه ( صلي اللّه عليه وآله وسلم ): ويستحقّون بذلك عذاباً أليماً: (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ( التوبة:61. ) .

هل يحكم العقل السليم بعدالة من أوعده اللّه العذاب ولعنه، (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ و لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْأَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا ) ( أحزاب: 57. ) .

الذين يظنّون باللّه الظنون الكاذبة،

السادس: الآيات التي تدلّ علي أنّ جمعاً من الصحابة يظنّون باللّه الظنون الكاذبة، ظنّ الجاهليّة من أهل الشرك باللّه، شكّاً في أمر اللّه، وتكذيباً لنبيّه 6، وظنّاً منهم أنّ اللّه خاذل نبيّه، ومعل عليه أهل الكفر ( كما في جامع البيان للطبري: 189/4. ) . وقد عرّفهم الحق سبحانه بقوله : (وَطَآلِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِ ّ ظَنَّ الْجَهِلِيَّةِ ) ( آل عمران : 154. ) .

هل يمكن أن يعدّ الذين هم أهل الشكّ والريب في اللّه عزّوجل ( يراجع: تفسير ابن كثير: 427/1. ) من العدول الثقات.

فحصيلة مايلاحظ في هذه الآيات أنّ في الأصحاب عدولاً وثقات من غير شكّ وريب، ومنهم أيضاً غير عدول وضعاف.

4 - مقام الصحابة لم يكن أكثر امتيازاً من أزواج النبي 6 و لا أرفع من مقامهنّ

إنّ التشرّف بصحبة النبي لم يكن أكثر امتيازاً وتأثيراً من التشرف بالزواج من النبي، وقد قال سبحانه في شأن أزواجه : (يَنِسَآءَ النَّبِيِ ّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَي اللَّهِ يَسِيرًا ) ( الأحزاب : 30. ) .

وصحبة الصحابة لم تكن بأكثر ولا أقوي من صحبة امرأة نوح وامرأة لوط فما أغنت الصحبة عنهما من اللّه شيئاً، قال سبحانه : (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَلِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيًْا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّخِلِينَ ) ( تحريم: 10. ) .

نقرأ معك يا أخي ما ورد عن أكابر علماء السنّة في تفسير هذه الآية الشريفة:

قال ابن الجوزي: قوله عزّوجلّ (فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيًْا ) أي فلم يدفعا عنهما من عذاب اللّه شيئاً وهذه الآية تقطع طمع من ركب المعصية ورجا أن ينفعه صلاح غيره ثمّ أخبر أنّ معصية الغير لا تضرّ المطيع، بقوله تعالي (وضرب اللّه مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون ) وهي آسية بنت مزاحم رضي اللّه عنها، وقال يحيي بن سلام: ضرب اللّه المثل الأوّل يحذر به عائشة وحفصة رضي اللّه عنهما، ثمّ ضرب لهما هذا المثل يرغبهما في التمسّك بالطاعة وكانت آسية قد آمنت بموسي ( زاد المسير لابن الجوزي ج 8 ص 56. ) .

قال الطبري بعد نقله الآية الشريفة: لم يغن صلاح هذين عن هاتين شيئاً، وامرأة فرعون لم يضرّها كفر فرعون. ثمّ روي عن بشر، قال : ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله : ضرب اللّه مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط . . . الآية، هاتان زوجتا نبي اللّه لمّا عصتا ربّهما، لم يغن أزواجهما عنهما من اللّه شيئاً ( جامع البيان: 217/82. ) .

قريب منه عن القرطبي في تفسيره ( تفسير القرطبي ج 81 ص 201. ) .

قال ابن قيّم الجوزية: ثمّ في هذه الأمثال من الأسرار البديعة ما يناسب سياق السورة فإنّها سيقت في ذكر أزواج النبي صلي اللّه عليه وسلم والتحذير من تظاهرهنّ عليه وأنهنّ إن لم يطعن اللّه ورسوله صلي اللّه عليه وسلم ويردن الدار الآخرة لم ينفعهنّ اتصالهنّ برسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم، كما لم ينفع امرأة نوح ولوط اتّصالهما بهما، ولهذا ضرب لهما في هذه السورة مثل اتّصال النكاح دون القرابة.

قال يحيي بن سلام: «ضرب اللّه المثل الأوّل يحذّر عائشة وحفصة، ثمّ ضرب لهما المثل الثاني يحرضهما علي التمسّك بالطاعة ( الأمثال في القرآن ص 57. ) .

وأوضح منه ما أورده الشوكاني بقوله: «وما أحسن من قال: فإن ذكر امرأتي النبيّين بعد ذكر قصّتهما ومظاهرتهما علي رسول اللّه صلي اللّه عليه وآله وسلم يرشد أتمّ إرشاد ويلوح أبلغ تلويح إلي أنّ المراد تخويفهما مع سائر أمّهات المؤمنين وبيان أنّهما وإن كانتا تحت عصمة خير خلق اللّه وخاتم رسله؛ فإنّ ذلك لا يغني عنهما من اللّه شيئاً... ( فتح القدير: 255/5. ) .

5 - أقوال علماء أهل السنّة في عدالة الصحابة وعدمها

وقد كتبت في صحيفتك الكريمة: «والذين اتّبعوهم هم أهل السنّة وليسوا الشيعة لأنّ الشيعة ما بين مكفّر لهم وذامّ لهم - أعني الشيعة الإماميّة المتأخّرين بدون إستثناء».

أقول: أيّها الأخ العزيز لقد كنت عزيزاً عندي إلي الغاية، لما شاهدت منك من الإنصاف الجميل والأخلاق الحسنة، ولكن لا ينقضي تعجّبي من صدور هذه العبارة من مثل جنابكم، بحيث كلمّا قرأتها زاد في حيرتي وتعجبي!! كيف خفي عليك كلام القوم من السنّة والشيعة في عدالة الصحابة.

وإن حكم ابن حزم بأنّ الصحابة كلّهم من أهل الجنّة قطعاً ( الإصابة في معرفة الصحابة: 1 / 19. ) وقال ابن الأثير: كلّهم عدول لا يتطرّق إليهم الجرح ( أسد الغابة في معرفة الصحابة: 1 / 3. ) . وادّعي بعضهم الإجماع علي ذلك كما صرّح ابن حجر العسقلاني بقوله: اتّفق أهل السنّة علي أنّ الجميع عدول ( الإصابة في معرفة الصحابة 1 / 17 - 18. ) . وقال ابن عبد البر: ثبتت عدالة جميعهم، لإجماع أهل الحق من المسلمين وهم أهل السنة والجماعة ( الإستيعاب في معرفة الأصحاب: 8/1. وفي الطبعة الحديثة، بتحقيق الشيخ علي محمد معوض وأحمد عادل عبد الموجود: 129/1. ) .

ولكن ذهب ابن الحاجب إلي عدم وقوع الاجماع؛ بل هو قول الأكثر، كما صرّح بقوله:

الأكثر علي عدالة الصحابة، وقيل: كغيرهم، وقيل: إلي حين الفتن، فلا يقبل الداخلون، لأنّ الفاسق غير معيّن، وقالت المعتزلة: عدول إلّا من قاتل عليّاً ( المختصر في الاصول: 67/2 وكذا في شرحه. ) .

وكذا في جمع الجوامع وشرحه حيث قال: والأكثر علي عدالة الصحابة لا يبحث عنها في رواية ولا شهادة، ثمّ نقل الأقوال الأخري ( النصائح الكافية: 160. ) .

ثمّ ذهب بعض الأعلام كالتفتازاني، بأنّ بعض الأصحاب قد حادّ عن طريق الحقّ، وبلغ حدّ الظلم والفسق ( شرح المقاصد: 310/5، ملّخصاً. ) ، يأتي نصّ كلامه آنفاً.

وهذا أبو حامد الغزالي (المتوفّي 505): بعد أن قال «إنّ عدالتهم معلومة بتعديل اللّه عزّوجل إيّاهم وثنائه عليهم في كتابه، فهو معتقدنا فيهم» قد نقل اختلاف العلماء في حكم الصحابة بقوله: «وقد زعم قوم أنّ حالهم كحال غيرهم في لزوم البحث، وقال قوم : حالهم العدالة في بداية الأمر إلي ظهور الحرب والخصومات، ثمّ تغيّر الحال وسفكت الدماء، فلابدّ من البحث، وقال جماهير المعتزلة : عائشة وطلحة والزبير وجميع أهل العراق والشام فسّاق بقتال الإمام الحق.

وقال قوم من سلف القدريّة : يجب ردّ شهادة عليّ وطلحة والزبير مجتمعين ومفترقين، لأنّ فيهم فاسقاً لا نعرفه بعينه.

وقال قوم : نقبل شهادة كلّ واحد إذا انفرد، لأنّه لم يتعيّن فسقه، أمّا إذا كان مع مخالفه فشهدا ردّا؛ إذ نعلم أنّ أحدهما فاسق، وشكّ بعضهم في فسق عثمان وقتلته ... ( المستصفي: 130، الباب الثالث في الجرح والتعديل، الفصل الرابع في عدالة الصحابة. ) .

في الصحابة عدول وغير عدول

فقد صرّح جماعة من أكابر علماء أهل السنّة من المتقدّمين والمتأخّرين بأنّ الصحابة غير معصومين وفيهم العدول وغير العدول، وإليك نصّ كلمات بعضهم:

هذا ابن حزم (المتوفي 456) ( قد وثّقه الذهبي قائلاً: ابن حزم، الإمام الأوحد، البحر، ذو الفنون والمعارف ... ورزق ذكاء مفرطاً، وذهناً سيّالاً، وكتباً نفيسة كثيرة... فإنّه رأس في علوم الاسلام، متبحّر في النقل، عديم النظير. سير أعلام النبلاء: 184/18.

وشهد له بالصدق والأمانة والديانة والحشمة والسؤدد كما في العبر: 239/3.

قال الشيخ عزّ الدين بن عبد السلام: وكان أحد المجتهدين، ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثل المحلّي لابن حزم، قال الذهبي بعد نقله هذا: لقد صدق الشيخ عز الدين. سير أعلام النبلاء: 193/18. وقريب من هذا عن السيوطي في طبقات الحفّاظ: 436.

قال الزركلي: ابن حزم: عالم الأندلس في عصره، وأحد أئمّة الإسلام، كان في الأندلس خلق كثير ينتسبون إلي مذهبه، يقال لهم «الحزمّية». الأعلام: 254/4. )
يقول: فمن المحال أن يأمر النبي صلي اللّه عليه وسلم باتّباع كلّ قائل من الصحابة رضي اللّه عنهم، وفيهم من يحلّل الشي وغيره منهم يحرّمه - إلي أن قال -: وقد كان الصحابة يقولون بآرائهم في عصره 9 فيبلغه ذلك فيصوب المصيب ويخطي المخطي، فذلك بعد موته أفشي وأكثر، ثمّ ذكر موارد متعدّدة ممّا أفتي به الصحابة فأنكره رسول اللّه ( الإحكام في أصول الأحكام بتحقيق أحمد شاكر: 810/6 وراجع أيضاً: 642/5، و806/6، و813، و816. ) .

وقال بعد صفحات: وأمّا قولهم: إنّ الصحابة رضي اللّه عنهم شهدوا الوحي فهم أعلم به، فإنّه يلزمهم علي هذا أنّ التابعين شهدوا الصحابة، فهم أعلم بهم، فيجب تقليد التابعين. وهكذا قرناً فقرناً، حتّي يبلغ الأمر إلينا فيجب تقليدنا، وهذه صفة دين النصاري في اتّباعهم أساقفتهم، وليست صفة ديننا والحمد للّه ربّ العالمين ( الإحكام في أصول الأحكام: 816/6، بتحقيق أحمد شاكر وطبعة دار الجيل بتحقيق لجنة من العلماء: 250/6، من المجلد الثاني. ) .

وهذا المازري (المتوفّي 530) ( قال الذهبي: وكان أحد الأذكياء الموصوفين، والائمّة المتبحّرين ... وكان بصيراً بعلم الحديث. سير أعلام النبلاء: 105/20.

قال الزركلي: محدّث، من فقهاء المالكيّة ... له (المعلم بفوائد مسلم) في الحديث، وهو ما علّق به علي صحيح مسلم، حين قراءته عليه سنة 499، وقيّده تلاميذه. الأعلام: 277/6. قال عمر رضا كحالة: يعرف بالإمام محدّث، حافظ، فقيه، اصوليّ، متكلّم، أديب . معجم المؤلفين: 32/11. )
، يقول في «شرح البرهان»: لسنا نعني بقولنا: الصحابة عدول، كلّ من رآه صلي اللّه تعالي عليه وعلي آله وسلم يوماً ما، أو زاره لمّاً ما، أو اجتمع به لغرض وانصرف عن كتب، وإنّما نعني به الذين لازموه، وعزّروه ونصروه، واتّبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ( الإصابة: 163/1، والنصائح الكافية: 167. ) .

قال ابن عقيل - بعد نقل كلام المازري - : قال السيّد الآلوسي وإلي نحو هذا ذهب ابن العماد الحنبلي ( قال خيرالدين الزركلي: عبد الحيّ بن أحمد بن محمد ابن العماد العكري الحنبلي، أبو الفلاح: مؤرّخ، فقيه، عالم بالأدب ... له ( شذرات الذهب في أخبار من ذهب ... الأعلام: 290/3، وهكذا في معجم المؤلّفين لعمر كحالة: 107/5. ) في شذرات الذهب ( النصائح الكافية: 168. ) .

وقال الذهبي: ولو فتحنا هذا الباب (الجرح والتعديل) علي نفوسنا لدخل فيه عدّة من الصحابة والتابعين والأئمّة، فبعض الصحابة كفّر بعضهم بعضاً بتأويل ما ! ! واللّه يرضي عن الكلّ ويغفر لهم !! فما هم بمعصومين، وما اختلافهم ومحاربتهم بالتي تلينهم عندنا.

ثمّ قال: وأمّا الصحابة رضي اللّه عنهم فبساطهم مطويّ، وإن جري ما جري، وإن غلطوا كما غلط غيرهم من الثقات ! ! فما يكاد يسلم أحد من الغلط ولكنّه غلط نادر لا يضرّ أبداً ! إذ علي عدالتهم وقبول ما نقلوا العمل، وبه ندين اللّه تعالي ( أضواء علي السنّة المحمدية: 342 عن الذهبي في رسالته التي ألّفها في الرواة الثقات: 3 - 21.

نقله في فتح الملك العلي - لأحمد بن الصديق المغربي: 147 عن لسان الميزان 1 : 6 - 8، وإرغام المبتدع الغبي للسقاف: 38 عن مقدمة رسالة الذهبي « في الرواة الثقات المتكلّم فيهم، بما لا يوجب ردّهم». )
.

المحاربات التي بلغت حدّ الظلم والفسق

وقال سعد الدين التفتازاني ( قال ابن حجر: تقدّم في الفنون واشتهر بذلك، وطار صيته وانتفع الناس بتصانيفه ... وانتهت إليه معرفة العلوم بالمشرق، مات بسمرقند سنة إحدي وتسعين وسبعمائة. بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة: 285/2، والدررالكامنة: 350/4. راجع: شذرات الذهب: 6 / 319، والبدر الطائع: 303/2.

قال اليان سركيس: كان من محاسن الزمان، لم تر العيون مثله في الأعلام والأعيان. وهو الأستاذ علي الإطلاق . والمشار إليه بالاتّفاق . اشتهرت تصانيفه في الأرض، وأتت بالطول والعرض ... وقد انتهت إليه رئاسة الحنفيّة بزمانه. (ملخّصاً عن الفوائد البهيّة). معجم المطبوعات العربية: 635/1. )
المتوفّي 791: إنّ ما وقع بين الصحابة من المحاربات والمشاجرات علي الوجه المسطور في كتب التواريخ، والمذكور علي ألسنة الثقات، يدلّ بظاهره علي أنّ بعضهم قد حادّ عن طريق الحقّ، وبلغ حدّ الظلم والفسق، وكان الباعث له الحقد والعناد، والحسد واللداد، وطلب الملك والرئاسة ( شرح المقاصد: 310/5 . ) .

ثمّ يقول: ليس كلّ من لقي النبي بالخير موسوماً، إلّا أنّ العلماء لحسن ظنّهم بأصحاب رسول اللّه، ذكروا لها محامل، وتأويلات بها تليق، وذهبوا إلي أنّهم محدودون عمّا يوجب التضليل والتفسيق، صوناً لعقائد المسلمين عن الزلل والضلالة في حقّ كبار الصحابة، سيّما المهاجرين منهم والأنصار، والمبشّرين بالثواب في دار القرار ( شرح المقاصد: 310/5. ) .

أقول: ويؤيّده ما ورد عن أبي بكر خطاباً للمهاجرين: «بأنّكم تريدون الدنيا، وستور الحرير، ونضائد الديباج، وتريدون الرئاسة، وكلّكم يريدها لنفسه، وكلّكم ورم أنفه» ( مجمع الزوائد: 202/5، والمعجم الكبير للطبراني: 62/1، وتاريخ الطبري: 619/2، تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر: 418/03، وأسد الغابة: 70/4، وميزان الاعتدال للذهبي: 108/3، ولسان الميزان: 188/4. ) .

وقال ابن خلدون المتوفّي 808: إنّ الصحابة كلّهم لم يكونوا أهل فتيا، ولا كان الدين يؤخذ عن جميعهم، وإنّما كان ذلك مختصّاً بالحاملين للقرآن، العارفين بناسخه ومنسوخه، ومتشابهه ومحكمه، وسائر دلالته بما تلقّوه من النبيّ صلي اللّه عليه وسلم ( تاريخ ابن خلدون: 446/1. ) .

يقول الدكتور طه حسين المتوفي 1393 ( قال الزركلي فيه: من كبار المحاضرين، جدّد مناهج، وأحدث ضجّة في عالم الأدب العربي. الأعلام: 231/3. ) : ولا نري في أصحاب النبي ما لم يكونوا يرون في أنفسهم، فهم كانوا يرون أنّهم بشر فيتعرّضون لما يتعرّض له غيرهم من الخطايا والآثام، وهم تقاذفوا التهم الخطيرة، وكان منهم فريق تراموا بالكفر والفسوق ... والذين ناصروا عثمان من أصحاب النبي كانوا يرون أنّ خصومهم قد خرجوا علي الدين وخالفوا عن أمره، وهم جميعاً من أجل ذلك قد استحلّوا أن يقاتل بعضهم بعضاً، وقاتل بعضهم بعضاً بالفعل يوم الجمل ويوم صفّين ... وإذا دفع أصحاب النبي أنفسهم إلي هذا الخلاف، وتراموا بالكبائر وقاتل بعضهم بعضاً في سبيل اللّه، فما ينبغي أن يكون رأينا فيهم أحسن من رأيهم في أنفسهم، وما ينبغي أن نذهب مذهب الذين يكذّبون أكثر الأخبار التي نقلت إلينا ما كان بينهم من فتنة واختلاف.

فنحن إن فعلنا ذلك لم نزد عن أن نكذّب التاريخ الإسلامي كلّه، منذ بعث النبي، لأنّ الذين رووا أخبار هذه الفتن، هم أنفسهم الذين رووا أخبار الفتح وأخبار المغازي وسيرة النبي والخلفاء، فما ينبغي أن نصدّقهم حين يروون ما يروقنا، وأن نكذّبهم حين يروون ما لا يعجبنا، وما ينبغي أن نصدّق بعض التاريخ ونكذّب بعضه الآخر، لا لشئ إلا لأنّ بعضه يرضينا وبعضه يؤذينا ( الفتنة الكبري (عثمان): 170 - 173. ) .

الصحابة يلعن بعضهم بعضاً

قال الدكتور أحمد أمين المتوفي 1373 ( قال الزركلي فيه : عالم بالأدب، غزير الاطّلاع علي التاريخ، من كبار الكتاب ... وكان من أعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق، ومجمع اللغة بالقاهرة، والمجمع العلمي العراقي ببغداد، ومنحته جامعة القاهرة (سنة 48) لقب (دكتور) فخري، وهو من أكثر كتّاب مصر تصنيفاً وإفاضة. ومن أعماله: إشرافه علي لجنة التأليف والترجمة والنشر، مدّة ثلاثين سنة وكان رئيساً لها. ومن تآليفه: فجر الإسلام وضحي الإسلام وظهر الإسلام ويوم الإسلام، وزعماء الإصلاح في العصر الحديث. الأعلام : 101/1. وراجع أيضاً: معجم المؤلفين: 168/1. ) : «إنّا رأينا الصحابة أنفسهم ينقد بعضهم بعضاً، بل يلعن بعضهم بعضاً، ولو كانت الصحابة عند نفسها بالمنزلة التي لا يصحّ فيها نقد، ولا لعن، لعلمت ذلك من حال نفسها، لأنّهم أعرف بمحلّهم من عوام أهل دهرنا، وهذا طلحة والزبير وعائشة ومن كان معهم وفي جانبهم، لم يروا أن يمسكوا عن عليّ، وهذا معاوية وعمرو بن العاص لم يقصرا دون ضربه وضرب أصحابه بالسيف، وكالذي روي عن عمر من أنّه طعن في رواية أبي هريرة وشتم خالد بن الوليد وحكم بفسقه... وقلّ أن يكون في الصحابة من سلم من لسانه أو يده ، إلي كثير من أمثال ذلك ممّا رواه التاريخ.

وكان التابعون يسلكون بالصحابة هذا المسلك ويقولون في العصاة منهم هذا القول، وإنّما اتّخذهم العامّة أرباباً بعد ذلك.

والصحابة قوم من الناس، لهم ما للناس وعليهم ما عليهم. من أساء ذمّمناه، ومن أحسن منهم حمدناه، وليس لهم علي غيرهم كبير فضل إلّا بمشاهدة الرسول ومعاصرته لا غير؛ بل ربما كانت ذنوبهم أفحش من ذنوب غيرهم، لأنّهم شاهدوا الأعلام والمعجزات، فمعاصينا أخفّ لأنّنا أعذر» ( ضحي الإسلام: 75/3. ) .

قال ابن عقيل المتوفي 1350 ( قال الزركلي: ابن عقيل (1279 - 1350ه" - 1863 - 1931 م) محمد بن عقيل بن عبد اللّه بن عمر، من آل يحيي، العلوي الحسيني الحضرمي، رحّالة، من بيت علم بحضرموت. الأعلام: 269/6.

قال عمر رضا كحّالة: محمد بن عقيل بن عبد اللّه بن عمر العلوي الصادقي الحسيني الحضرمي، فاضل، مشارك في بعض العلوم. ولد ببلدة مسيلة آل شيخ قرب تريم من بلاد حضرموت ليومين بقيا من شعبان، ورحل إلي سنغافورة واشتغل بالتجارة، وترأّس فيها المجلس الإسلامي الاستشاري، وأسّس فيها جمعيّة إسلاميّة ومجلّة وجريدة عربيّتين ومدرسة عربيّة دينيّة . . . من مؤلّفاته: النصائح الكافية لمن تولّي معاوية، تقوية الإيمان، فصل الحاكم في النزاع والتخاصم فيما بين بني أميّة وبني هاشم، العتب الجميل علي علماء الجرح والتعديل، وثمرات المطالعة. معجم المؤلفين: 296/10. )
: وأمّا تعديلهم كلّ من سمّوه بذلك الاصطلاح، صحابيّاً وإن فعل ما فعل من الكبائر، ووجوب تأويلها له فغير مسلّم؛ إذ الصحبة مع الإسلام لا تقتضي العصمة اتّفاقاً حتّي يثبت التعديل، ويجب التأويل علي أنّهم اختلفوا في ذلك التعديل اختلافاً كثيراً والجمهور هم القائلون بالعدالة ( النصائح الكافية لمحمد بن عقيل: 166. ) .

وقال محمد ناصر الدين الألباني المعاصر: كيف يسوغ لنا أن نتصوّر أنّ النبيّ صلي اللّه عليه وآله يجيز لنا أن نقتدي بكلّ رجل من الصحابة، مع أنّ فيهم العالم والمتوسّط في العلم ومن هو دون ذلك وكان فيه مثلاً من يري أنّ البَرد لا يفطر الصائم بأكله ( سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة: 82/1. ) .

وقريب من ذلك عن الشوكاني المتوفي 1255 ( إرشاد الفحول: 158.

قال الزركلي: محمد بن علي بن محمد الشوكاني: فقيه، مجتهد، من كبار علماء اليمن، من أهل صنعاء، ولد بهجرة شوكان، من بلاد خولان باليمن، ونشأ بصنعاء وولي قضاءها سنة 1229 ومات حاكماً بها، وكان يري تحريم التقليد، له 114 مؤلّفاً، منها: نيل الأوطار، والبدر الطالع،... وفتح القدير في التفسير، والسيل الجرّار .... الأعلام: 298/6. )
والشيخ محمود أبو ريّة المتوفي 1370 ( أضواء علي السنّة المحمديّة: 356 -359 ط دار المعارف بمصر. ) والشيخ محمد عبده ( قال الزركلي: الشيخ محمد عبده بن حسن خير اللّه مفتي الديار المصريّة، ومن كبار رجال الاصلاح والتجديد في الإسلام ... له تفسير القرآن الكريم... وشرح نهج البلاغة. الأعلام: 252/6.

قال عمر رضا كحّالة: فقيه، مفسّر، متكلم، حكيم، أديب، كاتب، صحافي، سياسي. معجم المؤلفين: 273/10. )
المتوفي 1323، والسيّد محمد رشيد رضا المتوفي 1354 ( تفسير المنار: 375/10.

قال الزركلي: صاحب مجلّة المنار، وأحد رجال الإصلاح الإسلامي من الكتّاب، العلماء بالحديث والأدب والتاريخ والتفسير... رحل إلي مصر سنة 1315، فلازم الشيخ محمد عبده وتتلمذ له... وأصبح مرجع الفتيا في التأليف، بين الشرعة والأوضاع العصريّة الجديدة ... . الأعلام: 126/6. )
والرافعي المتوفي 1356 ( إعجاز القرآن: 141.

هو مصطفي صادق الرافعي، قال الزركلي: عالم بالأدب، شاعر، من كبار الكتّاب، أصله من طرابلس الشام. الأعلام: 235/7. وقال عمر رضا كحالة: بأنّه انتخب عضواً بالمجمع العلمي العربي بدمشق. معجم المؤلّفين: 256/12. )
.

وهذا بعينه هو رأي الشيعة الإماميّة.

القول بأفضليّة بعض التابعين عن الصحابة

ذهب بعض إلي أنّ من يأتي بعد الصحابة يكون أفضل منهم: كما قال القرطبي: وذهب أبو عمر بن عبد البرّ ( ) [zالمتوفي 463] إلي أنّه قد يكون فيمن يأتي بعد الصحابة أفضل ممّن كان في جملة الصحابة، وإنّ قوله عليه السلام : «خير الناس قرني» ليس علي عمومه بدليل ما يجمع القرن من الفاضل والمفضول، وقد جمع قرنه جماعة من المنافقين المظهرين للإيمان وأهل الكبائر الذين أقام عليهم أو علي بعضهم الحدود ... ( تفسير القرطبي: 171/4. ) .

وهكذا نقل النووي عن القاضي عياض، عن ابن عبد البرّ ( شرح صحيح مسلم للنووي: 138/3. ) . والمناوي في فيض القدير، والمباركفوري في تحفة الأحوذي، وابن حجر في فتح الباري، ثمّ ناقش فيه ( فيض القدير: 368/4، تحفة الأحوذي: 337/8، وفتح الباري: 6/7. ) .

الصحابة أبصر بحالهم من غيرهم

لا شكّ أنّ من سبر تاريخ الصحابة بعد رحيل الرسول 9 يجد فيه صفحات مليئة بألوان الصراع والنزاع بينهم، حافلة بتبادل السبّ والشتم؛ بل تجاوز الأمر بهم إلي التقاتل وسفك الدماء، فكم من بدري وأحديّ انتهكت حرمته، أو أريق دمه بيد صحابيّ آخر، وهذا ممّا لايختلف فيه إثنان.

فإذا كان الصحابي يعتقد أنّ خصمه الصحابي الآخر منحرف عن الحقّ، ومجانب شريعة اللَّه ورسوله، وأنّه جهنميّ يستحقّ القتل وهو علي هذا الأساس يبيح سلّ السيف عليه وقتله، فكيف يجوز لنا أن نحكم بعدالتهم ونزاهتهم جميعاً والحال أنّ الصحابة أعرف منّا بنوازع أنفسهم وبنفسيّات أبناء جيلهم. وهل سمعت ظئراً أعطف بالطفل من أمِّه.

وقال ابن عقيل أيضاً: إنّ الصحابة أنفسهم لا يدعون لأنفسهم هذه المنزلة التي ادّعاها بعض المحدّثين لهم من العدالة العامّة فيهم، وهم أعرف بأنفسهم وبمن عاصروه وعاشروه من هؤلاء الذين كادوا يتّخذون الصحابة أنبياء معصومين، كيف وقد نقل عنهم وشاع وانتشر ردّ بعض منهم روايات البعض الآخر واتّهامه في النقل وعدم قبول ما جاء به إلّا بعد تثبّت شديد، وتحرّ عظيم.

وقد صحّ عن عليّ كرم اللّه وجهه أنّه يقول: ما حدّثني أحد بحديث عن رسول اللّه صلي اللّه عليه وآله إلّا استحلفته، وما استثني أحداً من المسلمين إلّا أبابكر ( النصائح الكافية: 172. ) .

عدالة جميع الصحابة أبعد من قول الشيعة من عصمة أئمّتهم

قال ابن عقيل: إنّنا أهل السنّة قد أنكرنا علي الشيعة دعواهم العصمة للأئمّة الإثني عشر عليهم السلام، وجاهرناهم بصيحات النكير، وسفهنا بذلك أحلامهم، ورددنا أدلّتهم بمارددنا، أ فبعد ذلك يجمل بنا أن ندّعي أنّ مائة وعشرين ألفاً حاضرهم، وباديهم، وعالمهم وجاهلهم، وذكرهم وأنثاهم، كلّهم معصومون. أو كما نقول: محفوظون من الكذب والفسق، ونجزم بعدالتهم أجمعين، فنأخذ رواية كلّ فرد منهم قضيّة مسلّمة، نضلّل من نازع في صحّتها ونفسّقه ونتصامم عن كلّ ما ثبت وصح عندنا.

بل وما تواتر من ارتكاب بعضهم ما يخرم العدالة وينافيها من البغي، والكذب، والقتل بغير حق، وشرب الخمر، وغير ذلك مع الإصرار عليه، لا أدري كيف تحلّ هذه المعضلة ولا أعرف تفسير هذه المشكلة ( النصائح الكافية: 174. ) .

اتّهام الزندقة لمن ينتقص أحداً من الصحابة

ومع هذا كلّه نري أنّ بعضهم يتّهم من ينتقد الصحابة بالزندقة، والخروج من الدين، والإلحاد كماقال السرخسي : من طعن فيهم فهو ملحد، منابذ للاسلام، دواؤه السيف، إن لم يتب ( أصول السرخي: 134/2. ) .

وروي الخطيب البغدادي بإسناده عن أحمد بن محمد بن سليمان التستري يقول سمعت أبا زرعة يقول: إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم فاعلم أنّه زنديق، وذلك أنّ الرسول صلي اللّه عليه وسلم عندنا حقّ، والقرآن حقّ، وإنّما أدّي إلينا هذا القرآن والسنن، أصحاب رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم وإنّما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنّة والجرح بهم أولي وهم زنادقة ( الكفاية في علم الرواية: 67. ) .

ثمّ قال ابن حجر بعد نقل هذا: من أدلّتها علي المقصود: ما رواه الترمذي وابن حبّان في صحيحه من حديث عبد اللّه بن مغفل قال: قال رسول اللّه (صلي اللّه عليه وسلم ): اللّه اللّه في أصحابي، لا تتّخذوهم غرضاً، فمن أحبّهم فبحبّي أحبّهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذي اللّه، ومن آذي اللّه فيوشك أن يأخذه ( الإصابة في معرفة الصحابة: 10/1. ) .

أقول: وقد رواه الترمذي في سننه، ثمّ قال: «هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلّا من هذا الوجه» ( سنن الترمذي: 358/5، أبواب المناقب، باب ما جاء في سبّ أصحاب النبي 9. ) .

قال الألباني في شرح كتاب السنّة لعمرو بن أبي عاصم الضحّاك بعد نقله الحديث: إسناده ضعيف؛ لجهالة عبد اللّه بن عبد الرحمن . ويقال عبد الرحمن بن زياد ، وقد تكلّمت عليه وخرجت حديثه في «الضعيفة» (2901) ( كتاب السنّة: 465. ) .

وقال أيضاً في ضعيف سنن الترمذي: (ضعيف - تخريج الطحاوية 471 (673)، الضعيفة 2901 (ضعيف الجامع الصغير وزيادته الفتح الكبير 1160) ( ضعيف سنن الترمذي لمحمد ناصر الألباني: 518. ) .

هذا أوّلاً، وأمّا ثانياً: فقوله «فبحبّي أحبّهم» أي: بسبب حبّي إيّاهم أحبّهم، «ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم» أي: بسبب بغضي إيّاهم أبغضهم.

يعني بذلك أنّ من علامات حبّ النبي 6، هو حبّ كلّ من يحبّه النبي 6 وبغض من يبغضبه.

كما قال القاضي عياض في شرح الحديث: فبالحقيقة من أحبّ شيئاً أحبّ كلّ شئ يحبّه وهذه سيرة السلف حتّي في المباحات وشهوات النفس، وقد قال أنس حين رأي النبي صلي اللّه عليه وسلم يتتبّع الدباء من حوالي القصعة: فما زلت أحبّ الدباء من يومئذ، وهذا الحسن بن علي وعبد اللّه بن عباس وابن جعفر، أتوا سلمي وسألوها أن تصنع لهم طعاماً ممّا كان يعجب رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم وكان ابن عمر يلبس النعال السبتية ويصبغ بالصفرة، إذ رأي النبي صلي اللّه عليه وسلم يفعل نحو ذلك.

ومنها بغض من أبغض اللّه ورسوله ومعاداة من عاداه ومجانبة من خالف سنّته وابتدع في دينه واستثقاله كلّ أمر يخالف شريعته قال اللّه تعالي (لَّاتَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْأَخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ و) ( الشفا بتعريف حقوق المصطفي: 26/2. ) .

فتدلّ الرواية علي وجوب حبّ كلّ صحابيّ يحبّه النبي 6 وبغض كلّ صحابي يبغبضه النبي 6.

ولا ريب أنّ حبّ جميع الصحابة ولو كان فيهم من يبغضه النبي أو أغضبه أو لعن 6 إيّاه، فليس من حبّ النبي 6 من شي كماورد عن علي بن أبي طالب 7: أصدقاؤك ثلاثة، وأعداؤك ثلاثة، فأصدقاؤك: صديقك، وصديق صديقك، وعدوّ عدوّك. وأعداؤك: عدوّك، وعدوّ صديقك، وصديق عدوّك ( شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 200/19، وينابيع المودّة: 247/2، ومختصر تاريخ ابن الدبيثي للذهبي: 124 بقوله: فذكر حديثاً. ) .

فقد ظهر بذلك فساد ما ذهب إليه بعض الشارحين، بما تهوي إليه هواه، كالمناوي في شرح الحديث بقوله: «فمن أحبّهم فبحبّي أحبّهم» أي فبسبب حبّهم إيّاي، أو حبّي إيّاهم أي إنّما أحبّهم لحبّهم إيّاي أو لحبّي إيّاهم «ومن أبغضهم فببغضي» أي فبسبب بغضه إيّاي (أبغضهم) يعني إنّما أبغضهم لبغضه إيّاي، ومن ثمّ قال المالكيّة يقتل سابّهم ( فيض القدير، شرح الجامع الصغير: 124/2. ) ، قريب منه عن المباركفوري في شرح سنن الترمذي ( تحفة الأحوذي: 247/10. ) .

وأنت تري كيف فرّق بين قوله 6 «فبحبّي أحبّهم» وقوله «فببغضي أبغضهم»، حيث فسّر الأوّل: بأنّ حبّ الأصحاب، إمّا بسبب حبّ هؤلاء الأصحاب، رسول اللّه 6 أو حبّ رسول اللّه 6 إيّاهم ولم يقل في الثاني فبغض الأصحاب لبغضهم رسول اللّه 6 أو بغض رسول اللّه 6 إيّاهم؛ بل فسّر بما هو معناه: «لا يبغض الأصحاب إلّا من كان يبغضني» أي سبب بغض المبغض للأصحاب هو وجود بغض رسول اللّه 6 في قلبه. وهذا في الحقيقة تفسير بما يخالف سياق الحديث من كلّ وجه.

6 - آراء الشيعة الإماميّة في الصحابة

أمير المؤمنين وأصحاب رسول اللّه 6 :

من أراد أن يقف علي رأي الشيعة في الصحابة فعليه بما يقوله إمام المسلمين علي عليه السلام في حقّهم:

«أين إخواني الذين ركبوا الطريق ومضوا علي الحق. أين عمّار وأين ابن التيهان وأين ذو الشهادتين وأين نظراؤهم من إخوانهم الذين تعاقدوا علي المنية وأبرد برؤوسهم إلي الفجرة. أوه علي إخواني الذين تلوا القرآن فأحكموه، وتدبّروا الفرض فأقاموه، أحيوا السنّة وأماتوا البدعة، دعوا للجهاد فأجابوا ووثقوا بالقائد فاتّبعوه ...» ( نهج البلاغة، الخطبة 182. ) .

علي بن الحسين عليهما السلام والأصحاب:

وهذا هو الإمام علي بن الحسين 8 يذكر في بعض أدعيته صحابة النبي 6 بقوله: «اللّهمّ وأصحاب محمد صلي اللّه عليه وآله وسلم خاصّة الذين أحسنوا الصحبة، والذين أبلوا البلاء الحسن في نصره، وكانفوه، وأسرعوا إلي وفادته، وسابقوا إلي دعوته، واستجابوا له حيث أسمعهم حجّة رسالاته، وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته، وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوّته ... ( الصحيفة السجادية، الدعاء الرابع . ) .

قول علي بن موسي الرضا عليهما السلام فيمن سبّ صاحب نبيّ:

رواه الفضل بن الحسن الطبرسي باسناده عن صحيفة الرضا عن آبائهعليهم السلام: عن رسول اللّه 6 من سبّ نبيّاً قتل، ومن سبّ صاحب نبيّ جلد ( صحيفة الرضا (ع) جمع مؤسّسة الامام المهدي (ع): 87، ومسند زيد بن علي: 464، بحار الأنوار للعلّامة المجلسي: 222/76، جواهر الكلام: 437/41، وسائل الشيعة (آل البيت ): 213/28 عن صحيفة الرضا (عليه السلام): 16/87، مستدرك الوسائل: 172/18، عن صحيفة الرضا ( عليه السلام): 35 ح 16. ) .

قال سماحة آية اللّه الگلپايگاني - من أحد مراجع العظام للشيعة الإماميّة، بعد نقل الحديث: وهذا الحكم مقطوع به عندهم كما عرفت ذلك من قسم من كلماتهم ( درّ المنضود: 244/2. ) .

قول والد الشيخ البهائي المتوفي 984:

قال الشيخ عز الدين حسين بن عبد الصمد العاملي، والد الشيخ البهائي من أئمّة الفقه والحديث:

«ليس في مذهبنا وجوب سبّهم، وإنّما يسبّهم عوام الناس المتعصّبون، وأمّا علماؤنا فلم يقل أحد بوجوب سبّهم، وهذه كتبهم موجودة.

وأقسمت له أيماناً مغلّظة ( قاله في مناظراته مع أحد علماء حلب في سوريا. ) بأنّه لو عاش أحد ألف سنة وهو يتديّن بمذهب أهل البيت عليهم السلام ويتوّلاهم، ويتبرّأ من أعدائهم، ولم يسبّ الصحابة قطّ، لم يكن مخطئاً، ولا في إيمانه قصور» ( المناظرات لمقاتل بن عطية بتحقيق الورداني: 77. ) .

قول السيّد عليخان الشيرازي المتوفي 1130:

قال السيّد عليخان الشيرازي : «حكم الصحابة عندنا في العدالة حكم غيرهم، ولا يتحتّم الحكم بالإيمان والعدالة بمجرّد الصحبة ولا يحصل بها النجاة من عقاب النار وغضب الجبّار إلّا أن يكون مع يقين الإيمان وخلوص الجنان، فمن عَلِمْنا عدالته وإيمانه وحفظه وصيّة رسول اللّه في أهل بيته، وأنّه مات علي ذلك، كسلمان وأبي ذر وعمّار، واليناه وتقرّبنا إلي اللّه تعالي بحبّه.

ومن علمنا أنّه انقلب علي عقبه وأظهر العداوة لأهل البيت 7 عاديناه للّه تعالي، وتبرّأنا إلي اللّه منه، ونسكت عن المجهولة حاله» ( الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة: 11. ) .

ثمّ قال: «اعلم أنّ كثيراً من الصحابة رجع إلي أمير المؤمنين 7 وظهر له الحقّ بعد أن عانده وتزلزل بعضهم في خلافة أبي بكر وبعضهم في خلافته 7 وليس إلي استقصائهم جميعاً سبيل، وقد اتّفقت نقلة الأخبار علي أنّ أكثر الصحابة كانوا معه 7 في حروبه».

قال المسعودي في مروج الذهب كان ممّن شهد صفّين مع علي 7 من أصحاب بدر سبعة وثمانون رجلاً منهم: سبعة عشر من المهاجرين، وسبعون من الأنصار. وشهد معه ممّن بايع تحت الشجرة وهي بيعة الرضوان من المهاجرين والأنصار، ومن سائر الصحابة، تسعمائة، وكان جميع من شهد معه من الصحابة ألفين وثمانمائة ( الدرجات الرفيعة: 39. ) .

ثمّ اختصّ الباب الأوّل من كتابه، إلي الطبقة الأولي ببني هاشم وساداتهم من الصحابة العليّة، وعدّ منهم أربعة وعشرون رجلاً ( المصدر: 41 إلي 195. ) .

واختصّ الباب الثاني بذكر غير بني هاشم من الصحابة المرضيّة والشيعة المرتضويّة رضوان اللّه عليهم. وذكر فيه زهاء خمسين رجلاً منهم ( المصدر: 197 إلي 452. ) .

قول السيّد محسن الأمين المتوفي 1371:

قال السيّد محسن الأمين العاملي ما يمثّل عقيدة الشيعة:

«حكم الصحابة في العدالة حكم غيرهم، ولا يتحتّم الحكم بها بمجرّد الصحبة، وهي لقاء النبي 6 مؤمناً به، ومات علي الإسلام. وإنّ ذلك ليس كافياً في ثبوت العدالة بعد الاتّفاق علي عدم العصمة المانعة من صدور الذنب، فمن علمنا عدالته حكمنا بها، وقبلنا روايته، ولزمنا له من التعظيم والتوقير، بسبب شرف الصحبة ونصرة الإسلام والجهاد في سبيل اللّه ما هو أهله، ومن علمنا منه خلاف ذلك لم تقبل روايته، أمثال مروان بن الحكم، والمغيرة بن شعبة، والوليد بن عقبة، وبسر بن أرطاة وبعض بني أميّة وأعوانهم، ومن جهلنا حاله في العدالة توقّفنا في قبول روايته.

وممّا يمكن أن يذكر في المقام أنّ النبي صلي اللّه عليه وآله توفّي ومن رآه وسمع عنه يتجاوز مائة ألف إنسان من رجل وإمرأة علي ما حكاه ابن حجر في الإصابة عن أبي زرعة الرازي: وقيل مات صلي اللّه عليه وآله عن مائة وأربعة عشر ألف صحابيّ» ( راجع الإصابة: 154/1 بتحقيق الشيخ عادل أحمد عبد الموجود و... طبعة دار الكتب العلميّة - بيروت. ) .

ومن الممتنع عادة أن يكون هذا العدد في كثرته وتفرّق أهوائه وكون النفوس البشريّة مطبوعة علي حبّ الشهوات كلّهم، قد حصلت لهم ملكة التقوي المانعة عن صدور الكبائر، والإصرار علي الصغائر بمجرّد رؤية النبي 6 والإيمان به.

ونحن نعلم أنّ منهم من أسلم طوعاً ورغبة في الإسلام، ومنهم من أسلم خوفاً وكرهاً، ومنهم المؤلّفة قلوبهم، وما كانت هذه الأمة إلّا كغيرها من الأمم التي جبلت علي حبّ الشهوات وخلقت فيها الطبائع القائدة إلي ذلك إن لم يردع رادع والكلّ من بني آدم.

وقد صحّ عنه صلي اللّه عليه وآله أنّه قال : لتسلكنّ سنن من قبلكم حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة حتّي لو دخل أحدهم جحر ضبّ لدخلتموه.

ولو منعت رؤية النبي صلي اللّه عليه وآله من وقوع الذنب لمنعت من الإرتداد الذي حصل من جماعة منهم كعبد اللّه بن جحش، وعبيد اللّه بن خطل، وربيعة بن أمية بن خلف، والأشعث بن قيس ( الثلاثة الأوّلون ارتدّوا وماتوا علي الردّة، والأشعث ارتدّ فأتي به إلي الخليفة أبي بكر أسيراً فعاد إلي الإسلام وزوجّه أخته، وكانت عوراء، فأولدها محمداً أحد قتلة الحسين عليه السلام. ) وغيرهم.

هذا مع ما شوهد من صدور أمور من بعضهم، لا تتّفق مع العدالة، كالخروج علي أئمّة العدل، وشقّ عصا المسلمين، وقتل النفوس المحترمة، وسلب الأموال المعصومة، والسبّ والشتم وحرب المسلمين وغشّهم، وإلقاح الفتن، والرغبة في الدنيا، والتزاحم علي الإمارة والرئاسة وغير ذلك ممّا تكفلّت به كتب الآثار والتواريخ وملأ الخافقين ( أعيان الشيعة: 113/1. ) .

قول السيّد شرف الدين العاملي المتوفي 1377:

قال السيّد شرف الدين من أكابر علماء الشيعة بلبنان: إنّ من وقف علي رأينا في الصحابة، علم أنّه أوسط الآراء، إذ لم نفرّط فيه تفريط الغلاة الذين كفرّوهم جميعاً، ولا أفرطنا إفراط الجمهور الذين وثّقوهم أجمعين، فإنّ الكامليّة ومن كان في الغلوّ علي شاكلتهم، قالوا: بكفر الصحابة كافّة، وقال أهل السنّة : بعدالة كلّ فرد ممّن سمع النبي صلي اللّه عليه وآله أو رآه من المسلمين مطلقاً، واحتجّوا بحديث كلّ من دبّ أو درج منهم أجمعين أكتعين أبصعين.

أمّا نحن، فإنّ الصحبة بمجرّدها وإن كانت عندنا فضيلة جليلة، لكنّها - بما هي ومن حيث هي - غير عاصمة، فالصحابة كغيرهم من الرجال. فيهم: العدول، وهم عظماؤهم وعلماؤهم، وأولياء هؤلاء، وفيهم: البغاة، وفيهم: أهل الجرائم من المنافقين، وفيهم: مجهول الحال.

فنحن نحتجّ بعدولهم ونتولّاهم في الدنيا والآخرة، أمّا البغاة علي الوصيّ، وأخي النبي، وسائر أهل الجرائم والعظائم كابن هند، وابن النابغة، وابن الزرقاء وابن عقبة، وابن أرطاة، وأمثالهم، فلا كرامة لهم، ولا وزن لحديثهم.

ومجهول الحال نتوقّف فيه حتّي نتبيّن أمره، هذا رأينا في حملة الحديث من الصحابة وغيرهم، والكتاب والسنّة بيننا علي هذا الرأي، كما هو مفصل في مظانّه من اصول الفقه.

لكنّ الجمهور بالغوا في تقديس كلّ من يسمّونه صحابيّاً حتّي خرجوا عن الاعتدال، فاحتجّوا بالغث منهم والسمين، واقتدوا بكلّ مسلم سمع النبي أو رآه 6 اقتداء أعمي، وأنكروا علي من يخالفهم في هذا الغلوّ، وخرجوا في الإنكار علي كلّ حد من الحدود، وما أشدّ إنكارهم علينا حين يروننا نردّ حديث كثير من الصحابة مصرّحين، بجرحهم أو بكونهم مجهولي الحال، عملاً بالواجب الشرعي في تمحيص الحقائق الدينيّة، والبحث عن الصحيح من الآثار النبويّة، وبهذا ظنّوا بنا الظنونا، فاتّهمونا بما اتّهمونا، رجماً بالغيب، وتهافتاً علي الجهل، ولو ثابت إليهم أحلامهم، ورجعوا إلي قواعد العلم، لعلموا أنّ أصالة العدالة في الصحابة ممّا لا دليل عليه، ولو تدبّروا القرآن الحكيم لوجدوه مشحوناً بذكر المنافقين منهم، وحسبك من سوره، التوبة، والاحزاب، وإذا جاءك المنافقون، ويكفيك من آياته المحكمة (الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا ) ( التوبة: 97. ) .

فليتني أدري أين ذهب المنافقون بعد رسول اللّه صلي اللّه عليه وآله وقد كانوا جرّعوه الغصص مدّة حياته، حتّي دحرجوا الدباب و... وقد تعلمون أنّه 6 خرج إلي أُحد بألف من أصحابه، فرجع منهم قبل الوصول ثلاث مائة من المنافقين، وربما بقي معه منافقون لم يرجعوا خوف الشهرة، أو رغبة بالدفاع عن أحساب قومهم، ولو لم يكن في الألف إلّا ثلاث مائة منافق، لكفي دليلاً علي أنّ النفاق كان زمن الوحي فاشياً، فكيف ينقطع بمجرّد انقطاع الوحي ولحوق النبي صلي اللّه عليه وآله بالرفيق الأعلي؟...

وما ضرّنا لو صدعنا بحقيقة أولئك المنافقين، فإنّ الأمّة في غني عنهم بالمؤمنين المستقيمين من الصحابة، وهم أهل السوابق والمناقب، وفيهم الأكثريّة الساحقة، ولا سيّما علماؤهم وعظماؤهم حملة الآثار النبويّة، وسدنة الأحكام الإلهيّة (وَأُوْلَل-ِكَ لَهُمُ الْخَيْرَتُ وَأُوْلَل-ِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَْنْهَرُ خَلِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( التوبة: 88 و89. ) . وهم في غني عن مدحة المادحين بمدحة اللّه تعالي، وثنائه عليهم في الذكر الحكيم، وحسبهم تأييد الدين، ونشر الدعوة إلي الحقّ المبين . علي أنّا نتولّي من الصحابة كلّ من اضطرّ إلي الحياد - في ظاهر الحال - عن الوصي، أو التجأ إلي مسايرة أهل السلطة بقصد الاحتياط علي الدين، والاحتفاظ بشوكة المسلمين، وهم السواد الأعظم من الصحابة رضي اللّه تعالي عنهم أجمعين فإنّ مودّة هؤلاء لازمة، والدعاء لهم فريضة، (وَالَّذِينَ جَآءُو مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَنِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَنِ وَلَاتَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ( الحشر: 10. ) ن ( أجوبة مسائل جار اللّه: 14. ) .

قول سماحة الشيخ السبحاني المعاصر

قال سماحة آية اللّه الشيخ جعفر السبحاني من أكابر علماء وأساتذة الحوزة العلميّة بقم المحروسة:

إنّه من المستحيل أن يحبّ الإنسان النبي 6 وفي الوقت نفسه يبغض من ضحي بنفسه ونفيسه في طريق رسالته، والإنسان العاقل لا يمكنه أن يجمع في قلبه حالتين متضادّتين. والذي دعا أهل السنّة إلي اتّهام الشيعة بالسبّ هو اعتقادهم بعدالة الصحابة كلّهم من أولّهم إلي آخرهم، والشيعة الإثنا عشريّة لا تعترف بذلك؛ بل إنّ الصحابة والتابعين وغيرهم من تابعيّ التابعين عندهم في صفّ واحد، ولا تري أيّ ملازمة بين كون الرجل صحابيّاً رأي النبي 6، وبين كونه رجلاً مثاليّاً يكون القدوة والأسوة للمسلمين إلي يوم القيامة.

بل تعتقد أنّ مصير الصحابة كمصير الآخرين، فيهم: الصالح، والتقيّ، والمخلص، وفيهم: الطالح، والمنافق، وتدلّ علي ذلك أمور كثيرة ( رسائل ومقالات: 155. ) .

وقال أيضاً: علي أنّ ما نحن بصدد بحثه ودراسته هنا هو «عدالة جميع الصحابة» لا سبّ الصحابة، وإنّ من المؤسف أنّه لم يفرق البعض بين المسألتين، وإنّما عمد إلي اتّهام المخالفين في المسألة الأولي، والإيقاع فيهم في غير ما حق.

وفي الخاتمة نؤكّد علي أنّ الشيعة الإماميّة لا تري احترام صحبة النبي 6 مانعاً من مناقشة أفعال بعض صحابته 6 والحكم عليها، وتعتقد بأنّ معاشرة النبي لا تكون سبباً للمصونيّة من المعاصي إلي آخر العمر . . . علي أنّ موقف الشيعة، في هذا المجال ينطلق من الآيات القرآنيّة، والأحاديث الصحيحة، والتاريخ القطعي، والعقل المحايد الحصيف ( العقيدة الإسلاميّة: 298. ) .

وبعد إلفات نظركم السامي إلي هذه الأُمور فلنرجع إلي تحليل ما جاء في رسالتكم الكريمة:

نظرة مجرّدة إلي روايات الحوض

قلتم:

أوّلاً: هذه الروايات رواها الصحابة أنفسهم رضي اللّه عنهم وهذه لأمانتهم وصدق إيمانهم ولو كانوا قدارتدّوا ما رووها.

ثانياً: المعني: إمّا أنّه يراد به الصحابة أنفسهم جميعهم، وهذا مردود للآيات السابقة والأحاديث الصحيحة في فضلهم جميعاً وفي فضائل أفرادهم.

وإما أن يراد به بعضهم وهذا يحتاج إلي دليل قطعيّ، وهذا غير موجود.

وإمّا أن يراد به بعض أفراد الأمّة وسمّاهم بأصحابه لأنّ كلّ أمّته أصحابه؛ لمشاركته في دينه وفي الجنّة، أي يصاحبونه فيها فعندما يقدّم هؤلاء علي حوضه، وعليهم علامة المسلمين بآثار الوضوء ويمنعون عن الحوض فيقول: أصحابي . . . وفي بعضها لا يقول أصحابي، وإنّما يقول: ألا هلمّ، وفي بعضها بالتصغير: أصيحابي، فالذي يظهر أنّ هذا هو المراد وهو الذي نعتقده.

ما هو المراد من الأصحاب في حديث الحوض

أقول: اُختلف في المراد من الأصحاب في حديث الحوض هل المراد منه هو المعني المصطلح أي: كلّ من صحب رسول اللّه 6 ورآه كما عرفه أبناء أهل السنّة، أو المراد منه هو المعني اللغوي أي كلّ من تبعه وكان موافقاً له في سلوكه.

قال القاضي عياض عند تأويله أحاديث الحوض: فإنّ أصحابه وإن شاع عرفاً فيمن يلازمه من المهاجرين والأنصار، شاع استعماله لغة في كلّ من تبعه مرّة ( تحفة الأحوذي للمباركفوري: 6/9. ) .

يلاحظ عليه أوّلاً: بأنّ المراد بالردّة في هذه الرواية ليست ردّة الكفر أو الإرتداد والخروج عن الإسلام؛ بل المراد بها تخلّفهم عن إحدي أهمّ الواجبات الدينيّة، كما صرّح ابن الأثير في النهاية بقوله: «وفي حديث القيامة والحوض ، فيقال : إنّهم لم يزالوا مرتدّين علي أدبارهم القهقري ، أي متخلّفين عن بعض الواجبات ، ولم يرد ردّة الكفر ( النهاية في غريب الحديث والأثر: 214/2 مادّة «ردد». وهكذافي لسان العرب. ) .

فالمراد منها هي ترك وصيّة النبي 6 في عليّ وأهل بيته، كما أنّ المراد من الأحداث هي الوقائع والبدع التي أحدثت بعد رسول اللّه 6 كما سيوافيك عن براء بن عازب وأمّ المؤمنين عائشة وأبي سعيد الخدري.

وثانياً: إنّما الكلام في كلمة «الأصحاب» الواردة في لسان النبي 6، لا الواردة في اللغة أو في لسان التابعين بعد مضيّ سنوات، فمراده 6 منه هم الذين صحبوه ورأوه بلاريب.

وثالثاً: لو حملنا كلمة الأصحاب الواردة في لسان النبي 6 علي مطلق من تبع النبي 6 فلابدّ من حمل هذه اللفظة علي هذا المعني في عامّة الموارد، مثل قوله 6 «لا تسبّوا أصحابي» و «أصحابي كالنجوم» و... . وهذا ما لا يرتضيه أحد.

ما يدلّ علي أنّ الصحابة هم الذين صحبوا النبي صلّي اللّه عليه وآله ورأوه

ورابعاً: ملاحظة متن روايات الحوض وغيرها تثبت بأنّ المراد من الصحابة هم الذين صحبوه ورأوه من دون شكّ في ذلك وإليك بعض هذه الروايات:

1 - التصريح في بعض الروايات بكلمة «صاحبني ورآني»:

ففي مسند أحمد: عن أبي بكرة ، أنّ رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم قال : ليردنّ عليّ الحوض رجال ممّن صحبني ورآني، حتّي إذا رفعوا إليّ ورأيتهم اختلجوا دوني ، فلأقولنّ ربّ أصحابي! أصحابي ! فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ؟ ( مسند أحمد بن حنبل: 48/5، حديث أبي بكرة نفيع بن الحرث، والمصنّف لابن أبي شيبة: 415/7 رقم 35، كتاب الفضائل، باب ما أعطي اللّه محمداً 9، وتاريخ دمشق: 8/36، وكنز العمال: 239/13 ح 36714. ) .

وفي صحيح مسلم عن عبد العزيز بن صهيب يحدث قال حدّثنا أنس بن مالك أنّ النبي صلي اللّه عليه وسلم قال ليردنّ عليّ الحوض رجال ممّن صاحبني حتي إذا رأيتهم ورفعوا إليّ، اختلجوا دوني فلأقولنّ: أي رب! أصيحأبي أصيحّبي، فليقالنّ لي: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ( صحيح مسلم: 70/7، باب إثبات حوض نبيّنا، وشرح مسلم للنووي: 64/15. ) .

قال ابن حجر: ولأحمد والطبراني من حديث أبي بكرة رفعه ليردنّ عليّ الحوض رجال ممّن صحبني ورآني وسنده حسن. وللطبراني من حديث أبي الدرداء نحوه وزاد: فقلت يا رسول اللّه أدع أن لا يجعلني منهم، قال: لست منهم. وسنده حسن ( فتح الباري: 333/11. ) .

وفي تفسير الطبري: والذي نفس محمد بيده ليردنّ عليّ الحوض ممّن صحبني أقوام حتّي إذا رفعوا إليّ ورأيتهم اختلجوا دوني فلأقولنّ ربّ أصحابي، أصحابي، فليقالنّ إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ( جامع البيان: 55/4، في تفسير قوله تعالي «أمّا الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم» ) .

2 - تعبير رسول اللّه 9 عن المخاطبين بالصحابة وعن الذين يأتون بعدُ بالإخوان: ورد في صحيح مسلم: عن أبي هريرة أنّ رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم أتي المقبرة فقال السلام عليكم، دار قوم مؤمنين، وإنّا إن شاء اللّه بكم لاحقون، وددت أنا قد رأينا إخواننا، قالوا: أو لسنا إخوانك يارسول اللّه

قال: أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد. فقالوا: كيف تعرف من لم يأت بعد من أمّتك يارسول اللّه؟

فقال: أرأيت لو أنّ رجلاً له خيل غرّ محجّلة بين ظهري خيل دهم بهم، إلّا يعرف خيله، قالوا: بلي يارسول اللّه ، قال: فإنّهم يأتون غرّاً محجّلين من الوضوء، وأنا فرطهم علي الحوض، ألا ليذادّن رجال عن حوضي كما يذادّ البعير الضالّ أناديهم ألا هلمّ، فيقال: إنّهم قد بدلّوا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً ( صحيح مسلم: 150/1، كتاب الطهارة، باب استحباب الغرة والتحجيل في الوضوء، وأحكام الجنائز للألباني: 190، قائلاً: أخرجه مسلم (150/1 - 151) ومالك (49/1 - 50 ) والنسائي (1/ 35) وابن ماجة (580/2 ) والبيهقي (78/4 ) وأحمد (2 /300 ، 408). ) .

وفي رواية عبد الرزاق: ثمّ يلتفت إلي أصحابه ، وفيهم يومئذ الأفاضل ، فيقول : أنتم خير، أم هؤلاء؟ فيقولون : نرجو أن لا يكونوا خيراً منّا، - إلي أن قال: - فإنّ هؤلاء قد مضوا، وقد شهدت لهم ، وإنّي لا أدري ما تحدثون بعدي ( المصنّف لعبد الرزاق الصنعاني: 575/3 ح 6720. ) .

وفي تفسير الثعالبي: ثمّ أقبل علي أصحابه فقال: هؤلاء خير منكم، قالوا يا رسول اللّه! إخواننا، أسلمنا كما أسلموا، وهاجرنا كما هاجروا، وجاهدنا كما جاهدوا، وأتوا علي آجالهم فمضوا فيها وبقينا في آجالنا، كلّ فما يجعلهم خيراً منّا؟

قال: هؤلاء خرجوا من الدنيا لم يأكلوا من أجورهم شيئاً وخرجوا وأنا الشهيد عليهم، وأنّكم قد أكلتم من أجوركم ولا أدري ما تحدثون من بعدي؟

قال: فلمّا سمعها القوم عقلوها وانتفعوا بها، وقالوا إنّا لمحاسبون بما أصبنا من الدنيا وأنّه لمنتقص به من أجورنا ( تفسير الثعالبي: 221/5. ) .

3 - طلب الأصحاب من النبي 9 أن يدعو اللّه أن لا يجعلهم من المطرودين واستعاذتهم باللّه من الرجوع علي الأعقاب:

ورد في معجم الطبراني، عن أبي الدرداء قال: قال رسول اللّه لألفينّ ما نوزعت أحداً منكم علي الحوض، فأقول: هذا من أصحابي، فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك قال أبو الدرداء: يا نبيّ اللّه أدع اللّه أن لا يجعلني منهم. قال: لست منهم ( المعجم الأوسط للطبراني: 1/ 125، مسند الشاميين للطبراني: 317/2، وتاريخ مدينة دمشق لابن عساكر: ج 117/47 و76/54، والبداية والنهاية لابن كثير: 231/6. ) .

وروي الهيثمي عن أبي الدرداء، قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم لألفينّ ما نوزعت أحداً منكم عند الحوض، فأقول: هذا من أصحابي، فيقول: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك.

قال أبو الدرداء: يا رسول اللّه أدع اللّه أن لا يجعلني منهم، قال: لست منهم. رواه الطبراني في الأوسط والبزار بنحوه ورجالهما ثقات ( مجمع الزوائد: 9/ 367، باب ما جاء في ابي الدراء رضي اللّه عنه، وفي 365/10: رواه الطبراني بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح عن أبي عبد اللّه الأشعري وهو ثقة. ) .

وهكذا استعاذة ابن أبي مليكة باللّه من رجوعه علي الأعقاب، كما في صحيح البخاري ومسلم: عن ابن أبي مليكة، عن أسماء بنت أبي بكر قالت : قال النبي صلي اللّه عليه وسلم:إنّي علي الحوض حتّي أنظر من يرد عليّ منكم وسيؤخذ ناس دوني، فأقول : يا ربّ منّي ومن أمّتي ؟

فيقال : هل شعرت ما عملوا بعدك واللّه ما برحوا علي أعقابهم. فكان ابن أبي مليكة يقول : اللّهمّ إنّا نعوذ بك أن نرجع علي أعقابنا أو نفتن عن ديننا. أعقابكم تنكصون ترجعون علي العقب ( صحيح البخاري: 209/7، كتاب الرقاق، باب في الحوض. و86/8، كتاب الفتن، ما جاء في قول اللّه تعالي : «واتّقوا فتنة لا تصيبنّ الذين ظلموا منكم خاصّة»، وصحيح مسلم: 66/7، كتاب الفضائل، باب إثبات حوض نبيّنا. ) .

وفي معجم الطبراني: فكان ابن أبي مليكة يقول: اللّهمّ إنّا نعوذ بك أن نرجع علي أعقابنا أو نغيّر ديننا ( المعجم الكبير للطبراني: 94/42. ) .

4 - بكاء أبي بكر حين سمع حديث الحوض وارتداد الأمّة بعده:

كما في الموطّأ: عن مالك ، عن أبي النضر مولي عمر بن عبيد اللّه ، أنّه بلغه أنّ رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم قال لشهداء أحد (هؤلاء أشهد عليهم) فقال أبو بكر الصديق : ألسنا يا رسول اللّه بإخوانهم ؟ أسلمنا كما أسلموا. وجاهدنا كما جاهدوا. فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم بلي. ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي؟ فبكي أبو بكر. ثمّ بكي. ثمّ قال: أئنّا لكائنون بعدك؟ ( كتاب الموطأللإمام مالك: 461/2، ح 32، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 38/51، ومغازي الواقدي: 310/1. ) .

فلوكان المراد من الأصحاب في هذه الأحاديث، هم الذين يأتون بعد زمان الصحابة، فما معني قوله 9 ممّن صاحبني ورآني؟ بل ما معني كلام أبي الدرداء واستعاذة ابن أبي مليكة وبكاء أبي بكر؟

5 - قوله 9 منذ فارقتهم:

كما في صحيح البخاري: وإنّ أناساً من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: أصحابي أصحابي، فيقال: إنّهم لم يزالوا مرتدّين علي أعقابهم منذ فارقتهم ( صحيح البخاري: 142/4 كتاب بدء الخلق، باب واذكر في الكتاب مريم وقبل باب نزول عيسي، و192/5 باب قوله إن تعذّبهم فإنّهم عبادك و240 و195/7.

وصحيح مسلم: 157/8، كتاب الجنّة وصفة نعيمها وأهلها، باب صفة يوم القيامة. )
. وهذا صريح بأنّ المراد هم الذين عاشوا في عصر النبي 6 وبعده.

6 - قول رسول اللّه في حديث الحوض: «وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم» وشهادته 9 علي من مضي من الأصحاب:

في رواية البخاري: ثمّ يؤخذ برجال من أصحابي ذات اليمين وذات الشمال فأقول: أصحابي، فيقال: إنّهم لم يزالوا مرتدّين علي أعقابهم منذ فارقتهم، فأقول كما قال العبد الصالح عيسي بن مريم، «وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم، فلمّا توفّيتني كنت أنت الرقيب عليهم، وأنت علي كلّ شئ شهيد، إن تعذبّهم فإنّهم عبادك وإن تغفر لهم، فإنّك أنت العزيز الحكيم ( صحيح البخاري: 142/4 كتاب بدء الخلق، باب واذكر في الكتاب مريم وقبل باب نزول عيسي، وص 192 باب قوله إن تعذّبهم فإنّهم عبادك وج 240/5 و195/7

وصحيح مسلم: 157/8. )
.

وفي مصنّف عبد الرزاق، عن معمّر قال: وأخبرني من سمع الحسن يقول : قال النبي صلي اللّه عليه وسلم للشهداء يوم أحد : إن هؤلاء قد مضوا ، وقد شهدت عليهم ، ولم يأكلوا من أجورهم شيئاً، ولكنّكم تأكلون من أجوركم ، ولا أدري ما تحدثون بعدي ( المصنف لعبد الرزاق الصنعاني: 541/3، ح 6634، و273/5ح 9581. ) .

وفيه أيضاً عن ابن جريج قال : حدّثت أنّ النبي صلي اللّه عليه وسلم كان ينطلق بطوائف من أصحابه إلي دفني بقيع الغرقد ، فيقول : السلام عليكم يا أهل القبور ، لو تعلمون ممّا نجاكم اللّه ممّا هو كائن بعدكم.

ثمّ يلتفت إلي أصحابه ، وفيهم يومئذ الأفاضل ، فيقول : أنتم خير أم هؤلاء ؟ فيقولون : نرجو أن لا يكونوا خيراً منّا ، هاجرنا كما هاجروا فقال: هؤلاء خرجوا من الدنيا ولم يأكلوا من أجورهم شيئاً ، وإنّكم تأكلون من أجوركم ، فإنّ هؤلاء قد مضوا، وقد شهدت لهم ، وإنّي لا أدري ما تحدثون بعدي ( المصنّف لعبد الرزاق الصنعاني: 575/3 ح 6720. ) .

قال الثعالبي في تفسيره: وروي ابن المبارك في رقائقه من طريق الحسن عن النبي أنّه خرج في أصحابه الي بقيع الغرقد، فقال السلام عليكم يا اهل القبور لو تعلمون ما نجاكم اللّه منه ممّا هو كائن بعدكم، ثمّ أقبل علي أصحابه فقال هؤلاء خير منكم، قالوا يا رسول اللّه إخواننا أسلمنا كما أسلموا وهاجرنا كما هاجروا وجاهدنا كما جاهدوا وأتوا علي آجالهم فمضوا فيها وبقينا في آجالنا، فما يجعلهم خيراً منّا؟

قال: هؤلاء خرجوا من الدنيا لم يأكلوا من أجورهم شيئاً وخرجوا وأنا الشهيد عليهم، وأنّكم قد أكلتم من أجوركم ولا أدري ما تحدثون من بعدي؟

قال: فلمّا سمعها القوم عقلوها وانتفعوا بها، وقالوا إنّا لمحاسبون بما أصبنا من الدنيا وأنّه لمنتقص به من أجورنا ( تفسير الثعالبي: 221/5. ) .

وفي تاريخ المدينة لابن شبة النميري: إنّ هؤلاء مضوا لم يأكلوا من أجورهم شيئاً ، وشهدت عليهم ، وإنّكم قد أكلتم من أجوركم بعدهم ، ولا أدري كيف تفعلون بعدي ( تاريخ المدينة لابن شبة النميري: 94/1. ) . وفي موضع آخر: ولا أدري كيف تصنعون بعدي ( المصدر: 95/1. ) .

وهذا يدلّ علي أنّ الرسول 6 لم يكن مطمئنّاً لما ينتهي إليه أمر أصحابه بعده. ولم يكن يعتقد أنّ مجرّد صحبتهم له تدخلهم الجنان ، وتجعلهم معصومين ، أو أنّها تكون أماناً لهم من كلّ حساب وعقاب ، عملوا ما عملوا، وفعلوا ما فعلوا، فإنّ ذلك خلاف ما قرّره القرآن الذي يقول : «فمن يعمل مثقال ذرّة خيراً يره ، ومن يعمل مثقال ذرّة شرّاً يره» ( الزلزلة : 7 و 8 . )

7 - انشغال بال رسول اللّه 6 وقلقه عمّا يصنع الصحابة:

مرّ قوله 6 في قضيّة بكاء أبي بكر: «لكن لا أدري ما تحدثون بعدي؟» ( كتاب الموطأللإمام مالك: 461/2، ح 32. ) . وفي الفصل السابق في قضيّة شهداء أحد: «ولا أدري ما تحدثون بعدي» ( المصنّف لعبد الرزاق الصنعاني: 541/3، ح 6634، و273/5ح 9581. ) وفي قضية بقيع الغرقد عن تفسير الثعالبي ومصنف عبد الرزّاق «وإنّي لا أدري ما تحدثون بعدي ( تفسير الثعالبي: 221/5، والمصنّف: 575/3 ح 6720. ) .

وعن تاريخ المدينة: «لا أدري كيف تفعلون بعدي» ( تاريخ المدينة لابن شبة النميري: 94/1. ) أو «ولا أدري كيف تصنعون بعدي» ( المصدر: 95/1.

)
.

8 - قوله 6 ارتدادهم علي الأدبار:

ورد في روايات الحوض: أيضاً لا تدري بما أحدثوا إنّهم ارتدّوا علي أدبارهم القهقري ( صحيح البخاري: 208/7، كتاب الرقاق، باب في الحوض. ) .

وفي قوله تعالي: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَي أَعْقَبِكُمْ ) ( ) ( آل عمران: 144. ) .

وكأنّ هذه الأحاديث واردة مورد التفسير لهذه الآية ، وموكّدة لتحقّق مضمونها بعد وفاته.

9 - اعتراف بعض الأصحاب علي إحداث الصحابة بعد رسول اللّه 6 :

الف: اعتراف البراء بن عازب:

رواه البخاري عن محمد بن فضيل عن العلاء بن المسيب عن أبيه قال: لقيت البراء بن عازب رضي اللّه عنهما، فقلت: طوبي لك صحبت النبي صلي اللّه عليه وسلم وبايعته تحت الشجرة!! فقال: يا ابن أخي إنّك لا تدري ما أحدثنا بعده ( صحيح البخاري: 65/5، كتاب المغازي باب غزوة الحديبية، ومقدمة فتح الباري لابن حجر: 433. ) .

والبراء بن عازب من أكابر الصحابة ومن السابقين الأوّلين الذين بايعوا النبي صلي اللّه عليه وآله وسلم تحت الشجرة يشهد علي نفسه وغيره من الصحابة بأنّهم أحدثوا بعد وفاة النبي صلي اللّه عليه وآله وسلم كي لا يغترّ بهم الناس ، وأوضح بأنّ صحبة النبي صلي اللّه عليه وآله وسلم ومبايعته تحت الشجرة والتي سميّت ب"بيعة الرضوان لا تمنعان من ضلالة الصحابي وارتداده بعد النبي صلي اللّه عليه وآله وسلم.

ب: اعتراف أبي سعيد الخدري:

روي ابن عدي عن ابن أبي بكر عن عباس سئل يحيي عن خلف بن خليفة فقال ليس به بأس ثنا بهلول بن إسحاق ثنا سعيد بن منصور ثنا خلف بن خليفة عن العلاء بن المسيب عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال: قلنا له: هنيئاً لك يا أبا سعيد برؤية رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم وصحبته!! قال: أخي إنّك لا تدري ما أحدثنا بعده ( ) ( الكامل لعبداللّه بن عدي: 3/ 63، ترجمة خلف بن خليفة. ) .

رواه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق وابن حجر في الإصابة في ترجمة سعد بن مالك بن سنان ( تاريخ مدينة دمشق: 391/20، والإصابة: 66/3. ) .

وإنّها أيضاً لشهادة كبري من صحابيّ كبير، كان علي الأقلّ صريح مع نفسه ومع الناس.

ج: اعتراف عائشة أمّ المؤمنين:

وهكذا قد اعترفت عائشة أيضاً قبل موتها بأنّها قد أحدثت بعد رسول اللّه 6 كما روي الحاكم عن قيس بن أبي حازم ، قال : قالت عائشة وكأن تحدث نفسها أن تدفن في بيتها مع رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم وأبي بكر فقالت : إنّي أحدثت بعد رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم حدثاً، ادفنوني مع أزواجه، فدفنت بالبقيع. هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه ( المستدرك علي الصحيحين: 6/4 وصحّحه الذهبي أيضاً في تلخيص المستدرك.

وراجع: الطبقات الكبري: 74/8، ترجمة عائشة، والمصنّف لابن أبي شيبة الكوفي: 708/8 (16) طبعة دار الفكر، في مسيرة عائشة وطلحة والزبير، وسير أعلام النبلاء: 193/2، في هامشه: وصحّحه الحاكم: 6/4 ، ووافقه الذهبي. )
.

10 - معرفة النبي 9 لهم ومعرفتهم بالنبي 9:

روي أبو حازم عن سهل بن سعد قال : قال النبي صلي اللّه عليه وآله وسلم: «إنّي فرطكم علي الحوض من ورد شرب، ومن شرب لم يظمأ أبداً وليردنّ عليّ أقوام أعرفهم ويعرفوني، ثمّ يحال بيني وبينهم . . . قال أبو حازم: فسمع النعمان بن أبي عيّاش وأنا أحدّثهم بهذا الحديث، فقال : هكذا سمعت سهلاً يقول؟

فقلت : نعم، قال وأنا أشهد علي أبي سعيد الخدري لسمعته يزيد فيقول: «إنّهم منّي» فقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: «سحقاً سحقاً لمن بدّل بعدي». أخرجه البخاري ومسلم ( جامع الأصول لابن الأثير: 120/11، كتاب الحوض في ورود الناس عليه، رقم الحديث 7972،وصحيح البخاري: 207/7، و87/8، وصحيح مسلم: 65/7. ) .

ومعلوم أنّ المراد بقرينة قوله «وليردنّ عليّ أقوام أعرفهم ويعرفوني» و «سحقاً لمن بدّل بعدي» أصحابه الذين عاصروه وصحبوه وبقوا بعده مدّة ثم مضوا.

وهكذا في مسند أحمد: حدثنا عبد اللّه حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا زهير عن عبد اللّه بن محمد عن حمزة بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال سمعت النبي صلي اللّه عليه وسلم يقول علي هذا المنبر ما بال رجال يقولون ان رحم رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم لا تنفع قومه بلي واللّه إنّ رحمي موصولة في الدنيا والآخرة وإنّي أيّها الناس فرط لكم علي الحوض، فإذا جئتم قال رجل: يا رسول اللّه أنا فلان بن فلان وقال آخر: أنا فلان بن فلان، قال لهم: أما النسب فقد عرفته، ولكنّكم أحدثتم بعدي وارتددتم القهقري ( في مسند أحمد: 18/3. ) .

رواه أبو يعلي في مسنده ( مسند أبي يعلي الموصلي: 434/2. ) والمتقي في كنز العمال ( كنز العمال: 387/1. )

قال الهيثمي: رواه أبو يعلي ورجاله رجال الصحيح غير عبد اللّه بن محمد بن عقيل وقد وثق ( مجمع الزوائد: 364/10. ) .

تذييل:

هل المراد من المرتدّين هم أصحاب الردّة؟

يمكن أن يقال: إنّ المراد بالمرتدّين هم أصحاب الردّة الذين قاتلهم الخليفة أبو بكر ( كما ذكره ابن حجر في فتح الباري: 334/11، وابن روزبهان كما في دلائل الصدق 410/3. ) ، وهم معلومون فلا تصل النوبة إلي الشك والتوقّف عن التمسّك بتلكم العمومات ، ولكن هذا الاحتمال بعيد جدّاً؛ لمنافاته بصراحة رواية أبي هريرة التي صرحت بقولها : «فلا أراه يخلّص إلّا مثل همل النعم» ( صحيح البخاري: 209/7، كتاب الرقاق، باب في الحوض. ) ، وهي أبلغ كناية عن القلّة ، ومعني ذلك أنّها حكمت علي أكثرهم بالارتداد ، ومعلوم أنّ هؤلاء المرتدّين الذين حاربهم الخليفة لا يشكلون إلّا أقلّ القليل.

مع منافاة هذا الاحتمال للحقائق التي مرّت ورسّمت رجالها من الصحابة وخوفهم واستعاذتهم وبكائهم وتصريحهم بإحداثهم وهم ليسوا من جند سجاح ولا من زمرة الأسود العنسي.

وظهر بهذا فساد ما ذهب إليه القاضي عياض بأنّ المراد بهم من ارتدّ من الأعراب الذين أسلموا في أيّامه كأصحاب مسيلمة والأسود وأضرابهم ( تحفة الأحوذي للمباركفوري: 6/9. ) .

تذنيب:

لماذا لم يغيّر رسول اللّه الجدر وباب الكعبة؟

أخرج البخاري ومسلم وابن ماجة والترمذي والنسائي وأحمد كلّهم عن عائشة ( صحيح البخاري: 190/2 / 1584 كتاب الحج، با فضل مكه وبنيانها، صحيح مسلم 973/2/ 405 باب جدر الكعبة، وسنن ابن ماجة 985/2 باب الطواف بالحجر، وسنن الترمذي: 224/3 باب ما جاء في كسر الكعبة، وسنن النسائي 215/5. ) واللفظ للبخاري أنّها قالت: سألت النبي صلي اللّه عليه وسلم عن الجدر، أ من البيت هو؟ قال: نعم. فقلت: فما لهم لم يدخلوه في البيت؟ قال: إنّ قومك قصرت بهم النفقة، قلت: فما شأن بابه مرتفعاً؟ قال: فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا، ولو لا أنّ قومك حديث عهد بالجاهليّة أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجدر في البيت وأن ألصق بابه في الأرض.

وفي لفظ ابن ماجه: ولو لا أنّ قومك حديث عهد بكفر، مخافة أن تنفر قلوبهم». وعلّق العلّامة السندي علي هذا الحديث في حاشيته علي سنن النسائي بقوله: إنّ الإسلام لن يتمكّن في قلوبهم - يعني الصحابة - فلو هدمت لربما تفرّوا منه ( حاشية السندي المطبوع بهامش سنن النسائي 215/5، ومسند أحمد/: 176/6. ) .

الآيات التي تثني علي طوائف من الصحابة

وقد مدح اللّه سبحانه وتعالي في كتابه طوائف من الصحابة ونحن نذكرها علي ترتيب ما جاءت في رسالتكم ثمّ نقوم بالتحليل.

آية «والسّابقون الأوّلون» لاتدلّ علي ثناء جميع المهاجرين والأنصار

الآية الأُولي :

(وَالسَّبِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَنٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَرُ خَلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( لتوبة: 100 . ) .

فقد أثني سبحانه في هذه الآية علي طوائف ثلاث:

الأُولي: السابقون الأوّلون من المهاجرين، وهم الذين هاجروا أيّام هجرة النبيّ أو بعدها بقليل، وبما أنّ لفظة «مِنْ» في (مِنَ الْمُهَجِرِينَ ) للتبعيض، فهو يخرج المتأخّرين من المهاجرين. فالآية تثني علي السابقين من المهاجرين، لا علي عامّة المهاجرين.

وبعبارة اخري: إنّما يصحّ الاستدلال بشمول الثناء في الآية لجميع المهاجرين والأنصار إذا ثبت بدليل قطعيّ أنّ «من» بيانيّة، لا تبعيضيّة، وأيّ دليل قطعيّ علي ذلك؟

الثانية: السابقون من الأنصار وهم الذين سبقوا في نصرة النبيّ بالإنفاق والإيواء، ولا يدخل مطلق الأنصار ولا أبناؤهم وحلفاؤهم، وذلك، لأنّ تقدير الآية: «والسابقون الأوّلون من الأنصار».

فالآية تثني علي السابقين الأوّلين من الأنصار لا علي عامّتهم.

وبما أنّ الموضوع هو السبق في الهجرة، والسبق في النصرة، فلا ينطبق العنوانان إلّا علي الذين هاجروا أو نصروا قبل أن يُشيّد بنيان الدين، وتهتّز راياته، وهم علي أصناف.

منهم: من آمن بالنبيّ 6 وصبر علي الفتنة والبلاء، ومفارقة الديار والأموال بالهجرة إلي الحبشة أو إلي المدينة.

ومنهم: من آمن به 6 ونصره وآواه وآوي أصحابه من المهاجرين، واستعدّ للدفاع عن الدين قبل وقوع الوقائع.

وهذا ينطبق علي من آمن بالنبي 6 قبل الهجرة ثمّ هاجر قبل وقعة بدر التي منها ابتدأ ظهور الإسلام علي الكفر، أو آمن بالنبي وآواه وتهيّأ لنصرته عند ما هاجر إلي المدينة.

فالمبدأ هو ظهور أمر النبيّ في الفترة المكيّة، والمنتهي هو قبل ظهور الإسلام وغلبته علي أقوي مظاهر الشرك في المنطقة، أعني: غزوة بدر.

وعلي ضوء ذلك يتبيّن المراد من الطائفة الأخيرة، أعني:

الثالثة: الذين اتّبعوا السابقين الأوّلين من المهاجرين والأنصار بإحسان، وهذه الطائفة عبارة عمّن أسلم بعد بدر إلي بيعة الرضوان أو إلي فتح مكّة، فلا تشمل الوافدين من العرب في العامّ التاسع الذي يطلق عليه عام الوفود.

وأمّا وجه الثناء علي التابعين مع أنّهم ربما لم ينصروا النبي الأكرم 6 في مغازيه، فلكونهم تضرّروا وكابدوا المصاعب بفقد أقربائهم في المعارك، وربّما لحقهم بعض الأذي، والمراد من التابعين بإحسان، هم الذين صلحت سيرتهم وسلوكهم فصاروا بعيدين عن اقتراف الذنوب، ومساوئ الأخلاق، فاتّبعوهم بإحسان.

وأين هذه الآية من تعديل عشرة آلاف صحابيّ سُجّلت أسماؤهم في المعاجم أو مائة ألف صحابيّ صحبوا النبي في مواقف مختلفة، ورأوه وعاشروه؟! هذا هو المفهوم من الآية، حسب القرائن التي تعرّفتموها.

فلنعد إلي ما ذكرتموه حول الآية ثمّ الأخذ بالتحليل:

هذا نصّ كلامكم:

«أثني عزّوجلّ علي جميع المهاجرين وجميع الأنصار بدون قيد؛ لأنّ (أل) للعموم فيما دخلت عليه، وجميعِ الذين اتّبعوهم بإحسان، فالمتّبعون قيّدهم بالإحسان، وهذا أصل فلا يخرج أحد من المهاجرين والأنصار، إلّا بدليل قطعيّ، والآية في غاية الوضوح».

ثمّ أثني عزّوجل علي الذين اتّبعوهم بإحسان، والذين اتّبعوهم هم أهل السنّة وليسوا الشيعة؛ لأنّ الشيعة ما بين مكفرّ لهم وذامّ لهم، أعني الشيعة الإماميّة المتأخّرين بدون استثناء».

1 - قلتم:

1 - أثني عزّوجلّ علي جميع المهاجرين وجميع الأنصار، بدون قيد، لأنّ (أل) للعموم فيما دخلت عليه،

يلاحظ عليه: إنّه سبحانه يثني لا علي عامّة المهاجرين ولا علي عامّة الأنصار؛ بل علي صنف خاصّ منهم، وهم السابقون الأوّلون فحسب، ولو كان المراد الثناء علي عامّتهم من دون اعتبار السبق والأوّليّة كان ذكر «السابقون الأوّلون» زائداً مستدركاً.

وكون اللام للعموم لاينافي ما ذكرناه، لأنّ المراد هو العموم من هذا الصنف، لا كلّ المهاجرين والأنصار.

2 - قلتم:

وهذا أصل فلا يخرج أحدٌ من المهاجرين والأنصار إلّا بدليل قطعيّ.

نعم، هذا أصل، لا في عامّة المهاجرين والأنصار؛ بل في خصوص السابقين الأوّلين منهم، فلا يعدل عن هذا الأصل إلّا بدليل قطعيّ. مثلاً إذا دلّ دليل علي أنّ صحابيّاً من السابقين والأوّلين عدل عن الحقّ، فيؤخذ بالدليل الثاني، فإذا دلّ الدليل علي أنّ حارث بن سويد من الصحابة البدرين قتل المجذر بن زياد المسلم، يوم أحد، لثأر جاهليّ، يحكم بخروجه من الآية ( الإصابة: ترجمة الحارث بن سويد الأنصاري. ) ، أو دلّ علي أنّ قدامة بن مظعون البدري، شرب الخمر ( لاستيعاب: 3 / 1276 باب قدامة . ) ، وهكذا دواليك ...

3 - قلتم :

«ثم أثني عزّوجلّ علي الذين اتّبعوهم بإحسان، والذين اتّبعوهم هم أهل السنّة»

يلاحظ عليه: أنّ قوله سبحانه: (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَنٍ ) فعل ماض يحكي عن تحقّق التبعيّة بإحسان عند نزول الآية، فلابدّ أن يكون التابعون بإحسان من جملة الصحابة، فكيف تفسّرونه بأهل السنّة إلي يوم القيامة، ثمّ تخرجون الشيعة مع أنّ الطائفتين خارجتين عن مفاد الجملة، وإلّا كان اللازم أن يقول عزّوجلّ والذين يتّبعونهم بإحسان.

ويدلّ علي ذلك، أنّ الطوائف الثلاث المذكورة في هذه الآية ذكرت في سورة الحشر علي ما قدّمناه وقد عبّر سبحانه عن هذه الطائفة الثالثة بالنحو التالي: (وَالَّذِينَ جَآءُو مِن م بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ... ) فلو كان المراد عامّة المسلمين أو طائفة منهم، كان اللازم أن يقول: والذين يجيئون من بعدهم .

اختلاف المفسّرين في المراد عن السابقين الأوّلين والمتابعين لهم

4 - قلتم:

«والآية في غاية الوضوح».

إنّ هذا التعبير من سماحتكم في غاية الغرابة، كيف تصفون الآية بغاية الوضوح وقد اختلف المفسّرون في تعيين المراد من الآية اختلافاً شديداً وسوف نذكره ليتبيّن مدي صحّة قضائكم في معني الآية بأنّه في غاية الوضوح:

هذا ابن الجوزي الحنبلي يقول في قوله تعالي: (والأوّلون) ستّة أقوال.

أحدها: أنّهم الذين صلّوا إلي القبلتين مع رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم قاله أبو موسي الأشعري وسعيد بن المسيّب وابن سيرين وقتادة.

والثاني: أنّهم الذين بايعوا رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم بيعة الرضوان وهي الحديبيّة، قاله الشعبي.

والثالث: أنّهم أهل بدر قاله عطاء بن أبي رباح.

والرابع: أنّهم جميع أصحاب رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم حصل لهم السبق بصحبته، قال محمد بن كعب القرظي إنّ اللّه قد غفر لجميع أصحاب النبي صلي اللّه عليه وسلم وأوجب لهم الجنّة، محسنهم ومسيئهم في قوله «والأوّلون».

والخامس: أنّهم السابقون بالموت والشهادة، سبقوا إلي ثواب اللّه تعالي وذكره الماوردي.

والسادس أنّهم الذين أسلموا قبل الهجرة ذكره القاضي أبو يعلي ( زاد المسير: 333/3، بتحقيق محمد بن عبد الرحمان عبد اللّه، ط. دار الفكر - بيروت. ) .

قريب من هذا في جامع البيان لإبن جرير الطبري ( تفسير الطبري: 10/11، بتحقيق صدقي جميل العطّار. ط. دار الفكر - بيروت. ) .

وهذا السيوطي، بعد أن نقل عن ابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما، بأنّ المراد من السابقين الأوّلين، هم الذين صلّوا القبلتين قال: أخرج ابن مردويه، عن ابن عباس: والسابقون الأوّلون من المهاجرين، قال: أبو بكر، وعمر، وعلي، وسلمان، وعمّار بن ياسر ( الدر المنثور: 269/3. ط. الفتح - جدّة. ) .

كما اختلفوا أيضاً في معني التابعين (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَنٍ ) علي أقوال عديدة، كما قال ابن الجوزي: قوله تعالي «اتّبعوهم بإحسان» من قال: إنّ السابقين جميع الصحابة جعل هؤلاء تابعيّ الصحابة، وهم الذين لم يصحبوا رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم.

وقد روي عن ابن عباس أنّه قال: والذين اتّبعوهم بإحسان إلي أن تقوم الساعة.

ومن قال هم المتقدّمون من الصحابة، قال: هؤلاء اتّبعوهم في طريقهم واقتدوا بهم في أفعالهم، ففضل أولئك بالسبق وإن كانت الصحبة حاصلة للكلّ.

وقال عطاء: اتّباعهم إيّاهم بإحسان أنّهم يذكرون محاسنهم ويترحّمون عليهم ( زاد المسير: 333/3. ) .

قال ابن جرير والسيوطي أيضاً: والذين اتّبعوهم بإحسان ممّن بقي من أهل الإسلام إلي أن تقوم الساعة ( جامع البيان: 120/82، والدر المنثور: 271/3. ) .

وقال الثعالبي : وقال الشعبي: من أدرك بيعة الرضوان والذين اتّبعوهم بإحسان، يريد سائر الصحابة ويدخل في هذا اللفظ التابعون وسائر الأمّة لكن بشريطة الإحسان ( تفسير الثعالبي: 208/3، بتحقيق الدكتور عبد الفتّاح أبو سنة. ط. دار إحياء التراث العربي بيروت. ) .

قال الشوكاني: الذين اتّبعوهم بإحسان الذين اتّبعوا السابقين الأوّلين من المهاجرين والأنصار وهم المتأخّرون عنهم من الصحابة فمن بعدهم إلي يوم القيامة، وليس المراد بهم التابعين اصطلاحا.

وقوله بإحسان قيد للتابعين، أي: والذين اتّبعوهم متلبّسين بإحسان في الأفعال، والأقوال، اقتداء منهم بالسابقين الأوّلين ( فتح القدير: 398/2. ط. عالم الكتب - بيروت. ) .

باللّه عليك أيّها الأخ الأعزّ! كيف تكون الآية في غاية الوضوح مع هذا الاختلاف بين العلماء والمفسّرين فيها.

هذا كلّه بغضّ النظر عمّا ذهب عدّة من المفسّرين والمؤرّخين بأنّ المراد من السابقين هو علي بن أبي طالب، وأنّه أوّل من أسلم، كما عن الثعلبي، والقرطبي والخطيب، وأبي نعيم، وغيرهم ( تفسير الثعلبي (المخطوط) في تفسير الآية الشريفة، والمقتل للخوارزمي: 40، ط النجف، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي: 236/8 ط. القاهرة سنة 1357)، ومستدرك الصحيحين: 183/3، وحلية الأولياء لأبي نعيم: 65/1 ، 66، وتاريخ بغداد: 18/2 و 233/4، والصواعق المحرقة: 159 ط المحمديّة بمصر، ومجمع الزوائد للهيثمي:( ج 9 ص 102 ط. القاهرة 13530. ) قال الحاكم النيشابوري: لا أعلم خلافاً بين أصحاب التواريخ أنّ عليّاً أوّلهم إسلاماً ( معرفة علوم الحديث: 22. ) .

وصرّح ابن تيميّة في رسالة رأس الحسين، بقوله : ثمّ عليّ وحمزة وجعفر وعبيدة بن الحارث، هم من السابقين الأوّلين، فهم أفضل من الطبقة الثانية من سائر القبائل ( رأس الحسين: 23، ط. السنّة المحمديّة بمصر. وفي ص 201 من الطبعة المحقّقة، بالدكتور السيّد الجميلي. ) .

وفي الختام نحن لا نصدّق كلّ هذه الأقوال؛ بل المختار عندنا هو ما ذكرنا سابقاً والغاية من الاستشهاد هو إثبات أنّ الآية ليست كما تفضّلتم به: في غاية الوضوح!

آية «رحمآء بينهم» لا يدلّ علي فضل جميع الصحابة

الآية الثانية:

قال اللَّه تعالي: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ و أَشِدَّآءُ عَلَي الْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَلهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَنًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَلةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطَْهُ و فََازَرَهُ و فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَي عَلَي سُوقِهِ ي يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّلِحَتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمَام ) ( لفتح: 19 . ) .

5 - قلتم :

ذكر عزّوجلّ أنّه ربّاهم ورعاهم كما يرعي النبتة التي تخرج من الأرض حتّي نضجت واكتملت وأنّ ذلك سيكون سبباً لغيظ الكفّار فمن كرههم أو غاضهم لحقه الوعيد.

يلاحظ عليه: أنّ ظاهر كلامكم أنّه سبحانه وتعالي في هذه الآية يصف جميع الصحابة بأنّه ربّاهم ورعاهم، كما يرعي النبتة التي تخرج من الأرض، ولكنّه غير تامّ للوجوه الآتية:

ألف: هل المراد من قوله سبحانه: (وَالَّذِينَ مَعَهُ و ) هو المعيّة الجسمانيّة أو أنّ المراد هو المعيّة الروحيّة، فتنطبق علي الذين كانوا معه في صلابة الإيمان والعقيدة والعمل والسيرة، وبما أنّه لا قيمة للمعيّة في الجسم، تختصّ الآية بالطائفة الثانية، ولم يكن كلّ الصحابة علي هذا النمط، بدليل الأصناف العشرة التي قدّمنا عناوينها وذكرنا موضع الآيات وأرقامها.

ب: إنّه سبحانه يذكر من سماتهم أنّهم (رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ ) فهل كانت الصحابة عامّة موصوفين بهذا الوصف، أو أنّهم قاتل بعضهم بعضاً وكم من بدريّ قُتِل بيد الصحابة، فهذا هو مقتل الخليفة الثالث وحروب الناكثين والقاسطين والمارقين، قتل فيها كثير من الصحابة بيد الصحابة.

ج: ومن سماتهم أيضاً (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ) ، فهل كان هذا الوصف متوفّراً في عامّة الصحابة؟

د: نحن نفترض وجود هذه السمات في عامّة الصحابة، ولكن ذيل الآية يشهد علي أنّ الثناء علي قسم منهم بقوله سبحانه: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّلِحَتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمَام ).

قال لفظة «من» في قوله «منهم» للتبعيض وما يقال من أن «من بيانيّة غير صحيح؛ لأنّها لا تدخل علي الضمير مطلقاً في كلامهم وإنّما تدخل علي الاسم الظاهر كما في قوله (فَاجْتَنِبُواْ الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَن ) ( لحج: 30. ) .

آية «وهاجروا وجاهدوا» يدل علي ثناء قسم من الصحابة

الآية الثالثة:

وقال تعالي: (إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَهَدُواْ بِأَمْوَلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَل-ِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ... ) إلي أن قال: (وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَل-ِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ) ( لأنفال: 72 - 75 . ) .

أقول: إنّ مفاد الآية قريب ممّا جاء في سورة الحشر التي قدّمناها سابقاً، وهي تصف معشراً من الصحابة ويثني عليهم، لا علي جميعهم، وإليك مقاطع من الآية يوضح ما ذكرنا.

(إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَهَدُواْ بِأَمْوَلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) فالمراد هم السابقون الأوّلون، لا مطلق من هاجر وجاهد؛ بشهادة ذكر الهجرة في الصنف الثالث كما سيوافيك، وهذه قرينة علي أنّ المراد هم السابقون في الهجرة، لا مطلق من هاجر.

2 - (وَالَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُواْ )، والمراد هم الأنصار الذين آووا، وهذا مختصّ بمن نصر وآوي وقد انقطع الإيواء بترحيل بني النضير عن أراضي يثرب، في السنة الرابعة؛ فإنّ النبي 6 قسّم أراضيهم بين المهاجرين في تلك السنة، فاستغنوا بذلك عن إيواء الأنصار.

3 - (وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ مِن م بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَهَدُواْ مَعَكُمْ )، والمراد هم الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بعد السابقين الأوّلين، فيشير هذا المقطع من الآية إلي ما ورد في الآية الأولي، أعني قوله (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَنٍ ) ( لتوبة: 10. ) وبما أنّ الهجرة قد انقطعت بعد الفتح فالآية لا تثني علي الطلقاء، ولا أبناء الطلقاء، ولا الأعراب، ولا الذين آمنوا بعد الفتح. فيتّحد مفاده، مع قوله سبحانه: (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَنٍ ).

فهذه الآيات الثلاثة تثبت أنّ الصحابة كالتابعين، فيهم عادل، وغير عادل، لا كلّهم عدول، ولا كلّهم فسقة.

6 - قلتم: «أو ليس هذا ثناء من اللَّه عزّوجلّ علي المهاجرين والأنصار وتأكيد إيمانهم».

كيف يكون ثناء علي كلّ المهاجرين والأنصار؛ بل ثناء علي السابقين منهما، والذين اتّبعوهم بإحسان، وعندئد لو دلّ دليل علي عدم التبعيّة أو شككنا في كونه تابعاً بإحسان، فالآية لا تكون دليلاً علي العدالة في مورد الشك، فإذا كان قيد الموضوع (بالإحسان) مشكوكاً فيه، لا يحكم بالدخول؛ لأنّ الحكم لا يثبت موضوعه، كما بيّن في علم الأُصول، نعم إن أحرزت التبعيّة بإحسان لعمته الآية.

وعد اللّه سبحانه بالحسني مشروط بحسن خواتيم العمل

الآية الرابعة:

قال اللَّه تعالي: (لَايَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَتَلَ أُوْلَل-ِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن م بَعْدُ وَقَتَلُواْ وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَي ) ( لحديد: 10 . ) .

7 - قلتم :

هذه الآية الكريمة تمدح الذين آمنوا قبل الفتح، وأنفقوا في سبيل اللَّه، وقاتلوا لإعلاء كلمة اللَّه عزّوجلّ، وأنّ من لحقهم بعد ذلك لا يدرك فضلهم، وهذه شهادة عظيمة من اللَّه عزّوجلّ.

يلاحظ عليه: أنّ الآية تدلّ علي عدم التسوية بين الفريقين، وهذا ممّا لا ريب فيه، كما يدلّ علي أنهّ سبحانه وعد الكلّ الحسني، غير أنّ وعده سبحانه بالحسني مشروط بحسن خواتيم العمل، فإنّه سبحانه وعد لكلّ من عمل صالحاً بالحسني ولكن بشرط أن يكون باقياً علي ما كان عليه.

وقد دلّ الذكر الحكيم علي أنّ رجالاً مؤمنين انقلبوا علي أعقابهم بعد فترة، يقول سبحانه:

(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي ءَاتَيْنَهُ ءَايَتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَنُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ) ( لاعراف: 175 . ) .

فالآية تخبر عن مصير من أوتي الآيات، ولكنّه انسلخ منها، فمن وعده اللَّه سبحانه الحسني في الآية ليس بأفضل من هذاالرجل الذي بلغ في العلم والعمل بمكان نال آية من اللَّه سبحانه وقد زلّت أقدامه في آخر حياته.

وقد عقد البخاري في صحيحه باباً باسم العمل بالخواتيم ( حيح البخاري: 212/7، كتاب القدر، باب العمل بالخواتيم. ) ، فطالعوا ما ورد فيه من الرواية رزقنا اللَّه سبحانه حسن العاقبة.

آية «للفقرآء المهاجرين» لا تثني علي عامّة الصحابة؛ بل علي فريق منهم

الآية الخامسة:

قال سبحانه: (لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَرِهِمْ وَأَمْوَلِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَنًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ و أُوْلَل-ِكَ هُمُ الصَّدِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُو الدَّارَ وَالْإِيمَنَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَايَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَي أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ ي فَأُوْلَل-ِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَآءُو مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَنِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَنِ وَلَاتَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) ( لحشر: 8 - 10. ) .

فهذه الآيات الثلاثة نظير ما تقدّم من الآيات لا تثني علي عامّة الصحابة؛ بل علي فريق منهم:

أمّا المهاجرون، فتثني علي فقرائهم بشرط التمتّع بالصفات التالية:

أ: (الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَرِهِمْ وَأَمْوَلِهِمْ ) .

ب: ( يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَنًا ).

ج": (وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ و ) .

فمن تمتّع بهذه الصفات الثلاث من المهاجرين فقد أثني القرآن عليه، وبما أنّ من أبرز صفاتهم، كونهم مشرّدين من ديارهم وأموالهم، فيكون المقصود هم الذين هاجروا قبل وقعة «بدر».

وأمّا الأنصار فإنّما تثني علي من تمتّع بالصفات التالية:

أ: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُو الدَّارَ وَالْإِيمَنَ مِن قَبْلِهِم ) أي آمنوا باللَّه ورسوله، فخرج بذلك من اتّهم بالنفاق وكان في الواقع منافقاً.

ب: (يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَايَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَي أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ )

ج": (وَيُؤْثِرُونَ عَلَي أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) .

وبما أنّ من أبرز صفاتهم، هو إيواء المهاجرين والأنصار، وإيثارهم علي الأنفس، فيكون المراد من آمنوا بالنبيّ وآووه وآووا المهاجرين، فينطبق علي من آمن وآوي قبل غزوة بدر؛ لانتفاء الإيواء بعدها، خصوصاً بعد إجلاء «بني النضير» غبَّ معركة «أحد»؛ حيث خرجوا تاركين قلاعهم، وأموالهم، وأسلحتهم، فوقعت بأيدي المسلمين.

وأمّا التابعون لهم، أعني: الذين جاءوا بعدهم، فإنّما أثني علي من تمتّع منهم بالصفات التالية:

أ: (يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَنِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَنِ ).

ب: (وَلَاتَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ).

فالآيات الواردة في سورة الحشر، تتّحد مضموناً مع ما ورد في سورة التوبة، ولا تختلف.

فالاستدلال بهذه الآية علي أنّ القرآن أثني علي الصحابة جميعهم من أوّلهم إلي آخرهم - الذين ربما جاوز عددهم المائة ألف - غفلة عن مفاد الآيات، فأين الدعاء والثناء علي لفيف من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم المتمتّعين بخصوصيّات معيّنة، من الثناء علي الطلقاء والأعراب وأبناء الطلقاء والمتّهمين بالنفاق؟! .

* * *

فلنرجع إلي كلامكم .

8 - قلتم :

أريت هذا التقسيم العجيب لطوائف المؤمنين:

مهاجرون .

أنصار .

متّبعون، يحبّونهم ويدعون لهم ولا يكرهونهم .

أين مكان الاماميّة هنا؟؟ وأين مكان أهل السنّة هنا؟

قولكم: «مهاجرون»، والصحيح: «المهاجرون الأوّلون السابقون»؛ لأنّه سبحانه يصفهم بقوله: (الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَرِهِمْ ) فأين مطلق المهاجرين من هذه الآية؟

قولكم: «أنصار» والصحيح، «السابقون الأوّلون من الأنصار»؛ لأنّه سبحانه يصفهم بقوله: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُو الدَّارَ وَالْإِيمَنَ مِن قَبْلِهِم ) و ليس كل أنصاريّ آوي المهاجرين، بل انقطع الايواء بعد أجلّاء بني النضير، كما مرّ، فمن آمن من الأنصار من بعده، فهو خارج من مدلول الآية.

قولكم: «متّبعون يحبّونهم و يدعون لهم و لايكرهونهم»، والصحيح: «والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربّنا إغفرلنا...»

الشيعة والسنّة صنوان علي أصل واحد:

كلمة قارصة:

ثمّ إنّكم ذكرتم في ذيل كلامكم هاتين الجملتين:

أين مكان الإماميّة هنا؟؟

وأين مكان أهل السنّة هنا؟

قد تعرّفتم أنّ الطائفتين غير داخلتين في هذه الآية، فالسؤال ساقط بعد الموضوع؛ فإنّ المقابلة بين الطائفتين يعرب عن أنّهما طائفتان متضادّتان لاتشاركان في أصل أو أصول و أنّهما كمعسكري الشرق و الغرب لكلّ «أيدلولوجيّة» خاصّة و ليست الشيعة إلّا نفس المسلمين الأوّل الذين بقوا علي وصيّة الرسول في حقّ أهل بيته، وليست السنّة إلّا نفس المسلمين الأوّل، ولكنّهم خالفوا وصيّة الرسول و لم ينفذوا وصيّته في حقّ عليّ و أهل بيته، و لو أغمضنا عن ذلك فالطائفتان صنوان علي أصل واحد.

إلي هنا تبيّن مفاد الآيات و أنّ الإماميّة لا تخالفها، قيد شعرة لاتبغض الصحابي، والصحابيّة؛ ولكن لاتعتقد بعدالة الكلّ وتقول أنّ وزانهم كوزان التابعين.

الاستدلال بالسنّة

9 - قلتم:

عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللّه 6 : «لاتسّبوا أصحابي، فلو أنّ أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مدّ أحدهم ولانصيفه» ( لبخاري: ح 3673؛ مسلم: ح 2541. ) .

أقول: إنّ الحديث أوضح دليل علي أنّ بعض الصحابة يسبّ بعضهم، ولأجل ذلك نهي رسول اللّه 9 خالداً لسبّه عبد الرحمن بن عوف، وكلاهما من الصحابة، وهذا أظهر دليل علي عدم عدالة الكلّ بوصف الكلّية.

وهذا هو سعد بن عبادة سيّد الخزرج، يخاطب سعد بن معاذ بقوله: كذبت لعمر اللّه، وهذا هو أسيد بن حضير وهو ابن عمّ سعد بن معاذ، يخاطب سعد بن عبادة بقوله: لعمر اللّه لنقتلنّه فإنّك منافق ( صحيح البخاري تفسير سورة النور، حديث الإفك. ) .

غير أنّ المهم هو التفريق بين سبّ الصحابة و نقد حياتهم، فأسلوب السبّ والشتم غير أسلوب النقد، فالأوّل: وليد العصبيّة ونتاج الغيظ والحقد والهوي، وأمّا الثاني: فهو قائم علي أسس صحيحة و موازين سليمة، وهو قبلة الطالبين للحقيقة.

10 - قلتم:

عن عبدالرحمن بن عمر رضي اللّه عنه، عن النبي 6 قال: «خير الناس قرني ثمّ الذين يلونهم ثمّ الذين يلونهم...» ( لبخاري: ح 2652؛ مسلم 2533. ) .

إنّ هذا الحديث مهما صحّ سنده وإن رواه الإمام البخاري يخالف الواقع الملموس من تاريخ الصحابة و التابعين، و نحن نعرض النظر عن تاريخ الصحابة و نعطف النظر إلي قوله: «ثمّ الذين يلونهم، فالمراد منهم التابعون، و فيهم الأمويّون، فهل يمكن أن نعدّ عصر الأمويّين خير القرون؟! وقد لوّنوا وجه الأرض بدماء الأبرياء، و قتلوا سبط النبي 6 في كربلاء عطشاناً، و ذبحوا أولاده و أصحابه، و هتكوا حرمة الكعبة.

وهذا هو الحجّاج صنيعة أيديهم اقترف من الجرائم البشعة ما يندي لها جبين الإنسانيّة، و لا أطيل الكلام في ذلك، والتاريخ خير شاهد علي كذب هذه الرواية ووضعها من قبل سماسرة الحديث، لتطهير الجهاز الحاكم الأموي ممّا ارتكبه.

ويكفي في ذلك ما علّقه أبو المعالي الجويني علي هذا الحديث قائلاً:

وممّا يدل علي بطلانه، أنّ القرن الذي جاء من بعده بخمسين سنة، شرّ قرون الدنيا، هو أحد القرون التي ذكرها في النصّ، وكان ذلك القرن هو القرن الذي قتل فيه الحسين، و أوقع بالمدينة، و حوصرت مكّة، ونقضت الكعبة وشربت خلفاؤه و القائمون مقامه المنصبون في منصب النبوّة الخمور، وارتكبوا الفجور، كما جري ليزيد بن معاوية، ويزيد بن عائكة، ووليد بن يزيد، وأريقت الدماء الحرام، و قتل المسلمون وسُبي الحريم، و استعبد أبناء المهاجرين والأنصار، ونقش علي أيديهم كما ينقش علي أيدي الروم، و ذلك في خلافة عبد الملك وإمرة الحجاج.

وإذا تأمّلت كتب التواريخ وجدت الخمسين الثانية، شرّاً كلّها، لاخير فيها، ولا في رؤسائها وأمرائها، والناس برؤسائهم و أمرائهم أشبه، و القرن خمسون سنة، فكيف يصحّ هذا الخبر ( شرح ابن أبي الحديد: 3/20 - 12، والرسالة مبسوطة جديرة بالمطالعة. ) .

نظرات في اتجاهات أهل السنّة والشيعة ومناهجهم

قلتم: عند ذكر «نظرات في اتجاهات أهل السنة والشيعة ومناهجهم»: والشيعة يفهم من عقيدتهم أنّ النبي صلي اللّه عليه وسلم بعث إلي عليّ رضي اللّه عنه ، وأنّ اللّه عزّ وجلّ قدأمر وأعاد في الوصيّة لعلي وأنّ الأمر بالإبلاغ أي إبلاغ الوصيّة، فلا يجوز أخذ العلم إلّا منه رضي اللّه عنه إذن كلّ الدين المبلّغ من غيره ليس ديناً.

حديث الوصاية تثبت منهج الإماميّة

أقول: إن كان المراد من قولكم: أنّ الشيعة تعتقد بأنّ رسول اللّه قد بعث إلي عليّ وحده دون غيره، فهو باطل لم يذهب به أحد حتّي العوام من غلاة الشيعة.

وإن كان المراد بأنّ عليّاً هو الذي تربّي علي يدي رسول اللّه 6، وهو ثمرة جهوده ومستودع علومه وتعاليمه والمتّبع لسننه وآدابه، فكان وصيّه والقائم مقامه من بعده فهذا هو الحقّ الذي تدلّ عليه الأخبار النبويّة الصحيحة والآثار الثابتة عن الصحابة فقد وصف فيها بالوصاية والوراثة وإليكم نماذج منها:

روي الطبراني بإسناده عن سلمان قال: قلت يا رسول اللّه : «إنّ لكلّ نبي وصيّاً فمن وصيّك؟ - إلي أن قال: - فإنّ وصيّي وموضع سرّي وخير من أترك بعدي وينجز عدتي ويقضي ديني، عليّ بن أبي طالب» ( المعجم الكبير: 221/6، مجمع الزوائد: 113/9، فتح الباري: 114/8. ) .

وروي أحمد بن حنبل عن أنس بن مالك عن رسول اللّه 6 قال : «قال وصيّي، ووارثي، يقضي ديني، وينجز موعدي، عليّ بن أبي طالب» ( فضائل الصحابة: 615/2 ح 1052، نشر جامعة أمّ القري بمكّة المكرّمة. ) . روي ابن عساكر عن بريدة عن النبي 6 : «لكلّ نبيّ وصيّ ووارث، وإنّ عليّاً وصيّي ووارثي» ( تاريخ مدينة دمشق: 392/42، المناقب للخوارمي: 42، و85. ) .

روي الطبراني عن الحسن بن علي 8 قال:«خطب الحسن بن علي بن أبي طالب فحمد اللّه وأثني عليه وذكر أمير المؤمنين عليّاً رضي اللّه عنه خاتم الأوصياء ووصيّ خاتم الأنبياء» ( المعجم الأوسط: 336/2. ) .

رواه الهيثمي، وتعقبّه: ورواه أحمد باختصار كثير وإسناد أحمد وبعض طرق البزّار والطبراني في الكبير حسان ( مجمع الزوائد: 146/9. ) ، روي قريباً منه أبو نعيم عن أنس ( حلية الاولياء: 63/1، المناقب للخوارزمي: 42، تاريخ مدينة دمشق: 386/42. ) .

وروي الطبراني عن علي بن علي الهلالي عن أبيه، قول رسول اللّه 6 لفاطمة 3: ووصيّي خير الأوصياء وأحبّهم إلي اللّه وهو بعلك ( المعجم الأوسط: 327/6. المعجم الكبير: 57/3، تاريخ مدينة دمشق: 130/42. ) .

قال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير والأسط وفيه الهيثم بن حبيب قال أبو حاتم: منكر الحديث وهو متّهم بهذا الحديث ( مجمع الزوائد: 166/9. ) .

قال في حديث آخر فيه الهيثم: وأمّا الهيثم بن حبيب فلم أر من تكلّم فيه غير الذهبي اتّهمه بخبر رواه وقد وثّقه ابن حبان ( مجمع الزوائد: 190/3. ) .

فيقع التعارض بين جرح أبي حاتم - وتبعه الذهبي - وتوثيق ابن حبان؛ لأنّ الذهبي قال في أبي حاتم: وإذا ليّن رجلاً أو قال فيه : لا يحتجّ به، فتوقّف حتّي تري ما قال غيره فيه، فإن وثّقه أحد فلا تبن علي تجريح أبي حاتم ، فإنّه متعنت في الرجال ( سير أعلام النبلاء: 260/13، وكذا قال ابن حجر في مقدمة فتح الباري : 441. ) .

مضافاً إلي أنّ التضعيف الذي لم يذكر له مستند فغير مقبول.

كما قال النووي: ولا يقبل الجرح إلّا مفسّرا ، وهو أن يذكر السبب الذي به جرح، ولأنّ الناس يختلفون فيما يفسق به الإنسان ، ولعلّ من شهد بفسقه شهد علي اعتقاده ( المجموع: 136/20 ونحوه في شرح مسلم: 181/10.

)
. قريب منه عن ابن قدامة ( المغني: 423/11. ) .

قال ابن حجر بعد تضعيف الدارقطني، يزيد بن أبي مريم: هذا جرح غير مفسّر، فهو مردود ( مقدمة فتح الباري: 453. ) .

قال الخطيب: سمعت القاضي أبا الطيب طاهر بن عبد اللّه بن طاهر الطبري يقول: لا يقبل الجرح إلّا مفسّراً وليس قول أصحاب الحديث فلان ضعيف، وفلان ليس بشي، ممّا يوجب جرحه وردّ خبره وإنّما كان كذلك لأنّ الناس اختلفوا فيما يفسق به، فلابدّ من ذكر سببه لينظر هل هو فسق أم لا؟ قلت: وهذا القول هو الصواب عندنا واليه ذهب الأئمّة من حفّاظ الحديث ونقّاده مثل محمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج النيسابوري وغيرهما ( الكفاية في علم الرواية: 135. ) .

حديث الوصاية في كلمات الأصحاب والتابعين

و قد تواتر عن الصحابة واللغويّين، إطلاق الوصيّ علي علي بن أبي طالب 7 كما مرّ رواية الطبراني وغيره عن سلمان الفارسي ( المعجم الكبير: 221/6، مجمع الزوائد: 113/9، فضائل الصحابة: 615/2 ح 1052. ) ، وهكذا عن أبي أيّوب الأنصاري ( المعجم الكبير: 171/4، مجمع الزوائد: 253/8. ) وعلي المكّي الهلالي ( المعجم الكبيرغ ج 3 ص 57، المعجم الصغير: 327/6 تاريخ مدينة دمشق: 130/42. ) .

وروي الخوارزمي عن علي 7 قال لعدّة أرسلهم معاوية إلي علي 7: «معاشر الناس أنا أخو رسول اللّه ( ص ) ووصيّه» ( المناقب: 222. ) . وهكذا في كتابه 7 إلي أهل مصر: 7 ( شرح الحديدي: 71/6. ) وفي احتجاجه علي الخوارج ( تاريخ اليعقوبي: 193/2. ) ، وفي خطبته بعد انصرافه من صفّين ( نهج البلاغة خطبة 2، شرح نهج البلاغه لابن أبي الحديد: 138/1. ) .

وروي الحاكم والهيثمي عن الإمام الحسن 7 ( المستدرك: 172/3، مجمع الزوائد للهيتمي: 146/9 عن الطبراني وغيره. ) ، وابن الأثير والطبري عن الامام الحسين 7 ( الكامل لابن أثير: 287/3 ط. المنيريّة بمصر، تاريخ الطبري: 322/4، ط. مؤسسة الأعلمي - بيروت، أحداث سنة 61 ه". ) .

وروي ابن عساكر عن بريدة بن الحصيب بن عبد اللّه ( تاريخ مدينة دمشق: 392/42. ) . والخوارزمي عن ابن مردويه عن أمّ سلمة ( مناقب الخوارزمي: 147، بتحقيق المحمودي. ) . والگنجي الشافعي وابن الصباغ المالكي عن أبي سعيد الخُدري ( البيان للكنجي الشافعي: 501، الباب التاسع، الفصول المهمّة: 295، الفصل الثاني عشر. ) . وأبي نعيم وغيره عن أنس بن مالك ( حلية الأولياء: 63/1 المناقب للخوارزمي: 42، تاريخ مدينة دمشق: 386/42. ) . واليعقوبي عن مالك بن الحارث الأشتر ( تاريخ اليعقوبي: 178/2. ) . والخوارزمي عن عمرو بن العاص ( مناقب الخوارزمي: 199. بتحقيق المحمودي، ط. مؤسسة النشر الإسلامي. ) . والقندوزي عن عمر بن الخطاب ( ينابيع المودة: 75/2. ) . والمسعودي عن ابن عباس ( مروج الذهب: 8/3. ) .

وهكذا روي الذهبي وابن حجر عن جابر بن يزيد الجعفي ( ميزان الاعتدال: 383/1، ترجمة جابر، تهذيب التهذيب: 43/2، ويلاحظ ترجمة الحاكم النيشابوري في لسان الميزان. ) .

والعجب من المزّي حيث روي عن سعيد بن منصور قال: قال لي ابن عيينة: سمعت من جابر ستيّن حديثاً ما أستحلّ أن أروي عنه شيئاً يقول: حدّثني وصيّ الأصياء. إلي أن قال: أقلّ ما في أمره أن يكون حديثه لا يحتجّ به، إلّا أن يروي حديثاً يشاركه فيه الثقات ( تهذيب الكمال: 470/4. ) .

أقول: ما هو مراده من مشاركة الثقات إيّاه؟ هل مراده أمثال «حريز بن عثمان الحمصي» من رجال البخاري والأربعة ( تهذيب التهذيب: 207/2. ) الذي يروي المزّي عن أحمد بن حنبل بأنّه ثقة، ثقة، ثقة، وليس بالشام أثبت من حريز. وهكذا نقل وثاقته عن يحيي بن معين والمديني والعجلي ( تهذيب الكمال: 572/5، 573، 576. ) .

مع أنّه كان يلعن علي بن أبي طالب 7 صباء ومساء، كما قال ابن حبّان فيه: كان يلعن عليّاً بالغداة سبعين مرّة ، وبالعشيّ سبعين مرة ، فقيل له في ذلك؟ فقال : هو القاطع رؤوس آبائي وأجدادي ( المجروحين: 268/1، هامش تهذيب الكمال: 579/5، تهذيب التهذيب: 210/2، الأنساب للسمعاني: 50/3 مادة «الرحبي». ) .

أو المراد من الثقات هو مثل إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني من أئمة الجرح والتعديل عند أهل السنّة ومن رجال أبي داود، والترمذي والنسائي؟

قال المزّي إنّ أحمد بن حنبل يكرمه إكراماً شديداً وقال النسائي: ثقة، وقال الدارقطني: من الحفّاظ المصنّفين والمخرجين الثقات . . . وعدّه ابن حبان في الثقات، مع ذكره بأنّه كان شديد الميل إلي مذهب أهل دمشق في الميل علي علي وكان فيه انحراف عن علي ( تهذيب الكمال: 249/2، تهذيب التهذيب: 159/1 ترجمة الرجل. ) ، وقال ابن حجر في ترجمة «مصدع أبو يحيي الأعرج»: والجوزجاني مشهور بالنصب و الأنحراف ( تهذيب التهذيب: 143/10. ) .

أو خالد بن عبد اللّه القسري الذي روي عنه البخاري في خلق أفعال العباد وأبي داود ( تهذيب التهذيب: 88/3. ) ، ذكره ابن حبان في الثقات ( الثقات: 256/6. ) ، قال أبو الفرج: إنّ خالد القسري أحد ولاة بني اميّة - طلب من أحدهم أن يكتب له السيرة، فقال الكاتب: فإنّه يمرّ بي الشي ء من سيرة عليّ بن ابي طالب أفأذكره؟ فقال خالد: لا! إلّا أن تراه في قعر جهنّم!! ( الأغاني: 25/21 ، طبعة بيروت - دارالفكر. ) ، قال ابن كثير: قال ابن خلكان: كان متهماً في دينه وقد بني لأمّه كنيسة في داره ( البداية والنهاية: 23/10، بتحقيق علي الشيري، ط. دار إحياء التراث العربي - بيروت. ) .

أو عمران بن حِطّان من رجال البخاري وأبي داود والنسائي ... قال العجلي: بصريّ، تابعيّ، ثقة، وقال أبو داود : ليس في أهل الأهواء أصحّ حديثاً من الخوارج، ثمّ ذكر عمران هذا وغيره . .. وذكره ابن حبان في الثقات ( تهذيب التهذيب: 113/8، تهذيب الكمال: 322/22. ) .

مع أنّ العقيلي صرّح بأنّ عمران بن حطّان كان من الخوارج ( الضعفاء للعقيلي: 204/2. ) وهو المادح لابن ملجم بقوله المشهور:

يا ضربة من تقي ما أراد بها

إلّا ليبلغ من ذي العرش رضواناً ( الاستيعاب بهامش الاصابة: 62/3، تاريخ مدينة دمشق: 495/43، سير أعلام النبلاء: 215/4، الاصابة: 232/5، ترجمة الرجل. )

قال ابن كثير: وقد امتدح ابن ملجم بعض الخوارج المتأخّرين في زمن التابعين وهو عمران بن حطّان وكان أحد العباد ممّن يروي عن عائشة، في صحيح البخاري فقال فيه: يا ضربة من تقي... ( البداية والنهاية: 364/7. ) .

قال ابن قدامة بعد نقل شعر عمران بن حطّان في مدح قاتل علي بن أبي طالب: وقد عرف من مذهب الخوارج تكفير كثير من الصحابة ومن بعدهم واستحلال دمائهم وأموالهم واعتقاد التقرب بقتلهم إلي ربّهم ( المغني: 85/10. ) .

هؤلاء قسم من ثقات أهل السنّة ورواة الصحاح الستّة وكم لهم من نظير!!!

هناك وقفات وأسألة؟

يا أخي العزيز! قد كانت ببالي عدّة أسألة كلّما سألت عن إخواننا أهل السنّة فلم يجيبوني بما تقنع نفسي ونتفحّص عمّن يجيبني تجرّداً عن العصبيّة ومستنداً إلي الأدلّة.

1 - كيف يوثّق من سبّ عليّاً عليه السلام ؟

كيف يمكن توثيق من لعن علي بن أبي طالب 7 والرواية عنه في الصحاح التي هي الملاك في سنّة الرسول 6 والمدار في استنباط الأحكام؟

فأين ذهب قول رسول اللّه 6: «من سبّ عليّاً فقد سبّني».

وكيف خفي عنهم ما ورد عن أمّ سلمة، قالت لعبد اللّه الجدلي: أيسبّ رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلمّ فيكم؟ قلت معاذ اللّه!! أو سبحان اللّه!! أو كلمة نحوها! قالت: سمعت رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم يقول من سبّ عليّاً فقد سبّني ( مسند أحمد: 323/6، السنن الكبر للنسائي: 133/5، خصائص أمير المؤمنين للنسائي: 99، فيض القدير للمناوي: 190/6، تاريخ مدينة دمشق: 266/42، 533، أنساب الاشراف للبلاذري: 182. ) . رواه الحاكم قائلاً: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ( المستدرك 121/3. ) . رواه الهيثمي وتعقبّه: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير أبي عبداللّه الجدلي وهو ثقة ( مجمع الزوائد: 130/9. ) .

ومارواه الطبراني عنها قالت: أيسبّ رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم فيكم علي رؤوس الناس؟ فقلت: سبحان اللّه! وأنّي يسبّ رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم؟ فقالت: أليس يسبّ علي بن أبي طالب ومن يحبّه، فأشهد أنّ رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم وآله وسلم كان يحبّه ( المعجم الصغير: 21/2، المعجم الأوسط: 74/6، المعجم الكبير: 323/23، مسند أبي يعلي: 444/12، تاريخ بغداد: 413/7، تاريخ مدينة دمشق: 267/42، المناقب للخوارزمي: 149، البداية والنهاية: 391/7. ) .

قال الهيثمي: رواه الطبراني في الثلاثة وأبو يعلي ورجال الطبراني رجال الصحيح غير أبي عبد اللّه وهو ثقة . وروي الطبراني بعده باسناد رجاله ثقات الي أمّ سلمة عن النبي صلي اللّه عليه وسلم قال مثله ( مجمع الزوائد: 130/9. ) .

وما ذكره ابن عبد ربّه عن أمّ سلمة زوج النبي صلي اللّه عليه وسلم إلي معاوية : إنّكم تلعنون اللّه ورسوله علي منابركم ، وذلك أنّكم تلعنون علي بن أبي طالب ومن أحبّه ، وأنا أشهد أنّ اللّه أحبّه ورسوله. فلم يلتفت إلي كلامها ( العقد الفريد: 108/5، بتحقيق محمد سعيد العريان، ط. مكتبة الرياض الحديثة. (301/2، 366/4)، الوثائق السياسيّة والإداريّة العائدة للعصر الأموي: 166، للفاضل المعاصرالدكتور محمد ماهر حمادة، مؤسسة الرسالة - بيروت. ) .

وبعد ذلك كلّه فانظر ما قيمة كلام ابن كثير، قائلاً: أسانيدها كلّها ضعيفة لا يحتج بها؟ ( البداية والنهاية: 391/7. ) ، هل هي إلّا جرح غير مفسّر مردود، ويا ليت كان يعيّن أيّ من الرواة كانت ضعيفة فصارت الرواية به ضعيفة.

ولكنّه قد نقل بعد ذلك: ما رواه مسلم عن زرّ بن حبيش قال : سمعت عليّاً يقول: والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة إنّه لعهد النبي صلي اللّه عليه وسلم إلي أنّه لا يحبّك إلّا مؤمن ولا يبغضك إلّا منافق، ثمّ قال: وهذا الذي أوردناه هو الصحيح من ذلك واللّه أعلم ( البداية والنهاية: 391/7. ) .

2 - كيف أفتي بقتل من سبّ أبابكر ووثقّ من سبّ علياً عليه السلام ؟

ما الفرق بين علي بن أبي طالب وأبي بكر وعمر؟ حيث إنّهم وثّقوا من سبّ عليّاً 7!! ولكن حكموا بكفر من سبّ أبابكر وعمر، وأفتوا بقتلهم؛ كما عن الفاريابي: «من شتم أبا بكر فهو كافر، لا أصلّي عليه، قيل له فكيف تصنع به وهو يقول لا إله إلا اللّه ؟ قال : لا تمسّوه بأيديكم ارفعوه بالخشب حتّي تواروه في حفرته ( المغني لابن قدامه: 419/2، بتحقيق جماعة من العلماء، طبعة دار الكتاب العربي - بيروت، والشرح الكبير له: 64/10، الصارم المسلول لابن تيميّة: 575. ) .

3 - هل خرج علي بن أبي طالب عليه السلام عن الصحابة؟

هل لم يكن علي بن أبي طالب من الصحابة؟ حتي يشمله فتوي أبي زرعة: «إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب محمد (صلي اللّه عليه وآله) فاعلم أنه زنديق ( الكفاية في علم الرواية: 67. ) . وقول السرخسي: من طعن فيهم فهو ملحد، منابذ للاسلام، دواؤه السيف، إن لم يتب ( أصول السرخي: 134/2. ) .

أو أفتوا ذلك لأن تكون وسيلة لقتل الشيعة فقط؟ كما قال ابن الأثير في حوادث ( سنة 407 ه"): وفي هذه السنة قتلت الشيعة في جميع بلاد أفريقيا وجعل سبب ذلك اتّهامهم بسبّ الشيخين ( الكامل: 110/9. ) .

ولكن غير الشيعة حرّ في سبّ علي بن أبي طالب 7 وشتمه ولعنه في أعقاب الصلوات في الجمعة والجماعات وعلي صهوات المنابر في شرق الأرض وغربها حتّي في مهبط وحي اللّه، كما قال الحموي: لعن عليّ بن أبي طالب علي منابر الشرق و الغرب ... منابر الحرمين مكّة والمدينة ( معجم البلدان: 191/3، في كلمة «سجستان». ) .

قال الزمخشري والحافظ السيوطي: إنّه كان في أيّام بني اميّة أكثر من سبعين ألف منبر يلعن عليها عليّ بن أبي طالب بما سنّه لهم معاوية من ذلك ( ربيع الأبرار للزمخشيري: 186/2، النصائح الكافية لمحمد بن عقيل: 79، عن السيوطي. ) .

وهل سمع معاوية عن النبي 6 حديثاً في فضل سبّ علي بن أبي طالب 7 بحيث كان يقول لسعد: ما منعك أن تسبّ أبا تراب؟ ( صحيح مسلم 120/7، ط. صبيح و1871 ط. محمد فؤاد، 360/2 ط. الحلبي بمصر. باب فضائل علي. ) .

هذا في صحيح مسلم؛ ولكن فيما رواه ابن عساكر وابن كثير، قال سعد لمعاوية: أدخلتني دارك وأقعدتني علي سريرك ثم وقعت فيه تشتمه ( تاريخ مدينة دمشق: 119/42 والبداية والنهاية: 376/7. ) .

و في كلام ابن أبي شيبة: فأتاه سعد فذكروا عليّاً فنال منه معاوية فغضب سعد ( المصنّف لابن أبي شيبة: 496/7. ) .

أو يجب لنا أن نقول بأنّ نهي النبي 6 عن سبّ أصحابه عموماً وسبّ علي بن أبي طالب خصوصاً، يختصّ لغير المخاطبين؟

4 - كيف صار قاتل عثمان ملعوناً ولكن قاتل علي عليه السلام مجتهداً متأوّلاً

مالفرق بين الذين قتلوا عثمان والذي قتل علي بن أبي طالب 7 حيث صار قتلة عثمان عند ابن حزم: فسّاق، ملعونون، محاربون، سافكون دماً حراماً عمداً ( الفصل لابن حزم: 161/4. ) ، وعند ابن تيمية: قوم خوارج مفسدون في الأرض، لم يقتله إلّا طائفة قليلة باغية ظالمة، وأمّا الساعون في قتله فكلّهم مخطئون، بل ظالمون باغون معتدون ( منهاج السنة: 189/3، 206. ) ، وعند ابن كثير: أجلاف أخلاط من الناس، لاشكّ أنّهم من جملة المفسدين في الأرض، بغاة خارجون علي الإمام، جهلة، متعنتون، خونة، ظلمة، مفترون ( تاريخ ابن كثير: 176/7، 186، 187، 198، 208، حوادث سنة 35 ه"». ) .

ولكن قاتل علي بن أبي طاب كان مجتهداً متأوّلاً كما صرّح ابن حزم بقوله: ولا خلاف بين أحد من الأمّة في أنّ عبد الرحمن ابن ملجم، لم يقتل عليّاً رضي اللّه عنه إلّا متأوّلاً مجتهداً مقدراً أنّه علي صواب، وفي ذلك يقول عمران حطان شاعر الصفرية:

يا ضربة من تقي ما أراد بها

إلّا ليبلغ من ذي العرش رضواناً

إنّي لأذكره حينا فأحسبه

أو في البريّة عند اللّه ميزاناً ( المحلي لابن حزم: 484/10. )

وهكذا في كتاب الأمّ للشافعي ومختصر المزني والمجموع للنووي ومغني المحتاج والجوهر النقي ( كتاب الأمّ للشافعي: 229/4، مختصر المزني لإسماعيل المزني: 256، المجموع للنووي: 197/19، مغني المحتاج لمحمد بن الشربيني: 124/4، الجوهر النقي للمارديني: 58/8. ) .

بلغ الأمر إلي ما صار قوام حكومتهم بسبّ علي بن أبي طالب 7 كما روي ابن عساكر عن علي بن الحسين قال قال مروان بن الحكم ما كان في القوم أحد أدفع عن صاحبنا من صاحبكم يعني عليا عن عثمان قال قلت فما لكم تسبونه علي المنبر قال لا يستقيم الأمر إلا بذلك ( تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج 42 ص 438، الصواعق المحرقة ص 33، النصائح الكافية ص 114 عن الدار قطني، شرح نهج البلاغة ج 13 ص 220. ) .

قال البلاذري: قال مروان لعلي بن الحسين : ما كان أحد أكفّ عن صاحبنا من صاحبكم . قال : فلم تشتمونة علي المنابر ؟ ! ! قال : لا يستقيم لنا هذا إلا بهذا ! ! ( أنساب الأشراف ص 184. ) .

فأين ذهب قول الرسول 6 «سِباب المسلم فسوق» ( صحيح البخاري: 17/1، ح 48، كتاب الايمان، باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله، و... ) أو يحكمون بعدم إسلامه أو خروجه عن الإسلام نستجير باللّه من شرور أنفسنا.

علي بن أبي طالب (ع) مدينة باب علم النبي (ص) وأعلم الصحابة

أمّا قولكم: فلا يجوز أخذ العلم إلّا منه رضي اللّه عنه إذن كلّ الدين المبلّغ من غيره ليس ديناً.

فنقول أوّلاً: هذا نصّ كلام النبي 6 بأنّ عليّاً باب علمه فمن أراده فليأت منه كما روي الطبراني بإسناده عن ابن عباس قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم: «أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأته من بابه» ( المعجم الكبير: 55/11، وابن الاثير أسد الغابة: 22/4، الخطيب في تاريخ بغداد: 181/3، السيوطي في الجامع الصغير: 415/1، و60/3. ) . وذكره الحاكم بعدّة طرق وصحّحها ( المستدرك: 126-127/3. ) . وهكذا ذكره المتقي في كنز العمال مع القول بصحّته ( كنز العمال: 149/13. ) .

وهكذا قوله 6 لعلي: «أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه من بعدي»

رواه الحاكم عن أنس بن مالك ثمّ عقّبه: هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه ( المستدرك: 122/3، ويراجع أيضاً: تاريخ مدينة دمشق: 42/ 387، المناقب للخوارزمي: 329. ) .

ونزول قوله تعالي «وتعيها أذن واعية» فيه، كما ذكره الطبري والسيوطي والقرطبي وغيرهم ( جامع البيان: 69/29، ح 26955، الدر المنثور: 260/6 (عن سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن ابي حاتم وابن مردويه عن مكحول، تفسير القرطبي: 264/18، تفسير الرازي: 107/30، تفسير ابن كثير: 413/4، روح المعاني: 3/29. ) .

وروي ابن عساكر عن أمير المؤمنين علي 7: «نشدتكم باللّه ، أفيكم أحد دعا رسول اللّه صلي اللّه عليه وآله له في العلم ، وأن تكون اذنه الواعية مثل ما دعا لي ؟ ) قالوا : اللهم لا» ( تاريخ دمشق: 116/3. ) .

وثانياً: روي البخاري عن عمر رضي اللّه عنه قال: «أقرؤنا أبيّ وأقضانا عليّ»، ولا شكّ بأنّ كونه أقضي الناس يدلّ علي أوسعيّة علمه.

كما قال سعيد بن المسيب: لم يكن أحد من الصحابة يقول (سلوني) إلّا عليّ بن أبي طالب ( فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل: 646/2، بتحقيق ط. وصي اللّه، أسد الغابة: 22/4، تاريخ مدينة دمشق: 399/42، تاريخ الخلفاء: 115، تهذيب الأسماء واللغات: 317/1، المناقب للخوارزمي: 90. ) . وقال ابن عباس لقد أعطي علي تسعة أعشار العلم وأيم الله لقد شاركهم في العشر العاشر ( أسد الغابة: 22/4، تفسير الثعالبي: 52/1. ) .

وقال ابن عباس: أعطي علي تسعة أعشار العلم، وواللّه لقد شاركهم في العشر الباقي ( الاستيعاب: 11044، تهذيب الأسماء واللغات: 317/1. ) .

وعن ابن عباس أيضاً: إذا ثبت لنا الشئ عن علي لم نعدل عنه إلي غيره ( الاستيعاب: 1104/3، أسد الغابة: 22/4. تهذيب الأسماء واللغات: 344/1 - 346 - دار الكتب العلميّة - بيروت (ط. دار الفكر: 317/1). ) .

وثالثاً: لم يجرؤ أحد من الصحابة أن يقول: سلوني غير علي بن أبي طالب 7 كما روي الحاكم روي عامر بن واثلة قال سمعت علياً رضي اللّه عنه قام فقال: سلوني قبل أن تفقدوني ولن تسألوا بعدي مثلي ... هذا حديث صحيح، عال ( المستدرك: 353/2 بتحقيق المرعشلي، (383/2، بتحقيق مصطفي عبد القادر عطا) السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد المقري ء المتوفي 444: 838/4، 1196/6،تهذيب الكمال: 335/17، تاريخ مدينة دمشق: 400/42 و397. ) .

وقال سعيد بن المسيب: لم يكن أحد من الصحابة يقول: سلوني إلّا عليّ بن أبي طالب ( فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل: 646/2، بتحقيق ط. وصي اللّه، أسد الغابة: 22/4، تاريخ مدينة دمشق: 399/42، تاريخ الخلفاء للسيوطي: 135، تهذيب الأسماء واللغات: 317/1. ) .

ورابعاً: كان عمر يتعوذّ باللّه من معضلة ليس فيها أبو حسن ( تهذيب التهذيب: 337/7 ، الطبقات الكبري: 339/2 ، أسد الغابة: 23 22/3 ، تاريخ الخلفاء: 135، ذخائر العقبي: ص 82. ) .

وقال: لولا علي لهلك عمر ( تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة: 162/1. ) .

وخامساً: قال النووي: وسؤال كبار الصحابة ورجوعهم إلي فتاويه وأقواله في المواطن الكثيرة والمسائل المعضلات، مشهور ( تهذيب الأسماء واللغات: 317/1 ط. دار الفكر - بيروت. ) .

رجوع الأصحاب إلي علي (ع) وعدم رجوعه إليهم

وسادساً: ما ذكروا من جهل الأصحاب وكبارهم بالأحكام ورجوعهم إلي غيرهم، وعدم رجوع علي إلي أحد من القوم، كما قال ابن حزم: ووجدناهم (الصحابة) رضي اللّه عنهم يقرّون ويعترفون بأنّهم لم يبلغهم كثير من السنن ، وهكذا الحديث المشهور عن أبي هريرة إنّ إخواني من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق ، وإنّ إخواني من الأنصار كان يشغلهم القيام علي أموالهم ، وهكذا قال البراء : أما كل ما تحدثتموه سمعناه من رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلّم، ولكن حدّثنا أصحابنا وكانت تشغلنا رعيّة الإبل.

وهذا أبو بكر رضي اللّه عنه لم يعرف فرض ميراث الجدّة ، وعرفه محمد بن مسلمة ، والمغيرة بن شعبة ، وقد سأل أبو بكر رضي اللّه عنه عائشة في كم كفّن رسول اللّه 9.

وهذا عمر رضي اللّه عنه يقول في حديث الاستئذان : أخفي علي هذا من أمر رسول اللّه ( ص ) ، ألهاني الصفق في الأسواق.

وقد جهل أيضاً أمر إملاص المرأة وعرّفه غيره... وسأل عمر أبا واقد الليثي عمّا كان يقرأ به رسول اللّه ( ص ) في صلاتي الفطر والأضحي. وهذا وقد صلّاهما رسول اللّه ( ص ) أعواماً كثيرة. ولم يدر ما يصنع بالمجوس ، حتّي ذكره عبد الرحمن بأمر رسول اللّه 9 فيهم ( الاحكام: 143/2 - 145. ) .

ومع الغضّ عن جميع ذلك فلا شكّ عند أهل العلم المنصفين بأنّ علي بن أبي طالب أوّل من أسلم وتربّي في حجر النبي وعاش تحت كنفه قبل البعثة واشتدّ ساعده في حضنه وظلّ معه إلي أن انتقل إلي الرفيق الأعلي لم يفارقه لا في حضر ولا في سفر ، وهو ابن عمّه وزوج ابنته فاطمة سيّدة نساء العالمين وشهد المشاهد كلّها سوي تبوك، ولو كان علي قد حفظ كلّ يوم عن النبي وهو الفطن اللبيب الذكي الحافظ، حديثا واحداً وقد مضي معه رشيدا اكثر من ثلث قرن لبلغ ما كان يجب أن يروي أكثر من إثني عشر ألف حديث.

ومع الغضّ عن جميع ذلك فلا شكّ عند أهل العلم المنصفين كأبي ريّة حيث قال: أوّل من أسلم وتربّي في حجر النبي 6 وعاش تحت كنفه قبل البعثة واشتدّ ساعده في حضنه وظلّ معه إلي أن انتقل إلي الرفيق الأعلي، لم يفارقه، لا في سفر ولا في حضر، وهو ابن عمّه وزوج ابنته فاطمة الزهرا 3 ... ولو كان علي رضي اللّه عنه قد حفظ كلّ يوم عن النبي وهوالفطن اللبيب الذكيّ الحافظ، ربيب النبي، حديثاً واحداً وقد قضي معه رشيداً أكثر من ثلث قرن، لبلغ ما كان يجب أن يرويه أكثر من إثني عشر ألف حديث ... قد أسندوا له كما روي السيوطي 586 حديثاً وقال ابن حزم: لم يصحّ منها إلّا خمسون حديثاً، ولم يرو البخاري ومسلم منها إلّا نحواً من عشرين حديثاً ( أبو هريرة: 128. ثمّ قال في الهامش : هذا ما في البخاري ومسلم ولا نعلم شيئاً عن مقدار أحاديثه التي روتها الشيعة عنه، ولكلّ قوم سنّة وإمامها. ) .

ومع الأسف الشديد لم يرو البخاري عن علي بن أبي طالب 7 إلّا تسعة وعشرين حديثاً ( مقدمة فتح الباري: 476. ) وروي عن أبي هريرة أربعمائة وستة وأربعين حديثاً ( مقدمة فتح الباري: 477. ) .

لم تكن خلافة أبي بكر شوري بين المسلمين وإجماعاً عندهم

قلتم: إنّ أهل السنّة يعتقدون أن ّ الإمامة أمر إصطلاحيّ شوريّ، للأمّة أن تختار من تراه أهلاً لذلك، ليحكمها بالقرآن والسنّة ولا حرج في الإختلاف في مجالات الفهم.

أقول:

أوّلاً: هذا مخالف لما جاء من كبار علماء أهل السنّة كالماوردي الشافعي المتوفي سنة 450، وأبي يعلي الحنبلي المتوفي سنة 458: «فقالت طائفة: لاتنعقد (أي الإمامة) إلّا بجمهور أهل العقد والحلّ من كلّ بلد، ليكون الرضا به عامّاً ، والتسليم لإمامته إجماعاً، وهذا مذهب مدفوع ببيعة أبي بكر رضي اللّه عنه علي الخلافة باختيار من حضرها ، ولم ينتظر ببيعته قدوم غائب عنها» ( الأحكام السلطانيّة للماوردي: 33 و الأحكام السلطانيّة لأبي يعلي محمد بن الحسن الفراء: 117. ) .

وقال القرطبي المتوفي سنة 671 : «فإن عقدها واحد من أهل الحلّ والعقد فذلك ثابت، ويلزم الغير فعله، خلافاً لبعض الناس حيث قال: لا ينعقد إلّا بجماعة من أهل الحلّ والعقد، ودليلنا: أنّ عمر (رض) عقد البيعة لأبي بكر» ( ) ( جامع أحكام القرآن: 269/1. ) .

وقال إمام الحرمين المتوفي سنة 478، استاد الغزالي: «اعلموا أنّه لا يشترط في عقد الإمامة، الإجماع؛ بل تنعقد الإمامة وإن لم تجمع الأمّة علي عقدها، والدليل عليه أنّ الإمامة لمّا عقدت لأبي بكر ابتدر لإمضاء أحكام المسلمين ، ولم يتأن لانتشار الأخبار إلي من نأي من الصحابة في الأقطار ، ولم ينكر منكر. فإذا لم يشترط الإجماع في عقد الإمامة، لم يثبت عدد معدود ولا حدّ محدود ، فالوجه الحكم بأنّ الإمامة تنعقد بعقد واحد من أهل الحلّ والعقد» ( الإرشاد في الكلام: 424، باب في الاختيار وصفته وذكر ما تنعقد الإمامة به، ط. القاهرة 1369 ه". ) .

وقال عضد الدين الإيجي المتوفي سنة 756: «وإذا ثبت حصول الإمامة بالاختيار والبيعة ، فاعلم أنّ ذلك لا يفتقر إلي الإجماع ، إذ لم يقم عليه دليل من العقل أو السمع ، بل الواحد والإثنان من أهل الحلّ والعقد كاف ، لعلمنا أنّ الصحابة مع صلابتهم في الدين اكتفوا بذلك، كعقد عمر لأبي بكر ، وعقد عبد الرحمن بن عوف لعثمان».

إلي أن قال: «ولم يشترطوا اجتماع مَن في المدينة فضلاً عن اجتماع الأمّة. هذا ولم ينكر عليه أحد، وعليه انطوت الأعصار إلي وقتنا هذا» ( المواقف في علم الكلام : ج 8، ص 351، طبع مصر 1325 ه" . ) .

وقال ابن العربي المالكي المتوفي سنة 543: «لا يلزم في عقد البيعة للإمام أن تكون من جميع الأنام بل يكفي لعقد ذلك إثنان أو واحد» ( شرح سنن الترمذي: ج 13، ص 229. ) .

هل هؤلاء ليسوا من أهل السنّة؟! «فاعتبروا يا اولي الأبصار!!!»

لماذا لم توفضّ خلافة عمر بن الخطاب إلي الأمّة؟

وثانياً: لوكانت الإمامة أمراً شوري للأمّة وتختار من تراه أهلاً، لماذا لم يعمل بذلك أبو بكر، ولم يوفضّ الأمر إلي الأمّة؛ بل عيّن عمر بن الخطاب مع ما ورد من اعتراض الصحابة عليه كما روي ابن أبي شيبة: أنّ أبا بكر حين حضره الموت أرسل إلي عمر يستخلفه فقال الناس : تستخلف علينا فظّاً غليظاً ، ولو قد ولينا كان أفظّ وأغلظ ، فما تقول لربك إذا لقيته وقد استخلفت علينا عمر؟ قال أبو بكر: أبربّي تخوّفونني؟ أقول : اللهمّ استخلفت عليهم خير خلقك ، ثمّ أرسل إلي عمر فقال : إنّي موصيك بوصية الحديث ( المصنف: 574/8، بتحقيق سعيد محمد اللحام، تاريخ مدينة دمشق: 413/30. ) .

وهكذا قال الإمام محمد بن مفلح المقدسي الحنبلي المتوفي 763: لمّا استخلف أبو بكر عمر رضي اللّه عنهما قال لمعيقيب الدوسي: ما يقول الناس في استخلاف عمر؟ قال: كرهه قوم ورضيه قوم آخرون. قال: الذين كرهوه أكثر أم الذين رضوه ؟ قال: بل الذين كرهوه... ( الآداب الشرعية: 71/1، بتحقيق شعيب الأرنؤوط/ عمر القيام، ط. مؤسسة الرسالة - بيروت. ) .

فمع علمه بأنّ أكثريّة الشعب كانت ناقمة عليه في هذا الأمر فكيف فرضه عليهم ، ولم يمنحهم الحريّة في انتخاب من شاؤا لرئاسة الحكم، وكان الأجدر به أن يستجيب لعواطف الأكثريّة الساحقة من المسلمين فلا يولّي عليهم أحداً إلّا بعد أخذ رضاهم واتفاق الكلمة عليه، أو يستشير أهل الحل والعقد عملاً بقاعده الشوري.

ولما ذا حصرها عمر في ستّة وجعل شروطاً ينتهي الأمر إلي عثمان لا غيره؟ وهل يطلق عليه شوري الأمّة؟.

أمّ المؤمنين ترفض الشوري في الإمامة

وثالثاً: قولكم «بأنّ أهل السنّة يعتقدون أن ّ الإمامة أمر إصطلاحيّ شوري، للأمّة» مخالف لما روي مسلم وغيره عن حفصة بأنّها قالت لابن عمر: أعلمت أن أباك غير مستخلف ؟ إلي أن دخل علي أبيه وقال: إنّي سمعت الناس يقولون مقالة فآليت أن أقولها لك ، زعموا أنّك غير مستخلف ، وأنّه لو كان لك راعي إبل ، أو راعي غنم ثمّ جاءك وتركها رأيت أن قد ضيّع ، فرعاية الناس أشد» ( صحيح مسلم: 5/6 (1823/3) ، كتاب الإمارة ، باب الاستخلاف وتركه، مسند أحمد: 47/1، المصنف لعبد الرزاق: 448/5. ) .

وهكذا قول عائشة أمّ المؤمنين لابن عمر: يا بنيّ! أبلغ عمر سلامي وقل له: لا تدع أمّة محمد بلاراع، استخلف عليهم ولا تدعهم بعدك هملاً، فإنّي أخشي عليهم الفتنة، فأتي عبد اللّه فأعلمه ( الإمامة والسياسة: 42/1 بتحقيق الشيري، 28/1 بتحقيق الزيني، أعلام النساء: 127/3. ) .

السنّة تنفي الشوري في الإمامة

ورابعاً: إذا كانت الإمامة شوري عند أهل السنّة فما ذا يقولون فيما ذكره ابن حبّان وابن كثير وغيرهما بأنّ النبي 6 أيضاً ليس له نصيب في تعيين الإمامة بل هي بيد اللّه فقط؟

نقرء معاً ما ذكر في هذه القضيّة:

ثمّ أتي (أي النبي 6) بني عامر بن صعصعة في منازلهم فدعاهم إلي اللّه، فقال قائل منهم: إن اتّبعناك وصدّقناك فنصرك اللّه، ثمّ أظهرك اللّه علي من خالفك، أيكون لنا الأمر من بعدك؟ فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: الأمر إلي اللّه يضعه حيث يشاء. فقالوا: أ نهدف نحورنا للعرب دونك فإذا ظهرت كان الأمر في غيرنا؟ لا حاجة لنا في هذا من أمرك ( الثقات لابن حبان: 89/1، البداية والنهاية لابن كثير: 171/3، وهكذا في حياة محمد لهيكل ص 152 والسيرة النبوية لدحلان مفتي مكّة المكرمة: 147/1. ) .

ما يدلّ علي وصاية علي بن أبي طالب عليه السلام

وقولكم: «وأمّا أهل التشيّع فإنّه يفهم من عقيدتهم أنّه يجب علي اللّه أن ينصب إماماً وأنّ هذا الإمام هو علي رضي اللّه عنه مع أنّه لم يرد في القرآن، ولا في السنّة أيّ لفظ في ذكر الإمامة أو الوصاية وإنّما هي عمومات قابلة للتأويل علي أوجه».

فنقول: وأمّا ورود قضيّة إمامة علي بن أبي طالب في السنّة فمن راجع حديث «الدار يوم الإنذار» وحديث «المنزلة» وحديث «الغدير» وحديث «الثقلين» وحديث «السفينة» وحديث «وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي» وحديث «أنا مدينة العلم وعليّ بابها» وحديث «المؤاخاة» وحديث «تبليغ سورة براءة» و حديث «سدّ الأبواب» وحديث «باب حطّة» و «حديث الراية» وغيرها من عشرات بل مئات النصوص في ذلك يتقينّ بنصّ النبي 6 علي امامة علي بن أبي طالب.

حديث الدار يثبت خلافة علي عليه السلام

وقد صرّح في بعضها علي كونه خليفة من بعده، كحديث الدار الذي قال علي 7: فأخذ برقبتي ثمّ قال: إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا!

قال: فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب قد أمرك أن تسمع لإبنك وتطيع» ( تاريخ الطبري: 62/2، بتحقيق نخبة من العلماء، ط. مؤسسة الأعلمي - بيروت. ) .

هل هذا من العمومات القابلة للتأويل؟ لوكان كذلك لماذا لم يؤلوها قريش؛ بل استفادوا منها النص في الخلافة فطعنوا علي أبي طالب.

نعم، هذا قابل للتحريف كما فعله محمد حسين في كتابه حياة محمد 6 حيث ذكر الحديث في كتابه «حياة محمد» ص 104 من الطبعة الأولي سنة 1354 ه" ولكنّه في الطبعة الثانية (ص 139) وما بعدها من الطبعات قد مسخ الحديث المذكور وحرّف منه كلمة «ووصيّي وخليفتي».

وجاء الحديث أيضاً بتمامه في الجريدة السياسيّة المصريّة لمحمد حسين هيكل، ملحق عدد 2751، بتاريخ 12 ذي القعدة 1350 ه" ص 5. وملحق عدد 2785 ص 6.

كما أنّه ذكر ابن أثير الجزري في أسد الغابة: 25/4 طبعة الوهبيّة بمصر، بأنّ قوله تعالي «و من الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات اللّه» نزل في علي 7 حين بات علي فراش رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلّم. ولكن في تصوير هذه الطبعة بالأوفست في المكتبة الاسلاميّة لصاحبها الحاج رياض الشيخ (نسختها موجودة في مكتبتي) وبدّلت باليد لا بالآلة الطباعة «بات علي فراشه» علي «بال علي فراشه» إهانة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب 7 إنّا للّه وإنّا اليه راجعون! ممّا يصنع يد العداوة والعناد والنصب، لا لؤم عليهم لأنّهم ورّثوا ذلك ممّن لا تطيب أنفسهم لعلي 7 بخير.

تصحيح سند حديث الدار

وأمّا من حيث السند، فقد صرّح بصحّته جمع من العلماء كابن جرير الطبري فيما نقله المتقي في كنز العمال: 128/13 ر 36408، والهيثمي في مجمع الزوائد: 302/8، وأبي جعفرالإسكافي كما في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 243/13، والحاكم في مستدرك الصحيحين: 132/3 والذهبي في تلخيص المستدرك، - في حديث طويل - والشهاب الخفاجي في شرحه علي الشفاء للقاضي عياض، نسيم الرياض: 35/3، وورود الرواية في كتاب المختارة للضياء المقدسي الذي التزم فيه بأن لايروي في كتابه هذا إلّا الروايات الصحيحة المعتبرة كما صرّح بذلك جمع، كعبد اللّه بن الصديق المغربي في ردّ اعتبار الجامع الصغير: 42، ومحقّقي كنز العمال فيه : 9/1، و قال ابن حجر: ابن تيمية يصرّح بأنّ أحاديث المختارة أصحّ وأقوي من أحاديث المستدرك. فتح الباري: 211/7.

حديث الولاية وخلافة علي عليه السلام

وهكذا حديث الولاية الذي صرّح بصحّته الحاكم عند ما ذكر قضيّة جيش اليمن وقصّة الشكوي عن علي وقول رسول اللّه 6: «إنّ عليّاً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي». قال: هذا حديث صحيح علي شرط مسلم ولم يخرجاه ( المستدرك علي الصحيحين: 110/3. ) .

وهل هذا من العمومات القابلة للتأويل فما الفرق بين هذه الكلمة في لسان النبي 6 وبين هذه في لسان عمر بن الخطاب (رض) حيث قال: «فلمّا توفّي رسول اللّه - صلي اللّه عليه وسلّم - قال أبو بكر: أنا وليّ رسول اللّه، فجئتما... فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً... ثمّ توفّي أبوبكر فقلت: أنا وليّ رسول اللَّه - صلي اللّه عليه وسلّم - ووليّ أبي بكر، فرأيتماني كاذباً آثماً غادراً خائناً» ( صحيح مسلم: 152/5، كتاب الجهاد، باب 15، حكم الفئ حديث 49. ) .

وهكذا في كلام أبي بكر في كتابته لخلافة عمر في مرضه قائلاً: «انّي قد ولّيت عليكم عمر» ( تاريخ الطبري: 429/3، سيرة عمر لابن الجوزي: 37 وتاريخ ابن خلدون: 85/2. ) .

وفي كلام عمر بن خطاب أيضاً: «لو أدركت سالم مولي أبي حذيفة لولّيته واستخلفته» ( تاريخ الطبري: 33/5، طبقات ابن سعد: 181/3 و248 والاستيعاب لابن عبد البرّ: 161/2 وأسد الغابة: 246/2. ) .

حديث الثقلين والإنقاذ عن الضلالة

وهكذا حديث الثقلين: «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي» الذي ورد في صحيح مسلم وصرّح بصحته الحاكم والذهبي وابن كثير في التفسير والسيرة والبغوي في المصابيح والألباني في الصحيح وغيرهم ( صحيح مسلم: 122/7، كتاب الفضائل باب فضائل علي بن أبي طالب، المستدرك علي الصحيحين: 109/3 تفسير ابن كثير: 122/4 والسيرة النبويّة له: 416/4 مصابيح السنة: 205/2 والأحاديث الصحيحة للألباني: 1761. ) .

وجعل رسول اللّه 6 أهل بيته عدلاً للقرآن والتمسك بهم منقذاً عن الضلالة؛ كما قال المنّاوي: قوله: «إنّي تارك فيكم» تلويح بل تصريح بأنّهما كتوأمين خلّفهما ووصّي أمّته بحسن معاملتهما وإيثار حقّهما علي أنفسهم والاستمساك بهما في الدين ( فيض القدير: 174/2. ) .

وقال التفتازاني بعد نقل حديث صحيح مسلم: ألاتري أنّه عليه الصلاة والسلام قرنهم بكتاب اللّه تعالي في كون التمسك بهما منقذاً عن الضلالة، ولا معني للتمسك بالكتاب إلّا الأخذ بما فيه من العلم والهداية فكذا في العترة ( ) ( شرح المقاصد: 221/2. ) .

قال الدكتور عصام العماد ( الدكتور عصام العماد المولود سنة 1968 من طلاب قسم الحديث بجامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض وتلميذ مفتي المملكة السعوديّة الشيخ بن باز وإمام أحد مساجد مدينة صنعاء والمدرّس فيه، المؤلّف كتاباً في تكفير الإثني عشريّة سمّاه «الصلة بين الاثني عشرية وفرق الغلاة». ثمّ انتقل من الوهابيّة إلي مذهب الشيعة الاماميّة سنة 1989، وألّف كتاباً باسم «رحلتي من الوهابيّة إلي الشيعة»، وله أيضاً كتاب آخر ألّفه بعد استبصاره تحت عنوان: «المنهج الجديد والصحيح في الحوار مع الوهابيّين». ) : إنّنا نعتقد أنّ مذهب الإثني عشرية يطير بجناحين، أحدهما: حديث الثقلين، والجناح الآخر: حديث الاثني عشر. وما لم تدرك الوهابيّة هذين الحديثين، لا يمكن لها أن تفهم حقائق وخصائص المذهب الإثني عشري ( كتاب المنهج الجديد والصحيح في الحوار مع الوهابيين ص 155. ) .

فلا شكّ أنّ المراد بأهل البيت هم الذين نزلت فيهم آية التطهير وهم علي وفاطمة والحسن والحسين فلايشمل غيرهم من بني هاشم ( كما ذهب إليه ابن تيميّة في منهاج السنة: 394/7. ) كما لا يشمل نساء النبي 6 لما صرّح بذلك في صحيح مسلم ( صحيح مسلم ج 7 ص 123 كتاب الفضائل باب فضائل علي بن أبي طالب ط. محمد علي صبيح. شرح النووي ج 15 ص 181 ط مصر. ) .

كما نقله الترمذي وغيره عن أمّ سلمة، أنّ النبي صلي الله عليه وسلم جلل علي الحسن والحسين وعلي وفاطمة كساء ثمّ قال : «اللهم هؤلاء أهل بيتي وحامّتي؛ أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً». فقالت أم سلمة : وأنا معهم يارسول الله ؟ قال: إنّك علي خير. هذا حديث حسن صحيح . وهو أحسن شئ روي في هذا الباب ( سنن الترمذي: 361/5. ) . رواه الحاكم قائلاً: هذا حديث صحيح علي شرط البخاري ولم يخرجاه ( المستدرك: 416/2، 146/3. ) . وقال بعد نقل رواية اخري بعد ذلك: هذا حديث صحيح علي شرط مسلم ولم يخرجاه ( المستدرك: 416/2. ) .

وهكذا رواه أحمد والطبراني والسيوطي عن أمّ سلمة أنّها قالت: «فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي وقال: إنّك علي خير» ( مسند أحمد ج 6 ص 323، المعجم الكبير للطبراني ج 3 ص 53،الدر المنثور ج 5 ص 198. ) .

فمن يقول بدخولهنّ فيهم فقد أراد أن يجذب الكساء من يد النبي 6 فيدخل نساءه تحته.

حديث «عليّ مع الحق والحق مع علي»

وهكذا حديث «عليّ مع الحق والحق مع علي». رواه الهيثمي عن أبي سعيد الخدري، قائلاً: ورجاله ثقات ( ) ( مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي: 235/7 (ط. دار الكتب العلمية - بيروت). فيه: ومرّ علي بن أبي طالب، فقال: «الحق مع ذا، الحق مع ذا». ) . وروي أيضاً عن سعد بن أبي وقاص وأم سلمة ثمّ قال: رواه البزّار، وفيه سعد بن شعيب ولم أعرفه، وبقيّة رجاله رجال الصحيح ( مجمع الزوائد: 7/ 235. ) ، روي الخطيب عن أبي ثابت مولي أبي ذر ( تاريخ بغداد: 322/14 بتحقيق مصطفي عبد القادر عطا، ط. دار الكتب العلميّة. تاريخ دمشق 449/42 بتحقيق علي شيري، ط. دار الفكر. ) ، روي أبو جعفر الإسكافي عن عمّار بن ياسر ( المعيار والموازنة: 119، بتحقيق محمد باقر المحمودي. ) ، روي ابن كثير عن أبي سعيد وأم سلمة ( البداية والنهاية لابن كثير ج 7 ص 398. ) .

روي الحاكم عن علي رضي اللّه عنه قال قال رسول اللّه 6: «رحم اللّه عليّاً، اللهمّ أدر الحق معه حيث دار»، ثمّ قال: هذا حديث صحيح علي شرط مسلم ولم يخرجاه ( مستدرك الحاكم: 124/3 ح 4629. ) .

وقال الإمام الفخر الرازي: من اقتدي في دينه بعلي بن أبي طالب فقد اهتدي؛ لقول النبي صلي الله عليه وآله وسلم : «اللهم أدر الحق مع علي حيث دار» ( تفسير الكبير للرازي: 205/1 و207، المحصول: 134/6، خصائص الوحي المبين للحافظ ابن البطريق: 31. ) .

روي الحاكم عن أمّ سلمة، قالت: سمعت رسول اللّه 9 يقول: «علي مع القرآن والقرآن معه، لا يفترقان حتي يردا علي الحوض». ثمّ قال: هذا حديث صحيح الاسناد وأبو سعيد التيمي هو عقيصاء ثقة مأمون ولم يخرجاه ( المستدرك: 124/3 ح 628 وأقرّه الذهبي، المعجم الأوسط للطبراني 135/5 (455/5 ح 4877) المعجم الصغير: 255/1،الصواعق المحرقة 74 ط. الميمنة بمصر و124 ط. المحمدية. تاريخ الخلفاء للسيوطي: 116 و162، وفيض القدير: 356/4 مناقب الخوارزمي: 214/176، فرائد السمطين: 1/177 ح 140. ) .

وأرجوا من سماحتكم أن تنظر بعين الإنصاف إلي كلام ابن تيميّة حول هذه الرواية؛ حيث قال ردّاً علي العلّامة: «عليّ مع الحقّ والحق معه يدور حيث دار ولن يفترقا حتّي يردا عليّ الحوض، من أعظم الكلام كذباً وجهلاً؛ فإنّ هذا الحديث لم يروه أحد عن النبي صلي اللّه عليه وسلم لا بإسناد صحيح ولا ضعيف ( منهاج السنّة: 238/4. ) .

فتُعرف بعد ما ذكرناه قيمة كلام ابن تيمية؛ إلّا أن يقال بأنّ علي بن أبي طالب 7 وعائشة وأمّ سلمة وسعيد بن وقّاص، لم يكونوا من الصحابة والهيثمي والحاكم وابن كثير والخطيب والرازي، ليسوا من العلماء.



مقارنة منهج أهل السنّة في قبول الروايات مع منهج الشيعة

قلتم:

منهج أهل السنّة في قبول الروايات منهج حازم فإنّهم قد دوّنوا تراجم جميع الرواة وحكموا عليهم من خلال مرويّاتهم فما قبله ميزان الجرح والتعديل قبلوه، وما خالفه ردّوه، وهذه قاعدة من خالفها أعادوه إليها.

ولا يوجد لدي أهل التشييع مثل ذلك.

وبإمكانك أن تأخذ عدداً من أوّل أيّ كتاب من كتب التراجم لدي أهل السنّة وعدداً مماثلاً من كتب التراجم عند الشيعة وقارن بين المعلومات المدوّنة عندهما ...

ثمّ أخذتم بمقارنة كتاب تهذيب الكمال مع كتاب مجمع الرجال.

أقول:

إنّ الكتب المؤلّفة في علم الرجال عند الفريقين مختلفة ومتنوعة، بعضها مختصرة يختصّ بذكر الراوي ووثاقته أوضعفه فقط، من دون ذكر مشايخه وتلاميذه ومؤلّفاته وتاريخ ولادته ووفاته، كتاريخ الكبير للبخاري المتوفّي 256 حيث اكتفي في كثير من التراجم بذكر الرجل كما في ترجمة:

1 - إبراهيم بن إسحاق، سمع الحسن قوله، سمع منه الوليد بن أبي الوليد.

2 - إبراهيم إسحاق عن طلحة بن كيسان روي عنه علي بن أبي بكر.

3 - إبراهيم أبو إسحاق عن ابن جريح سمع منه وكيع، معروف الحديث.

منها: كتاب «تاريخ الثقات» للعجلي المتوفي سنة 261!

منها: كتاب «تاريخ أسماء الثقات» لابن شاهين المتوفي سنة 385.

منها: كتاب «الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي المتوفي 597. وغير ذلك من الكتب.

كما أنّ بعض الكتب المؤلفّة في علم الرجال مفصّلة كتاريخ بغداد للخطيب المتوفي 463، وتهذيب الكمال للمزّي المتوفي 742 وسير أعلام النبلاء، للذهبي المتوفي 748 وغيرها.

أمّا الكتب الرجاليّة عند الشيعة فهي أيضاً مختصرة كرجال البرقي المتوفي 274، ورجال ابن داود المتوفي 707، وخلاصة الأقوال للعلّامة الحلّي المتوفي 726.

ومتوسّطة كرجال الشيخ الطوسي المتوفي 460، المتضمّن لكلّ من روي عن الأئمّة المعصومينعليهم السلام: وكتاب الفهرت له ورجال النجاشي المتوفي 450 المختصّان بذكر كلّ من له كتاب، ورجال الكشّي المتوفّي بعد سنة 300 المختصّ بذكر الروايات الواردة في حقّ الراوي مدحاً وذمّاً ومنهج المقال للإسترابادي المتوفي 1028 ونقد الرجال للتفرشي 1044.

ومفصلّة كجامع الروات للأردبيلي المتوفّي 1100 وتنقيح المقال للمامقاني المتوفّي 1351 وأعيان الشيعة للسيّد الأمين المتوفّي 1371، ومعجم رجال الحديث للسيّد الخوئي المتوفّي 1414.

أيّها الأخ العزيز من أراد المقارنة بين الكتابين فلابدّ أن تكون بين الكتابين في المستوي الواحد، والمقايسة بين كتاب مختصر ومفصّل في فنّ واحد، بعيد عن الإنصاف.

فعليهذا إذا اردتم المقارنة، فخذ كتاب تهذيب الكمال ومعجم رجال الحديث فقايس بينهما حتّي يتبيّن لكم أنّ في معجم الرجال مميّزات لاتوجد لا في تهذيب الكمال و لا في غيره من الكتب الرجاليّة لأهل السنّة.

فنشير إلي بعض مختصّات هذا الكتاب:

1 - ذكر في بداية الكتاب مقدمّة في الفوائد الرجاليّة التي لابدّ من الباحث عنها.

2 - قد نقل في ترجمة كلّ رجل، نصّ كلمات الرجاليّين القدامي كالنجاشي والكشّي والطوسي والعلّامة وابن داود والبرقي بحيث يستغني الباحث عن مراجعة هذه الكتب.

3- تصدّي لذكر ما يستدلّ به علي وثاقة الراوي أو ضعفه بنمط علميّ دقيق بعد نقل كلّ ما ذكر من الأدلّة والقرائن والمناقشة فيهما.

وإن لم يرد في حقّ راوٍ توثيق ولا تضعيف، سكت عنه، وعني بهذا أنّه مجهول الحال.

4- ذكر في الرواة المشتركة بين الثقة وغيره، كلّ ما يحصل به التمييز: من الراوي والمرويّ عنه، وقرائن الزمان، وممارسة الأسانيد وملاحظتها.

5- ذكر ما كان للراوي من الأسماء والعناوين المتعدّدة الواقعة في الكتب الروائيّة والرجاليّة تحت رقم مستقلّ مع الإشارة عند كلّ اسم أوعنوان، إلي أنّه متّحد مع الإسم أوالعنوان الآخر أو محتمل الإتّحاد مع آخر.

كما قال في أحمد بن محمد بن خالد بأنّه متّحد مع:

* - أحمد بن محمد بن خالد البرقي

* - أحمد بن محمد البرقي

* - أحمد بن محمد بن أبي عبد اللّه

* - أحمد بن أبي عبد اللّه.

* - أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي

* - ابن البرقي.

* - البرقي ( راجع: معجم رجال الحديث: 260/2 رقم 857 و858. و226 رقم 789 و30 رقم 412. ) .

6 - ذكر عند ترجمة كلّ راوٍ، شيوخه وتلاميذه كافّة مضافاً إلي عدد وروده في أسانيد الروايات، كما قال في أحمد بن محمد بن خالد: «وقع بعنوان أحمد بن محمد بن خالد في أسناد جملة من الروايات تبلغ زهاء ثمانمائة وثلاثين مورداً:

فقد روي عن أبي إسحاق الخفّاف، وأبي البختري، وأبي الجوزاء و ... .

وروي عنه سعد بن عبد اللّه، وسهل بن زياد، وعلي بن إبراهيم و ... » ( معجم رجال الحديث: 266/2. ) .

كذا قال في ذكر هذا الراوي بعنوان أحمد بن أبي عبد اللّه: «وقع بهذا العنوان في أسناد كثير من الروايات تبلغ ستّمائة رواية: روي عن أبي الحسن الرضا 7، وأبي أيّوب المديني و ... .

وروي عنه أبو علي الأشعري، وأحمد بن إدريس و ... » ( معجم رجال الحديث: 30/2. ) .

7 - ذكر في آخر كلّ مجلّد، تحت عنوان «تفصيل طبقات الرواة»: عنوان كلّ راوٍ كثير الرواية، مع تعيين مواضع رواياته في الكتب الأربعة، (من الجزء ورقم الحديث أو الكتاب والباب) وجميع من روي عنه هذا الراوي، وروي عن هذا الراوي؛ بحيث يحصل به التمييز الكامل بين المشتركات غالباً.

8 - أشار إلي إختلاف النسخ والكتب في أسامي الرواة وعناوينهم وما وقع فيها من التصحيف والتحريف وأثبت الصحيح منها استناداً إلي أدلّة مقنعة.

أخوك: أبو مهدي الحسيني القزويني

أوّل شعبان المعظم 1424





مصادر التحقيق

* أبو هريرة: لسيد شرف الدين الموسوي، المطبعة: بهمن، المجلدات: 1، الناشر: إنتشارات أنصاريان - قم.

* أجوبة مسائل جار اللّه: لسيد عبدالحسين شرف الدين (م 1377 ه")، المجلدات:1، مطبعة العرفان - صيدا، الطبعة الثانية 1373 ه" .

* اختيار معرفة الرجال (المعروف برجال الكشّيّ): لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن بن عليّ الطوسيّ؛ (ت 460 ه" )، تصحيح وتعليق: حسن المصطفويّ، طبعة: جامعة مشهد، 1348 ه" ش.

* الارشاد في معرفة حجج الله علي العباد: لشيخ المفيد (م 413 ه" )، تحقيق: مؤسسة آل البيت ( ع ) لتحقيق التراث، المجلدات:2، الناشر: دار المفيد، المطبعة: دار المفيد.

* اسد الغابة: لابن أثير أبي الحسن علي بن محمّد الجزري (ت 630ه")، 5ج، 5مج ، طبعة: دار إحياء التراث العربي - بيروت. وتحقيق: إبراهيم البنا - محمّد أحمد عاشور - محمود عبد الوهّاب فايد، 7ج، 7مج، طبعة: دار الشعب - بيروت - 1390 ه" - 1970 تهاران.

* الاصابة في تمييز الصحابة: لابن حجر العسقلاني (م 852)، تحقيق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، الطبعة الأولي 1415، المجلدات:8، الناشر: دار الكتب العلمية ، بيروت.

* أصل الشيعة وأصولها: للشيخ محمّد الحسين كاشف الغطاء المتوفي 1373، التحقيق: علاء آل جعفر، المجلدات: 1، الناشر: مؤسسة الإمام علي عليه السلام.

* أصول السرخسي: لأبي بكر محمّد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي (م 490)، تحقيق: أبو الوفاء الافغاني، الطبعة: الأولي 1414 دار الكتاب العلمية ،بيروت ، المجلدات: 2، الناشر: لجنة احياء المعارف النعمانية . حيدر آباد الدكن بالهند.

* أضوأ علي السنّة المحمديّة: لمحمود أبو ريّة، المعاصر المصري، طبعة دار المعارف بمصر.

* اضوأ علي عقائد الشيعة الإماميّة: لآية اللّه الشيخ جعفر السبحاني.

* إعجاز القرآن: لأبي بكر محمّد بن الطيب (م 403)، تحقيق: السيد أحمد صقر، الطبعة: الثالثة، الناشر: دار المعارف بمصر.

* الآداب الشرعيّة: لمحمّد بن مفلح المقدسي الحنبلي المتوفي 763، بتحقيق شعيب الأرنؤوط - عمر القيام، ط. مؤسسة الرسالة - بيروت.

* الإرشاد: للشيخ محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد؛ (ت 413 ه")، الطبعة الثالثة: منشورات مؤسّسة الأعلميّ للمطبوعات - بيروت - 1399 ه".

* الإستيعاب: لابن عبد البرّ أبي عمر يوسف بن عبد اللّه بن(ت 463ه")، 4ج، 4مج، المطبوع بهامش «الإصابة»، الطبعة الأولي: مطبعة السعادة بجوار محافظة مصر، 1328، تصوير: مكتبة المثنّي - بغداد.

* الأعلام: لزركلي خير الدين (المعاصر)، 8ج، 8مج، الطبعة السابعة: دار العلم للملايين - بيروت - 1986م.

* الأغاني: لأبي الفرج عليّ بن الحسين بن محمّد المرواني الإصفهاني المتوفي 356، المجلدات: 25، طبعة دار الفكر - بيروت.

* الأنساب: لأبي سعد عبد الكريم بن محمّد بن منصور التميمي السمعاني(م 562)

* الإمام الصادق والمذاهب الأربعة: لأسد حيد المعاصر، المجلدات: 12، طبعة دار المعرفة، الطبعة الثانية.

* الامامة والسياسة ( المعروف بتاريخ الخلفاء): لأبي محمّد عبد اللّه بن مسلم بن قتيبة الدينوري (م 276)، تحقيق: الاستاذ عليّ شيري، الطبعة: الأولي 1413، المطبعة: امير - قم، المجلدات:4، الناشر: انتشارات شريف رضي، قم.

* الامثال في القرآن الكريم: لشمس الدين محمّد بن أبي بكر الذرعي الدمشقي (م 751)، الطبعة: الطبعة الأولي 1406، المطبعة: مكتبة الصحابة، المجلدات:1، الناشر: مكتبة الصحابة - بطنطا.

* إيضاح الفوائد: لفخر المحققين ابن العلّامة (م 770)، المجلدات:4 تحقيق: الكرماني و الاشتهاردي و البروجردي، الناشر: طبع بامر آية الله السيد محمود الشاهرودي علي نفقه الحاج محمّد كوشانپور، الطبعة: الأولي 1378 ه" ، المطبعة: العلمية قم

* أعيان الشيعة: للسيّد محسن الأمين؛ (ت 1371 ه")، 10 ج، 10 مج، تحقيق: السيّد حسن الأمين، الطبعة الأُولي، دار التعارف للمطبوعات - بيروت، 1406 ه" -.

* أنساب الأشراف: لأحمد بن يحيي بن جابر البلاذري (مالقرن 3)، تحقيق: الشيخ محمّد باقر المحمودي، الطبعة: الأولي 1394، الناشر: مؤسسة الاعلمي . بيروت

* بحار الانوار: لمحمّد باقر المجلسي (م 1111 ه" )، المطبعة: مؤسسة الوفاء،الطبعة:الثانيةالمصححة 1403 ه" - 1983 م، المجلدات:110، الناشر: مؤسسة الوفاء بيروت - لبنان

* البحر الرائق شرح كنز الدقائق: ابن نجيم المصري الحنفي (م 970)، المجلدات:9 تحقيق: الشيخ زكريا عميرات، الطبعة: الطبعة الأولي 1418، المطبعة: دار الكتب العلمية - بيروت، الناشر: محمّد عليّ بيضون.

* بحوث في المِلل والنِحل: للعلاّمة آية الله الشيخ جعفر السبحاني، طبع ونشر: مؤسّسة النشر الإسلامي (1417 ه") قم .

* البداية والنهاية: للحافظ أبي الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي (م 774)، تحقيق: عليّ شيري، الطبعة: الأولي 1408، المطبعة: دار احياء التراث العربي، المجلدات:14، الناشر: دار احياء التراث العربي - بيروت.

* البيان ( ط . ق ): للشهيد الأوّل قدس سره (م 786)، المجلدات:1، الناشر: مجمع الذخائر الاسلامية - قم، الطبعة: حجرية، المطبعة: مهر.

* البيان في أخبار صاحب الزمان: لفخر الدين محمّد بن يوسف بن محمّد النوفلي القريشي الگنجي الشافعي المتوفي 658، الطبعة الرابعة 1399 بيروت.

* تاريخ ابن خلدون: للعلاّمة ابن خلدون (م 808)، الطبعة: الرابعة، المطبعة: دار احياء التراث العربي، المجلدات:8، الناشر: دار احياء التراث العربي-بيروت.

* تاريخ الإسلام: للذهبي شمس الدين، أبي عبد اللّه محمّد بن أحمد بن عثمان (ت 748ه")، تحقيق: الدكتور عمر عبد السلام تدمُري، الطبعة الأولي: دار الكتاب العربي - بيروت - 1413ه" / 1992م.

* تاريخ الامم والملوك: ابن جرير الطبري (م 310)، تحقيق: نخبة من العلماء الاجلاء، المجلدات:8، الناشر: مؤسسة الاعلمي . بيروت.

* تاريخ بغداد أو مدينة السلام: لأبي بكر أحمد بن عليّ الخطيب البغدادي (م 463)، تحقيق: مصطفي عبد القادر عطا.

* تاريخ الثقات: للعجلي، (ت 261 ه") 1 ج، 1مج، تحقيق: الدكتور عبدالمعطي - أمين قلعجي، الطبعة الأولي: دارالكتب العلميّة - بيروت - 1405 ه" / 1984 م.

* تاريخ الخلفاء: لجلال الدين السيوطي المتوفي 911، الطبعة الأولي 1408، دار الكتب العلميّة - بيروت.

* تاريخ مدينة دمشق: لابن عساكر (م 571)، تحقيق: عليّ شيري الطبع 1415 ه" ، المطبعة: دار الفكر. المجلدات:70، الناشر: دار الفكر

* تاريخ المدينة المنورة: لعمر بن شبه النميري (م 262 ه" )، تحقيق: فهيم محمد شلتوت، المطبعة: قدس - قم، المجلدات:4، الناشر: دارالفكر

* تاريخ اليعقوبي: لأحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب ابن واضح (م 284 ه")، المطبعة: دار صادر . بيروت، المجلدات:2، الناشر: مؤسسة ونشر فرهنگ اهل بيت ( ع )، قم.

* تأويل مختلف الحديث: للامام أبي محمّد عبد الله بن مسلم بن قتيبة (م 376 ه" )، تحقيق: الشيخ اسماعيل الاسعردي، المطبعة: دار الكتب العليمة - بيروت، المجلدات:1، الناشر: دار الكتب العلمية بيروت - لبنان.

* تحفة الاحوذي في شرح الترمذي: للمباركفوري(م 1353)، الطبعة: الأولي 1410 ه" ، المطبعة: دار الكتب العلمية، المجلدات:10، الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت.

* تفسير الثعالبي المسمي بالجواهر الحسان في تفسير القرآن:لعبدالرحمن ابن محمّد بن مخلوف أبي زيد الثعالبي المالكي (م 875)، تحقيق: الدكتور عبد الفتاح أبو سنة - الشيخ علي محمّد معوض - والشيخ عادل أحمد عبد الموجود، الطبعة الأولي 1418، المطبعة: دار إحياء التراث العربي، المجلدات:5، الناشر: دار إحياء التراث العربي . بيروت - مؤسسة التاريخ العربي.

* تفسير جامع الجوامع: للشيخ ابي عليّ الفضل بن الحسن الطبري (مق 6)، تحقيق: مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم، الطبعة: الأولي 1418، المجلدات:2، الناشر: مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة.

* تفسير القرآن العظيم: لأبي الفداء إسماعيل ابن كثير القرشي الدمشقي (م 774)، الطبعة: 1412، المطبعة: دار المعرفة، المجلدات:4، الناشر: دار المعرفة - بيروت.

* تفسير الكبير: لفخر الدين محمّد بن عمر بن الحسين الرازي المتوفي 606، المجلدات: 30 ج 15 مج، طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت.

* تفسير المنار: للسيدّ محمّد رشيد رضا المتوفي المجلدات: 12، طبعة مصر.

* تهذيب الأسماء واللغات: للنووي، أبي زكريّا محيي الدين بن شرف (ت 676 ه"). 3 ج، 3مج، القاهرة - إدارة الطباعة المنيريّة، الطبعة الأولي: 1346 ه" - 1927 م، نشر وتصوير: دار الكتب العلميّة - بيروت.

* تهذيب التهذيب: لابن حجر العسقلاني (م 852)، الطبعة: الأولي 1404، المجلدات:12، الناشر: دار الفكر

* تهذيب الكمال: لابو الحجاج يوسف المزي (م 742 ه")، تحقيق: الدكتور بشار عواد معروف، الطبعة: الرابعة 1406، المجلدات:35، الناشر: مؤسسة الرسالة

* الثاقب في المناقب: لابن حمزة الطوسي (م 560 ه" )، تحقيق: الاستاذ نبيل رضا علوان، المطبعة: الصدر - قم المقدسة، الطبعة: الثانية - 1412، المجلدات:1، الناشر: مؤسسة انصاريان بقم المقدسة

* جامع الأصول: لأبي السعادات مبارك بن محمّد المعروف بابن الأثير الجزري المتوفي 606، المجلدات: 12، الطبعة الرابعة، دار إحياء التراث العربي - بيروت، 1404.

* جامع البيان عن تأويل آي القرآن: لأبي جعفر محمّد بن جرير الطبري (م 310) ضبط وتوثيق وتخريج صدقي جميل العطار، الطبعة: 1415، المطبعة: دار الفكر، المجلدات:30 جزء، الناشر: دار الفكر . بيروت

* الجامع لاحكام القرآن: لأبي عبد الله محمّد بن أحمد الأنصاري القرطبي(م 671)، الطبعة: 1405، المطبعة: دار احياء التراث العربي، المجلدات:20، الناشر: مؤسسة التاريخ العربي . بيروت

* جامع الرواة: لمحمّد بن عليّ الأردبيلي الغروي الحائري (م 1101)، المجلدات:2، الناشر: مكتبة المحمدي . قم

* الجرح والتعديل: للشيخ الاسلام الرازي (م 327) الطبع الأولي 1371، المجلدات:9، الناشر: دار إحياء التراث العربي . بيروت، المطبعة: مطبعة دائرة المعارف العثمانية - الهند .

* جواهر الكلام: للشيخ محمّد حسن النجفي قده (م 1266)، المجلدات:43 تحقيق: الشيخ رضا الاستادي، الناشر: المكتبة الاسلامية، المطبعة: كيتي، الطبعة: السادسة - 1404 ه" .

* خصائص الائمة: لشريف الرضي (م 406ه" )، تحقيق: دكتر محمّد هادي الاميني، المجلدات:1، الناشر: مجمع البحوث الاسلامية - الآستانة الرضوية المقدسة - مشهد، الطبعة: 1406 ه" المجلدات:1، الناشر: دار القرآن الكريم . قم المقدسة.

* خصائص أمير المؤمنين: لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي الشافعي (م 303ه" )، تحقيق: محمّد هادي الأميني، المجلدات:1، الناشر: مكتبة نينوي الحديثه.

* خصائص وحي المبين: للشمس الدين يحيي بن الحسن الاسدي الربعي الحلّي - ابن البطريق (م 600ه" )، تحقيق: الشيخ مالك المحمودي، الطبعة: الأولي 1417، المطبعة: نگين - قم.

* دلائل الإمامة: لأبي جعفر، محمّد بن جرير بن رستم الطبريّ (من أعلام القرن الخامس)، تحقيق ونشر: مؤسّسة البعثة - قمّ المقدّسة - الطبعة الأُولي، 1413 ه".

* الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة: للصدر الدين السيد علي خان المدني الشيرازي الحسيني (م 1120)، الطبعة: الثانية 1397، المجلدات:1، الناشر: مكتبة بصيرتي - قم.

* الدر المنثور ( وبهامشه القرآن الكريم مع تفسير ابن عباس: لجلال الدين السيوطي (م 911 ه")، الطبعة: الأولي 1365، المطبعة: الفتح . جدة، المجلدات:6، الناشر: دار المعرفة.

* دعائم الإسلام: لنعمان بن محمّد بن منصور بن أحمد بن حيون التميمي المغربي (م 363 ه")، تحقيق: آصف بن عليّ أصغر فيضي، المجلدات:2، الناشر: دار المعارف 1383 ه" - 1963 م

* دفع الشبه عن الرسول والرسالة: لأبو بكر بن محمّد بن عبدالمؤمن تقي الدين الحصني الدمشقي (م 829ه" )، تحقيق: جماعة من العلماء، الطبعة: الثانية 1418، المطبعة: دار إحياء الكتاب العربي، المجلدات:1، الناشر: دار إحياء الكتاب العربي . القاهرة

* ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربي: لأحمد بن عبدالله الطبري(م 694ه" )، الطبعة: 1356 ه" ق، المطبعة: عن نسخة دار الكتب المصرية ، ونسخة الخزانة التيمورية، المجلدات:1، الناشر: مكتبة القدسي - لحسام الدين القدسي

* ذخيرة المعاد: للمحقق السبزواري قده (م 1090)، المجلدات:3، الناشر: مؤسسة آل البيت ( ع )، طبعة: حجرية

* الذريعة الي اصول الشريعة: لشريف المرتضي (م 436)، تحقيق: دكتر ابو القاسم گرجي، المجلدات:2، الناشر: دانشگاه تهران

* رأس الحسين: للعلاّمة شيخ الإسلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن تيمية (م 728)، تحقيق: الدكتور السيد الجميلي، المجلدات:1 عيون الاثر/ابن سيد الناس (م 734) الطبع: 1406، المطبعة: مؤسسة عز الدين، المجلدات:2، الناشر: مؤسسة عز الدين

* ربيع الأبرار للزمخشيري: لمحمود بن عمر الزمخشري، الطبعة الرضي 1410 - قم.

* رجال ابن داود: لتقي الدين بن داود الحلّي (م 707)، الطبعة: 1392 ه" ، الناشر: المطبعة الحيدرية - النجف

* رسائل الشريف المرتضي: للسيّد المرتضي المتوفي 436 بتحقيق: السيّد أحمد الحسيني المجلدات: 3، نشر دار القرآن بقم المقدسة، الطبعة الأولي 1405.

* رسائل ومقالات: لآية اللّه جعفر السبحاني المعاصر طبعة مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام،

* روح المعاني: لأبي الفضل شهاب الدين السيّد محمود الآلوسي البغدادي المتوفي 1270، المجلدات: 30 ج 15 مج، طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت، الطبعة الرابعة 1405.

* روض الجنان ( ط . ق ): للشهيد الثاني قدس سره (م 966)، المجلدات:1، الناشر: مؤسسة آل البيت ( ع ) 1404، الطبعة: حجرية

* زاد المسير في علم التفسير: لأبي الفرج جمال الدين عبدالرحمن بن علي بن محمّد الجوزي القرشي (م 597)، تحقيق: محمّد بن عبدالرحمن عبداللّه الطبعة: الأولي 1407، المطبعة: دار الفكر، المجلدات:8، الناشر: دار الفكر-بيروت.

* سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب: لمحمّد أمين بن عليّ بن محمّد سعبد السويد البغدادي الحنفي المتوفي 1246، طبعة: دار الكتب العلميّة - بيروت 1415.

* سرّ السلسة العلويّة: للشيخ أبي النصر البخاري، الناشر: انتشارات الشريف الرضي الطبعة الاولي سنة 1413.

* سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة: لمحمّد ناصر الدين الألباني، المجلدّ الأوّل، الطبعة الخامسة، المكتب الإسلامي - بيروت - 1405ه".

* سنن ابن ماجة: لمحمّد بن يزيد القزويني (م 275 ه" )، تحقيق: محمّد فؤاد عبد الباقي، المجلدات:2، الناشر: دار الفكر - بيروت

* سنن أبي داود: لسليمان بن الاشعث السجستاني (م 275 ه" )، المجلدات:2، تحقيق: سعيد محمّد اللحام، المطبعة: دار الفكر - بيروت، الطبعة: الأولي 1410 ه" - 1990 م، الناشر: دار الفكر - بيروت 110

* سنن الترمذي: لمحمّد بن عيسي الترمذي (م 279 ه" )، تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف، المطبعة: دار الفكر، المجلدات:5، الناشر:دار الفكربيروت 1403.

* سنن الدارمي: لعبد اللّه بن بهرام الدارمي (م 255 ه" )، المجلدات:2، الناشر: مطبعة الاعتدال - دمشق.

* السنن الكبري: لأحمد بن الحسين بن عليّ البيهقي (م 458 ه" )، المطبعة: دار الفكر، المجلدات:10، الناشر: دار الفكر - بيروت

* السنن الكبري: لأحمد بن الحسين بن عليّ البيهقي (م 458 ه" )، المطبعة: دار الفكر، المجلدات:10، الناشر: دار الفكر - بيروت

* سنن النسائي: لأحمد بن شعيب النسائي (م 303 ه" )، المجلدات:8، الطبعة: الأولي - 1348 ه" 1930 م، الناشر: دار الفكر - بيروت

* سير اعلام النبلاء: للذهبي (م 748)، تحقيق: شعيب الارنؤوط - حسين الاسد، الطبعة: التاسعة 1413، المجلدات:23، الناشر: مؤسسة الرسالة - بيروت.

* السيرة الحلبية، (إنسان العيون في سيرة الأمين والمأمون المعروف بسيرة الحلبيّة) لعلي بن برهان الدين الحلبي الشافعي المتوفي 1044، دار إحياء التراث العربي - بيروت.

* شذرات الذهب: لأبي الفلاح عبد الحي بن أحمد بن محمّد المعروف بابن العماد الحنبلي (ت 1089)، 4ج، 4مج - الفهارس، طبعة: دار الكتب العلميّة - بيروت.

* شرائع الاسلام في مسائل الحلال والحرام: للمحقق الحلّي قدس سره (م 676)، المجلدات:4، تحقيق: السيد صادق الشيرازي، الناشر: انتشارات الاستقلال - طهران 1409، الطبعة: الثانية - 1409 ه" ، المطبعة: امير - قم.

* شرح نهج البلاغة: لابن ابي الحديد (م 656 ه" )، تحقيق: محمّد ابوالفضل إبراهيم المطبعة: منشورات مكتبة آية الله العظمي المرعشي النجفي، المجلدات:20، الناشر: دار احياء الكتب العربية.

* شرح التجريد: لعليّ بن محمّد القوشجي (م 879) طبعة ايران.

* الشفا ( بتعريف حقوق المصطفي ): القاضي أبي الفضل عياض اليحصبي (م 544) الطبع 1409، المطبعة: دار الفكر، المجلدات:2، الناشر: دار الفكر - بيروت.

* صحيح البخاري: لمحمّد بن إسماعيل البخاري (م 256 ه" )، المطبعة: دار الفكر - بيروت، الطبعة: طبعة بالاوفست عن طبعة دار الطباعة العامرة باستانبول - 1401 ه" ، المجلدات:8، الناشر: دار الفكر - بيروت.

* صحيح مسلم بشرح النووي: النووي (م 676)، المجلدات: 18، الطبعة: الثانية - 1407 ه" ، الناشر: دار الكتاب العربي - بيروت.

* صحيح مسلم: للمسلم ابن الحجاج النيسابوري (م 261 ه" )، المجلدات:8، الناشر: دار الفكر - بيروت

* الصحيح من سيرة النبي الاعظم ( ص ): العلامة المحقق السيد جعفر مرتضي العاملي ، الطبعة: الرابعة 1415، المطبعة: دار الهادي، المجلدات:11، الناشر: دار الهادي - بيروت.

* صحيفة الإمام الرضا ( ع ): تحقيق: مؤسسة الإمام المهدي ( عج ) - قم المقدسة باشراف السيد الابطحي، المطبعة: امير - قم، الطبعة: سنة 1408 ه" ق - 1366 ه" ش، المجلدات:1، الناشر: مؤسسة الإمام المهدي ( عج ) - قم المقدسة

* صحيفة الرضا (فارسي): للشيخ جواد قيومي ، الطبعة: اول 1373 ه" ش الملجدات 1، الناشر: دفتر انتشارات الاسلامي . قم المقدسة

* الصحيفة السجادية ( الاصلية ): للامام زين العابدين ( ع ) (م 94 ه" )، المطبعة: چاپخانه دفتر انتشارات اسلامي، المجلدات:1، الناشر: جامعه مدرسين حوزه علميه قم

* الصواعق المحرقة في الرد علي أهل البدع والزندقة: لأحمد بن محمّد بن علي حجر الهيتمي المكّي المتوفي 974، طبعة المحمديّة بمصر.

* الضعفاء الكبير: للمحمد بن عمرو بن موسي بن حماد العقيلي المكي (م 322 ه")، تحقيق: الدكتور عبد المعطي أمين قلعجي، الطبعة: الثانية 1418 ه" ، المجلدات:4، الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت.

* ضعيف سنن ابن ترمذي: للمحمد ناصر الالباني ، تحقيق: زهير الشاويش، الطبعة: الأولي 1411، المجلدات:1، الناشر: مكتبة الاسلامي - الرياض.

* الطبقات الكبري: لابن سعد (م 230)، المجلدات:8، الناشر: دار صادر بيروت.

* العروة الوثقي: للسيد اليزدي قدس سره (م 1337)، المجلدات:4، الناشر: مؤسسة الاعلمي - بيروت، الطبعة: الثانية - 1409 ه"

* العقد الفريد: لأحمد بن محمّد بن عبد ربّه الأندلسي المتوفي 328، التحقيق: دكتور مفيد محمّد قميحة، المجلدات: 8 ج 6 مج، دار الكتب العلميّة - بيروت، الطبعة الثالثة 1407.

* الغدير: للشيخ عبد الحسين الاميني (م 1392 ه" )، المطبعة: دار الكتاب العربي - بيروت، الطبعة: الرابعة - 1397 ه" ق، المجلدات:12، الناشر: دار الكتاب العربي - بيروت

* فتح الباري شرح صحيح البخاري: للامام ابن حجر العسقلاني (م 852ه")، المطبعة: دار المعرفة للطباعة والنشر بيروت - لبنان، الطبعة: الثانية، المجلدات:13، الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر بيروت - لبنان.

* فتح القدير (الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير):بن بن محمّد الشوكاني (م 1250 ه" )، المطبعة: عالم الكتب، المجلدات:5، الناشر: عالم الكتب.

* الفصل في الملل والأهواء: لابن حزم الأندلسي المتوفي 456،

* الفصول المهمة في أصول الأئمة: للحر العاملي (م 1104 ه" )، تحقيق: محمّد بن محمّد حسين القائيني، المطبعة: نگين قم، الطبعة: الأولي 1418ه"، المجلدات:3، الناشر: مؤسسة معارف اسلامي امام رضا (ع).

* فضائل الصحابة: لاحمد بن شعيب النسائي (م 303 ه" )، المجلدات:1، المطبعة: دار الكتب العلمية بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتب العلمية بيروت - لبنان.

* فضائل الصحابة: لأحمد بن حنبل المتوفي 241، 2ج 1 مج، نشر جامعة أمّ القري بمكّة المكرّمة.

* فيض القدير شرح الجامع الصغير: لمحمّد عبد الروؤف المناوي (م 1331)، تحقيق: أحمد عبد السلام، الطبعة: الأولي - 1415 ه" ، المطبعة: دار الكتب العلمية، المجلدات:6، الناشر: دار الكتب العلمية . بيروت

* القرآن الكريم: بخطّ عثمان طه.

* الكافي: للشيخ الكليني (م 329 ه")، تحقيق: عليّ أكبر غفاري، المطبعة: حيدري، المجلدات:8، الناشر: دار الكتب الاسلامية - آخوندي، الطبعة: الثالثة - 1388 ه" .

* الكامل في التاريخ: لابن أثير عليّ بن أبي الكرم محمّد بن محمّد بن عبد الكريم الشيباني الجزري أبي الحسن (ت 630ه")، تحقيق: علي شيري، 7ج، 7مج، الطبعة الأولي: دار إحياء التراث العربي - بيروت - 1408ه"-1989م.

* الكامل في ضعفاءالرجال: لأبي أحمد عبد اللّه بن عدي الجرجاني (ت 365ه")، تحقيق: الدكتور سهيل زكّار، 8ج، 8مج، الطبعة الثالثة: دار الفكر - بيروت - 1409ه" - 1988م.

* كتاب الام: للامام الشافعي (م 204)، المجلدات:8، المطبعة: دار الفكر، الطبعة: الأولي 1400 ه" 1980 م، الطبعة: الثانية 1403 ه" 1983 م بيروت.

* كتاب الثقات: لمحمّد بن حبان بن أحمد أبي حاتم التميمي البستي (م 354) الطبع الأولي 1393، المطبعة: مجلس دائرة المعارف العثمانية . بحيدر اباد الدكن الهند، المجلدات:9، الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية.

* كتاب السنة: لعمرو بن أبي عاصم الضحاك (م 287 ه" )، تحقيق:ناصر الدين الالباني، المطبعة: المكتب الاسلامي - بيروت لبنان، الطبعة: الثالثة - 1413 ه" 1993 م، المجلدات:1، الناشر: المكتب الاسلامي بيروت لبنان

* كتاب المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين: محمّد بن حبان البستي (م 354 ه")، تحقيق: محمود إبراهيم زايد، المجلدات:3.

* كتاب الموطأ: للامام مالك بن أنس (م 179)، المجلدات:2 تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، الطبعة: الأولي 1406، المطبعة: دار احياء التراث العربي - بيروت.

* كشف الحجب الاستار عن اسماء الكتب والمنقار: للعلاّمة المحقق السيد اعجاز حسين النيسابوري الكنتوري (م 1286)، الطبعة: الثانية 1409، المطبعة: بهمن . قم، المجلدات:1، الناشر: مكتبة آية الله العظمي المرعشي النجفي - قم المقدسة.

* كشف الظنون عن اسامي الكتب والفنون: للحاجي خليفة (م 1067)، المجلدات:2، الناشر: دار إحياء التراث العربي

* كشف اللثام ( ط . ق ): بهاء الدين محمّد بن الحسن بن محمّد الاصفهاني (الفاضل الهندي) (م 1137)، الطبعة: 1405، المجلدات:2، الناشر: مكتبة آية الله العظمي المرعشي النجفي - قم المقدسة.

* الكفاية في علم الرواية: للخطيب البغدادي (م 436 ه" )، تحقيق: أحمد عمر هاشم، المطبعة: دار الكتاب العربي، الطبعة: الأولي - 1405 ه" - 1985 م، المجلدات:1، الناشر: دار الكتاب العربي.

* كنز العمال: للمتقي الهندي (م 975 ه" )، تحقيق: الشيخ بكري حياني ، الشيخ صفوة السقا، المطبعة: مؤسسة الرسالة ، بيروت ، لبنان، المجلدات:16، الناشر: مؤسسة الرسالة ، بيروت ، لبنان

* مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: لنور الدين الهيثمي (م 807 ه" )، المطبعة: دار الكتب العلمية، الطبعة: 1408 ه" - 1988 م، المجلدات:10، الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان.

* المجموع في شرح المهذب: لمحيي الدين بن النووي (م 676)، المجلدات:20، الطباعة والنشر: دار الفكر

* المحصول: لفخر الدين محمّد بن عمر بن الحسين الرازي المتوفي 606، بتحقيق الدكتور طه جابر فياض العلواني، المجلدات: 6، طبعة مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الثانية 1412.

* المحلي: لابن حزم الاندلسي (م 456)، المجلدات:11 تحقيق: أحمد محمد شاكر، الناشر: دار الفكر - بيروت.

* مختصر المزني: لإسماعيل بن يحيي المزني (م 264)، المجلدات:1، الطباعة والنشر: دار المعرفة - بيروت

* مدارك الاحكام: السيد محمّد العاملي قده (م 1009)، المجلدات:8، تحقيق و نشر: مؤسسة آل البيت ( ع )، الطبعة: الأولي - 1410 ه" ، المطبعة: مهر- قم.

* المسائل السروية: الشيخ المفيد ( ره ) (م 413 ه")، المطبعة: مهر، الناشر: المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد.

* مستدرك الحاكم: محمّد بن محمّد الحاكم النيسابوري (م 405 ه" )، تحقيق: الدكتور يوسف المرعشلي، المجلدات:4، الناشر: دار المعرفةبيروت 1406

* مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل: للمحقق النوري الطبرسي (م 1320 ه" )، تحقيق: مؤسسة آل البيت ( ع ) لاحياء التراث، المجلدات:18، الناشر: مؤسسة آل البيت ( ع ) لاحياء التراث، الطبعة: الثانية - 1409 ه" .

* المسترشد في إمامة أمير المؤمنين ( ع ): لمحمّد بن جرير بن رستم الطبري الامامي (ماوائل القرن الرابع)، تحقيق: الشيخ أحمد المحمودي، المطبعة: سلمان الفارسي - قم، الطبعة: الأولي - المحققة، المجلدات:1، الناشر: مؤسسة الثقافة الاسلامية لكوشانبور

* المستصفي في علم الاصول: لأبي حامد محمّد بن محمّد بن محمّد الغزالي (م 505)، الطبعة: 1417، المطبعة: دار الكتب العلمية، المجلدات:1، الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت.

* مسند أبو يعلي الموصلي: أحمد بن عليّ بن المثني التميمي (م 307 ه" )، تحقيق: حسين سليم أسد، المطبعة: دار المأمون للتراث، المجلدات:13، الناشر: دار المأمون للتراث.

* مسند أحمد: للامام أحمد بن حنبل (م 241 ه" )، الطبعة: دار صادربيروت، المجلدات:6، الناشر: دار صادر - بيروت.

* مسند الشاميين: لسليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الطبراني (م 360 ه" )، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، المطبعة: مؤسسة الرسالةبيروت،الطبعة: الثانية 1417 ه" - 1996 م، المجلدات:4، الناشر: مؤسسة الرسالة - بيروت.

* المصنف: ابن ابي شيبة الكوفي (م 235 ه" )، تحقيق: سعيد محمّد اللحام، الطبعة: الأولي ، 1409 ه" ، المطبعة: دار الفكر، المجلدات:8، الناشر: دار الفكر.

* مصنف عبد الرزاق: أبي بكر عبد الرزاق (م 211 ه" )، المجلدات:11، تحقيق: حبيب الرحمن الاعظمي، الناشر: المجلس العلمي.

* المصنّف: لعبد الرزاق الصنعاني المتوفي 211، بتحقيق حبيب الرحمن الأعظمي المجلدات: 12، الناشر: المجلس العلمي.

* المعتبر في شرح المختصر: للمحقق الحلّي قدس سره (م 676)، المجلدات:2 تحقيق: لجنة التحقيق بإشراف الشيخ ناصر مكارم، الناشر: مؤسسة سيد الشهداء (ع) 1364 شمسية، المطبعة: مدرسة الإمام أمير المؤمنين (ع).

* المعجم الاوسط: لسليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الطبراني (م 360ه")، تحقيق: إبراهيم الحسيني، المطبعة: دار الحرمين، المجلدات:9، الناشر: دار الحرمين.

* معجم البلدان: لياقوت الحموي (م 626)، المجلدات:5، الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت.

* معجم الرجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة ( ط . ج ): للسيد ابوالقاسم الموسوي الخوئي (م 1413)، المجلدات:24، تحقيق: لجنة التحقيق، الطبعة: الخامسة 1413.

* المعجم الصغير للطبراني: لسليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الطبراني (م 360 ه" )، المطبعة: دار الكتب العلمية - بيروت، المجلدات:2، الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت.

* معجم المؤلفين تراجم مصنفي الكتب العربية: للدكتور عمر رضا كحاله ، المطبعة: دار أحياء التراث العربي . بيروت، المجلدات:13، الناشر: مكتبة المثني - بيروت.

* مع رجال الفكر في القاهرة: للسيّد مرتضي الرضوي المعاصر، المجلدات: 2 ج 1 مج طبعة الإرشاد للطباعة والنشر - بيروت الطبعة الرابعة 1418.

* معرفة علوم الحديث: لأبي عبد الله محمّد بنن عبد الله الحافظ النيسابوري (م 405)، تحقيق: لجنة إحياء التراث العربي في دار الافاق الجديدة، الطبعة: الرابعة 1400 ه" ق. المطبعة: دار الافاق الجديدة، المجلدات:1، الناشر: دار الافاق الجديدة - بيروت.

* المغني: عبدالله بن قدامه (م 620)، المجلدات:12 تحقيق: جماعة من العلماء، المطبعة: دار الكتاب العربي، الناشر: دار الكتاب العربي - بيروت.

* مقدمة فتح الباري شرح صحيح البخاري: للامام ابن حجر العسقلاني (م 852 ه" )، المطبعة: دار المعرفة للطباعة والنشر بيروت - لبنان، الطبعة: الثانية، المجلدات:1، الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر بيروت - لبنان.

* المناظرات بين فقهاء الشسنة وفقهاء الشيعة: لمقاتل بن عطية، بتحقيق الورداني المعاصر، طبعة مركز الغدير للدراسات الإسلاميّة، الطبعة الأولي 1419.

* المناقب: للموفق بن أحمد بن محمّد المكي الخوارزمي (م 568)، تحقيق: فضيلة الشيخ مالك المحمودي، الطبعة: الثانية - 1411 ه" ، المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي، المجلدات:1، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.

* المنتخب من الصحاح الستة: لأبي أسد، حياة بن الحافظ الحاج عبد اللّه الأنصاري الملتاني الباكستاني المعاصر.

* منتهي المطلب ( ط . ق ): للعلاّمة الحلّي قدس سره (م 726)، المجلدات:2، مقابلة، حسن پيشنماز، الناشر: حاج أحمد - تبريز - 1333

* منهاج السنة: لأحمد بن عبد الحليم الشهير بابن تيميّة الحراني المتوفي 728، الطبعة الحديثة في 9 مجلد.

* المنهج الجديد والصحيح في الحوار مع الوهابيين: للدكتور العصام العماد المعاصر.

* ميزان الاعتدال: للذهبي (م 748)، تحقيق: عليّ محمّد البجاوي، المجلدات:4، الناشر: دار المعرفة . بيروت، الطبعة: الأولي 1382 ه" .

* النصائح الكافية لمن يتولي معاوية: للسيد محمّد بن عقيل بن عبد الله بن عمر بن يحيي العلوي (م 1350)، الطبعة: الأولي 1412، المطبعة: دار الثقافة، المجلدات:1، الناشر: دار الثقافة - قم المقدسة.

* النص والاجتهاد: للسيد عبدالحسين شرف الدين (م 1377 ه" )، تحقيق: أبو مجتبي، المطبعة: سيد الشهداء عليه السلام، الطبعة: الأولي - 1404 ه" ، المجلدات:1، الناشر: أبو مجتبي.

* نظم درر السمطين: للجمال الدين محمّد بن يوسف بن الحسن بن الزرندي الحنفي (موفاة 750 ه" )، المطبعة: من مخطوطات مكتبة الإمام امير المؤمنين ( ع ) العامة، المجلدات:1، الطبعة: الأولي - 1377 - 1958م.

* النفاق والمنافقون: لإبراهيم عليّ سالم المصري.

* النهاية في غريب الحديث: لابن الأثير (م 606)، تحقيق: طاهرالزاوي - محمود محمّد الطناحي، المطبعة: مؤسسة اسماعيليان - قم، الطبعة: الرابعة - 1364 ش، المجلدات:5، الناشر: مؤسسة اسماعيليان - قم.

* نهج البلاغة: خطب الإمام عليّ ( ع ) (م 40 ه" )، تحقيق: الإمام الشيخ محمد عبده ، المجلدات:4، الناشر والمطبعة: دار المعرفة - بيروت.

* نيل الاوطار من أحاديث سيد الاخبار: لمحمّد بن عليّ بن محمّد الشوكاني (م 1255)، المجلدات:9، الناشر: دار الجليل - بيروت.

* وسائل الشيعة (الاسلامية): للحر العاملي (م 1104 ه" )، تحقيق: الشيخ عبدالرحيم الرباني الشيرازي، المجلدات:20، الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت.

* هدية العارفين اسماء المؤلفين وآثار المصنفين: لإسماعيل باشا البغدادي (م 1339)، المطبعة: دار إحياء 55468التراث العربي، المجلدات:2، الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت.

* ينابيع المودة لذوي القربي: للشيخ سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي (م 1294)، تحقيق: سيد عليّ جمال اشرف الحسيني، الطبعة: الأولي 1416، المطبعة: اسوه ، المجلدات:3، الناشر: دار الاسوة.




Share
1 | امير | Iran - Qom | ١٢:٠٠ - ١١ ارديبهشت ١٣٨٧ |
چه خوب بود كه ترجمه اين مناظرات موجود مي بود

پاسخ:
برادر گرامي ! به زودي ترجمه كتاب «قصة الحوار الهادئ» چاپ شده و در اختيار همگان قرار داده خواهد شد .
موفق باشيد
2 | سيد حسين | Iran - Tehran | ١٢:٠٠ - ١٦ مهر ١٣٨٧ |
با عرض سلام و خسته نباشيد خدمت عالم بزرگ و مدافع حريم اهل بيت عصمت و طهارت جناب آقاي دكتر حسيني قزويني . مگر ما در نسب وهابي ها شك داريم ؟ مگر نمي دانيم كه از نسل سليمان قرقوزي يهودي هستند ؟ پس چرا در اين سايت ذره اي به اين مطلب اشاره نمي شود ؟ چرا به جاي اين مناظرات كه ذره اي در قلب سياه وهابي ها اثر نمي كند به روشنگري در مورد نسب آنان و همدستي آنان با صهيونيست ها پرداخته نمي شود ؟
3 | خداچهر | Iran - Tehran | ١٢:٠٠ - ٢٤ دي ١٣٨٧ |
از اينكه نظرات خوانندگان براتون مهمه خيلي خوشحالم
اميدوارم با همين انرژي پيش بريد و اين مطالب رو براي مردم جا بندازيد
مخصوصا بحث غدبر
و ولايت اميرالمومنين.
با تشكر فراوان
مديريت وبلاگ (ناگفته هاي غدير _ از محمد تا قائم )
www.faterr.persianblog.ir
4 | علي | Iran - Ajab Shīr | ١٢:٠٠ - ٠٦ اسفند ١٣٨٧ |
با سلام و خسته نباشيد
بي مقدمه واقعا سايت جالبي داريد
فكر مي ميكنم اگر ترجمه اين مناظره رو هم مي گذاشتيد به فيض بيشتري نايل مي شديم
ياعلي
5 | حسين اكبري | Iran - Qūchān | ١٢:٠٠ - ١٤ اسفند ١٣٨٧ |
آفرين به استاد عزيز و بزرگوار جناب آقاي دكتر حسيني قزويني خدا خيرت دهد
6 | حسن hbb | Iran - Tehran | ١٢:٠٠ - ٠٧ اسفند ١٣٨٨ |
قربونت ما فارسي درست حاليمون نيست تو فقط عربي گذاشتي.
7 | MORTEZA TAGHIZADEH GHAVAM | | ١٢:٠٠ - ١٥ اسفند ١٣٨٨ |
سلام خدا خيرتان دهد ؛ ان شاء الله با صورت نوراني ، حضرات معصومين صلوات الله عليهم را زيارت كنيد ! لطفا اگر مي‌شود پس از ترجمه اينجا هم پي‌دي‌اف آن را بگذاريد ، چون ما در خارج زندگي مي‌كنيم ۀ امكان دسترسي نداريم ! سلامتي حضرت حجت صلوات

پاسخ:

8 | محمد انعامي پور | Iran - Ahvaz | ٠٩:٥٢ - ٠١ خرداد ١٣٨٩ |
باتشكر وآرزوي سلامت و تندرستي براي همه مدافعان مكتب غني تشيع
9 | بچه هاي زوار حسين سمنان | | ٢٠:٢٥ - ٢٠ دي ١٣٨٩ |
اين فارسيش چي ميشه؟
10 | محمدرضا | | ١٨:٣٤ - ١١ خرداد ١٣٩٠ |
سلام عليكم.سوال:ايا براي كپي كردن اين متون جهت استفاده اجازه داريم؟؟؟ انشالله خداوند دراين مسير آقاي دكتر حسيني قزويني و شما دوستان زحمت كش سايت را ياري كند. اجرتان با سيدنا و ملانا اسدالله الغالب علي ابن ابيطالب(ع)

پاسخ:

با سلام

دوست گرامي

مي توانيد اين مطالب را براي ترويج عقيده اهل بيت عليهم السلام کپي و نشر کنيد ، اما مناسب است که در همه آنها منبع ذکر شود .

موفق باشيد

گروه پاسخ به شبهات

11 | عبدالله ملازهي | | ٢٤:٢٠ - ٠٦ اسفند ١٣٩٠ |
اقاي قزويني يكبار به مولوي عبدالحميد حفظه الله پيشنهاد بحث ومبادله داده بود اما چون مولوي عبدالحميد بحث نكرد عده اي فكر كردند مولوي جوابي ندارد اما همان موقع مولوي به او نه تنها پيشنهاد بحث بلكه پيشنهاد مباهله داد چرا اقاي قزويني قبول نكردند مطالب اين مناظره در كتاب المراجعات و انگاه هدايت شدم هست كه جواب همه ي اين مطالب در اين دو كتاب جواب داده شده است انگاه گمراه شدي و كشف دروغها و فريبهاي نگارنده المراجهعات ازعبدالله غامدي انهايي كه دنبال حقيقت هستند لطفا اين دو كتاب را بخوانند

پاسخ:

با سلام

دوست گرامي

اين پاسخ جناب مولوي عبد الحميد در واقع فرار از مناظره بود ،‌چون رسول خدا (ص) در ابتدا مناظره كردند و وقتي مناظره جواب نداد ، مباهله كردند ! اما آقاي مولوي عبد الحميد با علم به اين مطلب ، بازهم نيامد مناظره كند !

اما در مورد كتاب‌هايي كه معرفي كرديد ، ما به همه خوانندگان توصيه مي‌كنيم كه هر دو كتاب ، يعني كتاب شيعي و پاسخ آن را با هم بخوانند !‌تا ببينند كدام كتاب ، كتاب فحش و دشنام و كداميك كتاب پاسخ علمي است .

موفق باشيد

گروه پاسخ به شبهات

12 | عبدالرحمن خوشابي | | ١٢:٠٢ - ٠٧ اسفند ١٣٩٠ |
عزيزان وهابيت تا زماني قدرت داشت که رسانه ها اينگونه گسترش نيافته بود ومعاويه تا زماني در ميان اهل سنت رضي الله عنه است که احاديث موجود در کتابهاي خودشان را نخوانده باشند مطمئن باشيد که وهابيت واهل خلاف با گسترش مطالعات پيروانشان وبيان حقايقي که در کتب خودشان نيز آمده قطعا خواهند فهميد که چه کلاهي سرشان رفته است ووظيفه ما فقط اينست که آنها را راغب به خواندن احاديث پيامبر وخواندن کتابهايشان کنيم وبقيه را به خودشان بسپاريم زيرا وقتي سيوطي در در المنثور مي گويد صحابه مي گويندمادر عهد پيامبر آيه يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليک من ربک ان عليا مولي المومنين وان لم تفعل.....هر سني ميفهمد که معاويه وابوهريره وعايشه با دينشان چه کرده اند البته خيلي از روايات منتسب به عايشه جعلي است وبه دروغ به او نسبت داده شده است وهمانگونه که ظهور آقا قطعي وحتمي وبسيار بسيار نزديکتر از آنست که در ذهن بگنجد سقوط وهابيت نيز اظهر من الشمس است
13 | حسين جعفري | Iran - Shiraz | ١٤:٢٨ - ٢٧ فروردين ١٣٩٢ |
حاج آقا قزويني سلام و خسته نباشي واقعا به شما خسته نباشيد مي گم خدا خيرتان دهد. انشاءالله همچنان پر انرژي باشيد و روي اين وهابيهاي سياه دل نيز سياه کنيد.
   
* نام:
* پست الکترونیکی:
* متن نظر :
  

آخرین مطالب
پربحث ترین ها
پربازدیدترین ها