2024 March 29 - 19 رمضان 1445
هل للعقیدة باستشهاد و ظلم السیدة الزهراء عليه السلام خلفية تاريخية؟
رقم المطلب: ٣٧٠٧ تاریخ النشر: ١٦ جمادی الاول ١٤٤٢ - ١٥:٢٤ عدد المشاهدة: 3519
الأسئلة و الأجوبة » فاطمة الزهراء
هل للعقیدة باستشهاد و ظلم السیدة الزهراء عليه السلام خلفية تاريخية؟

توضيح السوال:

هل كان هناك اعتقاد باستشهاد و ظلم السیدة الزهراء عليه السلام في القرون الأولى للإسلام و بعد ذلك أم أن هذا شيء جديد؟

الجواب:

تعد تعظیم القادة الدينيين و تكريمهم من أهم العادات التي لها أهمية منطقية و يمكن رؤيتها في مختلف الدول و المجموعات التاريخية. إن أسمى ما خلق الله، و هو فوق الجميع، هو الوجود المقدس لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. السیدة الزهراء صلى الله عليه و سلم، و هی بضعة نبي الرحمة، لها خصائص خاصة، كما أن الأبعاد الوجودية لها مهمة. و قصر عمرها الذي رأى لون ثمانية عشر ينبوعا، له زوايا مختلفة. ظلم تلك السيدة الوحيدة من أتعس صفحات كتاب حياة رسول الله. إن الأحداث المؤسفة التي بسبب نسيان وصايا الرسول العديدة بمراعاة قدسية الإمام و زوجته و أولاده و العين الطامعة للحكم علی العالم فی الظاهر، قد ارتكبت جرائم تركت إلى الأبد في التاريخ المكتوب ورقة عن ظلم تلك الأسرة و أسلافها. و جعل المستقبل يظن أنه ما هو موقف بعض الناس الذین اقتربوا الی التيار الحاكم من ابنة نبي أمتهم ؟

إن استشهاد السیدة الزهراء عليه السلام ، و هو فصل مهم في حياتها و معرفتها الدقيقة ، له أهمية كبيرة بل و أكثر أهمية في تحليل الأحداث المأساوية التي وقعت بعد استشهاد رسول الله لاستشهاد الصدیقة الكبرى عليه السلام. إنها تمهد الطريق للتمييز بين الصواب و الخطأ.

و بغض النظر عن الروايات و الوثائق الحديثیة عن استشهاد تلك السيدة المظلومة، و التي انعكست في المصادر المكتوبة، فإن توضيح علماء الشيعة و تأكيدهم مهم أيضًا. و لكن بعناية في المصادر و الوثائق، لا سيما ما يتوفر من کبار اهل السنة، توصلنا إلى حقيقة مهمة، و هي أنه حتى في زمن الأئمة، الإيمان باستشهاد السیدة الزهراء عليه السلام، و دور التيار الحاكم في ظلمه و جرائم مغتصبي الخلافة في إجهاض مولانا محسن بن علی عليه السلام، كان اعتقادًا لدى الشيعة الأوائل حتی أن الكتّاب من اهل السنة قد ذكروه بشكل أو بآخر في مصادرهم المكتوبة.

يذكر في هذا المقال أولاً أقوال بعض علماء الشيعة و شيوخهم رضوان الله علیهم ثم نذكر أقوال بعض علماء السنة في هذا المعتقد الشيعي.

1.آراء علماء الشيعة

يذكر في هذا القسم آراء بعض علماء الشيعة في استشهاد السیدة الزهراء عليه السلام و المعتقدات العامة للشيعة.

1.الشيخ الصدوق المتوفي 381 هجري

محمد بن علي بن بابويه القمي رضوان الله تعالي عليه الذی یعد من کبار علماء الحديث فی مکتب اهل البيت عليهم السلام، یذکر ذيل رواية عن قول بعض الاساتذة حول مولانا محسن بن علی عليه السلام هکذا:

و قد سمعت بعض المشايخ يذكر أن هذا الكنز هو ولده المحسن عليه السلام و هو السقط الذي ألقته فاطمة عليها السلام لما ضغطت بين البابين‏.

الصدوق، محمد بن علي بن الحسين،(المتوفى381ق)، معاني الأخبار، ص206، تصحيح وتعليق : علي أكبر الغفاري، ناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة، سنة الطبعة: 1379هـ - 1338 ش.

و نجد بدقة على لسان الشيخ الصدوق أن إجهاض محسن (ع) أثناء الهجوم على منزل السیدة الزهراء (عليه السلام) في القرن الرابع كان أمراً مفروغاً عنه ، و قد صرح به علماء الشيعة.

 

     

2.الشيخ الطوسي المتوفی 460 هـ

محمد بن حسن الطوسي المعروف بالشيخ الطائفة الذی هو من کبار الشيعة و اعیانها فی زمانه و کان یعیش فی بغداد، یبین قضیة مظلومية السیدة الزهرا سلام الله عليها و معتقد الشيعة بالنسبة لهذه القضية هکذا:

ومما أنکر عليه: ضربهم لفاطمه عليها السلام وقد روي: أنهم ضربوها بالسياط والمشهور الذي لا خلاف فيه بين الشيعه: أن عمر ضرب على بطنها حتى أسقطت فسمي السقط محسنا. والروايه بذلک مشهوره عندهم. وما أرادوا من إحراق البيت عليها حين التجأ إليها قوم وامتنعوا من بيعته. وليس لأحد أن ينکر الروايه بذلک، لأنا قد بينا الروايه الوارده من جهه العامه من طريق البلاذري وغيره وروايه الشيعه مستفيضه به، لا يختلفون في ذلک.

  الطوسي، أبو جعفر محمد بن الحسن (المتوفي 460 ق)، تلخيص الشافي‏، ج3 ص156، لملاحظات: مقدمه و تحقيق از حسين بحر العلوم، دار النشر: انتشارات المحبين - قم، الطبعة: اول‏، سنة الطبع: 1382ش.

وصف الشيخ الطوسي الذي عاش في القرنين الرابع والخامس، اضطهاد السیدة الزهراء عليه السلام، بأنه أمر مسلم عند الشيعة بل و حتى تفاصيله مثل: إجهاض السیدة الزهراء بضربة عمر، قرار أبو بكر بحرق منزله. لقد صرح بذلك صراحة

   

2.آراء علماء اهل السنة

فی هذا الفصل نشیر الی آراء علماء اهل السنة حول هذه العقيدة عند الشيعة.

1.ضرار بن عمرو الغطفاني المتوفی قرن 2هـ

ضرار بن عمرو الذی من هو من کبار المعتزلة عند اهل السنة و تاريخ وفاته 181 الی 190 ، ضمن الاشارة الی معتقد الشيعة فی زمانه، یقول:

و أن أبا بکر و عمر ظلما و ضربا فاطمة بنت رسول الله بنت رسول الله حتى ألقت جنينا.

الغطفاني، ضرار بن عمرو (المتوفى 181-190 هـ)، التحريش، ص52، تحقيق: حسين خانصو/محمد کسکين، الناشر: دار ابن حزم، الطبعة: الأولى، 1435 هـ - 2014 م.

والمهم في هذا التقرير الإشارة إلى المعتقد الشيعي في القرن الثاني من الهجرة بشأن استشهاد السیدة الزهراء عليه السلام و دور أبی بكر و عمر في ضربها و جرحها مما أدى إلى إجهاض محسن عليه السلام.

  

3.مطهر بن طاهر المقدسي المتوفی 355 هـ

المقدسي من المورخين فی القرن الرابع من الهجرة و شهرته من اجل تأليف کتاب «البدء و التاريخ»، ضمن تعریف السیدة الزهرا سلام الله عليها یقول حول معتقد الشيعة هکذا:

ولدت محسناً و هو الذي تزعم الشيعة أنها أسقطته من ضربة عمر. 

المقدسي، المطهر بن طاهر( الوفاة: 507هـ )، البدء والتاريخ، ج1، ص20، دار النشر: مكتبة الثقافة الدينية - بورسعيد. 

هذه العبارة هي أيضًا اعتراف المقدسی عن اعتقاد الشيعة بإجهاض محسن عليه السلام ، و إن كان المقدسی قد أخطأ وجيزة و اعتقد أن محسن عليه الصلاة والسلام قد ولد، في حين أن هذا الطفل البريء أجهض کما صرح به كثير من علماء اهل السنة. 

  

3.قاضي عبد الجبار المتوفی 415 هـ

عبد الجبار بن احمد الهمذاني المعروف به «قاضي عبد الجبار» من اساطین علم الحديث عند اهل السنة یقول حول معتقد الشيعة فی استشهاد السیدة الزهرا عليها السلام و اقامة العزاء علیها و علی محسن عليه السلام الشهید یقول:

و لکن دعاوى الرافضة في ضرب فاطمة عليها السلام و قتل ولدها.

القاضى عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمذاني الأسد أبادي، أبو الحسين (المتوفی 415هـ)، تثبيت دلائل النبوة، ج1، ص240، حققه وقدم له: الدکتور عبد الکريم عثمان،، دار النشر: دار العربية للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان. 

و رغم أن القاضي عبد الجبار يعتزم دحض هذا الاعتقاد باستشهاده بهذه الرواية، إلا أن المهم الاعتراف بالاعتقاد السائد في عصره بأن الاعتقاد بضرب السیدة الزهراء عليه السلام و قتل طفلها كان من معتقدات الشيعة في عصره.

هو ایضا فی المجلد الثانی من کتابه یقول حول معتقد الشيعة هکذا:

و أنتم تدّعون ما هو في الظهور أعظم من هذا، من أن فاطمة عليها السلام ضربت و قتل جنينها في بطنها جهارا بمشهد من العباس و علي و جميع بني هاشم و بمشهد من المهاجرين و الانصار و هم أکثر ما کانوا و أوفر.

القاضى عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمذاني الأسد أبادي، أبو الحسين (المتوفی 415هـ)، تثبيت دلائل النبوة، ج1، ص240، حققه وقدم له: الدکتور عبد الکريم عثمان،، دار النشر: دار العربية للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان.

يكفي مجرد اعتراف القاضي عبد الجبار لإثبات أن هذا الفكر و الاعتقاد كان شائعًا أيضًا في ذلك الوقت، و لا ينبغي التوقع من أمثاله أن لايرفضوا هذا الاعتقاد.

و ذكر القاضي عبد الجبار فی الاستمرار، و هو يسمي عددًا من علماء الشيعة، من بينهم الشيخ المفيد رضوان الله تعالى، ضمن أن هؤلاء الشيوخ یعتقدون باستشهاد الخليفة الثاني السیدة الزهراء عليها السلام، بكوا عليها و أقاموا مراسیم العزاء:

و في هذا الزمان منهم مثل أبي جبلة إبراهيم بن غسان، و مثل جابر المتوفي، و أبي الفوارس الحسن بن محمد الميمدي وأبي الحسين أحمد بن محمد بن الکميت، وأبي محمد الطبري، وأبي الحسن الحلبي، وأبي يتيم الرلباى، وأبي القاسم النجاري، وأبي الوفا الديلمي، وابن أبي الديس، وخزيمة، وأبي خزيمة، وأبي عبد الله محمد بن النعمان، فهؤلاء بمصر وبالرملة وبصور، وبعکا وبعسقلان وبدمشق وببغداد وبجبل البسماق. وکل هؤلاء بهذه النواحي يدّعون التشيع ومحبة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأهل بيته، فيبکون على فاطمة و على ابنها المحسن الذي زعموا أن عمر قتله.

القاضى عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمذاني الأسد أبادي، أبو الحسين (المتوفی 415هـ)، تثبيت دلائل النبوة، ج1، ص594-595، حققه وقدم له: الدکتور عبد الکريم عثمان،، دار النشر: دار العربية للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان.

و فی الاستمرار یصرح بأن علماء الشيعة یقیمون العزاء للسیدة الزهرا سلام الله عليها:

ويقيمون المنشدين والمناحات في ذلک.

القاضى عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمذاني الأسد أبادي، أبو الحسين (المتوفی 415هـ)، تثبيت دلائل النبوة، ج1، ص595، حققه وقدم له: الدکتور عبد الکريم عثمان،، دار النشر: دار العربية للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان.

لقد وصلنا بعناية في كلام القاضي عبد الجبار إلى أن تاريخ الإعتقاد بالاستشهاد و القمع، و حتى التفاصيل التي ينطوي عليها استشهاد السیدة الزهراء، كان من المعتقدات الشيعية في القرون الأولى للإسلام ، و هو أمر مهم بحد ذاته.

    

    

    

     

النتيجة:

إن الاعتقاد الشيعي باستشهاد السیدة الزهراء عليها السلام بید تيار الحكومة و ظلمها کان في القرون الماضية حتى في عهد أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، و هو أمر تم بحثه، و علماء السنة ذكروا هذه المسألة ایضا.

 

 

و من الله التوفیق
فریق الإجابة عن الشبهات
 

موسسة الإمام  ولي العصر عجل الله تعالي فرجه الشريف للدراسات العلمیة


 


Share
* الاسم:
* البرید الکترونی:
* نص الرأی :
* رقم السری:
  

أحدث العناوین
الاکثر مناقشة
الاکثر مشاهدة